![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#1
|
|||||||
|
|||||||
![]()
حوار مع فضل الله حول الزهراء (س)
- السيد هاشم الهاشمي - ص 73 - 76 جواب شبهة : وتبقى هناك شبهة قد يطرحها البعض من السنة والشيعة ، وهي أن القول بتفضيل فاطمة عليها السلام على نساء العالمين بما في ذلك مريم يتنافى مع ظهور وشمول قوله تعالى : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) ( 2 ) ، فالآية لها شمول لجميع النساء في جميع الأزمنة ، وبذلك تسقط الروايات الدالة على تقدم فاطمة الزهراء عليها السلام في الفضل على مريم عليها السلام عن الاعتبار . وقد يحلو للبعض أن يضيف لذلك أن كل ما جاء من حديث مخالف للكتاب فيجب أن يضرب بعرض الحائط . والجواب عن هذه الشبهة هو أن من المسلم أن الآيات القرآنية قابلة للتخصيص والتقييد سواء بالقرآن أو بالسنة ، ومن المسلم أيضا أن ما دل من الأحاديث القطعية على أن فاطمة عليها السلام هي سيدة نساء العالمين يعارض شمول الآية وظهورها ، ولكن الأحاديث التي تدل على أن فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وأن مريم عليها السلام هي سيدة نساء عالمها تصلح لتقييد شمول الآية وبالتالي ارتفاع التعارض الموهوم . أقوال المفسرين في دفع الشبهة : ويدعم هذا الرأي مجموعة من الأحاديث مر بعضها ويأتي غيرها - بإذن الله - ، وكذلك أقوال العديد من المفسرين من الفريقين حول الآية المذكورة مع مقارنته بما قالوه في مواضع أخرى من تفسيرهم للقرآن الكريم . قال القرطبي في تفسير قوله : ( واصطفاك على نساء العالمين ) : ( يعني عالمي زمانها ، عن الحسن وابن جريح وغيرهما ، وقيل : على نساء العالمين أجمع إلى يوم الصور ، وهو الصحيح على ما نبينه ، وهو قول الزجاج وغيره ) ( 3 ) . أما ابن كثير فقد أورد المعنى السابق على نحو الاحتمال ، فقال في تفسير نفس الآية : ( يحتمل أن يكون المراد من عالمي زمانها ، كقوله لموسى : ( إني اصطفيتك على الناس ) ( 4 ) ، وكقوله عن بني إسرائيل : ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) ( 5 ) ، ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام أفضل من موسى ، وأن محمدا صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ‹ صفحة 74 › أفضل منهما ، وكذلك هذه الأمة أفضل من سائر الأمم قبلها وأكثرها عددا وأفضل علما وأزكى عملا من بني إسرائيل وغيرهم . ويحتمل أن يكون قوله : ( واصطفاك على نساء العالمين ) محفوظ العموم فتكون أفضل نساء الدنيا . . . ) ( 1 ) . أما الزمخشري فقد ذهب إلى رأي آخر حول المقصود من كلمة العالمين ، إذ قال في تفسير قوله تعالى : ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ) : ( أي اذكروا نعمتي وتفضيلي على العالمين ، على الجم الغفير من الناس كقوله تعالى : ( باركنا فيها للعالمين ) ، يقال : رأيت عالما من الناس ، يراد الكثرة ) ( 2 ) . وقال الشيخ الطوسي : وقوله : ( اصطفاك على نساء العالمين ) يحتمل وجهين : قال : الحسن وابن جريح : على عالمي زمانها ، وهو قول أبي ج عفر عليه السلام . . . ، الثاني : ما قاله الزجاج واختاره الجبائي إن معناه اختارك على نساء العالمين بحال جليلة من ولادة المسيح عيسى عليه السلام ) ( 3 ) . وحول الوجه الثاني الذي اختاره الجبائي قال ابن كثير : ( يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها من بين سائر نساء عالمي زمانها ، واختارها لايجاد ولد منها من غير أب وبشرت بأن يكون نبيا شريفا . . . ) ( 4 ) . وقال الفيض الكاشاني : ( كلموها شفاها لأنها كانت محدثة تحدثهم ويحدثونها قبل الاصطفاء الأول ، تقبلها من أمها ولم تقبل قبلها أنثى ، وتفريغها للعبادة وإغناؤها برزق عن الكسب وتطهيرها عما يستقذر من النساء ، والثاني هدايتها وإرسال الملائكة إليها وتخصيصها بالكرامات السنية كالولد من غير أب وتبرئتها عما قذفته اليهود بإنطاق الطفل وجعلها وابنها آية للعالمين ) ( 5 ) . وقال الشيخ محمد جواد البلاغي : ( قد ذكرنا معنى الاصطفاء وأن جهة الاصطفاء تعرف وتؤخذ من قرائن المقام ، فالمعنى إذن اصطفاك بأن تقبلك وقبلك من نذر أمك في تحريرك لله . . . ( واصطفاك على نساء العالمين ) وقدمك عليهن بالولادة من غير فحل ، هذا غاية ما يدل عليه المقام والقرائن من وجهتي الاصطفاءين ، وقد كرر ذكر الاصطفاء لأجل اختلاف الوجهة فيه . وليس في اللفظ وقرائن المقام دلالة على سيادتها على نساء العالمين . نعم ثبت لها السيادة على نساء عالمها من السنة ، واستفاض بل تواتر من حديث الفريقين عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أن فاطمة بنته عليها السلام سيدة نساء العالمين ، وسيدة نساء أهل الجنة ) ( 6 ) ‹ صفحة 75 › وقال العلامة الطباطبائي : ( قد تقدم في قوله تعالى : ( إن الله اصطفى ) إلى قوله ( على العالمين ) أن الاصطفاء المتعدي بعلى يفيد معنى التقدم ، وأنه غير الاصطفاء المطلق الذي يفيد التسليم ، وعلى هذا فاصطفاؤها على نساء العالمين تقديم لها عليهن . وهل هذا التقديم من جميع الجهات أو بعضها ؟ ظاهر قوله تعالى فيما بعد الآية ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك ) الآية ، وقوله تعالى ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ) ( 1 ) ، وقوله تعالى ( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا * وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) ( 2 ) ، حيث لم تشتمل ما تختص بها من بين النساء إلا على شأنها العجيب في ولادة المسيح عليه السلام أن هذا هو وجه اصطفائها وتقديمها على النساء من العالمين ) ( 3 ) . أقول : ويدل على ما ذهب إليه العلامة الطباطبائي من أن اصطفاء مريم على باقي النساء إنما كان للجهة التي ذكرها لا من جميع الجهات ما رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره بسند صحيح عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( . . . ، وقوله ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) ، قال عليه السلام : اصطفاها مرتين ، أما الأولى أي اختارها ، وأما الثانية فإنها حملت من غير فحل فاصطفاها بذلك على نساء العالمين ) ( 4 ) . فالرواية صريحة في أن اصطفاء مريم على نساء العالمين إنما كان من جهة الحمل من غير فحل ، ولم يكن اصطفاء مطلقا ، ويؤيده أيضا ما جاء في تحف العقول عما رواه عن الامام الكاظم عليه السلام في حوار بينه وبين هارون الرشيد ( 5 ) . خلاصة الجواب عن الشبهة : وبناء على ما نقلناه من أقوال المفسرين فإنه يمكن الجواب عن الشبهة بأحد الوجوه التالية : الأول : إن المراد من العالمين هو الجم الغفير من الناس لا كلهم كما ذكرناه الزمخشري ، فيرتفع التعارض ، إذ لا منافاة بين سيادة مريم على كثير من النساء وهم من يكونون في زمن حياتها وبين سيادة الزهراء على النساء اللائي لم يعشن زمن مريم عليها السلام ، بل وحتى اللائي عشن زمن مريم مع تعميم زمان السيادة أيضا . الثاني : إن تقدم مريم عليها السلام على بقية النساء في العالم كان من جهة الشأن العجيب في ولادة المسيح عليه السلام كما ذهب إليه الجبائي والعلامة الطباطبائي وفيه رواية صحيحة في تفسير القمي . ‹ صفحة 76 › الثالث : تحديد النساء اللاتي فضلت مريم عليها السلام عليهن بنساء زمانها ، وتفضيل الزهراء عليها السلام على نساء جميع الأزمنة بما في ذلك النساء في زمن مريم عليها السلام وبمريم أيضا ، وقد نطقت بهذا مجموعة من الروايات مر بعضها في روايات أهل السنة ، وهي كثيرة في روايات الشيعة وسيأتي التعرض لها . وليس في هذا الوجه الأخير أي غرابة فقد استخدمه المفسرون من السنة والشيعة في مواضع أخرى من القرآن الكريم ، كما في قوله تعالى : ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ) ( 1 ) . قال الشيخ الطوسي : ( قال أكثر المفسرين : أنه أراد الخصوص ، ومعناه عالمي زمانهم ، ذهب إليه قتادة والحسن وأبو الغالية ومجاهد وغيرهم ، وقال بعضهم : إذا قلت : فضل زيد على عمرو في الشجاعة لم يدل على أنه أفضل منه على الاطلاق ولا في جميع الخصال ، فعلى هذا يكون التخصيص في التفضيل لا في العالمين ، وأمة نبينا محمد صلى الله عليه وآله أفضل من أولئك بقوله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) وعليه إجماع الأمة ، لأنهم أجمعوا على أن أمة محمد صلى الله عليه وآله أفضل من سائر الأمم ، كما أن محمدا صلى الله عليه وآله أفضل الأنبياء من ولد آدم ) ( 2 ) . وقد مر علينا تفسير القرطبي لكلمة العالمين في هذه الآية بالجم الغفير من الناس . ولكن القرطبي الذي ذهب إلى تفضيل مريم عليها السلام من آية الاصطفاء تناسى أنه قال قبلها في هذه الآية : ( يريد عالمي زمانها ، وأهل كل زمان عالم ) ( 3 ) . وليس هذا عنه ببعيد ، إذ لم تكن المرة الأولى التي يتناقض في كلامه ، ( وعادت لعترها لميس ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 73 › ( 1 ) مجمع الزوائد : ج 9 ، ص 201 . ( 2 ) الآية 42 من سورة آل عمران . ( 3 ) الجامع لاحكام القرآن : ج 4 ، ص 82 . ( 4 ) الآية 144 من سورة الأعراف . ( 5 ) الآية 32 من سورة الدخان . ‹ هامش ص 74 › ( 1 ) قصص الأنبياء : ص 359 ، ولكن يشم من بعض عباراته أنه يميل إلى أن تفضيلها مخصوص بنساء عالمي زمانها ، كما في ص 365 من قصص الأنبياء . ( 2 ) الكشاف : ج 1 ، ص 278 . ( 3 ) تفسير التبيان : ج 2 ص 456 . ( 4 ) قصص الأنبياء ، ص 358 . ( 5 ) تفسير الصافي : ج 1 ، ص 311 . ( 6 ) آلاء الرحمن في تفسير القرآن : ج 1 ص 283 . ‹ هامش ص 75 › ( 1 ) الآية 91 من سورة الأنبياء . ( 2 ) الآية 12 من سورة التحريم . ( 3 ) تفسير الميزان : ج 3 ، ص 189 . ( 4 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 101 - 102 ، ويشهد له أيضا ما جاء في البحار : ج 10 ، ص 242 . ( 5 ) تحف العقول : ص 299 ، عنه البحار : ج 10 ، ص 242 . ‹ هامش ص 76 › ( 1 ) الآيتان 47 و 122 من سورة البقرة . ( 2 ) تفسير التبيان : ج 1 ، ص 210 . ( 3 ) الجامع لاحكام القرآن : ج 1 ، ص 376 . ( 4 ) الأمالي : ص 633 ، المجلس 31 ، ح 1305 ، ط دار الثقافة . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |