![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
الصفحة 23
استقلال السنة في التشريع دوّنت في الاونة الاخيرة كتبٌ كثيرة تحت عنوان «التشريع الاسلامي» من قبل شخصيات مختلفة، إذ هي على الاغلب تصدر كرسائل لنيل درجة الدكتوراه، وقد دوّن البعض وتحت عنوان « استقلال السنة في التشريع» أبحاثاً حول الاكتفاء الذاتي للكتاب والسنة، وقد طرحوا وجوهاً ونماذج لاستقلال كلّ منهما، ومن مجموع أبحاث هذه الكتابات نستوحي أن الحاجز والقضية الشائكة الاساسيّة عندهم هي عدم الاذعان لاخبار وأحاديث العرض على الكتاب، إذ نجدهم يتهجمون بعنف وبألفاظ متشددة ولاذعة على هذه المسألة. وفي الحقيقة فإن قضية عرض الاخبار على الكتاب تعتبر في نظر أبناء العامة رؤية ضالة تسربت إلى التفكير والعقليّة الاسلاميّة عن طريق الزنادقة والروافض والخوارج !! وكذلك يستشف من أقوال ووجهات نظر كبار العلماء عند أبناء العامة بأن هذا الاسلوب في التفكير عند أوساط أئمتهم وشيوخهم </span>الصفحة 24 يمتاز بخطورة وحساسية خاصة، إذ نجدهم يواجهون أيّة حركة التفات أو توجه إلى حاكمية القرآن في مقام ردّ أو قبول الاحاديث والاخبار بتكفيرها والردّ عليها، ونجدهم يظهرون الاشمئزاز والتنفّر من ذلك !! ومن هنا ينبغي أن نلحظ قضية استقلال السنة، والتي أصبحت وسيلة تستخدم في الفترة الاخيرة لمهاجمة مذهب أهل البيت (عليهم السلام)في بيانهم لاحاديث وجوب العرض على الكتاب، أنها كم تتطابق وتنسجم مع الضوابط والاسس العلمية، وماهو الميزان لتلقّي وقبول ذلك عند أبناء العامة ؟ إن هذا الاسلوب والنمط في التفكير والرؤية عند مذهب الامامية وأهل البيت (عليهم السلام) اعتبر مبدءاً مقدّساً ومتقناً، فاتبعوه بتمام القوة وارتأوا ضرورة أن تتطابق السنة مع الكتاب. وفي الحقيقة فإن مسألة الحفاظ على السنة تستوجب وتحتّم على الانسان المؤمن والمتعبد بالشريعة في كافة الفترات الزمنيّة أن يتعامل مع الاحكام الصادرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما يتناسب مع شأنها ومكانتها، وليتعلمها ويعلّمها للاخرين، وأن يكون متمسكاً بها. ومما لا شك فيه، فإنه كان من المحتّم في بدء الدعوة </span>الصفحة 25 الاسلاميّة ـ لضرورة العمل بالسنة ـ أن يتم الحفاظ والمواظبة على الاقوال والسنن المأثورة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن يُحاول جهد الامكان وبأتم الصور المراقبة والمحافظة عليها، ولكن عندما منع الخلفاء التدوين، وذلك لاجل أغراض ووجهات نظر خاصة، لم يمكن الوصول إلى السنة الصحيحة وإلى كافة أقوال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) . فعندها وانطلاقاً لرفع الحاجة وسدّ الافتقار، ومن أجل الوصول إلى ما يرمون إليه، عمدوا إلى أمر يقربهم إلى السنة ويوصلهم إليها، فاختلقوا أمراً لينوب عن ذلك. ومن هذا المنطلق اعتبروا عمل الصحابي وعمل أهل المدينة في عداد السنة، وذلك لان أفعالهم مستقاة من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). ومن الواضح أن هذا النمط والاسلوب لتلقي السنة لا يسعه أن يكون مبيناً لها على وجه الحقيقة، ومن جهة أخرى فهذا التمسك يتم إذا لم يعتر فعل الصحابة أو أهل المدينة عيب أو نقص. وحيث أن السياسة العامة للسلطة الحاكمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انتهجت نهجاً وسبيلاً خاصاً، وظهرت أحداث ومجريات غير متوقعة وغير مرتقبة في طريق السنة، عندها لم يبقَ مجالٌ للتمسك بالسنة عبر أفعال هؤلاء. ومما لا شك فيه فإن أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا سيما علي بن </span>الصفحة 26 أبي طالب (عليه السلام) هم الاولى والاتقن في استيعاب وفهم ومعرفة القرآن والسنة، وهذا مما اعترف به مخالفوهم، حيث يقول المناوي في فيض القدير : «قد علم الاولون والاخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عن الحجاب، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء»(1) ، فمع هذا الوصف كيف يمكننا القول بأن يكون غيره مقدَّماً عليه في بيان السنة ؟ كما أن التمسك والالتزام بأقوال الصحابة أو أهل المدينة مع كثرة مواطن الضعف الموجودة فيها لن تصل أبداً في المستوى إلى الوثوق والاتكال عليها كما هو الحال في أقوال أهل بيت الرسول صلوات الله عليهم وهم الذين أُذهِب عنهم الرجس وطُهِّروا تطهيراً. وهذا من مسلّمات قواعد الترجيح في الاخذ بالاخبار والاحاديث والعمل بالسنن من جهة السند والتي تمتلك المستوى الرفيع في وثاقتها والعول عليها. فبناءً على هذا لا يمكننا الوثوق والاعتماد في تلقّي السنة إلاّ بما جاء عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) الذين وافق الجميع على طهارتهم وعلوّ شأنهم العلمي. ____________ (1) فيض القدير 3 : 46. |
![]() |
#2 |
خادم الحسين
![]() |
![]()
الصفحة 27
موضع الافتراق في تقسيم الاخبار أجد من الضرورة ـ إذ يتمتع بحثنا بأهميّة ومكانة خاصّة ـ أن نتمعّن فيه، وأن نحكم أمره بما يناسب المقام. فإن الكتاب والسنّة كما اعتبرهما الاماميّة المصدرين الاساسيين من الادلّة الاربعة، واتّخذ أبناء العامّة أيضاً هذين الامرين ركناً لقواعدهم التشريعيّة، واعتبروهما أصلين مستقلّين في مجال التشريع، وذكرنا فيما سبق أن مذهب الاماميّة اشترط وجود ترابط بين الكتاب والسنّة وعرّف السنّة أنها مبيّنة ومفسّرة للكتاب. وقد قسّم البعض ـ كابن حزم ـ الاخبار فيما ترتبط بالكتاب إلى قسمين، والبعض الاخر إلى ثلاثة(1) ، والفئة الثالثة إلى أربعة أقسام(2) . ____________ (1) راجع كتاب حجية السنة. (2) راجع كتاب «الفكر الاسلامي». الصفحة 28 وهؤلاء البعض ممّن قسّم الاخبار إلى ثلاثة أو أربعة أصناف، ذكروا أموراً في السنة ممّا لم تتبيَّن في القرآن، كتحريم نكاح العمة وخالة الزوجة وتحريم أكل لحم الحمر الاهلية وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ورجم المحصن وغير ذلك، إذ ذكر ابن حجر الكثير منها في بلوغ المرام، وذكر الشوكاني ذلك في نيل الاوطار. كما وأنّ تواجد مثل هذه الاخبار في السنة كان سبباً لظهور القول باستقلال السنة في التشريع وسبباً لنشوء الاراء والاقوال المختلقة، وعند تبنّيهم لهذه الاراء نجدهم لا يشترطون لزوم عدم مخالفة الاخبار للكتاب وترجيح الموافق منها فحسب، بل نجدهم يكفّرون من يقول بذلك، ويتبرّؤون منه. إنّ قوة الاستدلال والبرهنة عند مذهب الامامية على ضوء الكتاب والسنة، هو الذي نقب هذا البحث وأبداه محققاً ومهذباً، فأحال الامر وأرجعه إلى العلماء الاعلام وأولي الالباب، ليحكموا بأنفسهم ويبينوا مذهباً يمتاز بمستوى رفيع في تمسكه بالكتاب والسنة بين المذاهب الاسلامية عامة، وليبينوا ماهي نسبة الصدق في التمسك بالقرآن والسنة للذين يدعون ذلك ويتظاهرون به. |
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |