هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات


العودة   :: منتديات ثار الله الإسلامي :: > الاقسام العقائدية > اصول الدين > منتدى التوحيد > الطرق الى معرفة الله

يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 05-09-2011, 06:39 AM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الطريق على وجود الله (البرهان الاول ـ برهان النظم )ـ الشيخ السبحاني



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم

بُرهان النّظم

يبتني برهان النَّظم على مقدمات أربع
الأولى : إِنَّ وراء الذهن الإِنساني عالماً مليئاً بالموجودات ، محتفاً بالظواهر الطبيعية. و إِنَّ ما يتصوره الإِنسان في ذهنه هو انعكاس للواقع الخارجي ، و هذه المقدمة قد أطبق عليها الإِلهيّ و الماديّ رافضَيْن كل فكرة قامت على نفي الواقعية و لجأت إلى المثالية ، بمعنى نفي الحقائق الخارجية.
إِنَّ كل إِنسان واقعي يعتقد بأَنَّ هناك قمراً و شمساً و بحراً و محيطاً و غير ذلك. كما يعتقد بوجوده ، و ذهنه و الصور المنعكسة فيه ، و هذه هي الخطوة الأُولى في مضمار معرفة الله ، و هي التصديق بالواقعيات. و يشترك فيها الفلاسفة الواقعيون ، دون المثاليين بمعنى الخياليين.
و بذلك يظهر أنَّ رمي الإِلهي بالمثالية بمعنى نفي الواقعيات ، افتراءٌ و كذبٌ عليه ، إِذ لا يوجد على أديم الأرض من يكون إِلهيا و في الوقت نفسه ينفي واقعيات الأَشياء و الظواهر الطبيعية. ولو وجد هناك إِنسان بهذه العقيدة
فليس من تلك الزمرة ، و إِنما هو من المنحرفين عن الفطرة السليمة الإِنسانية.
و ما ربما يحكى عن بعض العرفاء من أَنَّ الموجود الحقيقيّ هو الله سبحانه و ما سواه موجود بالمجاز ، فله معنى لطيف لا يضرّ بما قلناه ، و هذا نظير ما إِذا كان هناك مصباح في ضوء الشمس ، فيقال : إِنَّ الضوء ضوء الشمس و لا ضوء لغيرها ، فهكذا وجود الممكنات ، المفتقرات المتدليات بالذات ، بالنسبة إلى واجب الوجود القائم بالذات.
الثانية : إِنَّ عالم الطبيعة خاضع لنظام محدد ، و إِنَّ كل ما في الكون لا ينفك عن النّظم و السنن التي كشفت العلوم الطبيعية عن بعضها ، و كل ما تطورت هذه العلوم خطا الإِنسان خطوات أُخرى في معرفة الكون و القوانين السائدة عليه.
الثالثة : أصل العلية ، و المراد منه أنَّ كل ما في الكون من سنن و قوانين لا ينفكّ عن علة توجده و أنَّ تكون الشيء بلا مكوّن و تحققه بلا علة ، أمر محال لا يعترف به العقل ، بالفطرة ، و بالوجدان و البرهان. و على ذلك فكل الكون و ما فيه من نظم و علل نتيجة علة أوجدته و كونته.
الرابعة : إِنَّ دلالة الأَثر تتجلى بصورتين :
أ ـ وجود الأَثر يدل على وجود المؤثر ، كدلالة المعلول على علّته ، والاية على صاحبها ، و قد نقل عن أَعرابي أَنَّه قال : « البعرة تدل على البعير ، و أَثر الأقدام يدل على المسير » ، إلى غير ذلك من الكلمات التي تقضي بها الفطرة. و هذه الدلالة مما لا يفترق فيها الماديّو الإِلهي ، و إِنما المهمّ هو الصورة الثانية من الدَّلالة.
ب ـ إِنَّ دلالة الأَثر لا تنحصر في الهداية إلى وجود المؤثر ، بل لها دلالة أُخرى في طول الدلالة الأُولى ، و هي الكشف عن خصوصيات المؤثر


من عقله و علمه و شعوره ، أو تجرده من تلك الكمالات و الصفات و غيرها. و لنوضح ذلك بمثال :
إِنَّ كتاب « القانون » المؤلف في الطب ، كما له الدَّلالة الأُولى و هي وجود المؤثر ، له الدَّلالة الثانية و هي الكشف عن خصوصياته التي منها أَنَّه كان إنساناً خبيراً بأُصول الطب و قوانينه ، مطّلعاً على الدَّاء و الدَّواء ، عارفاً بالأَعشاب الطبية ، إلى غير ذلك من الخصوصيات.
والملحمة الكبيرة الحماسية لشاعر إيران (الفردوسي) لها دلالتان :
دلالة على أَنَّ تلك الملحمة لم تتحقق إلا بظل علَّة أَوجدتها ، و دلالة على أَنَّ المؤلف كان شاعراً حماسياً مطلعاً على القصص و التواريخ ، بارعاً في استعمال المعاني المتناسبة مع الملاحم. و مثل ذلك كل ماتمر به مما بقي من الحضارات الموروثة كالأبنية الأثرية ، و الكتب النفيسة ، و الصنائع المستظرفة اليدوية و المعامل الكبيرة و الصغيرة ، إلى غير ذلك مما يقع في مرأى و منظر كل إِنسان. فالمهم في هذا الباب هو عدم الإِقتصار على الدلالة الأُولى بل التركيز على الدلالة الثانية بوجه علمي دقيق.
و على ضوء هذه القاعدة يقف العقل على الخصوصيات الحافة بالعلة ، و يستكشف الوضع السائد عليها ، و يقضي بوضوح بأَنَّ الأَعمال التي تمتاز بالنظام و المحاسبة الدقيقة ، لا بد أَنْ تكون حصيلة فاعل عاقل ، إستطاع بدقته أن يوجد أثره و عمله ، هذا.
كما يقضي بأنَّ الأَعمال التي لا تُراعَى فيها الدّقة اللازمة و النظام الصحيح ، تكون ناشئة عن عمل عامل غير عاقل ، و فاعل بلا شعور و لا تفكير ، فهذا ما يصل إليه العقل السليم بدرايته. و لتوضيح الحال نأتي بالمثالين التاليين :
المثال الأول : لنفترض أَنَّ هنا مخزناً حاوياً لأطنان عدة من مواد البناء بما فيها الحجر و الحديد و الإِسمنت و الجص و الخشب و الزجاج و الأَسلاك

و الأنابيب و غيرها من لوازم البناء ، ثم وضع نصف ما في هذا المخزن تحت تصرف أَحد المهندسين أَو المعماريين ، لينشئ به عمارة ذات طوابق متعددة على أَرض منبسطة.
و بعد فترة من الزمن جاء سيل جارف و جرف ما تبقى في المخزن من مواد الإِنشاء و تركها على شكل تل على وجه الأرض.
إِنَّ العمل الأَول (العمارة) قد نتج عن عمل و إِرادة مهندس عالم.
أَمَّا الثَّاني (التل) فقد حدث بالفعل الطبيعي للسيل من دون إِرادة و شعور.
فالعقلاء بمختلف مراتبهم و قومياتهم و عصورهم يحكمون بعقلانية صانع العمارة ، و مدى قوة إِبداعه في البناء ، من وضعه الأعمدة في أَماكنها المناسبة و إِكسائه الجدران بالمرمر ، و نصبه الأَبواب في مواضعها الخاصة ، و مدّه الأَسلاك و أَنابيب المياه الحارة و الباردة و وصلها بالحمامات و المغاسل ، و غير ذلك مما يتبع هندسة خاصة و دقيقة.
ولكن عندما نخرج إلى الصحراء كي نشاهد ما صنعه السيل ، فغاية ما نراه هو انعدام النَّظام و الترتيب فالحجر و المرمر قد اندثر تحت الطين و التراب ، و القضبان الحديدية قد طرحت إلى جانب ، و الأَسلاك تراها مقطعة بين قطعات الآجرّ ، و الأَبواب مرمية هنا و هناك ، و غير ذلك من معالم الفوضى و التبعثر. و بشكل عام ، إِنَّ المعدوم من هذا الحشد هو النظام و المحاسبة ، إِذ لا هندسة و لا تدبّر.
فالذي يُستنتج أنَّ المؤسس للبناء ذو عقل و حكمة ، و المُحْدِث للتل فاقد لهما ، فالمهندس ذو إِرادة والسيل فاقد لها ، و الأَول نتاج عقل و علم ، و الثاني نتاج تدفق الماء و حركته العمياء.

المثال الثاني : لنفترض أنَّنا دخلنا إلى غرفة فيها شخصان كل منهما جالس أمام آلة طابعة يريدان تحرير قصيدة لأحد الشعراء فالأول يحسن القراءة و الكتابة ، و يعرف مواضع الحروف من الآلة و الآخر أمّي لا يجيد سوى الضغط بأصابعه على الأزرار ، فيشرعان بعملهما في لحظة واحدة.
الذي نلاحظه أنَّ الأول دقيق في عمله يضرب بأصابعه حسب الحروف الواردة في القصيدة دون أن يسقط حرفاً أو كلمة منها.
و أَمَّا الآخر ، الأُمي البصير ، فيضرب على الآلة دون علم أَو هدىً و لا يستطيع أَنْ يميز العين من الغين ، و السين من الشين : و نتيجة عمله ليست إِلاّ الهباء و إِتلاف الأَوراق ، و لا يأتي بشيء مما أَردناه :
فنتاج الأول محصول كاتب متعلّم ، و نتاج الثاني محصول جاهل لا علم له و لا خبرة و لو أُعطي المجال للألوف ممن كف بصرهم و حرموا لذة العلم و التعلم أَنْ يحرروا نسخة صحيحة من ملايين النسخ التي يحررونها لاستحال ذلك ، لأَنهم يفقدون ما هو العمدة و الأَساس.
و لعلَّنا نشاهد في كل جزء من هذا الكون مثل تلك الصفحة التي حررت فيها قصيدة الشاعر و ترانا ملزمين بالإعتراف بعلم و معرفة و حسن أُسلوب كاتبها و نجزم بأَنه بصير لم يكن فاقداً للعلم ، و لم يكن فعله مشابهاً لفعل صبي رأى نفسه في غرفة خالية ، فطرق في خياله أَنْ يلهو و يلعب على آلة طابعة كي ينتج تلك الصفحة من قصيدة الشاعر.
و بعد ذكر الأَمثلة المتقدّمة يتَّضح لنا الفرق بين الأعمال التي تصدر عن إِرادة و تدبّر ، و التي تحدث عن طريق الصدفة ، إِذ لا إرادة فيها و لا تدبر.
و هذه القاعدة التي يدركها العقل (لا بفضل التجربة بل في ضل التفكر و التعقل) هي روح برهان النَّظم الذي هو من أَوضح براهين الإِلهيين في

إِثبات الصانع و رفض الإِلحاد و المادية ، و اشملها لجميع الطبقات. و ملخص بيانهم في تطبيق هذه المقدمة على العالم ، هو أَنَّ العلم لم يزل يتقدم و يكشف عن الرموز و السنن الموجودة في عالم المادة و الطبيعة و العلوم كلها بشتى أَقسامها و أَصنافها و تشعبها و تفرعها تهدف إلى أمر واحد و هو أَنَّ العالم الذي نعيش فيه ، من الذرة إلى المجرة عالم منسجم تسود عليه أَدق الأَنظمة و الضوابط ، فما هي تلك العِلَّة؟ أقول : إنها تتردد بين شيئين لا غير.
الأول : إنَّ هناك موجوداً خارجاً عن إطار المادة عالماً قادراً واجداً للكمال و الجمال ، قام بإيجاد المادة و تصويرها بأدق السنن ، و تنظيمها بقوانين و ضوابط دقيقة ، فهو بفضل علمه الوسيع و قدرته اللامتناهية ، أوجد العالم و أجرى فيه القوانين ، و أضفى عليه السنن التي لم يزل العلم من بدء ظهوره إلى الآن جاهداً في كشفها ، و مستغرقاً في تدوينها ، و هذا المؤثر الجميل ذو العِلم و القدرة هو الله سبحانه.
الثاني : إِنَّ المادة الصَّماء العمياء القديمة التي لم تزل موجودة ، و ليست مسبوقة بالعدم ، قامت بنفسها بإِجراء القوانين الدقيقة ، و أَضفت على نفسها السُّنن القويمة في ظل إِنفعالات غير متناهية حدثت في داخلها و انتهت على مر القرون و الأَجيال إلى هذا النظام العظيم الذي أَدهش العقول و أبهر العيون.
إِذا عرضنا هاتين النظريتين على المقدمةالرابعة لبرهان النظم ، و هي قادرة على تمييز الصحيح من الزائف منهما ، فلا شك أنها ستدعم أُولاهما و تبطل ثانيتهما لما عرفت من أنَّ الخصوصيات الكامنة في وجود المعلول و الأَثر ، تعرب عن الخصوصيات السائدة على المؤثر و العلّة ، فالسّنن و النُّظم تكشف عن المحاسبة والدقة ، و هي تلازم العِلْم و الشعور في العلَّة ، فكيف تكون المادة العمياء الصمَّاء الفاقدة لأي شعور هي التي أوجدت هذه السُّنن و النُّظم؟.

و على ضوء ذلك فالسُّنن و النُّظم ، التي لم يتوفق العلم إِلا لكشف أَقل القليل منها ، تثبت النظرية الأولى و هي احتضان العلَّة و اكتنافها للشعور و العِلْم و ما يناسبهما ، و تبطل النظرية الثانية و هي قيام المادة الصَّماء العمياء بإِضفاء السُّنن على نفسهابلا محاسبة و دقة بتخيل أَنَّ انفعالات كثيرة ، حادثة في صميم المادة ، انتهت إلى ذاك النظام المبهر تحت عنوان « الصدفة » أو غيرها من الصراعات الداخلية التي تلوكها أَلسنة الماركسيين.
و على ذلك فكل علم من العلوم الكونية ، التي تبحث عن المادة و خصوصياتها و تكشف عن سننها و قوانينها ، كعملة واحدة لها وجهان ، فمن جانب يعرّف المادة بخصوصياتها ، و من جانب آخر يعرّف موجدها و صانعها. فالعالم الطبيعي ينظر إلى واحد من الوجهين كما أَنَّ العارف ينظر إلى الجهة الأخرى و العالم الربّاني ينظر إلى كلتا الجهتين و يجعل الأُولى ذريعة للثانية. و بهذا نستنتج أنَّ العلوم الطبيعية كلها في رحاب إثبات المقدمة الرَّابعة لبرهان النظم ، و أَنَّ اكتمال العلوم يعين ذلك البرهان بأوضح الوجوه و أدقّ الطرق ، و أَنَّ الإِعتقاد بالصانع العالم القادر يصاحب العِلْم في جميع العصور و الأَزمان.
و في الختام نركز على نقطتين :
الأُولى : إِنَّ القرآن الكريم ملي بلفظة « الآية » و « الآيات » ، فعندما يسرد نُظُم الطبيعة و سُنَنَها ، و يعرض عجائب العالم و غرائبه ، يعقبه بقوله :
( إِنَّ في ذلِكَ لآية لِقَوْم يَتَفَكَّرُون ) أَو ( يذَّكَّرون ) أَو ( يعقلون ) إلى غير ذلك من الكلمات الحاثة على التفكر و التدبر ، و هذه الآيات تعرض برهان النَّظم بأوضح أشكاله على لسان الفطرة ، بدلالة آيوية (1) مشعرة بأَنَّ

1 ـ الآيوية : منسوب إلى الآية ، و هي دلالة خاصة إبتكرها القرآن الكريم وراء سائر الدلالات التي كشف عنها المنطقيون في أبحاثهم العلمية ، و المراد من الدلالة الآيوية هو ما ركَّزنا عليه من أَنَّ التعمق في الأَثر و التدبر في خصوصياته ، يهدينا إلى وجود المؤثر و خواصه ، ففي تلك الدلالة ، الآية ملموسة و محسوسة ، و إِنْ كان ذو الآية غير محسوس و لا ملموس.
التفكر في هذه السنن اللاحبة و النظم المحيَّرة يكشف بوضوح عن أَنَّ جاعلها موجود ، عالم قادر ، بصير و من المحال أَنْ تقوم المادة الصمّاء العمياء بذلك. و لأجل أَنْ يقف القارئ الكريم على بعض هذه الآيات نشير إلى ما ورد في سورة النحل في هذا المضمار :
1 ـ قوله سبحانه : ( يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالاَْعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ ) (1).
2 ـ قوله سبحانه : ( وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الاَْرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَذَّكَّرُونَ ) (2).
3 ـ قوله سبحانه : ( وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَسْمَعُونَ ) (3).
4 ـ قوله سبحانه : ( وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالاَْعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَعْقِلُونَ ) (4).
5 ـ قوله سبحانه : ( ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ ) (5).

1 ـ سورة النحل : الآية 11.
2 ـ سورة النحل : الآية 13.
3 ـ سورة النحل : الآية 65.
4 ـ سورة النحل : الآية 67.
5 ـ سورة النحل : الآية 69.


الثانية : إِنَّ برهان النَّظم و إِنْ كان يعتمد على مقدمات أَربع غير أَنَّ الثلاثة الأُول مما اتفق فيه جميع العقلاء إلاّ شذّاذ الآفاق من المثاليين المنكرين للحقائق الخارجية. و إِنما المهم هو التركيز على توضيح المقدمة الرابعة باستعانة من العلوم الطبيعية و الفلكية و غيرها التي تعد روحاً و أَساساً لتلك المقدمة. و في هذا المضمار نجد كلمات بديعة لخبراء العلم من المخترعين و المكتشفين : يقول « كلودم هزاوي » مصمم العقل الإِلكتروني : طلب مني قبل عدة سنوات القيام بتصميم آلة حاسبة كهربائية ، تستطيع أَنْ تحل الفرضيات و المعادلات المعقدة ذات البعدين ، و استفدت لهذا الغرض من مئات الأدوات و اللوازم الالكتروميكانيكية ، و كان نتاج عملي وسعيي هذا هو « العقل الالكتروني ».
و بعد سنوات متمادية صرفتها لإنجاز هذا العمل ، و تحمل شتّى المصاعب و أَنا أَسعى لصنع جهاز صغير ، يصعب عليَّ أن أتقبل هذه الفكرة و هي أَنَّ الجهاز هذا ، يمكن أَنْ يوجد من تلقاء نفسه دون حاجة إلى مصمم.
إِنَّ عالمنا مملو بالأَجهزة المستقلة لذاتها و المتعلقة بغيرها في الوقت ذاته ، و تعتبر كل واحدة منها أَعقد بكثير من العقل الإِلكتروني الذي صنعته ، و إِذا استلزم أَنْ يكون للعقل الالكتروني هذا مصمم فكيف يمكننا إِذن أَنْ ننفي هذا القول بالنسبة إلى أجسامنا بما فيها من خواص حياتيّة و أعمال فيزيائية و تفاعلات كيميائية ، فلا بد من وجود مصمّم حكيم خالق لهذا الكون و الذي أنا جزء حقير منه (1).
و العجب من الفرضية التي يعتمد عليها الماديون خلفاً عن سلف ، 1 ـ العلم يدعو للإِيمان ، ص 159.

و يقولون بأنّ الإِنفعالات اللامتناهية اللاشعورية انتهت صدفة إلى هذا النظام البديع.
يقول البروفسور « أَدوين كونكلين » في حق هذه النظرية : إِنَّ هذا الإِفتراض لا يختلف عن قولنا : « اِنَّ قاموساً لغوياً ضخماً أَنتجته المطبعة إِثْر انفجار فيها ».
إِنَّ نظام الكون الدقيق يجعل العلماء يتنبأون بحركة السيارات و الأَقمار الفلكية ، و التعبير عن الظواهر الطبيعية بمعادلات رياضية.
إِنَّ وجود هذا النظام في الكون بدلا من الفوضى ، لدليل واضح على أَنَّ هذه الحوادث تجري وفق قواعد و أسس معينة و أنّ هناك قوة عاقلة ، مهيمنة عليه ، و لا يستطيع كل من أوتي حظاً من العقل أَنْ يعتقد بأَنَّ هذه المادَّة الجامدة الفاقدة للحس و الشعور ـ و في إِثْر الصدفة العمياء ـ قد منحت نفسها النظام ، و بقيت و لا تزال محافظة عليه (1).
إِنَّ هناك مئات الكلمات حول تشييد برهان النَّظم و عرضها بشكل أَدبي ، علمي ، موافق لروح العصر ، و قد اكتفينا بعرض هذا المقدار. 1 ـ المصدر السابق نفسه.
الالهيات الشيخ السبحاني



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








آخر تعديل السيد عباس ابو الحسن يوم 06-15-2011 في 10:43 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 04:26 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية