جدلية التوهين مع من
مع من سنتجادل ؟ مع انفسنا !؟ أم مع عدونا ؟
لقد لفت نظري حدة الحوار بين المحللين والمحرمين من العوام او بعض العلماء من هنا وهناك فيما بينهم في أنه هل يرى الغربيون التطبير موهنا أو ليس موهنا
مع ملاحظة أولى : أن كون التطبير فعلا موهنا أو لا عندهم هو نقطة الخلاف الدائرة فلا أسلم بشيء ولا أنطلق من الإقرار بأنه موهن وإنما سأنطلق من قاعدة التسليم جدلا بأنه موهن بحسب أنظار الغربيين
ومع ملاحظة أخرى أنه لا أسلم بلزوم مراعاة نظرة الغربيين في أحكام دين الله ولكن لو سلمنا جدلا فما هو الحل حينئذ ؟
فانقدح في البال أن الحوار وقع بين من لا ينبغي أن يقع بينهم
فليس المهم أن نثبت أو ننفي أنهم يرونه موهنا أو لا وعندنا ما هو اهم منه وهو أن نحاول إقناع الغربيين بأنه ليس موهنا
فإن اسطعنا ذلك ارتفع ملاك الحرمة الثانوية ورجع التطبير لحكمه الاولي من الاباحة بعنوانه أو الحرمة للضرر الشديد لو سببه أو الاستحباب لو انطبق عليه عنوان المواساة كما عن السيد الخوئي قدس سره أو لانطباق عنوان ترهيب عدو الله من خلاله
فإننا لو وجهنا الجدل والحوار إلى الغربيين وبعض المسلمين من المذاهب الأخرى نكن قد حققنا غايتين مهمتين أوضحهما أننا لم نعد نتخالف فيما بيننا بقطع مادة الحوار هذه والثاني بذل الجهد لإقناع الآخرين بعدم الموهنية
فإن نجحنا بإذن الله فهو وإلا لما كنا مقصرين بترك طرق هذا الباب
قد يقول قائل
كيف لو رآه بعض الشيعة موهنا قلنا لا يضر هذا لأن الشيعة يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى له حكم في احكامه وعلل قد تخفى علينا كما خفي علينا الكثير فلو ثبت حكم للتطبير ما عدا الحرمة والكراهة لن نتخلى عن ديننا ولن يكون مذهبنا ضعيف الحجة مع ما نملكه من أدلة تدمغ كل حجة ودليل
وإنما الإشكالية في رؤية الآخرين للمذهب ضعيفا او ضعيف الحجة
وهذه النقطة هي ما ينبغي علينا التركيز فيه
ولا يخفى أن الحاجة لها أولى من إقناع بعضنا البعض بعدم رؤية الغربيين لهذه الشعيرة اوذاك الطقس موهنا او لا يروه موهنا
هذا ولأن الاخرين يرون ديننا في كثير من مفاصله وهنا ضعيفا فهم يرون بكاءنا على كربلاء الماضي ( كما يعبرون) ضعفا لنا ولديننا
فالحاجة إذا لتوجيه الجدل والحوار إلى الغربيين والنقاش معهم أولى بكثير من توجيه النقاش لبعضنا البعض
وعليه إن بذل المجهودات السمعية والمرئية والمقروءة وغيرها في البحث عن نقاط قوة روحية وإنسانية في بعض ما اختلفنا عليه أقل ضررا على وحدتنا من إثبات أنهم يرونه موهنا أو من إثبات أنه بنظرنا موهن وهو انجح في رد دعوى الغربيين التي أوقعتنا في حيص وبيص
وحتى لا يكون هذا المنشور منشورا يغرق في عالم الوهم والمثاليات سأذكر نقاطا يمكن الإرتكاز عليها في محاورة الغرب في رد دعوى الموهنية
من تلك النقاط
1 – التركيز على أن هناك الكثير من الأمور التي يتنفر منها الطبع الإنساني وإنما لجأ إليها الناس لغايات مهمة دفعتهم لإتيانها ومثالها أن في العسكر تدريبات قاسية منها فرض النزول في الحفر الآسنة المليئة بالقاذورات من أجل خلق روح القسوة والتحمل عند المقاتل مع أنه إنسان وتصور منظره وهو في بي ماء بيت الخلاء ومع هذا لم يستقذروه بل امتدحوه بل إن الدول العظمى تتبنى هذا اللون من التدريب ولا من مستنكر ولا من يراه منهم جارحا ولا خادشا للإنسانية
فلم لا يكون جرح النفس من هذا القبيل يعلم الانسان الألم والتحمل والقسوة بطريقة أقل خدشا للإنسانية من إدخال المقاتل في ماء بيت الخلاء
2 – إلفات نظر الغربيين إلى أن التطبير ÷و تعبير صارخ حار عن رفض الظلم الذي وقع على اهل البيت ع في أعظم مجزرة عرفتها الإنسانية
3 - وهذا الرفض بهذه الطريقة هو تعبير عن الاستعداد لمحاربته ببذل الدماء والتضحية بالنفوس وليس فقط بالبكاء وهو تعبير دافئ لا يعبر عن التحدي بخلاف المحل المتنازع عليه فهو يحمل قوة وتحديا في طياته
4 – أن هذا اللون من التعبير يتكفل بأن يشعر المعبر بآلام كربلاء والتعايش مع الواقعة بطريقة الإحساس بالألم لا المعرفة المحضة بالالم فقط ولا يخفى عليهم كم للشعور بآلام الآخرين من تاثير ايجابي على التفاعل معهم لأنه يتكفل أن يعيش المواسي بعضا من آلامهم
5 – الاستشهاد بكلمات بعض الغربيين ممن استطاعوا ان يفهموا بعدا روحيا في هكذا طقوس وتعبيرات عن الحزن كما نسب مثلا لانطوان بارا في مجلة المنبر 1421 ص 63انه رسالة تعبر عن الاستعداد للفداء إن صحت النسبة وهكذا ما نسب لصموئيل ففون وكابريال ليف وغيرهم مما نسب لهم عدم رؤيتهم حيفا في هكذا أمور وتحقيق النسبة سيكون على عهدة الباحثين والساعين لمعالجة اشكالية الغربيين
وساعتبر هذا المنشور دعوة لإيجاد محاور أخرى يمكن التركيز عليها لدفع شبهة الغربيين
الله من وراء القصد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
بقلم الشيخ محمد الشيخ عبدالله عبدالله