هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
متجر Trendol وجهتك المميزة للت... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 47 ]       »     الاجراء الأمثل في حال تعاطي أح... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 258 ]       »     فاتورة منصة عربية عندها أدوات ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 387 ]       »     دورة : تأثيرات السياحة على وقع... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 397 ]       »     دورة : التقنيات الجديدة لشحذ و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 472 ]       »     دورة : إدارة الموارد البشرية ل... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 411 ]       »     دورة : إدارة الموارد البشرية ل... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 404 ]       »     دورة : نظام إدارة سلامة الغذاء... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 408 ]       »     دورة : إدارة أنظمة الأمن الحدي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 402 ]       »     دورة : التحليل المالي والفني ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 408 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-23-2011, 11:56 PM
الفاروق الاعظم
مشرف عام
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5501 يوم
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي التبرّك بالصحابة والصالحين



--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 53
--------------------------------------------------------------------------------



التبرّك بالصحابة والصالحين

تبيّن ممّا سبق أن لا خلاف بين طوائف المسلمين في جواز التبرّك بالنبي(صلى الله عليه وآله) في حياته، وبآثاره بعد موته. وأن ما احتجّ به الشاذّون في ذلك مردود، يكذبه فعل الصحابة أنفسهم. إلاّ أنّ الخلاف هل هو في جواز التبرّك بغير النبي(صلى الله عليه وآله) من الصحابة والتابعين والصالحين أم لا؟

لقد جوّز بعض علماء المسلمين ذلك، بينما منعه آخرون، ومن المانعين له: الشاطبي، حيث يقول: الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلاة والسلام، لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة الى من خلفه، إذ لم يترك النبي(صلى الله عليه وآله) بعده في الاُمّة أفضل من أبي بكر الصديق، فهو كان خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر، وهو كان أفضل الاُمّة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذي لا أحد أفضل منهم في الاُمّة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أنّ متبرّكاً تبرّك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها، بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتّبعوا فيها النبي(صلى الله عليه وآله)، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء(1).


____________

1- الاعتصام: 2/8.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 54
--------------------------------------------------------------------------------

وقال أيضاً: لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرّك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة(1)...

ومن المانعين أيضاً ابن رجب، إذ قال: وكذلك التبرّك بالآثار، فإنّما كان يفعله الصحابة مع النبي(صلى الله عليه وآله)، ولم يكونوا يفعلونه مع بعضهم.. ولا يفعله التابعون مع الصحابة مع علوّ قدرهم، فدلّ على أن هذا لا يفعل إلاّ مع النبي(صلى الله عليه وآله)، مثل التبرّك بوضوئه وفضلاته وشعره، وشرب فضل شرابه وطعامه(2).

فأدلّة المانعين تقوم على أساس أن الصحابة لم يتبرّكوا ببعضهم، ولا يتبرّك التابعون بهم، فدلّ تركهم ذلك على عدم جوازه.

إلاّ أنّ الادّعاء بعدم تبرّك الصحابة ببعضهم، وكذلك بآل الرسول(صلى الله عليه وآله) غير صحيح، فهناك شواهد صحيحة على حدوث ذلك، وقد استند بعض كبار علماء المسلمين الى ذلك في تجويز التبرّك ليس بالصحابة والتابعين فحسب، بل بكل أهل الخير والصلاح.

ومن المجوزين القائلين بذلك، الإمام النووي الذي استند الى بعض الروايات الصحيحة في استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس واستسقاء بعض الصحابة ببعض من صالحيهم، قال:

ويستسقى بالخيار من أقرباء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لأن عمر استسقى

____________

1- الاعتصام: 2/10.

2- الحكم الجديرة بالاذاعة: 55.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 55
--------------------------------------------------------------------------------

بالعباس وقال: اللهم إنّا كنّا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنّا نتوسل بعم نبيّنا فاسقنا فيسقون.

ويستسقى بأهل الصلاح لما رُوي أن معاوية استسقى بيزيد ابن الأسود فقال: اللهم إنّا نستسقي بخيرنا وأفضلنا، اللّهم إنّا نستسقي بيزيد بن الأسود. يا يزيد ارفع يديك الى الله تعالى، فرفع يديه ورفع الناس أيديهم، فثارت سحابة من المغرب كأ نّها ترس، وهبّ لها ريح، فسقوا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم(1).

ولقد استدلّ ابن حجر العسقلاني بحادثة استسقاء عمر بالعباس على جواز التبرّك والاستشفاع ببعض الأخيار فقال:

ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوّة(2).

ومن أمثلة تبرّك الصحابة ببعضهم وتبرّك التابعين بهم:

1 ـ روى عبدالله بن مسعود أن عمر بن الخطاب خرج يستسقي بالعباس فقال: اللّهم إنا نتقرب إليك بعم نبيّك وقفية آبائه وكبر رجاله، فإنّك قلت وقولك الحق: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في

____________

1- المجموع شرح المهذب للإمام النووي: 5/68 كتاب الصلاة، باب صلاة الاستسقاء، وقال ابن حجر: أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه بسند صحيح، ورواه أبو القاسم الكلالكائي في السنّة في كرامات الأولياء.

2- فتح الباري: 2/399.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 56
--------------------------------------------------------------------------------

المدينة... الآية)، فحفظتهما لصلاح أبيهما، فاحفظ الله نبيّك بعمه فقد دلونا به إليك مستشفعين ومستغفرين... الحديث(1).

وفي لفظ: وروينا من وجوه عن عمر أنّه خرج يستسقي وخرج معه العباس فقال: اللّهم إنّا نتقرب إليك بعم نبيّك(صلى الله عليه وآله)ونستشفع به فاحفظ فيه لنبيّك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما وأتيناك مستغفرين ومستشفعين.

ثم أقبل على الناس فقال: استغفروا ربّكم انّه كان غفارا ـ الى أن قال ـ فنشأت طريرة من سحاب فقال الناس: ترون ترون! ثم تلاءمت واستتمت ومشت فيها ريح ثم هزت ودرّت، فوالله ما برحوا حتى اعقلوا الجدر وقلصوا المآزر وطفق الناس بالعباس يتمسحون أركانه ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين.

وفي لفظ ابن الأثير: ولما سقى الناس طفقوا يتمسحون بالعباس ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين، وكان الصحابة يعرفون للعباس فضله ويقدمونه ويشاورونه(2).

2 ـ الحسن البصري، حنّكه عمر بيده، وكانت اُمّه تخدم اُمّ سلمة زوج النبي(صلى الله عليه وآله) فربّما غابت فتعطيه اُمّ سلمة ثديها تعلله بها الى أن

____________

1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 7/274، شرح الخطبة 114، باب أخبار وأحاديث في الاستسقاء، اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: 338.

2- اُسد الغابة: 3/167، ترجمة عباس بن عبدالمطلب، رقم 2797.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 57
--------------------------------------------------------------------------------

تجيء اُمّه، فيدر عليه ثديها فيشربه، فكانوا يقولون فصاحته ببركة ذلك(1).

3 ـ قال السمهودي ـ عند ذكره لاسطوانة المحرس:

كان علي بن أبي طالب يجلس في صفحتها التي تلقي القبر ممّا يلي باب رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو مقابل الخوخة التي كان النبي(صلى الله عليه وآله)يخرج منها إذا كان في بيت عائشة الى الروضة للصلاة، وهي الاسطوان الذي يصلّي عندها أمير المدينة، يجعلها خلف ظهره، ولذا قال الأقشهري: إنّ اسطوان مصلّى علي(عليه السلام) اليوم أشهر من أن تخفى على أهل الحرم، ويقصد الاُمراء الجلوس والصلاة عندها الى اليوم، وذكر أنّه يقال لها: مجلس القادة، لشرف من كان يجلس فيه(2).

ونقل عن مسلم بن أبي مريم وغيره، أنّه كان باب بيت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المربعة التي في القبر. قال سليمان: قال لي مسلم: لا تنس حظّك من الصلاة إليها فإنّها باب فاطمةرضي الله عنها الذي كان علي يدخل عليها منه(3).

وفي حديثه عن اسطوان التهجد قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يخرج

____________

1- صفة الصفوة: 3/47.

2- وفاء الوفا: 2/448.

3- المصدر السابق: 2/450.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 58
--------------------------------------------------------------------------------

حصيراً كل ليلة إذا انكفت الناس فيطرح وراء بيت علي ثم يصلّي صلاة الليل...

وحدثني سعيد بن عبدالله بن فضيل قال: مرّ بي محمد بن الحنفية وأنا اُصلي إليها فقال لي: أراك تلزم هذه الاسطوانة، هل جاءك فيه أثر؟ قلت: لا، قال: فالزمها فإنّها كانت مصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله)من الليل...

قال ابن النجار: فعلى هذا جميع سواري مسجد النبي(صلى الله عليه وآله)يستحب الصلاة عندها لأنه لا يخلو أن كبار الصحابة صلّوا إليها(1).

4 ـ لما خطب عمر بن الخطاب اُم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)ـ على ما رُوي عن بعضهم ـ قال: إني اُحب أن يكون عندي عضو من أعضاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)(2).

5 ـ لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة، مرّ بابن مطيع وهو يحفر بئره، فقال له:

أين فداك أبي واُمي؟! قال: أردت مكة ـ وذكر أنه كتب إليه شيعته بالكوفة ـ، فقال له ابن مطيع: فداك أبي واُمي، متّعنا بنفسك ولا تسرِ إليهم. فأبى الحسين. فقال له ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو

____________

1- وفاء الوفا: /452.

2- ذخائر العقبى: 169، الفصل الثامن في ذكر اُمّ كلثوم بنت فاطمة وعلي(عليهما السلام).


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 59
--------------------------------------------------------------------------------

دعوت الله لنا بالبركة. قال: هات من مائها، فأتى من مائها فشرب منه ثم مضمض ثم ردّه في البئر فاعذب وأمهى(1).

6 ـ لما بلغ الرضا ـ علي بن موسى(عليه السلام) ـ نيسابور، واجتمع الناس حول دابته، أخرج رأسه من المحمل وشاهده الناس، فهم بين صارخ وباك وممزق ثوبه ومتمرغ في التراب ومقبّل لحافر بغلته أو مقبّل حزام بغلته(2)...

بل إنّ النبي(صلى الله عليه وآله) قد تبرّك بوضوء المسلمين، كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة:

فعن ابن عمر، قال: قلت يا رسول الله، أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك، أم من المطاهر؟ قال: "لا، بل من المطاهر، إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يبعث الى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه، يرجو بركة أيدي المسلمين(3).

هذه إذاً بعض الأخبار التي تثبت أن الصحابة والتابعين ـ من أهل القرون الثلاثة الاُولى ـ كانوا يتبرّكون ببعضهم البعض، خلافاً لما

____________

1- الطبقات الكبرى: 5/107.

2- الصواعق المحرقة: 310، الفصل الثالث في الأحاديث الواردة في بغض أهل البيت(عليهم السلام)، نور الأبصار للشبلنجي: 168، فصل في مناقب سيد علي الرضا بن موسى الكاظم.

3- مجمع الزوائد: 1/214، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثّقون، كنز العمال: 7/112، ح 18231.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 60
--------------------------------------------------------------------------------

يدّعيه البعض من أمثال الجديع، إذ يقول:

الحق أنّه لم يؤثر عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنّه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم، سواء بذواتهم أو بآثارهم، أو أرشد الى شيء من ذلك، وكذا فلم ينقل حصول هذا النوع من التبرّك من قبل الصحابة رضي الله عنهم بغيره(صلى الله عليه وآله)، لا في حياته ولا بعد مماته...(1).

وقال في تعليل ذلك: إن السبب الرئيسي في ترك الصحابة رضي الله عنهم ذلك التبرّك مع بعضهم ـ والله أعلم ـ هو اعتقاد اختصاص الرسول(صلى الله عليه وآله) به دون سواه ما عدا سائر الأنبياء...

وقال نقلاً عن الشاطبي: فعلى هذا المأخذ، لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرّك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة(2).

أقول: بعد أن أثبتنا تبرّك الصحابة والتابعين ببعضهم وبالصالحين من الاُمّة، فإن عدم أمر النبي(صلى الله عليه وآله)بالتبرّك بغيره، يقابله أيضاً عدم نهيه عن ذلك، فلو كان الأمر بهذه الدرجة من الخطورة على عقائد المسلمين لما أغفل النبي(صلى الله عليه وآله) هذا الأمر ولكان نهى عنه بكل شدّة. وذلك بيّن في قول النبي(صلى الله عليه وآله)عن عمرو بن العاص، أن

____________

1- التبرّك أنواعه وأحكامه: 261.

2- المصدر السابق: 264 نقلاً عن الاعتصام: 2/9.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 61
--------------------------------------------------------------------------------

النبي(صلى الله عليه وآله)قال: "إنّه لم يكن نبي قبلي إلاّ كان حقاً عليه أن يدل اُمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم..."(1).

فهل يناقض النبي(صلى الله عليه وآله) ـ حاشاه ـ نفسه ويخفي هذا الأمر الذي فيه فساد الاُمّة دون أن يبيّنه لهم!

أما إنّه لا يجوز الاقتداء بغيره في التبرّك قياساً على عدم جواز الزيادة على أربع نسوة فالقياس باطل ـ لما تقدم ـ فالنبي(صلى الله عليه وآله)قد أعلم اُمّته الحكم الشرعي في ذلك، فليس هناك مسلم على وجه الأرض ـ منذ زمن النبي والى اليوم ـ إلاّ وهو يعلم حرمة ذلك لغيره(صلى الله عليه وآله)، وهذا أكبر دليل على صحة ما نقول، وتهافت استدلال الشاطبي، فلو كان التبرّك بغير النبي(صلى الله عليه وآله) محرّماً لبيّنه لاُمّته كما بيّن حرمة الزيادة في التزوج على أربع نسوة.

ومن الحجج الاُخرى المتهافتة التي يحتجّ بها الجديع على عدم جواز التبرّك بغير النبي(صلى الله عليه وآله)إدعاؤه بأن ذلك لسد ذريعة الشرك، لأن جواز التبرك بآثار الصالحين يفضي الى الغلو فيهم وعبادتهم من دون الله، فوجب المنع من ذلك.. وهكذا تبيّن لنا عدم جواز قياس الصالحين على النبي(صلى الله عليه وآله). وعليه فلا يجوز التبرّك بذوات الصالحين أو بآثارهم فضلاً عن غيرهم، وأن تعظيم الشيء والتبرّك به لا يجوز

____________

1- صحيح مسلم: 3/1472 كتاب الامارة، باب وجوب الوفا ببيعة الخلفاء الأوّل فالأوّل.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 62
--------------------------------------------------------------------------------

إلا بدليل شرعي(1).

أقول: أثبتنا أنه لا ينبغي أن يترك النبي(صلى الله عليه وآله) اُمّته دون أن ينبههم الى خطورة هذا الأمر، لأنه بذلك يكون قد قصّر في أداء رسالته وترك اُمّته تتردى في مهاوي الضلال، وتكون الاُمّة ـ على مرّ الأزمنة السابقة ـ قد وقعت في الشرك، وهو أمر لا يجوز عقلاً ولا شرعاً، وكيف يستقيم ذلك مع قوله(صلى الله عليه وآله): "تركتكم على الواضحة"!


____________

1- التبرّك أنواعه وأحكامه: 268.




رد مع اقتباس
قديم 01-23-2011, 11:57 PM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي التبرّك بقبور الصالحين وآثارهم



--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 63
--------------------------------------------------------------------------------



التبرّك بقبور الصالحين وآثارهم

لم يقتصر عمل المسلمين على التبرّك بقبر النبي(صلى الله عليه وآله)وآثاره من بعد موته، بل كان ديدنهم هو التبرّك بقبور الصحابة والتابعين وصلحاء الاُمّة وآثارهم، والاستشفاء والاستسقاء بها أيضاً، ومن ذلك:


1 ـ بلال الحبشي:

مؤذن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قبره بدمشق، وفي رأس القبر المبارك تاريخ باسمه(رضي الله عنه)، والدعاء في هذا الموضع المبارك مستجاب، وقد جرّب ذلك كثير من الأولياء وأهل الخير المتبركين بزيارتهم(1).


2 ـ أبو أيوب الأنصاري:

قال الحاكم: يتعاهدون قبره ويزورونه ويستسقون به إذا قحطوا(2).


3 ـ صهيب الرومي:

قال السمهودي: إنهم جربوا تراب قبر صهيب للحمى.


4 ـ حمزة بن عبدالمطلب:

نقل السمهودي قول الزركشي: ثمّ استثني في عدم جواز حمل تراب المدينة الى غيرها ـ لكونها حرماً ـ تربة حمزة (رضي الله عنه)، لاطباق

____________

1- رحلة ابن جبير: 251.

2- المستدرك: 3/518، وابن الجوزي في صفة الصفوة: 1/407.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 64
--------------------------------------------------------------------------------

الناس على نقلها للتداوي.

ثم قال: حكى البرهان بن فرحون عن الإمام العالم أبي محمد عبدالسلام بن إبراهيم بن مصال الحاحاني قال: نقلت من كتاب الشيخ العالم أبي محمد صالح الهرمزي قال: قال صالح بن عبدالحليم: سمعت عبدالسلام بن يزيد الصنهاجي يقول: سألت ابن بكون عن تراب المقابر الذي كان الناس يحملونه للتبرّك، هل يجوز أو يمنع؟ فقال: هو جائز، ومازال الناس يتبرّكون بقبور العلماء والشهداء والصالحين، وكان الناس يحملون تراب قبر سيدنا حمزة بن عبدالمطلب في القديم من الزمان(1).


5 ـ الحسين بن عليّ(عليه السلام):

عقد الشبراوي باباً كبيراً في مشهد رأس الحسين بن علي(عليهما السلام)، وذكر فيه زيارته وشطراً من الكرامات له وإحياء يوم الثلاثاء بزيارته، قال:

والبركات في هذا المشهد مشاهدة مرئية، والنفحات العائدة على زائريه غير خفية، وهي بصحة الدعوى ملية والأعمال بالنية، ولأبي الخطاب بن دحية في ذلك جزء لطيف مؤلف، واستفتي القاضي زكي الدين عبدالعظيم في ذلك، فقال: هذا مكان شريف وبركته ظاهرة والاعتقاد فيه خير، والسلام.


____________

1- وفاء الوفا: 1/69.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 65
--------------------------------------------------------------------------------

وما أجدر هذا المشهد الشريف والضريح الأنور المنيف بقول القائل:


نفسي الفداء لمشهد أسراره من دونها ستر النبوة مسبكُ
ورواق عزّ فيه أشرف بقعة ظلّت تحار لها العقول وتذهلُ
تفضي لجبهته النواظر هيبة ويرد عنه طرفه المتأمل
حسدت مكانته النجوم فودّ لو أمسى يجاوره السماك الأعزل
وسما علوّاً أن تقبّلَ تربَهُ شفةٌ فأضحى بالجباه يقبّل



5 ـ عمر بن عبدالعزيز، الخليفة الاُموي ـ المتوفّى سنة 101 هـ ـ:

قال الذهبي: قبره بدير سمعان يُزار(1).


6 ـ عليّ بن موسى الرّضا(عليهما السلام):

قال أبو بكر محمد بن المؤمل: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي، مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافدون الى زيارة علي بن موسى الرضا بطوس. قال: فرأيت من تعظيمه ـ يعني ابن خزيمة ـ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحيّرنا(2).

كما وأخرج الخطيب البغدادي باسناده عن أحمد بن جعفر ابن حمدان القطيعي قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال

____________

1- تذكرة الحفّاظ: 1/121.

2- تهذيب التهذيب: 7/339.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 66
--------------------------------------------------------------------------------

شيخ الحنابلة في عصره يقول: ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلاّ سهّل الله تعالى لي ما أحب!(1).

7 ـ قال العلاّمة أحمد بن محمد المقري المالكي ـ المتوفّى سنة 1041 هـ ـ في فتح المتعال بصفة النعال، نقلاً عن ولي الدين العراقي، قال: أخبر الحافظ أبو سعيد بن العلا، قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر(2). وغيره من الحفّاظ: أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي(صلى الله عليه وآله) وتقبيل منبره، فقال:

لا بأس بذلك!

قال: فأرينا التقي ابن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت من أحمد عندي جليل! هذا كلامه أو معنى كلامه. وقال: وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنّه غسل قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به(3).

وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فما بالك بمقادير الصحابة! وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وما أحسن

____________

1- تاريخ بغداد: 1/120.

2- هو الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل البغدادي ـ المتوفى سنة 505 هـ ـ قال: ابن الجوزي في المنتظم: 18/103 رقم 4201: كان حافظاً متقناً ثقة لا مغمز فيه.

3- مناقب أحمد لابن الجوزي: 609، البداية والنهاية لابن كثير: 10/365 حوادث سنة 241 هـ.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 67
--------------------------------------------------------------------------------

قول مجنون ليلى:


أمرُّ على الديار ديار ليلى اُقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديار(1)

قال القاضي عياض المالكي في الشفا: وجدير بمواطن عمّرت بالوحي والتنزيل وتردد بها جبرئيل وميكائيل، وعرجت منها الملائكة والروح، وضجّت عرصاتها بالتقديس والتسبيح، واشتملت تربتها على جسد سيد البشر، وانتشر عنها من دين الله وسنّة نبيّه ما انتشر، مدارس وآيات ومساجد وصلوات ومشاهد الفضائل والخيرات ومعاهد البراهين والمعجزات، ومناسك الدين ومشاعر المسلمين، ومواقف سيد المرسلين ومتبوّأ خاتم النبيّين، حيث انفجرت النبوّة، واين فاض عبابها، ومواطن مهبط الرسالة، وأوّل أرض مسّ جلد المصطفى ترابها، أن تعظم عرصاتها وتنسّم نفحاتها وتقبّل ربوعها وجدرانها(2)...

فهذه هي سيرة المسلمين خلفاً عن سلف، وهذه مواقف شيخ الحنابلة الذي يدّعي ابن تيمية وأتباعه أنهم تلاميذه في التبرّك بآثار الصالحين والأولياء، وليس لهم من حجة يحتجّون بها، سوى أن

____________

1- فتح المتعال: 329.

2- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى: 2/131.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 68
--------------------------------------------------------------------------------

ذلك التبرّك ربّما يقود الى الشرك وتأليه الشخص المتبرّك به!


 

رد مع اقتباس
قديم 01-23-2011, 11:58 PM   #3
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي التمسّح بالمتبرّك به



التمسّح بالمتبرّك به

أود أخيراً أن اختتم هذا البحث بالإشارة الى موضوع يثير حوله البعض إشكالات يستهدفون بها تضليل المسلمين وحرفهم عن جادة الصواب بإثارة الشكوك في أنفسهم بغية التمكّن من التلاعب بعقائدهم وسوقهم الى مقالاتهم التي ظاهرها برّاقة وباطنها جوفاء لا تقنع إنساناً له مسكة من عقل، ألا وهو موضوع المسح والتمسّح بالأشخاص والأشياء المتبرّك بهم.

قال العلياني ـ بعد أن ساق الكلام في فضل بعض الأمكنة:

فمن سكن في مكة أو المدينة أو الشام ملتمساً لبركات الله عزّ وجلّ في تلك البقاع سواء من زيادة أرزاقها أو دفع الفتن عنها، فقد وفق الى خير كثير، أما لو تعدى العبد في طلب التبرّك كأن يتمسح بترابها وأحجارها وأشجارها، وكأن يضع تربتها في الماء للاستشفاء بها ونحو ذلك فإنّه مأزور غير مأجور، لأنه سلك في التبرّك مسلكاً لم يفعله رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم يفعله الرعيل الأوّل(1)...

وقال:وقد كان السلف الصالح ينهون عن تعظيمهم غاية النهي، كأنس والثوري وأحمد، وكان أحمد يقول: من أنا حتى تجيئون

____________

1- التبرّك المشروع: 42.




.................................................. .................................


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 69
--------------------------------------------------------------------------------

إليّ! اذهبوا اكتبوا الحديث. وكان إذا سئل عن شيء يقول: سلوا العلماء! وإذا سئل عن شيء من الورع يقول: أنا لا يحل لي أن أتكلم في الورع، لوكان بشر حياً تكلّم في هذا.

وسئل مرّة عن الاخلاص فقال: إذهب الى الزهّاد، أي شيء نحن حتى تجيء إلينا؟

وجاء إليه رجل فمسح يده على ثيابه ومسح بهما وجهه، فغضب الإمام أحمد وأنكر ذلك أشد الإنكار، وقال: عمّن أخذتم هذا الأمر(1).

وهنا، أولاً: إن العلياني يفهم الاُمور على غير وجهها، لأن عمل اُولئك الأئمة وإنكارهم تبرّك الناس بهم، لم يكن من باب إنكار التبرك نفسه، بل كان من باب التواضع ـ الذي هو دأب العلماء والصالحين ـ والإمام أحمد لم يتّهم الشخص الذي تبرّك به ـ كما يفعل الذين يدّعون أ نّهم يأتمّون بهذا الإمام في تكفير المسلمين واتّهامهم بالشرك ـ لأن هؤلاء العلماء كانوا يعلمون جيداً بأن ذلك ليس من الشرك والضلال، بدليل أ نّهم هم أنفسهم كانوا يتبرّكون بغيرهم من العلماء والأئمة الصالحين، بل وحتى التبرّك بقبورهم. كما مرّ بنا في المبحث السابق وفيهم أئمة أهل الحديث.


____________

1- التبرّك المشروع: 86.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 70
--------------------------------------------------------------------------------

ولا ندري بأي دليل يحتج هؤلاء الجهّال على عدم مشروعية التمسح بالمتبرّك به؟ فليس لديهم من حديث ولا أثر يركن إليه ليثبت صحة دعواهم الفارغة، بينما تدلّ كل الآثار على خطل آرائهم.

لقد مرّ بنا فيما سبق أن الصحابة كانوا يمسكون رمانة منبر النبي(صلى الله عليه وآله) بميامنهم ثم يدعون، وأن ابن عمر الصحابي كان يمسح بيده على مكان جلوس النبي(صلى الله عليه وآله) من المنبر ثم يمسح بها وجهه، ومرّ بنا أيضاً أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يمسح على رؤوس أو أجسام الأشخاص ويدعو لهم، مما يدل على خصوصية في المسح، لأن دعاء النبي(صلى الله عليه وآله) يكفي للإجابة، والروايات التي جاءت تتضمن هذا المعنى كثيرة جداً، نكتفي بالإشارة هنا الى بعضها من أجل بيان وجه ذلك العمل وأهميته، وأعني المسح.

فعن عائشة: أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يعوّذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللّهم رب الناس، اذهب البأس، اشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلاّ شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً..."(1).

وعنها أيضاً: أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يقول للمريض: "بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربّنا"(2).


____________

1- صحيح البخاري: 7/172.

2- المصدر السابق.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 71
--------------------------------------------------------------------------------

وقال السمهودي: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح، قال باصبعه هكذا، ووضع سبابته بالأرض ثم رفعها وقال:"بسم الله، تربة أرضنا بريق بعضنا يشفي سقيمنا بإذن الله"(1).

عن أبي حازم، أ نّه قال: أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال يوم الخيبر: "لاُعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أ يّهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّهم يرجو أن يعطاها، قال فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقال: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فارسلوا إليه، فاُتي به فبصق رسول الله(صلى الله عليه وآله) في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأنّ لم يكن به وجع فأعطاه الراية..."(2).

إن هذا يوضح بعض الاُمور، منها: أن النبي(صلى الله عليه وآله) لم يكن يكتفي بالدعاء بل كان يمسح على العضو المريض أيضاً إذا كان للاستشفاء ويمسح على الرأس إذا كان للبركة، فلابد إذاً من خصوصية للمسح.


____________

1- وفاء الوفا: 1/69.

2- مسند أحمد: 5/333، صحيح البخاري: 4/30 و 207، مجمع الزوائع: 6/150، باب غزوة خيبر، كتاب السنة لأبي عاصم: 594، السنن الكبرى للنسائي: 5/46 و 108، كتاب المناقب، فضائل علي بن أبي طالب، مسند أبي يعلى: 1/291، المعجم الكبير للطبراني: 6/152.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 72
--------------------------------------------------------------------------------

ومنها أيضاً: إننا وجدنا في الروايات المتقدمة أن النبي(صلى الله عليه وآله)كان يدعو للاستشفاء بالتربة، وفي الأخبار هذه ما يدل أيضاً على أمره بخلط التربة بالريق أيضاً لكي تتحقق البركة والشفاء بإذن الله، ممّا يدل على خصوصية معينة لتربة المدينة المنوّرة في جعلها سبباً للشفاء بإذن الله لما فيها من البركة التي اختصّها الله بها، والآثار النبوية في ذلك كثيرة نذكر منها قوله(صلى الله عليه وآله):

1 ـ "غبار المدينة شفاء من الجذام"(1).

2 ـ "غبار المدينة يبرئ الجذام".

3 ـ "غبار المدينة يطفئ الجذام".

4 ـ "إنّ في غبارها شفاء من كل داء".

5 ـ "والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة وإنّها شفاء من الجذام"(2).

أفلا يدلّ ذلك على خصوصية أودعها الله تعالى في بعض الأماكن حتى صارت تربتها وغبارها شفاء من الأسقام المستعصية بإذن الله، وإذا كان خلط هذه التربة بالريق والاستشفاء بها من أمر النبي(صلى الله عليه وآله)، فكيف لا يجوز التبرّك بهذه التربة الشريفة إذاً، وماهي خصوصية الحجر الأسود، وبعض أركان الكعبة، حتى يتهافت المسلمون بالملايين على لمسها اقتداء

____________

1- كنز العمال: 13/205، وفاء الوفا: 1/67.

2- كنز العمال: 13/205، وفاء الوفاء: 1/67.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 73
--------------------------------------------------------------------------------

بالنبي الكريم(صلى الله عليه وآله)، أوَ لا يكفي زيارة البيت دون لمس شيء منه إن كان ادعاء هؤلاء صحيحاً؟!

أوَليس معنى كل هذا أن لبعض الأماكن قدسية خاصة أودعها الله فيها، وأن البركة في تربتها وغبارها، فَلِمَ لا يجوز التمسّح بها وتقبيلها طلباً للبركة إذاً؟!

فيتبيّن من كل ذلك أن التبرك أمر قد أقرّه الشارع العظيم، وعمل به الأنبياء(عليهم السلام) ومنهم نبيّنا عليه وعلى آله الصلاة والسلام، ولم يأتنا أثر يثبت أن الله سبحانه وتعالى أو نبيّه(صلى الله عليه وآله) قد نهيا عن شيء من ذلك قط، فالمسلمون إذاً ظلّت سيرتهم منذ عهد النبي(صلى الله عليه وآله)على التبرّك به حياً، وبآثاره ميتاً، وتبرّك الصحابة بعضهم ببعض، وصلّوا في الأماكن التي صلّى فيها النبي(صلى الله عليه وآله) طلباً لبركتها، وظلّ ذلك دأب المسلمين جيلاً بعد جيل، يتلقون فيوضات البركات الإلهية دون أن يخامر عقائدهم شرك ولا ضلال، ودون أن يعمد أحدهم الى تأليه شخص أو شيء متبرّك به، بل ظلّوا على مرّ القرون موحدين لله سبحانه وتعالى، معتقدين بأنه وحده القادر على كل شيء، وعلى إنزال البركات، وأنّ تبرّكهم بمخلوقاته ليس إلاّ من باب الحب لله والحب لمن يحبّهم ويحبّونه، ولا شيء غير ذلك ممّا يدّعيه الجهّال.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 11:48 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية