![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
السيد يوسف البيومي / لبنان
تعليق على الجواب (2) لقد قرأت جوابكم الكريم عن مسألة آية (( عبس وتولى )) , وقد دخلت في مناقشة مع أحد المشايخ السنة, وطلب مني شيئاً تفصيلاً عن الموضوع، فهل تستطيعون أن تساعدوني على هذا, ولكم الأجر والثواب الجواب: السيد يوسف البيومي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد بحث هذه المسألة بشكل مفصّل المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) ج 3 ص 155) ننقل لكم نصّه : ويذكر المؤرخون بعد قضية الغرانيق ، القضية التي نزلت لأجلها سورة عبس وتولى ، المكية ، والتي نزلت بعد سورة النجم . وملخص هذه القضية : أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يتكلم مع بعض زعماء قريش ، ذوي الجاه والمال ، فجاءه عبد الله بن أم مكتوم ـ وكان أعمى ـ فجعل يستقرئ النبي (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن ، قال : يا رسول الله ، علّمني مما علّمك الله . فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعبس في وجهه وتولى ، وكره كلامه ، وأقبل على أولئك الذين كان (صلى الله عليه وآله) قد طمع في إسلامهم ، فأنزل الله تعالى : ((عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ، وما يدريك لعله يزكى ، أو يذكر فتنفعه الذكرى ، أما من استغنى ، فأنت له تصدى ، وما عليك ألا يزكى ، وأما من جاءك يسعى ، وهو يخشى ، فأنت عنه تلهى )) (عبس:1 ـ 10) . وفي رواية : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كره مجيء ابن أم مكتوم وقال في نفسه : يقول هذا القرشي : إنما أتباعه العميان والسفلة ، والعبيد ، فعبس (صلى الله عليه وآله وسلم) إلخ .. ( وكأن ذلك الزعيم لم يكن يعلم بذلك !! وكأن قريشاً لم تكن قد صرحت بذلك وأعلنته !! ) . وعن الحكم : ما رؤي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد هذه الآية متصدياً لغني ، ولا معرضاً عن فقير . وعن ابن زيد : لو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتم شيئاً من الوحي ، كتم هذا عن نفسه .(راجع في هذه الروايات : مجمع البيان 10 / 437 ، والميزان عن المجمع ، وتفسير ابن كثير 4 / 470 عن الترمذي ، وأبي يعلى ، وحياة الصحابة 2 / 520 عنه ، وتفسير الطبري 30 / 33 ، والدر المنثور 6 / 314 ). وأي تفسير قرآن آخر لغير الشيعة ؛ فإنك تجد فيه الروايات المختلفة التي تصب في هذا الاتجاه ، فراجع الأخير على سبيل المثال . فابن زيد يؤكد بكلامه هذا على مدى قبح هذا الأمر ، وعلى مدى صراحة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، حتى إنه لم يكتم هذا الأمر ، رغم شدة قبحه وشناعته ! . لقد أجمع المفسرون ، وأهل الحديث ، باستثناء شيعة أهل البيت (عليهم السلام) على أصل القضية المشار إليها . ونحن نرى : أنها قضية مفتعلة ، لا يمكن أن تصح ، وذلك: أولاً : لضعف أسانيدها ، لأنها تنتهي : إما إلى عائشة ، وأنس ، وابن عباس ، من الصحابة ، وهؤلاء لم يدرك أحد منهم هذه القضية أصلاً ، لأنه إما كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد . (راجع : الهدى إلى دين المصطفى 1 / 158) . أو إلى أبي مالك - الظاهر أن المراد به أبا مالك الأشجعي ، المشهور بالرواية ، وتفسير القرآن ، وهو تابعي – والحكم ، وابن زيد ، والضحاك ، ومجاهد ، وقتادة ، وهؤلاء جميعاً من التابعين فالرواية مقطوعة ، لا تقوم بها حجة . وثانياً : تناقض نصوصها (راجع : الهدى إلى دين المصطفى 1 / 158) حتى ما ورد منها عن راو واحد ، فعن عائشة في رواية : إنه كان عنده رجل من عظماء المشركين ، وفي أخرى عنها : عتبة وشيبة . وفي ثالثة عنها : في مجلس فيه ناس من وجوه قريش ، منهم أبو جهل ، وعتبة بن ربيعة . وفي رواية عن ابن عباس : إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يناجي عتبة ، وعمه العباس ، وأبا جهل . وفي التفسير المنسوب إلى ابن عباس : إنهم العباس ، وأمية بن خلف ، وصفوان بن أمية . وعن قتادة : أمية بن خلف . وفي أخرى عنه : أبي بن خلف . وعن مجاهد : صنديد من صناديد قريش ، وفي أخرى عنه : عتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف . هذا ، عدا عن تناقض الروايات مع بعضها البعض في ذلك ، وفي نقل ما جرى ، وفي نص كلام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونص كلام ابن أم مكتوم . ونحن نكتفي بهذا القدر ، ومن أراد المزيد فعليه بالمراجعة والمقارنة . وثالثاً : إن ظاهر الآيات المدعى نزولها في هذه المناسبة هو أنه كان من عادة هذا الشخص وطبعه وسجيته وخلقه : أن يتصدى للغني ، ويهتم به ولو كان كافراً ويتلهى عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكى ، ولو كان مسلماً . وكلنا يعلم: أن هذا لم يكن من صفات وسجايا نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولا من طبعه وخلقه . كما أن العبوس في وجه الفقير ، والإعراض عنه ، لم يكن من صفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مع أعدائه ، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودائه ، (راجع : الهدى إلى دين المصطفى 1 / 158 ، والميزان 20 / 203 ، وتنزيه الأنبياء 119 ، ومجمع البيان 1 / 437 ). وهو الذي وصفه الله تعالى بأنه (( بالمؤمنين رؤوف رحيم )) (التوبة:128). بل لقد كان من عادته (صلى الله عليه وآله وسلم) مجالسة الفقراء ، والاهتمام بهم ، حتى ساء ذلك أهل الشرف والجاه ، وشق عليهم ، وطالبه الملأ من قريش بأن يبعد هؤلاء عنه ليتبعوه ، وأشار عليه عمر بطردهم ، فنزل قوله تعالى : (( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون جهه )) (راجع : الدر المنثور 3 / 12) . ويظهر : أن الآية قد نزلت قبل الهجرة إلى الحبشة لوجود ابن مسعود في الرواية ، أو حين بلوغهم أمر الهدنة ، ورجوعهم إلى مكة . ولكن يبقى إشكال أن ذكر عمر في هذا المقام في غير محله ، لأنه لم يكن قد أسلم حينئذ لأنه إنما أسلم قبل الهجرة إلى المدينة بيسير . كما أن الله تعالى قد وصف نبيه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس وتولى بأنه على خلق عظيم ، فإذا كان كذلك ، فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق ، والموجب للعتاب واللوم منه تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فهل كان الله ـ والعياذ بالله ـ جاهلاً بحقيقة أخلاق نبيه ؟ أم أنه يعلم بذلك ، لكنه قال هذا لحكمة ولمصلحة اقتضت ذلك ؟ نعوذ بالله من الغواية ، عن طريق الحق والهداية . ورابعاً : إن الله تعالى يقول في الآيات : (( وما عليك ألا يزكى )) ، وهذا لا يناسب أن يخاطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأنه مبعوث لدعوة الناس وتزكيتهم . وكيف لا يكون ذلك عليه ، مع أنه هو مهمته الأولى والأخيرة ، ولا شيء غيره ، ألم يقل الله تعالى : (( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة )) (البقرة:129) . فكيف يغريه بترك الحرص على تزكية قومه (تنزيه الأنبياء 119) . خامساً : لقد نزلت آية الإنذار : (( وأنذر عشيرتك الأقربين ، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين )) (الشعراء:214 ـ 215) قبل سورة عبس بسنتين، فهل نسي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه مأمور بخفض الجناح لمن اتبعه ؟ وإذا كان نسي ، فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وإذا لم يكن قد نسي ، فلماذا يتعمد أن يعصي هذا الأمر الصريح ؟! سادساً : إنه ليس في الآية ما يدل على أنها خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل الله سبحانه يخبر عن رجل ما أنه : ( عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ) ثم التفت الله تعالى بالخطاب إلى ذلك العابس نفسه ، وخاطبه بقوله : (( وما يدريك لعله يزكى... )) إلخ . سابعاً : لقد ذكر العلامة الطباطبائي : أن الملاك في التفضيل وعدمه ليس هو الغنى والفقر ، وإنما هو الأعمال الصالحة ، والسجايا الحسنة ، والفضائل الرفيعة ، وهذا حكم عقلي وجاء به الدين الحنيف ، فكيف جاز له (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخالف ذلك ، ويميز الكافر لما له من وجاهة على المؤمن ؟ (الميزان 20 / 303) . والقول : بأنه إنما فعل ذلك لأنه يرجو إسلامه ، وعلى أمل أن يتقوى به الدين ، وهذا أمر حسن ، لأنه في طريق الدين ، وفي سبيله ، لا يصح ، لأنه يخالف صريح الآيات التي تنص على أن الذم له كان لأجل أنه يتصدى لذاك الغني لغناه ، ويتلهى عن الفقير لفقره ، ولو صح هذا ، فقد كان اللازم أن يفيض القرآن في مدحه وإطرائه على غيرته لدينه ، وتحمسه لرسالته ؛ فلماذا هذا الذم والتقريع إذن . ونشير أخيراً : إلى أن البعض قد ذكر : أنه يمكن القول بأن الآية خطاب كلي مفادها : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا رأى فقيراً تأذى وأعرض عنه . والجواب : 1- إن هذا يخالف القصة التي ذكروها من كونها قضية في واقعة واحدة لم تتكرر . 2- إذا كان المقصود هو الإعراض عن مطلق الفقير ؛ فلماذا جاء التنصيص على الأعمى ؟! . 3- هل صحيح أنه قد كان من عادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك ؟ !! . المذنب رجل آخر : فيتضح مما تقدم : أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويؤيد ذلك : ما روي عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، أنه قال : (كان رسول الله إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال : مرحباً ، مرحباً ، والله لا يعاتبني الله فيك أبداً . وكان يصنع به من اللطف ، حتى يكف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما كان يفعل به) ( تفسير البرهان 4 / 428 ، وتفسير نور الثقلين 5 / 509 ، ومجمع البيان 10 / 437) . فهذه الرواية تشير إلى أن الله تعالى لم يعاتب نبيه في شأن ابن أم مكتوم ، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حق ابن أم مكتوم تلك المخالفة ، إن لم نقل : إنه يستفاد من الرواية نفي قاطع حتى لإمكان صدور مثل ذلك عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بحيث يستحق العتاب والتوبيخ ؛ إذ لا معنى لهذا النفي لو كان الله تعالى قد عاتبه فعلاً . هذا، ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرفت هذه الكلمة ؛ فادعت أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول : (مرحبا بمن عاتبني فيه ربي)!! . فلتراجع كتب التفسير ، كالدر المنثور وغيره . والصحيح هو ما تقدم . سؤال وجوابه : ولعلك تقول : إنه إذا كان المقصود بالآيات شخصاً آخر ؛ فما معنى قوله تعالى : (( فأنت له تصدى ))، وقوله : (( فأنت عنه تلهى )) فإن ظاهره : أن هذا التصدي والتلهي من قبل من يهمه هذا الدين ؛ فيتصدى لهذا ، ويتلهى عن ذاك؟ فالجواب : أنه ليس في الآيات ما يدل على أن التصدي كان لأجل الدعوة إلى الله أو لغيرها . فلعل التصدي كان لأهداف أخرى دنيوية ، ككسب الصداقة ، أو الجاه ، أو نحو ذلك . وقوله تعالى : (( لعله يزكى )) ليس فيه أنه يزكى على يد المخاطب ، بل هو أعم من ذلك ، فيشمل التزكي على يد غيره ممن هم في المجلس ، كالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو غيره . ثم لنفرض : أنه كان التصدي لأجل الدعوة ، فإن ذلك ليس محصوراً به (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فهم يقولون : إن غيره كان يتصدى لذلك أيضاً ، وأسلم البعض على يديه ، لو صح ذلك ! . الرواية الصحيحة : وبعد ما تقدم ، فإن الظاهر هو أن الرواية الصحيحة ، هي ما جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) : (أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فجاءه ابن أم مكتوم . فلما جاءه تقذر منه ، وعبس في وجهه ، وجمع نفسه ، وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك عنه ، وأنكره عليه) (مجمع البيان 10 / 437 ، وتفسير البرهان 4 / 428 ، وتفسير نور الثقلين 5 / 509) . ويلاحظ : أن الخطاب في الآيات لم يوجه أولاً إلى ذلك الرجل ؛ بل تكلم الله سبحانه عنه بصورة الحكاية عن الغائب : إنه عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى . ثم التفت إليه بالخطاب ، فقال له مباشرة : وما يدريك . ويمكن أن يكون الخطاب في الآيات أولاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من باب : إياك أعني واسمعي يا جارة ، والأول أقرب ، وألطف ذوقاً . إتهام عثمان : وبعض الرويات تتهم عثمان بهذه القضية ، وأنه هو الذي جرى له ذلك مع ابن أم مكتوم (تفسير القمي 2 / 405 ، وتفسير البرهان 4 / 427 ، وتفسير نور الثقلين 5 / 508) . ولكننا نشك في هذا الأمر ، لأن عثمان قد هاجر إلى الحبشة مع من هاجر فمن أين جاء عثمان إلى مكة ، وجرى منه ما جرى ؟! . إلا أن يقال : إنهم يقولون : إن أكثر من ثلاثين رجلاً قد عادوا إلى مكة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدم ، وكان عثمان منهم ثم عاد إلى الحبشة (سيرة ابن هشام 2 / 3) . وعلى كل حال ، فإن أمر اتهام عثمان - ونحن نجد في عثمان بعض الصفات التي تنسجم مع مدلول الآية ، كما يشهد له قضيته مع عمار حين بناء المسجد في المدينة - أو غيره من بني أمية ، لأهون بكثير من اتهام النبي المعصوم ، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا على الإطلاق ، وإن كان يهون على البعض اتهام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بها أو بغيرها ، شريطة أن تبقى ساحة قدس غيره منزهة وبريئة !! . تاريخ هذه القضية : ونسجل أخيراً : تحفظاً على ذكر المؤرخين لرواية ابن مكتوم ونزول سورة عبس ، بعد قضية الغرانيق ؛ فإن الظاهر هو أن هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلى الحبشة لأن عثمان كان قد هاجر إلى الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون ، إلا أن يكون عثمان قد عاد إلى مكة مع من عاد بعد أن سمعوا بقضية الغرانيق كما يدعون . أعداء الإسلام وهذه القضية : ومما تجدر الإشارة إليه هنا : أن بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول أن يتخذ من قضية عبس وتولى وسيلة للطعن في قدسية نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) (راجع : الهدى إلى دين المصطفى 1 / 158 ) ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون . فها نحن قد أثبتنا : أنها أكاذيب وأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان . ودمتم في رعاية الله |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |