هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : مهارات العرض والإلقاء ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 2 ]       »     دورة : الأدوات الحديثة في تنظي... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 4 ]       »     دورة : التخطيط والإشراف على بر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 27 ]       »     دورة : المعايير الحديثة لنظم ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 29 ]       »     دورة : المعايير الحديثة لنظم ا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 23 ]       »     المحامية رباب المعبي : حكم لصا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 95 ]       »     المحامية رباب المعبي تحصل على ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 242 ]       »     تطبيق طبيب استشاري الأسرة [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 298 ]       »     محكمة الاستئناف بالرياض تُلزم ... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 388 ]       »     دورة : أفضل الممارسات في استخد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 564 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-17-2015, 12:51 PM
الرحيق المختوم
موالي فعال
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل : Jan 2015
 فترة الأقامة : 3751 يوم
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي



[justify]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ محمد العبدالله مشاهدة المشاركة
ولكن ماذا ستفعل اذا كانت بعض التكاليف خفية المصالح والمفاسد بحيث ان الله لم يطلعنا على الحكمة منها ؟
ومما ينبغي ان تنتبه له
ان حقيقة العبودية لله هي في الانقياد لامره لا للمصلحة الناتجة عن الافعال والا فسيصبح كل واحد فينا هذا يصوم للصحة وذاك يصلي لعلاج الفقرات وهذه تتحجب للمصلحة النفسية
وبهذا تفقد التكاليف بعدها العبادي
ولهذا لا غنى لنا عن تنمية الدوافع الدينية وراء الاوامر والاحكام بمعزل عن عالم المصالح والمفاسد وراي العقل من هذه الناحية
ودعواك خطيرة جدا باثارها بخطورة ما تدعو اليه
وهذا ليس رفضا مني لحكم العقل كيف وبه عبدنا الله
ولكنك تصرح بضرورة التوجه لرؤية العقل بمعزل عن الدوافع الدينية وهذا غير مقبول
حياك الله وبياك شيخنا وشكرا لإبداء التساؤل ونقد الموضوع.
كما هو واضح من عنوان الموضوع، لا يريد الأستاذ بناهيان أن يدع التعبد على جانب أو يترك الاستشهاد بالآيات والروايات في كل الأبحاث عن المسائل الدينية. ولذلك لا مجال لإشكالكم:
اقتباس:
ولكن ماذا ستفعل اذا كانت بعض التكاليف خفية المصالح والمفاسد بحيث ان الله لم يطلعنا على الحكمة منها ؟
إن الكلام العقلي والبحث العقلي عن القضايا الدينية لا يستلزم إنكار العبودية، بل هو يوفّر الأرضية لجذب غير المتدينين إلى الدين. فعلى سبيل المثال إذا قام طبيب بدراسة الصلاة من الناحية الطبية، لا يعني أنه أنكر الوحي أو سخّف طريق العلماء في اعتمادهم على الروايات، بل إنما يريد أن يثبت للعالم مدى دقة الإسلام إذ يراعي مصلحة جميع أبعاد الإنسان في شعائره وعباداته.
كما أنك تتعاطى هذا الأسلوب في مناقشة أهل السنة مثلا، إذ تحاول أن تثبت عقيدتك عن طريق القرآن وحسب، بلا أن تستشهد بروايات أهل البيت.
ومعلوم أنك لماذا تتعاطى هذا الأسلوب، إذ أنت تخاطب شخصا لا يقتنع بروايات أهل البيت كما يقتنع بالقرآن، ولذلك فلا مجال للإشكال عليك أن أنك قد أقصيت نصف الدين وقد تركت أحد الثقلين وعملت بنظرية حسبنا كتاب الله!
هذا أسلوب متعارف في البحث والدرس والنقاش وأنت أعرف به مني يا شيخنا العزيز. [/justify]





آخر تعديل الرحيق المختوم يوم 02-17-2015 في 12:55 PM.
رد مع اقتباس
قديم 02-24-2015, 08:45 AM   #2
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 4



الولاية ضرورة عقلية

الولاية هي من المفاهيم الدينية التي يمكن إدراك ضرورتها من خلال الرؤية العقلانية وبغض النظر عن التعاليم الدينية. وأساسا إن مفهوم الولاية قبل أن يكون مفهوما شرعيا، هو مفهوم عقلي ولا ينبغي أن نعتبره مفهوما معنويا وحسب.
عندما يطرح موضوع الولاية ولاسيما ولاية الفقيه، عادة ما يناقش من خلال الأدلة الفقهية أو الكلامية. ولكن منهجنا في هذه الدراسة مرتكز على العقل تماما. حيث لا علاقة لنا هنا بالأحكام والتعاليم الدينية، ولا نتطرق إلى الأدلة الشرعية في مسار إثبات الولاية. لغتنا وخطابنا في هذه الأبحاث خطاب دولي ويمكن طرحها على جميع شعوب العالم، حتى العلمانيين منهم.
في هذه الأبحاث نسعى أن لا نتعرض للدين بشكل مباشر، فإن تطرقنا أثناء البحث إلى شيء من الدين، فذلك من باب ذكر ضرورة عقلية وسوف ننظر إليه بتحرر عن نطاق الدين. طبعا هذا لا يعني أن الأدلة الشرعية على ولاية الفقيه أدلة غير عقلية، بل هي قائمة على موازين عقلية ومنطقية محكمة، ولكن باعتبار أن في الأدلة الشرعية إحدى مقدمتي الدليل على الأقل، هي نص ديني، قد يأبى عن قبولها غير المتدينين. من هذا المنطلق، سوف نخوض في البحث برؤية مستقلة عن الدين وبعقلانية مطلقة، لئلا تبقى ذريعة لأحد.

لماذا اتخذنا هذا المنهج؟

بالإضافة إلى أن الدراسة العقلية لموضوع الولاية، تخوّل لنا أن نطرح الولاية كنظرية عالميّة لجميع شعوب العالم، تمتاز بكونها تفسح لنا المجال أن نواجه بكل صراحة وطلاقة، كلّ من يتمرّد على الولاية ويرفض هذا الأمر العقلي والمنطقي، ونقول لهم: "إن لم يكن لكم دين، فلكم عقل وشعور ووجدان، فما هذه المخالفة لأمر معقول منطقي ضروري؟!
لا ينبغي أن نقف وننتظر إلى أن يصبح جميع الناس متدينين. موضوع الولاية أعمّ من المواضيع الدينية. هل يحق لغير المتدين أن يربك نظام المجتمع؟ هل يحق له أن يتجتاز الضوء الأحمر بذريعة كونه مسيحيا؟ هل يحق له عدم مراعاة النوبة لكونه مجوسيا؟ هل بإمكانه أن يتلاعب بالأسعار ثم يقول أنا لست ثوريّ؟ لا علاقة لهذه المسائل بالدين، إذ لا يحقّ لأحد أن يربك نظام المجتمع مهما كان دينه. وكذلك الحال في مسألة الولاء وقبول الولاية. فإذا طرحنا الولاية كضرورة عقلية، عند ذلك لا يستطيع أحد أن يفلت من قبول الولاية بذريعة كونه غير متدين أو غير ثوريّ.
لقد ورد عن الإمام السجاد (ع) أنه قال: «يَا أَبَا خَالِدٍ إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَ الْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَ الْأَفْهَامِ وَ الْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدة»[1]كما هناك روايات أخرى تشير إلى نضج عقول الناس وفهمهم في آخر الزمان. ينمو عقل الإنسان في آخر الزمان بحيث يدرك حكمة كثير من الأحكام الدينية. ولهذا يستأنس الإنسان المعاصر أكثر من أسلافه بالحديث عن الجوانب العقلانية والمنطقية في الأحكام الدينية.
ومن جانب آخر وكما سبق آنفا، إن الرؤية العقلانية إلى الأحكام الدينية تمنع الإنسان من أن يمنّ على الله بسبب التزامه بأحكامه. كما أن الرؤية العقلانية إلى قضية الولاية تمنعه من أن يمنّ على أحد بسبب قبوله للولاية. عندما نطرح الولاية برؤية منطقية وعقلانية، يعي الإنسان جيدا أن قبول الولاية لصالحه، وبالإضافة إلى ذلك يجب عليه أن يشكر الله على هذه النعمة الكبيرة التي أنعمها عليه.
وزد على ذلك أننا على أعتاب حدث عظيم وهو الظهور. ولا سبيل إلى التوطئة للظهور إلا عن طريق شيوع مفهوم الولاية وقبول الولاية. وقد سبق أن الرؤية العقلانية إلى الولاية تسنح لنا فرصة طرح هذا الموضوع على مستوى عالمي وهذا ما يمهّد لانتشار هذا الموضوع في العالم. وبإمكان هذه الظاهرة أن تبشّر بالظهور كالطريق الوحيد لخروج كافة الشعوب من أزماتهم.

يتبع إن شاء الله ...

[1]كمال الدين، ج1، 230.


 

رد مع اقتباس
قديم 03-03-2015, 08:31 AM   #3
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 5



الفصل الأول: تبلور القوة في المجتمع تلقائيا وضرورة السيطرة عليها

في سبيل دراسة موضوع الولاية، لا بأس أن ننطلق من أبده المسائل الاجتماعية وهي «تبلور مفهوم القوة بين الناس». والخوض في هذا الموضوع بحاجة إلى معرفتنا بالمقتضيات السياسية في المجتمع التي تؤدي إلى نشوء القوة. فإذا أقررنا بتبلور القوّة كأمر بديهي، نأتي إلى دراسة آليات السيطرة عليها ومراقبتها، ونظرا إلى مختلف التجارب التي مارسها الإنسان وأشكال الطرق التي سلكها في هذا المسار، نصل إلى الولاية ودورها الفريد في السيطرة على القوة وضمان سعادة الناس في مسار تعاملهم معها.


لابد أن نعرف المعادلات السياسية

مضافا إلى كون البحث في مفهوم الولاية بحثا سياسيا كاملا، لابدّ أن نعتبره أحد أكثر الأبحاث السياسية تعقيدا وحساسية في العالم، لا في مجتمعنا فحسب. وإن هذه الحساسية لم تختص باليوم، بل كانت قضية الولاية قد أخذت مأخذا من اهتمام الحكام والولاة منذ آلاف السنين. كان الطغاة يقتلون أئمتنا بالرغم من أنهم لم يكونوا يتدخلون في المسائل السياسية والحكومية، ولم تتح لهم الفرصة بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) أن يجسدوا هذا المفهوم على مستوى إدارة المجتمع، ولكن كان الطغاة يقتلونهم بسبب قضية الولاية. حيث إنهم كانوا يعرفون معنى الولاية إجمالا وكانوا يعلمون أن لو سنحت لأئمتنا الفرصة لتطبيق الولاية على مستوى إدارة المجتمع والقضايا الحكومية، لما أمكن لهم الوقوف أمامهم بأي قوة، فلم يجدوا بدا من تجريع السمّ لأئمتنا (عليهم السلام).

إن هذا الموضوع على مستوى عال من الخطورة والحساسية. إذ حتى أولئك الذين يرفضون الولاية ويعادونها قد شعروا بحساسيتها. إنها قد أثارت حفيظة جميع السياسيين ورجال السياسة في العالم ولم يمرّ أحد منها مرور الكرام. فنحن نشهد عداء فادحا تجاه الولاية في الأوساط الدولية، إذن لا نستطيع أن نهمل هذا الموضوع ونغض الطرف عنه.

إن الخوض في موضوع الولاية بالرؤية العقلانية يستلزم اطلاعنا على الساحة السياسية ومعادلاتها. أكثر الأشخاص الذين تناولوا هذا الموضوع قد دخلوا فيه من مدخل فقهي أو كلامي، أما نحن فنريد أن ندرسه برؤية سياسية. إذ حتى لو أثبتنا الولاية عن طريق الأدلة الكلامية أو الفقهية، فهي لا تتجسد في سجادة الصلاة أو أثناء الدعاء وتلاوة القرآن، بل تتجسد في المجتمع؛ أي الساحة السياسية.

لابد أن يرتقي مستوى الرأي العام في بلداننا، بحيث لو أعرض أحد عن المسائل السياسية عن عدم اكتراث أو نظر إليها نظرة تحقير واستهزاء، تنكشف حماقته. لابد أن تصل أمتنا إلى هذه القناعة ويؤمنوا بأن من أعرض عن السياسة برمتها إنسان أحمق. كيف لا وفي هذا الزمن أصبحت جميع المسائل من الطعام والشراب إلى الدين والإيمان متعلقة بالسياسة؟ كما لا يمكن لأمة أن تنال السعادة وتعيش الحياة الطيبة في ظل أحكام الدين إلا عن طريق سلوك درب السياسة. لا يمكن لشعب أن يوفّر أسباب طلب العلم والتعقل ويعيش حياة هادئة مستقرة ويتمتع بما ينسجم مع أهوائه ونزعاته ويعيش حياة سعيدة من دون أن يخوض في عالم السياسة.

إن السياسة مقدسة لنا. إنها أحد الأبواب الواسعة جدا التي تنفتح على عالم معنوي عظيم. إن النور الذي نستطيع أن نكسبه بالسياسة لا يمكن تحصيله بالعبادة. لا ينبغي أن نسمح لبعض المتظاهرين بالقداسة أن يشوّهوا سمعة العمل السياسي بذرائع تافهة، إذ أن إنسانيتنا تتبلور من خلال الوعي والعمل السياسيين. الإنسان الذي لا يبالي بمصير الناس أي لم يكن سياسيا فهو خارج عن الإنسانية.

نحن لا نرضى بالتلاعب السياسي بلا ريب. نحن لا نتحمّل التلاعب بالقدرة بمعناها القبيح. وإذا ارتفع مستوى الوعي السياسي في المجتمع لا يبقى مجال بعد للتلاعب السياسي. إذا أقبلنا على السياسة جميعا ولم نشمئز منها، وتعاطينا معها كأمر معنوي، وصعّدنا من وعينا السياسي، وضاعفنا همّتنا السياسية، وبعبارة واحدة إن كنا غير مهملين للمسائل السياسية، لن يجد متلاعب حينئذ أيّة ساحة وأيّ مجال لمناوراته السياسية.


نشوء مفهوم «القدرة» في المجتمع

ليس الناس سواء وهم مختلفون. وإن هذه الفوارق لأوضح من أن تحتاج إلى شرح وتبيين. لقد اقتضت سنة الله في خلقه أن يختلف الناس في ما بينهم، فهذه الفوارق هي نتيجة إرادة الله سبحانه. ومن جانب آخر، لا مناص للإنسان من الحياة الاجتماعية حفاظا على حياته. فإذا اختلف الناس في ما بينهم سوف يُضطرّون إلى إنشاء "المجتمع" في سبيل سدّ احتياجاتهم. و بعبارة أخرى، بما أن الناس غير مستغنين بعضهم إلى بعض، فلا بدّ لهم من إنشاء المجتمع والتعامل في ما بينهم ليحفظوا بذلك حياتهم.

وفي ظل هذه التعاملات الاجتماعية ينشأ «النظام التسخيري»، ويُضطرّ الناس إلى التعامل مع بعض في ظل نظام تسخيري. فيصبح النجار في هذا المجتمع مورد حاجة كل من أراد بابا أو شباكا لبيته. ولكن لابد لهذا النجار وغيره من الناس، أن يراجعوا الطبيب لعلاج مرضهم. وكذلك لابدّ لهذا الطبيب والنجار أن يراجعا المهندس المعماري لبناء بيتهم، وقس على هذا. فإذا نظرنا إلى حياة الناس الاجتماعية، نجد أن كلّهم قد أقرّوا بهذا النظام ولم يعترض أحد عليه.

لقد أشار الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم إلى هذا النظام التسخيري واعتبره مقتضى إرادته التكوينية، حيث قال: «أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» [الزخرف/32] إن الله في هذه الآية قد نسب الفوارق بين الناس إلى نفسه، مشيرا إلى أن المراد من هذه الاختلافات وترفيع البعض على بعض هو تبلور هذا النظام التسخيري.

وفي ظل هذا النظام التسخيري يتبلور مفهوم «القدرة». فالأقوى أو الأغنى أو من كانت له معلومات أكثر يترأس على باقي الناس بطبيعة الحال. ولا يمكن الوقوف حيال تبلور القوّة، بل لا بدّ منها في عملية إدارة المجتمع.

يتبع إن شاء الله...






 

رد مع اقتباس
قديم 03-04-2015, 03:24 PM   #4
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 6



القوى المافيائية[1]


كما مرّ سابقا إن تبلور القوة في المجتمع أمر لابدّ منه. و قلنا لابدّ لمن أراد دراسة مفهوم الولاية بالنظرة العقلانية أن يعرف معادلات الساحة السياسية. من الحقائق الموجودة في المجتمع هي أن المجتمع أرض خصبة لنشوء عديد من القوى المافيائية. يعني تتعاضد شبكات القوة في المجتمع لتؤمن مصالحها وتقف أمام تكوّن قوّة أخرى، فهي في الواقع تضيّق الساحة لمنافسة الآخرين ولا تسمح بتداول القدرة والسلطة بين نخب المجتمع. فلابدّ من معرفة مافيا القوة فيما إذا أردنا الحديث عن مفهوم الولاية ودورها في المجتمع.

يمكن أن تنشأ مافيا القوة في جميع أقسام المجتمع. فعلى سبيل المثال يستطيع الأساتذة وأعضاء الهيئة العلمية في الجامعة أن يكوّنوا قوة مافيائية. بحيث يقفوا أمام ظهور المواهب الجديدة ولا يسمحوا بدخول شخص جديد في حلقة أعضاء الهيئة العلمية في الجامعة. ولهذا قد صوّبت قوانين شديدة في كثير من الدول في سبيل مكافحة أمثال هذه القوى المافيائية في الجامعات.

كما يمكن نشوء مثل هذه المافيا في دائرة صغيرة. فعلى سبيل المثال بإمكان عدد من الموظفين في الدائرة أن يتواطؤوا معا على تنصيب أو عزل من يشاؤون. إن إزالة هذه الشبكات المافيائية من أصعب وأعقد الأعمال. فالساحة السياسية هي مجال تبلور شبكات القوى المافيائية.

أحد الطرق التقليدية في كبح هذه الفئات المافيائية، هي المنافسة بين مختلف الفئات المافيائية؛ أي كبح بعض المافيات ببعضها، من قبيل كبح قوة رئيس عصابة برئيس عصابة أكبر. والقاعدة التي تمارس في العالم اليوم، هي هذه القاعدة. في هذا العالم اليوم يتم تقييد أصحاب رؤوس الأموال بمن يملك رؤوس أموال أضخم. الواقع الذي نعيشه في العالم، هو أن الناس وحتى القانون ليست لهم سيطرة على أصحاب رؤوس الأموال، بل تتمّ السيطرة عن طريق التنافس بينهم. فتقيّد العصابة المافيائية بالعصابة المافيائية الأخرى. واليوم نشاهد هذه العصابات المافيائية تحت عنوان «الحزب».

إن ما ندّعيه في هذا البحث هو أن الطريق الوحيد في كبح القوى المافيائية في المجتمع هو الولاية. وبعبارة أخرى، إن المعادلات السياسية في المجتمع والتحديات التي تواجه حركة المجتمع تفرض علينا أن نخضع للولاية. ومن الواضح أن معنى هذا الكلام هو أن كل الطرق سوى هذا الطريق إما أنها لم تجد نفعا، أو أن أثرها موّقت غير دائم. وسنثبت صحة هذا الإدعاء في الأبحاث القادمة إن شاء الله.


ضرورة الحدّ من القوى


كما أشرنا سابقا، في خضم الحياة الاجتماعية للناس وفي ظل هذا النظام التسخيري تتكوّن قوى مختلفة. ولا يمكن القضاء على هذه القوى وإن أمكن فليس بمطلوب. إن عدم مطلوبية حذف القوى بسبب أن الحياة الاجتماعية لا تمشي بدون تنظيم وترتيب، إذن لابدّ من وجود هذه السلطات في سبيل إدارة المجتمع.

أما عدم إمكان حذف القوى فهو راجع إلى الفوارق الموجودة بين الناس، وهذا ما يؤدي إلى تسلط بعضهم على بعض. حتى الخوارج الذين رفعوا شعار «لا حكم إلا لله» وأعرضوا عن ولاية أميرالمؤمنين (ع) وادّعوا بأنهم لا يحتاجون إلى أمير، في بداية الجلسة التي عقدوها قبل حرب نهروان طرحوا موضوع تعيين القائد والأمير على أنفسهم.[2]

فنظرا إلى عدم المناص من تكوّن القوى في المجتمع وعدم إمكان حذفها فضلا عن كونه غير مطلوب، فلا بدّ من الرقابة والسيطرة عليها. وإلا فسوف يستولي طلاب السلطة على مواقع السلطة ما تؤدي سلطتهم إلى مشكلتين: المشكلة الأولى هي أنه قد يبدأ هؤلاء بالتعسف على الناس وعدم توفير مصالحهم كما قد لا يؤمّنون التنظيم المناسب في سبيل ازدهار حياة الناس وفي كلمة واحدة قد يظلمون الناس.

لعل بعض الناس قد استسلموا لهذه الظاهرة وقالوا: «ليس لنا مفرّ من هذا الأمر، والواقع هو أن القدرة بيدهم». وإن كان هؤلاء قد رضوا بحماقة الابتعاد عن السياسة واستسلموا للظلم، ولكن لا ينبغي أن نغفل عن هذه الحقيقة وهي أن المشكلة لن تقف إلى هذا الحدّ بلا ريب، إذ عندما تقع السلطة بيد طلاب السلطة وغير الصالحين، تنشأ مشكلة أخرى وهي ذهاب الناس ضحية أثناء تعارض القوى. يعني عندما يستولي على السلطة أحد طلّاب السلطة، يبدأ بظلم الناس ومضافا إلى ذلك، يضطرّ الناسَ إلى الحرب والقتال من أجله فيما إذا تنازع مع قوّة وسلطة أخرى. إذن لا يمكن أن نترك القوّة والسلطة سدى ولابدّ من حلّ ومخرج نجد لها.

يتبع إن شاء الله...





.1المافیا (Mafia) هي عصابة إجرامية خفية في صقلية. تم تأسيس هذه العصابة في أواسط القرن 19 ميلادي في سيسيل، وامتدّت بعد ذلك إلى شرقي الإيالات المتحدة الأمريكية واستراليا. أما اليوم فأصبح هذا المصطلح تعبيرا عن الجهات الخفية المتخشخشة في مراكز قوى البلد والتي تمدّ مخالبها كشبكة أخطبوطية للسيطرة على الشبكات المالية والتجارية والصناعية في البلد.

.2تاریخ الطبري، ج5، ص75.






 
التعديل الأخير تم بواسطة الرحيق المختوم ; 03-04-2015 الساعة 03:34 PM

رد مع اقتباس
قديم 03-14-2015, 02:49 PM   #5
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 7



لابدّ من وجود سلطة مطلقة شاملة

ذكرنا لحدّ الآن أن الفوارق الموجودة بين الناس تُكوِّن مختلف القوى في المجتمع. وفي خضمّ تبلور هذه القوى قد يطغى البعض ويتعدّى على حقوق الآخرين. فانطلاقا من كون الإنسان مضطرا إلى الحياة الاجتماعية بلا مناص، ومن جانب آخر بما أنه لابدّ لهذا الإنسان أن يعيش حياة اجتماعية هادئة وسعيدة مع باقي الناس، إذن يتحتّم عليه أن يقف أمام بعض العوارض والتداعيات السلبية التي قد تترتب على تبلور مختلف القوى في المجتمع.

الخطوة الأولى التي يجب أن نخطوها في سبيل الوقوف حيال نشوء الظلم ومعالجة مشاكل المجتمع البشري بالرغم من وجود الفوارق بين الناس التي توفّر أرضية تبلور القوى المتعددة، هي وجود سلطة مركزية ذات ولاية مطلقة وواسعة على الجميع. طبعا لا دخل لنا حاليّا بالجهة التي تتصدى لاستلام زمام هذه السلطة المطلقة، بل إنما نحن الآن بصدد إثبات هذه الحقيقة وهي أن من أجل الوقوف أمام تفشّي الظلم والتعدّي في هذا النظام التسخيري، لابدّ من وجود قائد واحد قويّ، أو بعبارة أخرى سلطة مسيطرة مركزية واحدة.

إن طبيعة السلطة تقتضي أن تتصدّى قيادة مركزية واحدة لإدارة المجتمع البشري برّمته وتكون هي المسؤولة على مراقبة حركة الحياة. هذا ما تقتضيه طبيعة السلطة. فإذا اجتمعت القوى مع بعض كعناصر متناثرة فهذا ما يؤدي إلى فساد. إذ لا تستطيع جهة أن تضمن النظام في المجتمع.

ما هو الاستدلال الذي طرحه الأمريكان على إنشاء النظام العالمي الجديد؟ ما هي الأسس المعتمدة في تأسيس الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمحكمة الدولية وباقي المؤسسات الدولية؟ لقد تمّ تأسيس جميعها على أساس يرغب إليه الإنسان في تنظيم العالم. إذ عندما تكون هناك قوى متعددة في العالم، تكون أكبر مصائب هذا العالم هو نزاع القوى فيما بينهم. إذا أردنا أن نستقرئ قصة تاريخ الإنسان من أوله إلى آخره، نجد أن كل هذا التاريخ يدور حول محور الحرب بين القوى. إذن ضرورة وجود سلطة مركزية مطلقة مطاعة من قبل الجميع أمر لا ريب فيه.

فملخص الكلام هو أنه باعتبار وجود الظام التسخيري في حياة الإنسان والذي يتمخض من الفوارق الموجودة بين الناس، فلا بدّ من تسلط بعض الناس على غيرهم، وفي سبيل علاج النزاع بين القوى الذي هو من أهم عوامل مصائب الإنسان، لا مناص من وجود سلطة مركزية أعلى من جميع هذه القوى لتقوم بتنظيمها. وبعبارة أخرى، إن من خصائص القوة والسلطة هي أنه لا يمكن تحقيق النظام والاستقرار في المجتمع مع وجود هذه القوى المتناثرة إلا أن تنتهي سلسلة جميع هذه القوى إلى سلطة مركزية مطلقة.


ليست السلطة مدعاة للفساد دائما

من جملة القضايا التي باتت اليوم من القضايا المسلمة والمفروغ عنها بين جميع العلماء والمفكرين هي أن «القوة مدعاة للفساد»؛ يعني كلّ من يحصل على سلطة وفي أي مكان، سيعتريه الفساد. فمن هذا المنطلق لابدّ من الوقوف أمام نشوء السلطة المطلقة. طبعا وبالتأكيد أنه من حقّ الغربيين أن يقروا بهذه العبارة كقضية مسلمة، إذ أنهم لم يروا إلا ما كان حولهم، وقد وصلوا إلى هذه النتيجة من خلال التجارب التي عاشوها فشاهدوا أن كلّ من استلم السلطة قد استغل سلطته لأغراض سلبية وتعرّض للفساد.

ولكن الحقيقة هي أن السلطة ليست بمفسدة للجميع. بل بالعكس فإنها «مطهرة» لبعض الناس. أساسا إن الله يمتحن بعض الناس من خلال القوة والسلطة، وبعضهم ينجحون في هذا الامتحان ويزدادون طهارة وتزكية. لم يكن موقف الله تجاه هذه القوة موقفا انفعاليا. إن الله هو الذي فرّق بين مواهب الناس وقابلياتهم ووفّر الأرضية لتسلّط بعض الناس على الآخرين ليمتحنهم.

أحد طرق تزكية النفس هو السلطة. ومن هذا المنطلق نجد أن الله قد أعطى لبعض أوليائه قدرة خارقة، فإنه أراد أن يطهرهم بهذه القدرة. عندما نقرأ أو نسمع بأن العرفاء يملكون قدرات عجيبة، فهذا هو السبب. إذن إن القدرة مطلوبة من جانبين: الجانب الأول هو أنها أداة إدارة المجتمع وسوف نتطرق إلى هذا الموضوع في المستقبل، والجانب الآخر هو أنها وسيلة لامتحان الله وتطهير وتزكية النفس.

إحدى الإشكالات التي توجّه لنظريّة الولاية هي أنه على أساس هذا المنهج، تعطى القوى كلّها لشخص واحد، ونعلم جميعا أنه إذا تمّ تسليم السلطة المطلقة لشخص واحد، فهذا ما يؤدي إلى فساد. ولكنّ ما نتبناه هو أن السلطة مدعاة للفساد لمن كانت في وجوده أرضية السوء والفساد، بيد أنها تزيد من طهارة الإنسان الصالح المهذب.

نحن نشاهد هذه الحقيقة حتى بين العاديّين من الناس. فعلى سبيل المثال إن أولياء المقتول عادة ما يطالبون بالقصاص ويؤكدون على إعدام المجرم ما لم يُلق القبض عليه وقبل أن يثبت جرمه، ولكن بمجرّد أن يلقى القبض على القاتل ويصدر حكم القصاص من المحكمة، كأن قلبهم يهدأ من غليانه. يعني عندما يحصلون على القدرة، يطمئنّ قلبهم وقد يترّفعون عن مطالبة القصاص ويعفون عنه بسهولة. هذا مثال بسيط، ولكن في كثير من الأحيان نستطيع أن نصلح الناس من خلال منحهم بعض الشيء من القوة والسلطة.

فعلى سبيل المثال، أفضل طريق للسيطرة على الرجال في الحياة الزوجية وتهدئتهم هو أن لا يعملن النساء في سبيل تضعيف شعور سلطة الرجال في البيت. حيث إذا شعر الرجال باحترام رئاستهم وسلطتهم في داخل الأسرة، يزدادون عطفا ورحمة بأهلهم. فمن هذا المنطلق إذا أردن النساء أن يرتاح بالهنّ داخل البيت وحتى فيما إذا أردن أن يجعلن أزواجهن يطيعونهن ويسلّمون لأمرهن لابدّ لهن أن يحترموا منصب الرجل الرئاسي في البيت. إن السلطة لا تسبب الفساد دائما. نعم، بعض الرجال قد يستغلّ إطاعة زوجه ويظلمها، ولكن عموم الرجال ليسوا كذلك.

لقد عشنا أيام الجبهة والدفاع المقدس وشاهدنا أثر الرئاسة والسلطة في تطهير القلوب. فعلى سبيل المثال الشاب الذي كان مجاهدا عاديا بلا أي منصب كان مشاغبا أحيانا، ولكنه بمجرّد أن يصبح قائد الحضيرة يتحسن سلوكه، وعندما يصبح قائد السرية يزداد تحسنا في سلوكه، فصبح من المواظبين على صلاة الليل والاستغفار والمستحبات. نحن لا نخشى من هذا الإشكال و هو أنه «لا ينبغي أن تسلّم السلطة المطلقة لشخص واحد، باعتبارها مدعاة للفساد ومن هذا المنطلق لابد أن نقيّد هذه السلطة بمختلف الأساليب». نحن نؤمن بضرورة الرقابة على القوى في المجتمع وإن هذه المراقبة عمل معقد جدا والطريق الوحيد لها هو إعطاء السلطة المطلقة لإنسان صالح. طبعا هذا هو موضوع نقاشنا في هذه الرسالة ونحن بصدد إثبات هذا الإدعاء.

يتبع إن شاء الله ...


 

رد مع اقتباس
قديم 03-16-2015, 12:16 PM   #6
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 8



الفصل الثاني: بيد من نضع هذه السلطة المطلقة؟

بالرغم من أننا بصدد مناقشة ضرورة تدخل الإرادة الإلهية في عملية السيطرة على السلطة المركزية، ولكن في بداية الأمر لابدّ لنا أن ننظر إلى ما يجري في الأوساط السياسية في العالم. نعن نعيش في زمن أهمل فيه موضوع ضرورة تدخل الإرادة الإلهية في عملية السيطرة على السلطة المركزية. من هذا المنطلق نحن في بداية الأمر نطرح جوابا نقضيا لهذا الموضوع وهو أنه هل بإمكان الناس أن يتصدّوا لمراقبة السلطة المركزية أم لا؟ وفي تكملة البحث نعمد إلى دراسة ضرورة تدخل الله في مراقبة هذه السلطة.

عدم تمكّن الناس من مراقبة السلطة المركزية

إن كنت متابعا لهذا البحث إلى الآن، يفترض أنك قد وافقتنا في أنه مع وجود هذا النظام التسخيري وتبلور مختلف القوى، لابدّ من وجود سلطة مركزية قوية لتراقب هذه القوى المتناثرة وتقف أمام الظلم وباقي التداعيات التي يؤدي إليها هذا النظام التسخيري بطبيعة الحال.
قد يقول قائل سلّمنا لما طُرح لحدّ الآن، ولكن ما الإشكال في ما إذا تمّ تعيين وانتخاب هذه السلطة المركزية من قبل الناس أنفسهم؟ حيث يستطيع الناس أن يعالجوا تداعيات النظام التسخيري من خلال تشريع القوانين وانتخاب قائد عادل وعالم، ويوفروا بهذا الأسلوب مقدمات بلوغ الإنسان إلى أهدافه السامية. نحن في هذا المقطع من الأبحاث نحاول أن نطرح مختلف الاحتمالات وندرس مدى إمكان مراقبة الناس للسلطة المركزية.
منذ بداية تاريخ البشر كان الطريق الوحيد لمراقبة القوة هو النظام الملكي المستبدّ. أما في القرنين الأخيرين عندما أدرك الإنسان إشكالات هذا الأسلوب في مراقبة القوة، بدأ باختيار البديل فتمخض منهجان وأسلوبان في الحكومة وكلّ واحد منهما يختلف عن الآخر تماما. أحدهما هو النظام «الشيوعي» الذي يؤكد على أصالة المجتمع ولا يعترف بأي ملكية للفرد، والآخر هو النظام «الديمقراطي» الذي يؤكد على أصالة الفرد وملكيته. فباعتبار أن النظام الشيوعي قد انتهى شوطه و لا مدافع له اليوم تقريبا، فلا ضرورة لنقده ومناقشته.
بطبيعة الحال إن كنا بصدد مناقشة فكرة السيطرة على السلطة المركزية عن طريق الناس أنفسهم، لابدّ لنا أن نأتي إلى «الديمقراطية» بصفتها آخر إنجاز للإنسان والتي يعبّر عنها مفكرو الغرب بنهاية التاريخ.[1] ولکن بما أنه هناك احتمالات أخرى يمكن أن نفترضها لفكرة مراقبة الناس للسلطة المركزية، نشير في بداية الأمر إلى أسلوب إشراف فرد واحد على السلطة المركزية، ثم نطرح بعض النقاط بالنسبة إلى مراقبة القانون لهذه السلطة وفي آخر المطاف نناقش الديمقراطية كآخر حلّ توصّل إليه الإنسان في هذا المسار.

نقد حكومة الفرد على الشعب (الديكتاتورية)

إن أسلوب حكومة الفرد على الشعب غير قابل للتبرير، وقد أدرك الناس جميعا بطلان هذا الأسلوب في إدارة البلد. يشمل هذا الأسلوب نظام الشمولية والديكتاتورية كما يشمل الأنظمة الملكية. ليس هناك نقاش في الحكومات الديكتاتورية والشمولية أبدا، والبلدان الخاضعة للنظام الملكي هي على قسمين لا ثالث لهما: فإما أن يكون منصب الملك أو الملكة في هذه البلدان منصبا تشريفيا كما هو الحال في بريطانيا؛ وإما أن يكون في معرض اعتراض شعبي واسع كما هو الحال بالنسبة إلى كثير من البلدان العربية.
فبغض النظر عن مَلَل الناس من هذا النوع من النظام وعدم تقبلهم له، سؤالنا الأساسي هو أنه من أين يحصل أحد ما على حق الحكومة على الناس؟ بعبارة أخرى، ما هو مبدأ مشروعية حكومة فرد من الناس على غيره؟ وكما تعلمون ليس هناك أي جواب مقنع عن هذا السؤال.
ومن جانب آخر، ما هو الضمان على أن هذه السلطة قادرة على الوقوف أمام التداعيات السلبية للنظام التسخيري؟ ثم على فرض أنها استطاعت أن تقف أمام فساد باقي القوى، فكيف الأمر بالنسبة إليها بالذات؟ هل بإمكانها أن تقف أمام فساد نفسها أيضا؟ فهذه مشكلة تورّط بها جميع طواغيت التاريخ. فإن الطواغيت المستبدين وإن كانوا قادرين على تقييد مختلف القوى الصغيرة والكبيرة في المجتمع ولكنهم كانوا يتحولون إلى ظالم عظيم يمارس الظلم بدلا عن جميع القوى الأخرى. ونظرا إلى وضوح بطلان هذا المنهج نكتفي بهذا القدر من مناقشته.

يتبع إن شاء الله...

[1] يدعي فرانسیس فوکویاما (المنظر الاستراتيجي الياباني والمتجنس أمريكيا) في مقالة «نهاية التاريخ» أن الليبرالية الغربية قد تغلبت على الشيوعية وهو يعتبر هذا الحدث نهاية التاريخ. ويعتقد أن هذا النظام هو الحل الأخير للمجتمعات غير الغربية في سبيل حل أزمة عدم الاستقرار وانعدام الأمن كما هو الطريق الوحيد المؤدي إلى التنمية والتطور والسعادة الإنسانية وتحقيق الديمقراطية وتأمين حقوق الإنسان وتحصيل السوق الحر والمنافسة الاقتصادية.




 

رد مع اقتباس
قديم 03-17-2015, 11:00 AM   #7
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفة عند أسرار الولاية 9



حكومة القانون


قد يقول قائل بأنا نعترف بأصل النظام التسخيري كما نعترف بتعارض القوى وكذلك نقرّ بضرورة وجود سلطة مركزية، ولكن ما الداعي من تمثّل هذه السلطة بفرد واحد، إذ هناك خيار آخر وهو أن تتمثل هذه السلطة المركزية بـ«القانون» ونجعل القانون مسيطرا على باقي القوى.

لا نريد حاليا أن نبحث عن الأسس التي اعتمدت في تدوين القانون؛ هل تم تدوينه على أساس العقل الجمعي البشري، أم على أساس أحد الأديان السماوية، أو قد وضعه عدد من العلماء الجامعيين أو تم تدوينه عن طرق أخرى. دعنا عن هذا الموضوع فلا نريد التطرق إليه، ولكن ما نريد طرحه هو أنه هل هذا أمر ممكن أساسا أم لا؟

القانون سواء أكان جيدا أم سيئا، يحتاج تنفيذه إلى منفذّين يتصدون لمسؤولية تنفيذه. لا يقدر أيّ قانون على ضمان صحّة المجتمع من دون وجود منفّذين مخلصين. فإذن ألا يُحتمل لهذا القانون وإن كان قانونا جيدا متكاملا، أن يصبح ملعبة بيد أصحاب القدرة والثروة؟ خاصة وإن القانون غير قادر على الدفاع عن نفسه. ولهذا مع أنه في جميع بلدان العالم يتمّ اختيار القضاة من بين الأشخاص المعتمدين والمخلصين، ولكن مع ذلك يتمّ تعيين مراقبين ومشرفين ليراقبوا مدى تنفيذ القضاة للقانون.

ومن جانب آخر هناك مئات الطرق للالتفاف حول القوانين ولا سيما القوانين التي دوّنها الإنسان. فإن أراد أمرء أن يظلم ابن بلدته أو زوجه أو جيرانه أو زميله... فهناك طرق شتى يستطيع أن يجدها فرارا من القانون. فعلى سبيل المثال هل يمكن الوقوف أمام ظلم المرأة للرجل في أجواء الأسرة من خلال وضع القانون؟ فإن كان القانون قادرا على معالجة هذه المشكلة، فلماذا يشقّ الجميع على أنفسهم في سبيل الحصول على الزوج الصالح؟ لماذا لا يقدم أحد على الزواج مع أيٍّ كان اعتمادا على القانون وقدرته على حل المشاكل إن حدثت؟ لأنّ القانون ليس بضمان لسلامة الأسرة. فكيف يمكن للقانون الذي غير قادر على ضمان سلامة الأسرة بوحده، أن يضمن سلامة المجتمع؟

ولا بأس أن نستطرد الكلام إلى هذا السؤال؟ هل من الصحيح أن تقيّد حياة الإنسان بهذا الكم الهائل من القوانين؟ هل يحتاج المجتمع المثالي إلى هذا القدر من القوانين؟ فيفترض على هذا الأساس أنه سوف يتنفس المجتمع في زمن إمام العصر (عج) عن ركام هذه القوانين. إن لم يسرق أحد في المجتمع فما الداعي من وجود هذا العدد من مراكز الشرطة والسيطرات والمحكمات وغيرها؟ و أساسا ليس من الصحيح في المجتمعات الإنسانية أن ندع كل الأمور إلى القانون. إن هذا العمل يهين كرامة الإنسان. إن تحميل عدد كبير من المسؤوليات على القانون بمعنى ذبح الأخلاق، فهل هذا من الصحيح؟[1]


نقد حكومة الشعب على الشعب (الديمقراطية)

كما مرّ سابقا، إن مناقشة إمكان إدارة المجتمع وإشراف الناس على السلطة المركزية يقتصر على دراسة ومناقشة نظرية «الديمقراطية»، إذ أن باقي أساليب حكومة الشعب على الشعب فقدت مقبوليتها ولا مدافع عنها حتى نقوم بمناقشتها. فلم يبق من تلك الأشكال سوى الديمقراطية التي سبقت الميدان في أكثر بقاع العالم بادعاء أنها تؤمّن سعادة الناس وتأخذ بيدهم إلى نيل حقوقهم ومطالباتهم.

إن الديمقراطية بصفتها آخر نموذج لأسلوب الحكومة وإدارة المجتمع والتي عبّر عنها بعض المفكّرين بأنها حصيلة تجربة الإنسان منذ آلاف السنين في قضية الحكومة وإدارة البلاد، قد شهدت تطورا واسعا في القرن الأخير إلى أن أصبحت اليوم تدّعي ظاهرة العولمة والقرية العالمية. ومع ذلك لم يدعّ المفكرون الغربيون بعدم وجود ثغرة ونقص في هذا الأسلوب.[2] يقولون وإن كان هذا الأسلوب قد ينطوي على بعض الإشكالات ولكن لابدّ لنا من تقبله مع إشكالاته، إذ ليس لنا أيّ بديل عن هذا الأسلوب مضافا إلى أن فيه امتيازات كثيرة.

كلامنا هو أنه من قال لكم بعدم وجود خيار آخر لإدارة المجتمعات الإنسانية؟ إذ أن هناك نموذج راق جدا لإدارة المجتمع وهو خال عن كل هذه التداعيات والسلبيات الموجودة في باقي الأساليب الحكومية كما تراعى فيه حقوق الإنسان بشكل كامل، وهو عبارة عن «نموذج الولاية» في إدارة المجتمع.

قبل أن نبدأ بتعريف نموذج الولاية وبيان أسلوب الولاية في إدارة المجتمع، لابدّ أن نلقي نظرة إلى الديمقراطية وإشكالاتها الخفية والجلية التي يؤول إليها هذا الأسلوب. ومن هذا المنطلق نتناول في بادئ ذي بدء موضوع مشروعية حكومة الشعب على الشعب، ثم نتطرق إلى أدوات قدرة هذا النظام وسيطرته (الأحزاب والإعلام)، وبعد ذلك نشير إلى خداع النظام الديمقراطي وحيله التي يمارسها خلف ستار الصداقة والصراحة، وأخيرا نستعرض أنواع الظلم الخفي الذي يمارسه هذا النوع من الحكم.


يتبع إن شاء الله...


[1] سوف نتطرق إن شاء الله إلى القانون وموقعه في إدارة المجتمع في الأبحاث القادمة إن شاء الله.

[2] يعتقد الكثير من العلماء الغربيين أن الديمقراطية نظاما لا يخلو من عيوب ولكنهم يعتقدون أن هذا الأسلوب في الحكومة أقل عيبا من بين باقي الأنظمة السياسية. (بهرام اخوان کاظمي، مجلة «علوم انسانی، دانشگاه اسلامی»، عام1377ش، العدد6، ص22)




 

رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:33 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية