![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#2 |
المشرف العام
![]() |
![]()
ثم ذكر ظهور الظلمة وخلق قنديل الرحمة وتعليقه على سرادقات العرش وظهور نور الزهراء ( عليها السلام ) في السماوات والأرضين ، وقد مر ذكره في ما مضى .
فتبين أن العرش والسماوات والأرضين والشمس والقمر والجنة وما فيها والملائكة جميعا خلقت من الوجود المقدس للخمسة الطيبة الطاهرة ( عليهم السلام ) . ولنعم ما قيل : أقول وروح القدس ينفث في نفسي * فإن وجود الحق في عدد الخمس والحديث السابق أصح . نكتة شريفة والآن فلنعلم لماذا خلقت المخلوقات من أنوار الخمسة الطاهرة بهذا الترتيب ؟ ولماذا خلقت السماوات والأرضين من نور فاطمة ( عليها السلام ) ؟ [ معنى العرش ] لقد عبروا عن العرش الأعظم تعابير عديدة في ذيل قوله تعالى ( لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) منها : إن العرش جسم أعظم وأكبر من جميع الأجسام العلوية والسفلية ، والعالم كله العالي والسافل كحصاة في فلاة ، أو كقطرة في بحر لا متناه بالقياس إلى العرش . والعرش مجمع ومخزن لعالم الغيب والشهود بمفاد قوله ( وإن من شئ إلا عندنا خزائنه ) وفيه تمثال كل شئ من البر والبحر . وهو مرآة الملائكة يرتسم فيه كل عمل ، ويسمى فلك الأفلاك وفلك الكل وفلك الأطلس أيضا ، وهو منتهى الجسمانيات ومطاف الملائكة الحافين في قوله ( وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ) . ويحمله ثمانية من الأولين والآخرين ، كما قال الله تعالى : ( ويحمل عرش ربك يومئذ ثمانية ) . وهو محيط بكل ما خلق ، ومظهر لتجلي واستواء الحضرة الأزلية ( إن الله على العرش استوى ) . ولما كانت الذات النبوية المقدسة أشرف الذوات وأفضل الموجودات وأعظم المخلوقات ، خلق الله منها العرش وهو أعظم الأجرام والأجسام . وقد نسب العلي الأعلى العرش إليه ، فقال : ( وهو رب العرش العظيم ) . ويمكن أن يقال : أن العرش كما في قوله : ( ولها عرش عظيم ) هو كسرير الربوبية الأعظم ومقر السلطنة الإلهية الحقة ، وأن استيلاء الله سبحانه عليه بمعنى استوائه واستيلائه على عالم الإمكان ، أي ( بيده ملكوت كل شئ ) . ويمكن أن يقال : أن العرش هو السقف الرفيع المحيط بعالم الملك والملكوت والجنات الثمانية . وعلى كل تقدير يثبت المطلوب من حيث الإحاطة . فنقول : إن شرف المعلول يعرف من شرف العلة ، وخلق العرش بتلك العظمة يدل على عظمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) الذي خلق العرش من نوره ، وكل تلك الإفاضات والبركات والخيرات والسعادات صدرت وظهرت من المعلول الأول ليعلم أشرفيته وأفضليته وسبق وجوده على ما سواه ، فالعرش محيط بالكرسي وما دونه ، وقد أعطى الله خاتم النبيين الإحاطة التامة ، ودعاه إلى المقام المحمود ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) الذي يلي العرش ، واستضافه ثلث ليلة في مقام الأبرار ( إن الأبرار لفي عليين ) ، وأراه كل شئ « وأرني حقائق الأشياء كما هي » ، وكل ما خلقه لأجله بالباصرة الظاهرة ، حتى لكأن العرش كل ما سوى الله . والتعبير عن العرش بالسرير الذي يتربع عليه الملوك والسلاطين لإبراز قدرتهم وإظهار سلطنتهم يشهد له قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) . فالله تعالى يتجلى أولا بالتجليات الحقة للعرش ، وهو مظهر رحمانيته ثم يتجلى ثانيا للكرسي وهو مظهر رحيميته . وفي الحديث يغش العرش في كل يوم سبعون ألف ألف نور بألوان مختلفة والمقصود بالأنوار هي الإفاضات الإلهية التي تفاض عليه في كل آن لكمال استعداده ( صلى الله عليه وآله ) . وبديهي أن ما خلق لأجل أمير المؤمنين وفاطمة والحسنين لا يبلغ في الشأن والشرف حد العرش الأعظم ، حتى الملائكة الذين يعتبرون الأفضل والأشرف في عالم الجسمانيات ، فهم بتمام طبقاتهم ودرجاتهم خلقوا من نور أمير المؤمنين ، وهم سكان عالم الملك والملكوت ، والسماوات السبعة مساكنهم ومعابدهم كما أن الأرض خلقت للنوع الإنساني ، وشرف المحل من شرف الحال . والملائكة رسل الله ; لهذا اشتق اسمهم من « ألوكه » أي الرسالة ، ويشهد لذلك القرآن الكريم ( جاعل الملائكة رسلا ) وبعضهم تمحض للعبادة فقط فلا دخل لهم في التدبير والتصرف ، ولا تعلق لهم بعالم آخر ، لم يؤمروا بأمر سوى ما هم فيه من الهيمان والنظر بوجل إلى العرش وما فوقه . والإيمان بوجود الملائكة عامة في أي مرتبة ودرجة واجب ، وعددهم غير معلوم ، والإحاطة بهم جميعا غير مقدورة ، وشرف وجودهم من وجود أمير المؤمنين ظاهر ، ولم يخلق الله بعد العرش خلقا أشرف من الملائكة الذين زين بهم السماوات . فالنبي ( صلى الله عليه وآله ) أفضل وأشرف من العرش ، ونوره من نور الله ، والعرش أشرف الموجودات مما سوى الله ، ونور سلطان الولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من نور الله ، والملائكة من نوره ، فهو أشرف من الملائكة ، والملائكة أشرف من غيرهم . وبعبارة أخرى : خلق العرش من نور النبوة فهو معلول لوجوده ، وخلق الملائكة من نور الولاية فهم معلولون لوجوده المسعود ، والولاية باطن النبوة ، والنبي والولي من نور واحد ، فالملائكة خلقوا من نور النبي أصلا ومصدرا . ولهذا عبر أهل الاصطلاح عن وجود النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالعرش ، وعن وجود الولي بالكرسي ، وجعلوا الكرسي تلو العرش ، فشرف العرش والملائكة من شرف وجودهما ، ووجودهم من نور وجودهما . ثم بعد مرتبة النبوة والولاية مرتبة الصديقين ، وفاطمة الزهراء هي الصديقة الكبرى ، وهي منشأ كل بركة ، ومنبع كل سعادة ، ومصدر كل خير ، ومحل كل فيض ، وأفضل قابل لإفاضات النبوة وإشراقات الولاية . ولما كان وجود التناسب بين العلة والمعلول والمشتق والمشتق منه واجبا ، وكانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في الإستفاضة من المبدأ وامتثال الأمر والتسليم في محل القبول ; لذا صارت معلولات وجودها أيضا محال البركات ومعادن الطاعات ومعابد الأملاك ومساجد سكان الأرض . ولذا جعل الله السماوات والأرضين في ذيل ذينك المقامين مباشرة ، أي بعد العرش والكرسي - وهما رتبة النبوة ودرجة الولاية - بلا فصل ولا حائل ، ثم جعل الشمس والقمر الآيتين الساطعتين في قلب السماوات من نور المجتبى ، ثم جعل السماوات السبع فوق الجنان الثمانية - وهي مظاهر الرحمة الأحدية - من النور الساطع لسيد المظلومين والرحمة الإلهية الواسعة ، كل ذلك ليرتبط كل معلول بعلته ولا ينفك أحدهما عن الآخر . أما حديث إرشاد القلوب الذي يقول : إن السماوات خلقت من نور أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فهو يحكي اتحادهما مع الملائكة مع أن الملائكة أشرف وأفضل من السماوات ، وإنما خلقت السماوات مستقرا وقرارا لها ، والملائكة أجسام لطيفة نورانية منسوبة لأحد الأنوار الخمسة لا للسماوات . نعم ; المهم بل الضروري أن يقال : أن الملائكة خلقت من نور سلطان الولاية ، وأن السماوات والأرض خلقت من نور سيدة نساء الأولين والآخرين مع ملاحظة أشرفية الحال على المحل ، وأفضلية الأمير ( عليه السلام ) على بضعة النبي المختار ، وهو أولى وأقوى . كانت هذه إشارة إجمالية وعبارات كلامية موجزة في علة خلق هذه الأقسام الخمسة من المخلوقات من العالي إلى الداني من الأنوار المقدسة للخمسة الطيبة الطاهرة عليهم السلام . ولطالما بحثت في كتب الأحاديث والأخبار فلم أجد عللا وحكما منصوصة في هذا الباب . كلمة طريفة ورد في خبر « إرشاد القلوب » و « البحار » و « مصباح الأنوار » : إن الملائكة فزعت - من الظلمة - ودعت الله أن يكشفها عنهم ، فخلق الله قنديل أو قناديل من نور الزهراء الزاهر ، وعلقها بالعرش فانكشفت الظلمة ، ولذا سميت فاطمة الزهراء بالزهراء . فما هي علة إيجاد الظلمة ؟ ولماذا فزع الملائكة من مشاهدتها ؟ وما هي الغشاوة التي اعترتهم منها ؟ الجواب : ذكروا في علة ذلك وجهين : الوجه الأول : إن الجلوة الزهرائية حصلت في السماوات العلوية ليعرفها سكان الأفلاك ، ويعرفوا حقيقة معدن العصمة والطهارة ، ويعلم الملائكة مفزعهم في المهالك الموحشة والمخاوف المفزعة ، فيتمسكوا بأذيالها ويتشبثوا بها ، ويعلموا أن فاطمة وسيلتهم في رفع الحاجات والقوة على الطاعات وقبول العبادات . إن السماوات معلولة لوجود فاطمة ، وتلك المساكن الرفيعة مخلوقة من نورها ، فلا بد للمستورة الكبرى أن تعرف نفسها لهم وتظهر نفسها لأنظار سكان السماوات بنورانيتها . الوجه الثاني : إن هذا التجلي الخاص خاص بشيعة فاطمة ( عليها السلام ) ، ليعرف الشيعة أن نجاتهم في الدنيا والآخرة من كل ورطة ، وخلاصهم من كل بلاء وشديدة ، وهدايتهم في كل تيه وظلمة بمحبتها ، فالطريق منحصر ، والدليل موصل ، وشفاعة المحبوبة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مقبولة بلا شك . . . وهذه الإفاضات تنزل علينا من العالم الأعلى ، بواسطة الملائكة فنفوز بهذه الهداية وهذا الرشاد والسداد . |
![]() ![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |