هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : مهارات العرض والإلقاء ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 6 ]       »     دورة : الأدوات الحديثة في تنظي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 5 ]       »     دورة : التخطيط والإشراف على بر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 29 ]       »     دورة : المعايير الحديثة لنظم ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 30 ]       »     دورة : المعايير الحديثة لنظم ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 25 ]       »     المحامية رباب المعبي : حكم لصا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 96 ]       »     المحامية رباب المعبي تحصل على ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 245 ]       »     تطبيق طبيب استشاري الأسرة [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 304 ]       »     محكمة الاستئناف بالرياض تُلزم ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 397 ]       »     دورة : أفضل الممارسات في استخد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 571 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-15-2010, 10:52 AM
محمود الحسيني
مشرف عام
محمود الحسيني غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 فترة الأقامة : 5439 يوم
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي



قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف الله عنّي من اللّبس بأنّهم هم. وحمدت الله على ما قدرت عليه.. فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متّكئ وبين يديه حنطة مقلوّة - منضجة على النّار - وهو يعبث بها. وقد كان أوقع الشيطان في خلدي أنّه لا ينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك آفةً، والإمام غير مؤوفٍ - غير ذي آقةٍ - .

فقال: اجلس يا فتح، فإنّ لنا بالرّسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون، ويمشون في الأسواق. وكلّ جسم مغذوّ بهذا، إلاّ الخالق الرازق فإنّه جسّم الأجسام، وهو لم يجسّم ولم يجزّأ بتناهٍ، ولم يتزايد ولم يتناقص. مبرّأ من ذاته ما ركّب في ذات مَن جسّمه. الواحد الأحد الصّمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. منشئ الأشياء، مجسّم الأجسام، وهو السّميع العليم، اللطيف الخبير، الرؤوف الرّحيم، تبارك وتعالى عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً. لو كان كما وصف ولم يعرف الرّب من المربوب ولا الخالق من المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، ولكن فرّق بينه وبين من جسّمه، وشيّأ الأشياء إذ كان لا يشبهه شيء يرى، ولا يشبه شيئاً)(26).

ويلاحظ أنّه سلام الله عليه قد أجاب الفتح بن يزيد الجرجانيّ عمّا دار في خلده في المرّتين بدون أن يسأله، لأنّه كان مطّلعاً على ما يجول في خاطره من إشكالات بمجرّد دخوله عليه، فقد أنبأه الله العليم الخبير العالم بما توسوس به الصّدور، وعرّفه حالتي الشكّ عند صاحبه، لتكون حجّته قاطعة، وليكون قوله الصادق مقبولاً وليثبت أنّه لم يتكلّم من عنده، بل ذكر ما أعلمه به ربّه سبحانه وتعالى بواسطةٍ سماويّة لا قدرة لنا على تحديدها بالدّقة المتناهية. ولذلك فإنه (عليه السلام)، نفى في المرّة الأولى ما لبّس الشيطان على صاحبه من أنّ الأئمّة أرباب، وفي المنزلة الثانية ظهر لصاحبه جالساً يعبث بالقمح المقلوّ لا بداعي العبث الذي جلّ عنه وسما، بل ليبيّن للفتح بن يزيد أنه يأكل ويشرب ويفتقر إلى الغذاء وما يقيم الأود، في حين أنّ الرّبّ سبحانه يجلّ عن ذلك ويتعالى علوّاً كبيراً.
وقال محمد بن عيسى بن عبيد:

(سألت أبا الحسن، عليّ بن محمدٍ العسكريّ (عليهما السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّات بيمينه)(27).

فقال: ذلك تعبير الله تعالى لمن شبّهه بخلقه. ألا ترى أنّه قال: (وما قدروا الله حقّ قدره)(28) إذ قالوا: إن (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسّماوات مطويّات بيمينه)(29) كما قال عزّ وجلّ: (وما قدروا الله حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر مّن شيء!)(30) ثم نزّة عزّ وجلّ نفسه عن البضة واليمين فقال - في آخر الآية -: (سبحنه وتعالى عمّا يشركون)(31).

وورد في مصدر آخر بهذا اللفظ:

(فقال (عليه السلام): ذلك تعبير الله تبارك وتعالى لمن شبّهه بخلقه، ألا ترى أنّه قال: (وما قدروا الله حقّ قدره)؟ ومعناه: (إذ قالوا أنزل الله على بشر مّن شيءٍ).. ثم نزّه نفسه عن القبضة واليمين فقال: (سبحنه وتعالى عمّا يشركون)(32).

فقد أوضح - سلام الله عليه - أنّ الله تبارك وتعالى كأنه قال: وما قدر الله حقّ قدره من قال: إنّ الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، فإن ذلك قول المجسّمة، وقد تعالى الله سبحانه عمّا يشركون به.

وقال عبد العظيم بن عبد الله الحسني رضوان الله عليه:

سمعت أبا الحسن، عليّ بن محمدٍ العسكري يقول: معنى الرّجيم، أنّه مرجوم باللّعن، مطرود من مواضع الخير، لا يذكره مؤمن إلاّ لعنه.

وإنّ في علم الله السابق، أنّه إذا خرج القائم (عليه السلام)، لا يبقى مؤمن في زمانه إلاّ رجمه بالحجارة كما كان قبل ذلك مرجوماً باللّعن)(33).

فالشيطان الرّجيم معناه - لعنه الله - أنه المطرود من رحمة الله بعد معصيته حين لم يطع أمر ربّه بالسجود لآدم (عليه السلام). وقد صار منذئذ ملعوناً من سائر المؤمنين بقول الله: وهم يرجمونه بالحجارة في منىً أيام الحج رامزين بذلك إلى طرده ودحره لأنه عدوّ بني آدم الذي يغريهم بالفساد. وفي أيام القائم عجّل الله تعالى فرجه يسلم أهل الأرض ويرجمونه جميعاً بالحجارة بعد الإفاضة من عرفات والمزدلفة، علامةً على إيمانهم، بما جاء من عند الله، وإشارةً إلى عداوته لهم وإلى إبعاده عنهم برميه بالحجارة.

وقال العباس بن هلال:

سألت أبا الحسن، عليّ بن محمدٍ (عليه السلام)، عن قول الله عزّ وجلّ: (الله نور السّماوات والأرض..)(34)؟.

فقال (عليه السلام): يعني: هادي من في السّماوات ومن في الأرض)(35).

نعم، وما الهدى سوى ذلك النّور الذي يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلوب عباده لينقذهم من ظلمات الجهل والكفر، ويهديهم إلى الحقّ والإيمان.. الذي يعمر القلب وينير الدّرب.. ولذلك قال تبارك وتعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام - أي التسليم له بالرّبوبيّة والوحدانيّة - ومن يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقاً حرجاٍ كأنّما يصّعّد في السّماء..)(36) فهو يشرح صدر من يهديه بنور هداه، ويبقي صدر الضالّ مظلماً تائهاً في الضلالة، لاهثاً وراء جهله، ضائقاً بأمره، متعباً كالذي يمشي طلوعاً نحو السماء..
وفي عهد سلام الله عليه - عهد الفتن والخلافات حول المذاهب وغيرها - كثر الجدل حول خلق القرآن أو قدمه، وخاض النّاس في ذلك أيّ خوض حتى خرجوا عن حدّ المعقول لشدّة ما انحرف بهم الكلام.. فحذّر إمامنا (عليه السلام) شيعته من النزول إلى تلك المعركة التي ضلّ فيها الجدلّيون ضلالاً كبيراً؛ فلم يشترك الشيعة في ذلك النزاع حول صنع الله عزّ وجلّ وحول كلامه الكريم. وقد قال محمد بن عيسى بن عبيد - اليقطيني:

(كتب عليّ بن محمد بن علي بن موسى الرّضا (عليه السلام) إلى بعض شيعته ببغداد:

بسم الله الرّحمن الرّحيم: عصمنا الله وإيّاك من الفتنة، فإن يفعل فقد تعظم بها نعمة، وإلاّ يفعل فهي الهلكة.

نحن نرى أنّ الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطي السائل ما ليس له، ويتكلّف المجيب ما ليس عليه؛ وليس الخالق إلاّ الله عزّ وجلّ، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله.. لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالّين.

جعلنا الله وإيّاك من (الّذين يخشون ربّهم بالغيب وهم مّن السّاعة مشفقون)(37).

فما أبلغ ما جاء في هذا الكتاب الكريم المختصر الذي يجتثّ تلك البدعة من أصولها، ويقرّر رأي الإمام (عليه السلام) بأوضح بيانٍ وأقوى دليلٍ، إذ الله تعالى وحده هو الخالق وما سواه مخلوق قد فاض عن إرادته سبحانه ومشيئته، والكلام خارج هذا الإطار لغو ولهو وضلالة تؤدّي بالسائل إلى الوقوع في المحذورات حين يتكلّم بما هو من شأن الخالق عزّ وجلّ، وتؤدّي بالمجيب إلى التكلّم رجماً بالغيب إذ يقرّر أفعال ربّه سبحانه بحسب موازين عقله المطفّفة.. وكلاهما غير مكّلفين بما يقومان به سواءً أكان حقّاً أم لغواً.
ومن جملة المسائل الهامة التي ثار الجدل حولها - أيضاً - في ذلك العصر، وكثر الأخذ والردّ مسألة الجبر والتفويض التي أدّت إلى انقسام المسلمين انقساماً كان ذا خطرٍ دخل في صميم العقيدة، إذ نسبت فئة منهم، وقوع الذنب من العبد، إلى الله - والعياذ بالله من ذلك - محتجّة بأنّ الذنب يقع بعلمه تعالى وتقديره، وبإقدار العبد على ذلك بما خلق له من آلاتٍ يباشر الذنب بواسطتها، وبأنّ العبد لا اختيار له في تجنّب الذنب لأنه محمول عليه قد كتبه الله تعالى وقضى به عليه!. ثم أنكرت فئة أخرى ذلك، وقالت بأنّ للعبد أن يختار، وهو الذي يرتكب الذنب بتمام إرادته، وبكامل اختياره، وبواسطة الآلات الّتي منحه الله تعالى إيّاها لطاعته لا لمعصيته.

وقد تكلّم إمامنا (عليه السلام) في هذا الموضوع الهامّ - كما تكلّم آباؤه - وجدّاه الصادق والرّضا بالخصوص (عليه السلام) جميعاً، لئلاّ يقع شيعته في فخّ الكفر وزخرف القول الذي يحاول الإقناع بأنّه لا اختيار للعبد في تصرّفاته لأنها مكتوبة عليه.. ولم يدع شيعته نهب تلك الفوضى التي تجرّأ فيها القائلون على الله عزّت قدرته جرأةً عظيمةً، فمالت بهم الأهواء عن سواء القصد؛ ثم بدأ حديثة معهم بأنّه إذا لم يكن للعبد اختيار ولا تدخّلّ فلم اختاروا خليفة الرسول وانصرفوا عن اختيار الله لهم، وعن نصّ القرآن الصريح، وقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الفصيح؟!. فإمّا أن يكون العبد مختاراً في كلّ شيءٍ، وإمّا أن لا يكون له اختيار في شيءٍ.. ثم تكلّم في الجبر والاختيار كلاماً بليغاً يقطع كلّ جدلٍ ونقاش، فكان كأنّه يغترف من بحرٍ، أو أنّه ينهمر كالقطر!.

وهذا نصّ رسالته (عليه السلام) في الردّ على أهل الجبر والتفويض، وإثبات العدل بين المنزلة والمنزلتين:

(من عليّ بن محمدٍ: سلام عليكم وعلى من اتّبع الهدى، ورحمة الله وبركاته.

فإنّه ورد عليّ كتابكم(38) وفهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم، وخوضكم في القدر، ومقالة من يقول منكم بالجبر، ومن يقول بالتفويض، وتفرّقكم في ذلك وتقاطعكم وما ظهر من العداوة بينكم، ثم سألتموني عنه وبيانه لكم، وفهمت ذلك كلّه.

اعلموا رحمكم الله أنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار، فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممّن يعقل عن الله عزّ وجلّ، لا تخلو من معنيين: إمّا حقّ فيتّبع، وإمّا باطل فيجتنب.

وقد أجمعت الأمّة قاطبةً، لا اختلاف بينهم، أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حال اجتماعهم، مقروناً بتصديق الكتاب وتحقيقه، مصيبون مهتدون: وذلك بقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا تجتمع أمّتي على ضلالة.. وأخبر أنّ جميع ما اجتمعت عليه الأمّة كلّها حقّ. هذا إذا لم يخالف بعضها بعضاً.

والقرآن حقّ لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه. فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه، وأنكر الخبر طائفة من الأمّة، لزمهم الإقرار به ضرورةً حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب. فإن هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملّة.

فأول خبرٍ يعرف تحقيقه من الكتاب، وتصديقه والتماس شهادته عليه، خبر ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ووجد بموافقة الكتاب وتصديقه بحيث لا تخالفه أقاويلهم، حيث قال: إنّي مخلّف فيكم الثّقلين: كتاب الله، وعترتي - أهل بيتي - لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما. وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض.

فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصّاً مثل قوله جلّ وعزّ: (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون ومن يتولّ الله ورسوله والّذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون)(39) وروت العامّة أخباراً لأمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه تصدّق بخاتمه وهو راكع، فشكر الله ذلك له وأنزل الآية فيه؛ فوجدنا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد أتى بقوله: من كنت مولاه فعليّ مولاه. وبقوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي. ووجدناه يقول: عليّ يقضي ديني، وينجز موعدي، وهو خليفتي عليكم من بعدي.

فالجزء الأول الذي استنبطت منه هذه الأخبار، خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم، وهو أيضاً موافق للكتاب.



 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم

رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 10:54 AM   #2
محمود الحسيني
مشرف عام


الصورة الرمزية محمود الحسيني
محمود الحسيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فلمّا شهد الكتاب بصدق الخبر، وهذه الشواهد الأخر، لزم على الأمّة الإقرار بها ضرورةً، إذ كانت هذه الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة، ووافقت القرآن والقرآن وافقها. ثم وردت حقائق الأخبار عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، عن الصادقين (عليهم السلام)، ونقلها قوم ثقات معروفون، فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضاً واجباً على كلّ مؤمن ومؤمنةٍ، لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد. وذلك أنّ أقاويل آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) متّصلة بقول الله، وذلك مثل قوله في محكم كتابه: (إنّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مّهيناً)(40). ووجدنا نظير هذه الآية قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من آذى عليّاً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن ينتقم منه!.. وكذلك قوله (صلّى الله عليه وآله): من أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله؛ ومثل قوله (صلّى الله عليه وآله) في بني وليعة: لأبعثنّ اليوم رجلاً كنفسي يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله؛ قم يا عليّ فسر إليهم. وقوله (صلّى الله عليه وآله) يوم خيبر: لأبعثنّ إليهم غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرّاراً غير فرّارٍ، لا يرجع حتّى يفتح الله عليه.. فقضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالفتح قبل التوجيه، فاستشرف لكلامه أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فلمّا كان من الغد دعا عليّاً (عليه السلام) فبعثه إليهم، فاصطفاه بهذه المنقبة(41) وسمّاه كرّاراً غير فرّارٍ، فسمّاه محبّاً لله ورسوله، وأخبر أنّ الله ورسوله يحبّانه.

وإنّما قدّمنا هذا الشرح والبيان، دليلاً على ما أردناه، وقوّةً لما نحن مبيّنوه من أمر الجبر والتفويض والمنزلة بين المنزلتين. وبالله العون والقوّة، وعليه نتوكّل في جميع أمورنا.
فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصادق (عليه السلام): لا جبر ولا تفويض، ولكن منزلة بين المنزلتين: وهي صحّة الخلقة، وتخلية السّرب، والمهلة في الوقت، والزاد، مثل الراحلة، والسبب المهيّج للفاعل على فعله.

فهذه خمسة أشياءٍ جمع بها الصادق (عليه السلام) جوامع الفضل. فإذا نقص العبد منها خلّةً، كان العمل عنه مطروحاً بحسبه. فأخبر الصادق (عليه السلام) بأصل ما يجب على النّاس من طلب معرفته، ونطق الكتاب بتصديقه، فشهد بذلك محكمات آيات رسوله، لأنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وأهل بيته (عليهم السلام)، لا يعدو شيء من قوله وأقاويلهم حدود القرآن.

فإذا وردت حقائق الأخبار، والتمست شواهدها من التنزيل، فوجد لها موافقّاً وعليها دليلاً، كان الاقتداء بها فرضاً لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد، كما ذكرنا في أول الكتاب.

ولمّا التمسنا تحقيق ما قاله الصادق (عليه السلام) من المنزلة بين المنزلتين، وإنكاره الجبر والتفويض، وجدنا الكتاب قد شهد له وصدّق مقالته في هذا.

وخبر عنه أيضاً موافق لهذا: أنّ الصادق (عليه السلام) سئل: هل أجبر الله العباد على المعاصي؟

فقال الصادق (عليه السلام): هو أعدل من ذلك.

فقيل له: فهل فوّض إليهم؟

فقال (عليه السلام): هو أعز وأقهر لهم من ذلك!

وروي عنه أنّه قال: النّاس في القدر على ثلاثة أوجه:

رجل يزعم أنّ الأمر مفوّض إليه، فقد وهّن الله في سلطانه، فهو هالك.

ورجل يزعم أنّ الله جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصي وكلّفهم ما لا يطيقون، فقد ظلم الله في حكمه، فهو هالك.

ورجل يزعم أنّ الله كلّف العباد ما يطيقون، ولم يكلّفهم ما لا يطيقون. فإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله، فهذا مسلم بالغ.

فأخبر (عليه السلام) أنّ من تقلّد الجبر والتفويض ودان بهما، فهو على خلاف الحقّ.

فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، وأنّ الذي يتقلّد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما.

ثم قال (عليه السلام): وأضرب لكلّ بابٍ من هذه الأبواب مثلاً يقرّب المعنى للطالب ويسهّل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات آيات الكتاب، وتحقّق تصديقه عند ذوي الألباب، وبالله التوفيق والعصمة.

فأمّا الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ، فهو قول من زعم أنّ الله جلّ وعزّ أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها!. ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله في حكمه، وكذّبه وردّ عليه قوله (ولا يظلم ربّك أحداً)(42) وقوله: (ذلك بما قدّمت يداك وأنّ الله ليس بظلّم للعبيد)(43)، وقوله: (إنّ الله لا يظلم النّاس شيئاً ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون)(44) مع آيٍ كثيرةٍ بذكر هذا.. فمن زعم أنّه مجبر على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله، وقد ظلمه في عقوبته. ومن ظلم الله فقد كذّب كتابه، ومن كذّب كتابه فقد لزمه الكفر باجتماع الأمّة.

ومثل ذلك مثل رجلٍ ملك عبداً مملوكاً، لا يملك نفسه ولا يملك عرضاً من عرض الدّنيا، ويعلم ذلك مولاه منه. فأمره، على علمٍ منه، بالمصير إلى السّوق لحاجةٍ يأتيه بها، ولم يملّكه ثمن ما يأتيه به من حاجته. وعلم المالك أنّ على الحاجة رقيباً، لا يطمع أحد في أخذها منه إلاّ بما يرضى به من الثّمن. وقد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل والنّصفة وإظهار الحكمة، ونفي الجور. وأوعد عبده إن لم يأتيه بحاجته أن يعاقبه، على علم منه بالرّقيب الذي على حاجته أنّه سيمنعه، وعلم أنّ المملوك لا يملك ثمنها ولم يملّكه ذلك.

فلمّا صار العبد إلى السوق، وجاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولى لها، وجد عليها مانعاً يمنع منها إلاّ بشراءٍ، وليس يملك العبد ثمنها!. فانصرف إلى مولاه خائباً، بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه من ذلك وعاقبه عليه!. أليس يجب في عدله وحكمه أن لا يعاقبه وهو يعلم أنّ عبده لا يملك عرضاً من عروض الدّنيا ولم يملّكه ثمن حاجته؟ فإن عاقبه كان ظالماً متعدّياً عليه، مبطلاً لما وصف من عدله وحكمته ونصفته!. وإن لم يعاقبه كذّب نفسه في وعيده إيّاه حين أوعده بالكذب والظّلم اللّذين ينفيان العدل والحكمة!. تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً.

فمن دان بالجبر، أو ما يدعو إلى الجبر، فقد ظلم الله ونسبه إلى الجور والعدوان، إذا أوجب على من أجبره العقوبة. ومن زعم أنّ الله أجبر العباد، فقد أوجب على قياس قوله: إنّ الله يدفع عنهم العقوبة. ومن زعم أنّ الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب، فقد كذّب الله في وعيده حيث يقول: (بلى من كسب سيّئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النّار هم فيها خلدون)(45) وقوله: (إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)(46)، وقوله: (إنّ الّذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إنّ الله كان عزيزاً)(47) مع آيٍ كثيرةٍ في هذا الفنّ ممّن كذّب وعيد الله. ويلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله الكفر، وهو ممّن قال الله: (أفتؤمنون ببعض الكتب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافلٍ عمّا تعملون)(48).

بل نقول: إنّ الله جلّ وعزّ جازى - يجازي - العباد على أعمالهم، ويعاقبهم على أفعالهم بالاستطاعة التي ملّكهم إيّاها. فأمرهم ونهاهم بذلك - أي بالاستطاعة وبما يطيقون - ونطق كتابه: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلاّ مثلها وهم لا يظلمون)(49). وقال جلّ ذكره: (يوم تجد كلّ نفس مّا عملت من خير مّحضراً وما عملت من سوءٍ تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذّركم الله نفسه)(50) وقال: (اليوم تجزى كلّ نفس بما كسبت لا ظلم اليوم..)(51) فهذه آيات محكمات تنفي الجبر ومن دان به.

ومثلها في القرآن كثير، اختصرنا ذلك لئلاّ يطول الكتاب، وبالله التوفيق.

وأمّا التفويض الذي أبطله الصادق (عليه السلام)، وخطّأ من دان به وتقلّده، فهو قول القائل: إنّ الله جلّ ذكّره فوّض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم!. وفي هذا كلام دقيق لمن يذهب إلى تحريره ودقّته.

وإلى هذا ذهب الأئمّة المهديّون عترة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فإنّهم قالوا: لو فوّض إليهم على جهة الإهمال، لكان لازماً له رضى ما اختاروه واستوجبوا منه الثواب - به الثواب - ولم يكن عليهم فيه العقاب، إذا كان الإهمال واقعاً.. وتنصرف هذه المقالة على معنيين:

إمّا أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورةً، كره ذلك أم أحبّ، فقد لزمه الوهن!. أو يكون جلّ وعزّ عجز عن تعبّدهم بالأمر والنهي على إرادته، كرهوا أو أحبّوا، ففوّض أمره - ونهيه - إليهم، وأجراهما على محبّتهم إذ عجز عن تعبّدهم بإرادته فجعل الاختيار إليهم في الكفر والإيمان!.


 
 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 10:58 AM   #3
محمود الحسيني
مشرف عام


الصورة الرمزية محمود الحسيني
محمود الحسيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ومثل ذلك مثل رجل ملك عبداً ابتاعه ليخدمه ويعرف له فضل ولايته ويقف عند أمره ونهيه، وادّعى مالك العبد أنّه قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده ونهاه ووعده على اتّباع أمره عظيم الثّواب، وأوعده على معصيته أليم العقاب؛ فخالف العبد إرادة مالكه، ولم يقف عند أمره ونهيه، فأيّ أمر أمره، أو أيّ نهي نهاه عنه، لم يأته على إرادة المولى. بل كان العبد يتّبع إرادة نفسه واتّباع أمره ونهيه إليه، ورضي منه بكلّ ما فعله، على إرادة العبد، لا على إرادته، ففوّض اختيار حوائجه وسمّى له الحاجة، فخالف على مولاه وقصد لإرادة نفسه واتّبع هواه.

فلمّا رجع إلى مولاه، نظر إلى ما أتاه به، فإذا هو على خلاف ما أمره به!. فقال له: لم أتيتني بخلاف ما أمرتك؟

فقال العبد: اتّكلت على تفويضك الأمر إليّ فاتّبعت هواي وإرادتي، لأنّ المفوّض إليه غير محظورٍ عليه.. فاستحال التفويض.

أو ليس يجب على هذا السبب إمّا أن يكون المالك للعبد قادراً يأمر عبده باتّباع أمره ونهيه على إرادته، لا على إرادة العبد، ويملّكه من الطاقة بقدر ما يأمره به وينهاه عنه، فإذا أمره بأمرٍ ونهاه عن نهيٍ عرّفه الثواب والعقاب عليهما: وحذّره ورغّبه بصفةٍ ثوابه وعقابه ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملّكه من الطاقة - من الطاعة - لأمره ونهيه وترغيبه وترهيبه، فيكون عدله وإنصافه شاملاً له، وحجته واضحةً عليه للإعذار والإنذار؛ فإذا اتّبع العبد أمر مولاه جازاه، وإذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه.. أو يكون عاجزاً غير قادرٍ، ففوّض إليه أحسن أم أساء، أطاع أم عصى، عاجزاً عن عقوبته وردّه إلى أتّباع أمره.

وفي إثبات العجز نفي القدرة والتّألّه، وإبطال الأمر والنهي والثواب والعقاب، ومخالفة الكتاب إذ يقول: (ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم)(52)، وقوله عزّ وجلّ: (اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مّسلمون)(53)، وقوله: (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون ما أريد منهم من رّزقٍ وما أريد أن يطعمون)(54)، وقوله: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)(55)، وقوله: (أطيعوا الله ورسوله ولا تولّوا عنه وأنتم تسمعون)(56).

فمن دان بالتفويض على هذا المعنى فقد أبطل جميع ما ذكرنا من وعده ووعيده، وأمره ونهيه، وهو من أهل هذه الآية: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدّنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله بغافلٍ عمّا تعملون)(57)، تعالى الله عمّا يدين به أهل التفويض علوّاً كبيراً.

لكن نقول: إنّ الله جلّ وعزّ خلق الخلق بقدرته، وملّكهم استطاعة تعبّدهم بها. فأمرهم ونهاهم بما أراد(58)، فقبل منهم اتّباع أمره ورضي بذلك لهم، ونهاهم عن معصيته وذمّ من عصاه وعاقبه عليها. ولله الخيرة في الأمر والنهي، يختار ما يريد ويأمر به، وينهى عمّا يكره ويعاقب عليه بالاستطاعة التي ملّكها عباده لاتّباع أمره واجتناب معاصيه، لأنّه ظاهر العدل والنّصفة والحكمة البالغة، بالغ الحجّة بالإعذار والإنذار، وإليه الصّفوة يصطفى من عباده من يشاء لتبليغ رسالته واحتجاجه على عباده: اصطفى محمداً (صلّى الله عليه وآله) وبعثه برسالاته إلى خلقه، فقال من قال من كفّار قومه حسداً واستكباراً: (لولا نزّل هذا القرآن على رجل مّن القريتين عظيم)(59) يعني بذلك أمية بن أبي الصلت، وأبا مسعود الثقفي، فأبطل الله اختيارهم ولم يجز لهم آراءهم حيث يقول: (أهم يقسمون رحمت ربّك نحن قسمنا بينهم مّعيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريّاً ورحمت ربّك خير مّمّا يجمعون)(60). ولذلك اختار من الأمور ما أحبّ، ونهى عمّا كره، فمن أطاعة أثابه، ومن عصاه عاقبه. ولو فوّض اختيار أمره إلى عباده لأجاز لقريشٍ اختيار أميّة بن أبي الصلت وأبي مسعود الثقفي إذ كانا عندهم أفضل من محمدٍ (صلّى الله عليه وآله).

فلمّا أدّب الله المؤمنين بقوله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)(61). فلم يجز لهم الاختيار بأهوائهم، ولم يقبل منهم إلاّ اتّباع أمره واجتناب نهيه على يدي من اصطفاه. فمن أطاعه رشد، ومن عصاه ضلّ وغوى ولزمته الحجّة بما ملّكه من الاستطاعة لاتّباع أمره واجتناب نهيه. فمن أجل ذلك حرمه ثوابه وأنزل به عقابه.

وهذا القول بين القولين ليس بجبرٍ ولا تفويض؛ وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعيّ الأسديّ حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):

سألت عن الاستطاعة، تملكها من دون الله أو مع الله؟

فسكت عباية؛ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): قل يا عباية.

قال: وما أقول؟!.

قال (عليه السلام): إن قلت إنّك تملكها مع الله قتلتك!. وإن قلت تملكها دون الله قتلتُك!

قال عباية: فما أقول يا أمير المؤمنين؟!.

قال (عليه السلام): تقول إنّك تملكها بالله الذي يملكها من دونك. فإن يملّكها إياّك كان ذلك من عطائه، وإن يسلبكها كان ذلك من بلائه.. هو المالك لما ملّكك، والقادر على ما عليه أقدرك. أما سمعت الناس يسألون الحول والقوّة حين يقولون: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله؟!.

قال عباية: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟

قال (عليه السلام): لا حول عن معاصي الله إلاّ بعصمة الله، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلاّ بعون الله.

قال: فوثب عباية فقبّل يديه ورجليه.

وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة الله، قال: أي أمير المؤمنين بم عرفت ربّك؟

قال (عليه السلام): بالتمييز الذي خوّلني، والعقل الذي دلّني.

قال: أمجبول أنت عليه؟
قال: لو كنت مجبولاً لما كنت محموداً على إحسان، ولا مذموماً على إساءة، وكان المحسن أولى باللائمة من المسيء. فعلمت أنّ الله قائم باقٍ، وما دونه حدث حائل زائل. وليس القديم الباقي، كالحدث الزائل.

قال نجدة: أجدك أصبحت حكيماً يا أمير المؤمنين.

قال: أصبحت مخيّراً، فإن أتيت السيئة مكان الحسنة فأنا المعاقب عليها.

وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال لرجلٍ بعد انصرافه من الشام، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا بخروجنا إلى الشام، بقضاءٍ وقدر؟


 
 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم


رد مع اقتباس
قديم 06-15-2010, 10:59 AM   #4
محمود الحسيني
مشرف عام


الصورة الرمزية محمود الحسيني
محمود الحسيني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 11-28-2010 (10:18 PM)
 المشاركات : 256 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فقام الشيخ فقبّل رأس أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأنشأ يقول:

أنــــت الإمام الّذي نرجـــو بطاعته يوم النّجاة من الرحمن غــــــفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملـــتبساً جـــــزاك ربّك عنّا فيـــــــه رضوانا

فليس معذرةً في فعـــــــل فاحشــــةٍ قد كنت راكـــبها ظلماً وعـــــصيانا


 
 توقيع : محمود الحسيني

اللهم صلّي و سلّم وبارك على محمّد و على آل محمّد كما صليت و سلمت و باركت على ابراهيم و آل ابراهيم, إنك سميع مجيد.
اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن, صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة, و في كل ساعة وليّاً و حافظاً وقائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً, حتى تسكنه أرضك طوعاً و تماتعه فيها طويلًا.

إن عدّ اهل التقى كانوا أئمتهم, إن قيل من خير أهل الأرض قيل هم


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:02 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية