هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 81 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 11-07-2010, 10:12 PM
الفاروق الاعظم
مشرف عام
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5057 يوم
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مضامين أحاديث التحريف في كتب الشيعة



مضامين أحاديث التحريف في كتب الشيعة

ويمكن تقسيم تلك الرّوايات إلى عدة أقسام تسهيلاً للمراد.

1 ـ الرّوايات التي وردت في شأن مصحف الإمام علي عليه السلام.

2 ـ أحاديث جاء فيها لفظ "التّحريف".

3 ـ قراءات منسوبة إلى بعض الأئمة.

4 ـ روايات الفساطيط.

5 ـ الرّوايات التي دلّت على ان بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذكر فيها أسماء الأئمة.

6 ـ الرّوايات التي دلّت على التّحريف في القرآن بالنقيصة.


الطائفة الاولى: الرّوايات التي وردت في شأن مصحف الإمام علي عليه السلام

ويقع البحث هنا في أصل وجود هذا المصحف ثمّ في مضمونه:


أ: أصل وجود هذا المصحف:

إنّ وجود هذا المصحف من الأمور الثابتة المتفق عليها بين الفريقين.


فمن كتب الخاصة التي أشارت إليه:

"كتاب سليم بن قيس"(1) و"الكافي"(2) لثقة الإسلام أبي جعفر الكليني (ت 329 هـ.).

ففي الكافي:


"... أخرجه [أي المصحف] عليّ عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عزّ وجلّ كما اُنزل على محمّد صلّى الله عليه وآله...".




____________

1 ـ ص 581، 582، 660، 665 وبمضمونه في التفسير [المنسوب إلى] القمي: ص 745.

2 ـ الكافي، كتاب فضل القرآن: ج 2، ص 633، رقم 29.
الصفحة 65

وأيضاً "كتاب التفسير"(1) للعياشي (ت 313 هـ.) ـ المعروف بتفسير العياشي ـ و"الاعتقادات"(2) لأبي جعفر الصدوق رحمه الله تعالى (ت 381 هـ.) و"مناقب آل أبي طالب" لابن شهرآشوب (ت 588 هـ.) فقد أخبر رحمه الله عن مصحف الإمام علي عليه السلام من طرق عديدة من الفريقين فلاحظ(3).


ومن كتب أهل السنة:

"الطبقات الكبرى"(4) لمحمد بن سعد (ت 230 هـ.) و"الفضائل" لابن الضريس(5) (ت 294 هـ.) و"كتاب المصاحف"(6) لابن أبي داود (ت 316 هـ.) و"كتاب الفهرست"(7) للنديم عن أحمد بن جعفر بن محمّد المنادي (المعروف بابن المنادي، ت 332 هـ.) و"المصاحف" لابن اشتة(8) (ت 360 هـ.) و"حلية الأولياء وطبقات الأصفياء"(9) و"الأربعين"(10) لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ.) و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب"(11) لابن عبد البرّ (ت 463 هـ.) والذي رواه بطريقين، و"شواهد التنزيل" للحاكم الحسكاني من أعلام القرن الخامس، فقد

____________

1 ـ تفسير العياشي: ج 2، ص 307 ـ 308.

2 ـ الاعتقادات: ص 93.

3 ـ مناقب آل أبي طالب: ج 2، ص 50.

4 ـ الطبقات الكبرى: ج 2، ص 338.

5 ـ نقلاً عن الاتقان: ج 1، ص 58.

6 ـ كتاب المصاحف: ص 16.

7 ـ كتاب الفهرست: ص 31 و32.

8 ـ نقلاً عن الاتقان: ج 1، ص 58.

9 ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: ج 1، ص 67.

10 ـ نقلاً عن مناقب آل أبي طالب: ج 2، ص 50.

11 ـ الاستيعاب، القسم الثالث: ص 974.
الصفحة 66

أورد خبر المصحف بعدة أسانيد(1) و"مفاتيح الأسرار ومصابيح الأنوار"(2) لعبد الكريم الشهرستاني (ت 548 هـ.) و"المناقب"(3) للموفق خطيب خوارزم (ت 568 هـ.) و"التسهيل في علوم التنزيل"(4) لابن جزي الكلبي (ت 741 هـ.) و...


ب: مضمونه:

إن وجود مصحف الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بشكل يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه، وتسالم العلماء من الفريقين على وجوده اغنانا عن التكلف لاثباته.

وقد أشار الشيخ المفيد (ت 413 هـ.) من قدماء الإمامية إلى ذلك وقال:


"قد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من اوله إلى آخره والذي بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكّي على المدني والمنسوخ على الناسخ ووضع كل شيء منه في موضعه ولذلك قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: اما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمّي من كان قبلنا..."(5).



وقد صرح المتأخرون بذلك كـ "أبي عبد الله الزنجاني"(6) و"النهاوندي"(7)

____________

1 ـ شواهد التنزيل: ج 1، ص 36 ـ 38.

2 ـ مفاتيح الأسرار ومصابيح الأنوار: ج 1، ص 121. وقد فصل القول في مصحف الإمام علي عليه السلام.

3 ـ المناقب: ص 94، رقم 93.

4 ـ نقلاً عن علوم القرآن عند المفسرين: ج 1، ص 351.

5 ـ المسائل السروية: المسألة التاسعة: ص 79.

6 ـ تاريخ القرآن: ص 76.

7 - نفحات الرحمن: ج 1، الورقة 12.
الصفحة 67

و"العلاّمة الطباطبائي"(1).

وقد ذكر أبو عبد الله الزنجاني فهرساً في ترتيب سور ذلك المصحف(2)، ومن علماء أهل السنة الذين عملوا هذا الفهرس الذي كتب بحسب ترتيب السور في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام: "عبد الكريم الشهرستاني" في مقدمة تفسيره(3).

ومن جملة الرّوايات التي تدل على هذا النوع من الترتيب; روايات يمكن تسميتها بـ "روايات الفساطيط" وسيأتي البحث فيها إن شاء الله في الطائفة الرابعة.

كما ان اشتمال قرآنه على زيادات وإن كان صحيحاً، إلاّ أنّ هذه الزيادات ليست من القرآن بعنوان الوحي المعجز، بل الصحيح هو أنّ تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلام، أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد، وتدل على هذا الرّوايات التي وردت في شأن هذا المصحف من الفريقين إمّا بالنص كما في "تفسير الصافي" عن الإمام علي عليه السلام قال:


"أتى بالكتاب كملاً مشتملاً على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ لم يسقط منه حرف"(4).



وإمّا بالتأمّل والدرّاية كما في روايتي جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال:


"ما ادّعى احد من الناس انه جمع القرآن كلّه كما أنزل الاّ كذّاب وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده"(5).




____________

1 ـ الميزان في تفسير القرآن: ج 12، ص 119.

2 ـ تاريخ القرآن: ص 77 ـ 78.

3 ـ مفاتيح الأسرار ومصابيح الأنوار: ج 1، ص 125.

4 ـ تفسير الصافي، المقدمة السادسة: ص 11.

5 ـ الكافي: ج 1، ص 228.
الصفحة 68

وقال عليه السلام:


"ما يستطيع احد ان يدَّعي ان عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الأوصياء"(1).



قال العلاّمة الطباطبائي في حاشيته على الكافي:


"قوله عليه السلام "إنّ عنده جميع القرآن كلّه" الجملة، وإن كانت ظاهرة في لفظ القرآن المشعرة بوقوع التّحريف فيه لكن تقييدها بقوله: "ظاهره وباطنه" يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي وكذا قوله في الرواية السابقة: "وما جمعه وحفظه الخ" حيث قيد الجمع بالحفظ فافهم"(2).



فعلى هذا لا دلالة في شيء من الرّوايات على ان الزيادات في مصحف الإمام علي عليه السلام من القرآن نفسه، بل هي ـ كما قلنا ـ بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد. وعلى هذا يحمل ما ورد من ذكر أسماء المنافقين في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام(3) فانّ ذكر اسمائهم لابد وان يكون بعنوان التفسير، والشاهد عليه سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وحسن اخلاقه، فانّ دأبه تأليف قلوبهم والإسرار بما يعلمه من نفاقهم، فكيف يمكن أن يذكر أسماءهم في القرآن ويأمرهم بلعن أنفسهم ويأمر سائر المسلمين بذلك ويحثهم عليه ليلاً ونهاراً؟! وهل يقاس ذلك بذكر أبي لهب المعلن بشركه ومعاداته للنبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مع علم النبيّ بأنه يموت على شركه؟ وهذا واضح لمن له أدنى اطّلاع على سيرة النبىّ صلّى

____________

1 ـ نفس المصدر: ج 1، ص 228 وبصائر الدرّجات: ص 193.

2 ـ نفس المصدر: ج 1، ص 228.

3 ـ كرواية الكافي: ج 2، ص 631 ويأتي تمام الكلام في تلك الرواية وما شابهها في المقام الثاني.
الصفحة 69

الله عليه وآله وسلّم.


نظرة إلى آراء العلماء في مصحف الإمام علي عليه السلام:

يعتقد بعض كبار العلماء أنّ ما يوجد في المصحف زيادة على المصحف الموجود، هو من جنس الأحاديث القدسية ومنهم الشيخ أبو جعفر الصدوق (ت 381 هـ.) حيث قال:


"وقد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن... وكان أمير المؤمنين علي عليه السلام جمعه فلما جاء به قال هذا كتاب ربّكم كما أنزل على نبيكم لم يزد فيه حرف ولا ينقص منه حرف"(1).



وبعض آخر ـ وهو قول الغالب ـ يرى بأنّ هذه الزيادات وإن كان من الوحي لكن ليست من سنخ آيات القرآن بل من سنخ تأويل الوحي وتنزيله بعنوان شرح المراد، وحذفها من المصحف الموجود لا يخلّ بصيانة القرآن عن التّحريف.

ومبتكر هذه النظرية عميد الطائفة الشيخ المفيد (ت 413 هـ.) إذ يقول:


"... وحذف [من المصحف الموجود] ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله وذلك كان ثابتاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز..."(2).



ويؤيّد هذه النظرية شواهد كثيرة، وقد لاقت استقبال علماء الإمامية، وكلّ من ذكر منهم أنّ الاختلاف بين مصحف الإمام علي عليه السلام والمصحف الموجود لا ينحصر في ترتيب السور، بل يتعداه إلى امور أُخر منهم: "المحدث الفيض

____________

1 ـ الاعتقادات: ص 92.

2 ـ اوائل المقالات ومذاهب المختارات: ص 93.
الصفحة 70

الكاشاني"(1) و"المحقق الكاظمي البغدادي"(2) و"الشيخ جعفر الكبير"(3) و"السيد الخوئي"(4) و"العلامة الطباطبائي" فاستدل العلامة الطباطبائي على هذا القول بما نصُّه:


"... ولو كان مخالفته في بعض الحقائق الدينية لعارضهم بالاحتجاج ودافع فيه ولم يقنع بمجرد اعراضهم عما جمعه واستغنائهم عنه"(5).



نعم خالف في هذا المعنى شرذمة قليلة من الأخباريين كالمحدّث النوري الذي أصرّ ـ كعادته ـ على ان الاختلاف كان في نفس القرآن حقيقة(6). وجاء بالرّوايات من الفريقين من دون تأمل وتدبر في مفادها ومعناها، وسيأتي إن شاء الله في المقام الثاني انّ اكثر هذه الرّوايات لا مساس له بمسألة مصحف الإمام عليه السلام وما ورد في شأنه. فبعضها مطعون في طرقها، وبعضها محمول على ما قلنا وإلا فمع معارضتها بأدلّة صيانة القرآن عن التّحريف ساقطة لا محالة.

وأما قول علماء أهل السنة في شأن مصحف الإمام علي عليه السلام فقد قال محمّد بن سعد:


"فزعموا أنّه [أي الإمام علىّ عليه السلام] كتبه على تنزيله، وقال محمّد بن سيرين: فلو اُصيب ذلك الكتاب لكان فيه علم"(7).



وقال ابن اشته:


____________

1 ـ الصافي في تفسير القرآن: ج 1، ص 46 والوافي: ج 9، القسم الثالث من الجزء الخامس: ص 1779.

2 ـ شرح الوافية في علم الاصول نقلاً عن فصل الخطاب: ص 120.

3 ـ كشف الغطاء: ص 274.

4 ـ البيان: ص 223.

5 ـ الميزان في تفسير القرآن: ج 12، ص 116.

6 ـ فصل الخطاب: ص 97.

7 ـ الطبقات الكبرى: ج 2، ص 338.
الصفحة 71


"كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ"(1).



وقال ابن عبد البرّ بسنده عن محمّد بن سيرين أنـّه قال:


"فبلغني أنـّه كتب على تنزيله ولو اُصيب ذلك الكتاب لكان فيه علم"(2).



وقال ابن جزي:


"فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد"(3).



وأخيراً قال السيوطي:

"جمهور العلماء اتفقوا على أنّ ترتيب السُّور كان باجتهاد الصحابة، وأنّ ابن فارس استدلّ لذلك بأنّ منهم من رتّبها على النزول وهو مصحف علي [عليه السلام] كان أوله إقرأ ثم نون ثم المزّمّل هكذا ذكر السور إلى آخر المكي ثمّ المدني"(4).

فنلاحظ أنّ مضامين هذه الرّوايات تتحد مع روايات الشيعة في الدلالة على أنّ مصحف الإمام علي عليه السلام علاوة على أنّ سوره وآياته مرتبة كما أنزله الوحي، فإنه يشتمل على حقائق كثيرة من تبيين وتفسير للآيات الشريفة، فما قاله "ابن سيرين" فيه: "كتبه على تنزيله" مع التنبه إلى أنّ اصطلاح "التنزيل" عند القدماء; كان بهذا المعنى، فذلك المصحف يشتمل على حقائق شرح وتفسير مراد الله عزّ وجلّ، وفيه كنز عظيم من العلم وهذا ما أكَّدته الرّوايات كقوله: "لو أُصيب

____________

1 ـ نقلاً عن الاتقان:، ج 1، ص 58.

2 ـ الاستيعاب في معرفة الأصحاب: القسم الثالث، ص 974.

3 ـ نقلاً عن علوم القرآن عند المفسرين: ج 1، ص 351.

4 ـ الاتقان: ج 1، ص 66.
الصفحة 72

ذلك الكتاب لكان فيه علم" طبعاً إذا تنبهنا إلى الشخصية العظيمة للامام علي عليه السلام الذي لم يصل أحد إلى ما وصله غير النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ومكانته من القرآن ـ فيما لو دققنا في مفاد حديث الثقلين وغيره(1) ـ فسنقطع بأنّ أمر تدوين القرآن الكريم وترتيبه لم يعرف علمه عند غير علي عليه السلام. يقول عبد الكريم الشهرستاني:


"ومن المعلوم أنّ الذين تولّوا جمع القرآن كيف خاضوا فيه ولم يراجعوا أهل البيت عليهم السلام في حرف بعد اتفاقهم على أن القرآن مخصوص بهم وانهم أحد الثقلين في قول النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وفي رواية، أهل بيتي إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا وإنّهما لن يفترقا"(2).



وسنتعرض في المقام الثاني لتفصيل الكلام في مصحف الإمام علي عليه السلام.




رد مع اقتباس
قديم 11-07-2010, 10:12 PM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الطائفة الثانية: الأحاديث التي جاء فيها لفظ "التّحريف"

يتبين من مضامين الرّوايات والقرائن والشواهد التي فيها أنَّ لفظة "التّحريف" في نوع تلك الرّوايات بمعنيين: أحدهما حمل الآيات على غير معانيها وهو التّحريف المعنوي، والآخر بمعنى اختلاف القراءات، وواضح أن التّحريف بهذين المعنيين بعيد عن محلّ النزاع الذي هو التّحريف بمعنى وجود النقص أو الزيادة في القرآن.

فمن القسم الأوّل ما عن كامل الزيارات عن عبد الأعلى. قال:


____________

1 ـ كقول الإمام علي عليه السلام: "كانت لي منزلة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تكن لأحد من الخلائق..." خصائص أمير المؤمنين للحافظ أحمد بن شعيب النسائي: ص 162 وقد أخرج الحديث جمع كثير من الحفاظ والعلماء انظر: التعليق على كتاب الخصائص: ص 159 ـ 164 وسنذكر بعض أدلة أُخَرَ في المقام الثاني.

2 ـ مفاتيح الأسرار ومصابيح الأنوار: ج 1، ص 125.
الصفحة 73


"قال أبو عبد الله عليه السلام: أصحاب العربية يحرفون كلام الله عزّ وجلّ عن مواضعه"(1).

قال السيد الخوئي في شأن هذه الرواية:


"إنّ الظاهر من الرواية تفسير التّحريف باختلاف القرّاء، وإعمال اجتهاداتهم في القراءات. ومرجع ذلك إلى الاختلاف في كيفية القراءة مع التحفظ على جوهر القرآن وأصله... فهذه الرواية لا مساس لها بمسألة التّحريف بالمعنى المتنازع فيه"(2).



ومن القسم الثاني على سبيل المثال:

ما عن الكليني والصدوق باسنادهما عن علىّ بن سويد. قال:


"كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً إلى أن ذكر جوابه عليه السلام بتمامه وفيه قوله عليه السلام: اؤتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه"(3).



وعن ابن شهر آشوب باسناده عن عبد الله في خطبة أبي عبدالله الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء، وفيها:


"إنّما أنتم من طواغيت الأمّة، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب، ونفثة الكتاب، وعصبة الآثام ومحرّفي الكتاب"(4).



قال السيد الخوئي في شأن هذه الرّوايات أيضاً:


"فهي ظاهرة في الدلالة على أنَّ المراد بالتحريف حمل الآيات على



____________

1 ـ نقلاً عن البيان في تفسير القرآن: ص 228.

2 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 229.

3 ـ خصال الصدوق: باب الثلاثة، ص 174.

4 ـ مناقب آل أبي طالب: ج 4، ص 119.
الصفحة 74


غير معانيها الذي يلازم انكار فضل أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ونصب العداوة لهم وقتالهم. ويشهد لذلك صريحاً نسبة التّحريف إلى مقاتلي أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في الخطبة المتقدمة ورواية الكافي عن الإمام الباقر عليه السلام حيث قال عليه السلام: "وكان من نبذهم الكتاب أنهم أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده"(1).



وقال الاستاذ الشيخ محمّد هادي معرفة:


"إنّ التّحريف في اللغة وفي مصطلح الشرع "في الكتاب والسنة" يراد به التّحريف المعنوي، أي تفسيره بغير الوجه المعبّر عنه بالتأويل الباطل وهو المراد في هذه الرّوايات... ويشهد لذلك ما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام في تقسيم القارئين للقرآن: "ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده..." فجاء استعمال التضييع موضع التّحريف وتضييع حدود القرآن هو تركها وعدم العمل وفقها، كما كان المراد من تحريفها: عدم وضعها في مواضعها، لأنّه مأخوذ من الحرف بمعنى الجانب..."(2).



وقد استنبط هذا المعنى من تلك الرّوايات أيضاً العلاّمة الشيخ محمّد جواد

____________

1 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 229، إنّ ما قاله السيد الخوئي:


"يشهد لذلك صريحاً نسبة التّحريف إلى مقاتلي أبي عبد الله..." يعنى أنّ أبا عبد الله عليه السلام استشهد في سنة 61 هـ. وفي ذلك الزمان انتشر القرآن في أرجاء العالم فكيف يمكن أن يكون مقاتلوه انقصوا من القرآن أو زادوا فيه؟ بل إنهم خالفوا قول القرآن بوجوب مودة ذوي القربى وغيره وقتلوه صبراً وهذا تحريف كتاب الله بعينه لكنه تحريف معنوي لا لفظيٌّ".



2 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 259.
الصفحة 75

البلاغي(1) والشيخ عبد الحسين الأميني(2) والسيد محمّد هادي الميلاني(3). ولمزيد من التفصيل حول مفاد تلك الرّوايات ورفع الشبهات الدائرة حولها راجع كتاب "صيانة القرآن عن التّحريف"(4).


الطائفة الثالثة: قراءات منسوبة إلى بعض الأئمة عليهم السلام:

فمن تلك الرّوايات التي دلّت على قراءات منسوبة هي:

1 ـ ما روى شيخ الطائفة في "التهذيب" عن الشيخ المفيد باسناده عن غالب بن الهذيل، قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى (وامسحوا بِرُؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)(5) على الخفض هي أم على النصب؟ قال: بل هي على الخفض(6).

2 ـ ما روى الكليني من طريق علي بن إبراهيم باسناده عن حريز، أن الإمام الصّادق عليه السلام قرأ: (فليس عليهنَّ جناح أن يضعن ـ من ـ ثيابهن)(7) بزيادة "من"(8).

3 ـ وروى باسناده عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قرأ قوله تعالى: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق)(9) قرأها: "يُنْطَق" (مبنياً للمفعول من باب

____________

1 ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن: ج 1، ص 26.

2 ـ الغدير: ج 3، ص 101.

3 ـ نقلاً عن التحقيق في نفي التّحريف: ص 32.

4 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 259 وما بعدها.

5 ـ سورة المائدة (5): الآية 6.

6 ـ تهذيب الأحكام: ج 1، ص 71.

7 - سورة النور (24): الآية 60.

8 ـ الكافي: ج 8، ص 200 الرقم 241.

9 ـ سورة الجاثية (45)/ 29.

الصفحة 76

الافعال. والقراءة المشهورة: "ينطق ثلاثياً مبنيّاً للفاعل") قال عليه السلام في توجيه هذه القراءة: "ان الكتاب لم ينطق ولن ينطق ولكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الناطق بالكتاب... قال: هكذا والله نزل به جبرائيل على محمّد صلّى الله عليه وآله ولكنّه ممّا حرّف من كتاب الله."(1) وروايات اختلاف القراءة التي جاءت في "الكافي" ربّما تنوف على الخمسين اقتصرنا على نماذج منها خوف الاطالة.


هذه القراءات المنسوبة إلى الأئمة عليهم السلام طريقها آحاد وهي قد تخالف الجمهور وقد تكون موافقة لبعض القراءات المعتبرة(2) أو الشاذة في مصطلحهم، وهي ليست بحجّة; أولاً: لأنّ القرآن انما يثبت بالتواتر لا بالآحاد، وثانياً: إنّ الاختلاف في القراءة ليس دليلاً على الاختلاف في نصّ الوحي، لأنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر فلا يصلح ذلك مستمسكاً للقول بالتحريف.

ويقول الشيخ المفيد في "المسائل السروية":


"فان قال قائل: كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان، وأنتم تروون عن الأئمة عليهم السلام انهم قرأوا "كنتم خير أئمة اخرجت للناس" "وكذلك جعلناكم أئمة وسطاً" وقرأوا "يسألونك الأنفال" وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس.



قيل له: قد مضى الجواب عن هذا، وهو أنّ الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها، فلذلك وقفنا فيها ولم

____________

1 ـ الكافي: ج 8، ص 50 الرقم 11.

2 ـ كقراءة "ارجلكم" بالخفض، فقد قرأ بالخفض ثلاثة من القراء السبعة وهم: ابن كثير وأبو عمرووحمزة وعاصم أيضاً برواية شعبة فقد نصّ عليه شيخ الطائفة في التهذيب: ج 1، ص 72.
الصفحة 77


نعدل عما في المصحف الظاهر على ما اُمرنا به حسب ما بينّاه، مع انه لا ينكر ان تأتي القراءة على وجهين منزلين احدهما ما تضمّنه المصحف والآخر ما جاء به الخبر كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شتّى..."(1).



ولم يحمل أحد من علماء الإمامية تلك الرّوايات على التّحريف بمعنى التغيير في نصِّ الوحي سوى المحدِّث النوري الذي جاء بهذه الرّوايات دليلاً ـ حسب زعمه ـ على ورود التّحريف في القرآن(2). والحال أنَّ مفاد تلك الرّوايات لا علاقة له بمسألة التّحريف كما هو معلوم.


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2010, 10:14 PM   #3
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الطائفة الرابعة: روايات الفساطيط

هي روايات وردت بشأن فساطيط تضرب ظهر الكوفة، ايام ظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف لتعليم الناس قراءة القرآن وفق ما جمعه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنّه خلاف الترتيب المعهود، نذكر جملة منها:

1 ـ روى الشيخ المفيد رواية مرسلة عن جابر الجعفي عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:


"إذا قام قائم آل محمّد صلّى الله عليه وآله ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن، على ما أنزل الله. فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنّه يخالف فيه التأليف"(3).



2 ـ روى الكليني بإسناده إلى سالم بن مسلمة قال:


____________

1 ـ المسائل السروية: المسألة التاسعة، ص 78.

2 ـ فصل الخطاب: ص 280.

3 ـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد: ج 2، ص 386.
الصفحة 78


"قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا استمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرأه الناس، فقال عليه السلام: كفّ عن هذه القراءة، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فاذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عزّ وجلّ على حدِّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام."(1)


وبهذا المعنى وردت روايات اُخرى(2).

ان مفاد هذه المجموعة من الرّوايات له ارتباط وثيق بالروايات الواردة في مصحف الإمام علي عليه السلام، وقد سردنا عليك آراء علماء الإمامية فيه، وسيأتي أيضاً البحث عن ذلك المصحف بنظر الفريقين، وسوف نلاحظ من خلال تلك الرّوايات انّ مصحف الإمام علي عليه السلام لا يختلف بجوهره عن نصوص آيات القرآن وانما هو موضح ومفسّر لها، كما يقول الاستاذ الشيخ معرفة بعد ذكر مجموعة من تلك الرّوايات:


"هذه الرّوايات ان دلت على شئ فانما تدل على اختلاف ما بين مصحفه عليه السلام والمصحف الحاضر أما ان هذا الاختلاف يعود في نصّه أم في نظمه أم في أمر آخر، فهذا مما لا تصريح به في تلكم الأحاديث سوى الحديث الذي هو صريح في وجه الاختلاف، وانه ليس في سوى النظم والتأليف لا شيء غيره، فهو خير شاهد على تبيين وجه الاختلاف المنوّه عنه في سائر الرّوايات... وقد ألِفَ الجمهور هذا النسج الحاضر، واعتادوا عليه خلفاً عن سلف طيلة عشرات القرون، فيصعب عليهم التعوّد على خلافه كما أشار إليه



____________

1 ـ الكافي: ج 2، ص 631 رقم 15.

2 ـ راجع الكافي: ج 2، ص 619 رقم 2 وج 2، ص 633 رقم 23 والبحار: ج 52، ص 339 رقم 85 وص 364 رقم 139 و140 و141 وغيرها.
الصفحة 79


الحديث وصحّ قوله عليه السلام في حديث آخر: "قرأ كتاب الله على حدّه" أي على نسجه الأوّل الاصيل وفق ما انزل الله تماماً من غير تحوير، وعدم فوت شيء من خصوصيات النزول، زماناً ومكاناً ومورداً وغير ذلك من الوجوه التي يتضمنها مصحف أمير المؤمنين عليه السلام. ومما يدل على أن القرآن الذي يأتي به صاحب الأمر ليست فيه زيادة على هذا الموجود، ما رواه العياشي باسناده عن أبي جعفر عليه السلام، قال: "ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن"(1) أي أنّ هذا الموجود بأيدينا فيه آيات صريحة في قيامه وظهوره وبسطه العدل في الأرض، اذ لو كان ما دلّ على صدقه هي زيادات فيما لديه "عجل الله تعالى فرجه الشريف" ممّا لم يعهدها المسلمون من ذي قبل لكان ذلك من الدور الباطل، اذ لا يعرف الشيء من قبل نفسه..."(2).




الطائفة الخامسة: ذكر بعض أسماء الأئمة ـ عليهم السلام ـ في القرآن

ومن الروايات التي دلّت على أن بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذكر فيها أسماء الأئمة ـ عليهم السلام ـ هي:

1 ـ ما عن الكافي باسناده عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال:


"ولاية علي بن أبي طالب مكتوبة في جميع صحف الأَنبياء، ولن يبعث الله رسولاً الاّ بنبوّة محمّد وولاية وصيّه، صلى الله عليهما وآلهما"(3).



ومضمون هذا الحديث ورد في كتب أهل السنّة أيضاً:


____________

1 ـ تفسير العياشي: ج 1، ص 13، رقم 6.

2 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 269 وما بعدها.

3 ـ الكافي: ج 1، ص 437، الرقم 6.
الصفحة 80

كما رواه الحاكم الحسكاني بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال ابن مسعود:


"قال النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم: يا عبد الله أتاني الملك فقال: يا محمّد (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) على ما بعثوا؟ قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علىّ بن أبي طالب"(1).



ورواه أيضاً الحاكم أبو عبد الله النيسابوري صاحب المستدرك على الصحيحين في كتابه "معرفة علوم الحديث"(2).

وهكذا رواه عنه ابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ مدينة دمشق(3).

ورواه الخوارزمي في مناقب "أمير المؤمنين"(4).

والثعلبي في تفسير الآية الكريمة من تفسيره(5).

ومنها:

2 ـ رواية العياشي باسناده عن الصادق عليه السلام:


"لو قرئ القرآن ـ كما أنزل ـ لألفيتنا فيه مسمّين"(6).



3 ـ ورواية الكافي وتفسير العياشي عن أبي جعفر عليه السلام وكنز الفوائد بأسانيد عديدة عن ابن عباس وتفسير فرات بن إبراهيم الكوفي بأسانيد متعددة أيضاً عن الأصبغ بن نباتة، قال:


"قال أمير المؤمنين عليه السلام: القرآن نزل على أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع سنن وأمثال وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائم



____________

1 ـ شواهد التنزيل: ج 2، ص 222.

2 ـ معرفة علوم الحديث: آخر النوع (24): ص 96.

3 ـ ترجمة الإمام علىّ بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق: ج 2، ص 97، الرقم 602.

4 ـ مناقب الخوارزمي: الفصل 19، ص 221.

5 ـ الكشف والبيان (المخطوط): ج 4، الورقة 335، والمطبوع: ج 8، ص 338.

6 ـ كتاب التفسير (تفسير العياشي): ج 1، ص 13، رقم 4.
الصفحة 81


القرآن"(1).




وممّن روى هذا الحديث من أهل السنّة:

ابن المغازلي الشافعي بسنده عن ابن عباس عن النبىّ صلّى الله عليه وآله:


"... فقال النبىّ صلى الله عليه وآله [لاصحابه] مم تعجبون، إن القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، والله أنزل في عليّ كرائم القرآن"(2).



والقندوزي الحنفي في "ينابيع المودة"(3).

وفي "حبيب السير" لغياث الدين بن همّام (ت 930 هـ.): قال: "روى الحافظ أبو بكر بن أحمد بن موسى بن مردويه بسنده عن علي كرم الله وجهه مثله"(4).

والحاكم الحسكاني الحنفي في "شواهد التنزيل"(5).

وهذه الرّوايات لا تدلّ أبداً على التّحريف في ألفاظ القرآن ولكنّها مع التنبّه الى المفاهيم المتقدمة وهي: "التنزيل" و"الإقراء" و"التأويل" وكذا بالنظر إلى سبب النزول والجري والتطبيق ومعرفة مصداق الآيات مع التنبّه الى كلّ ذلك، يتضح ان الإمام حينما يقول: "فيه مُسمَّيْن" أو "ولاية علي بن أبي طالب مكتوبة" أو "ربع فينا..." فلا يريد التسمية بهذا الاسم، بل بذكر السمات والنعوت الدالة على فضيلة

____________

1 ـ الكافي: ج 2، ص 627 وكتاب التفسير: ج 1، ص 19.

2 ـ مناقب الإمام علي بن أبي طالب لابن المغازلي [وهو أبو الحسن علي بن محمّد الشافعي الشهير بابن المغازلي ت 483 هـ. ق.]: ص 328، ح 375 وأخرج الحديث الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في "ما نزل من القرآن في علي" على ما ذكره السيد أحمد بن طاووس في كتابه "بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية" وقال: روى أيضاً أبو الفرج الاصبهاني الاموي (ت 356 هـ. ق.) في كتابه "ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام".

3 ـ ينابيع المودة: ص 126، ط. اسلامبول وص 148 ط. الحيدرية في النجف.

4 ـ حبيب السير: ج 2، ص 13.

5 ـ شواهد التنزيل: ج 1، ص 44 و45 و47.
الصفحة 82

الاختصاص بحيث لا يبقى عليه غبار عند ذي حجى.

ويدل على ذلك ما رواه الكليني باسناده عن أبي بصير قال:


"سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم)(1) قال: نزلت في علي والحسن والحسين، قلت: ان الناس يقولون: فما باله لم يسمّ علياً وأهل بيته في كتاب الله! قال عليه السلام: فقولوا لهم: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ له ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول الله صلّى الله عليه وآله الذي فسّر لهم ذلك"(2).



قال السيد الخوئي رحمه الله تعقيباً على ذلك:


"هذه الصحيحة حاكمة على جميع تلك الرّوايات وموضّحة للمراد منها: أي ان ذكرهم عليهم السلام في الكتاب انما كان بالنعوت والاوصاف، لا بالتسمية المتعارفة"(3).



وأخيراً قال الإمام الخميني رحمه الله في ردّ من تمسك بهذه الرّوايات لإثبات التّحريف اللفظي للقرآن، ما ملخّصه:


"لو كان الأمر كذلك أي كون الكتاب الالهي مشحوناً بذكر أهل البيت وفضلهم وذكر أمير المؤمنين واثبات وصايته وامامته بالتسمية، فلم لم يحتجّ بواحد من تلك الآيات النازلة والبراهين



____________

1 ـ سورة النساء (3): الآية 59.

2 ـ الكافي: ج 1، ص 286.

ومن الواضح ان الإمام عليه السلام بذكره مثالاً في جواب الراوي من باب الجدال بالّتي هي احسن وإلاّ فلو كان الإمام في مقام بيان حكمة عدم ذكر الإمام علي وأهل بيته عليهم السلام في القرآن، لاتخذ جوابه شكلاً آخر.

3 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 231.
الصفحة 83


القاطعة من الكتاب الالهي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وسائر الأصحاب الذين كانوا لا يزالون يحتجّون على خلافته عليه السلام.

ولِم تشبّث عليه السلام بالاحاديث النبوية والقرآن بين اظهرهم..."(1).



وعلى أي حال فلو لاحظنا الرّوايات التفسيرية عند الفريقين بشكل جيد لاَتضح لنا انّ نزول كثير من الآيات وتأويلها إنّما هو في عترة النبىّ صلّى الله عليه وآله وبالأخص أمير المؤمنين عليه السلام، وهذه النكتة ليست بخافية على أهل التحقيق. فعلى سبيل المثال:

أخرج ابن عساكر عن ابن عباس; قال:


"ما نزل في احد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي"(2).



وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:


"ما أنزل الله يا أيّها الذين آمنوا إلاّ وعليّ أميرها وشريفها ولقد عاتب الله أصحاب محمّد في غير مكان وما ذكر عليّاً إلاّ بخير"(3).



وروايات أخرى سيأتي ذكر شطر منها. ويكفي أن نستمع إلى النبىّ صلّى الله عليه وآله وهو يقول:


____________

1 ـ انوار الهداية: ص 243 ـ 247.

2 ـ ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق: ج 2، ص 428، رواه ابن عساكر بطرق خمسة عن ابن عباس بالرقم 935 ـ 940.

3 ـ المعجم الكبير: ج 11، الرقم 11687 وأيضاً: الفضائل لأحمد (من زيادة القطيعي): الرقم 236، ومناقب الإمام أمير المؤمنين لاحمد بن سليمان (من أعلام القرن الثالث): ج 1، الرقم 67 و81 وشواهد التنزيل: ج 1، ص 53 وحلية الاولياء: ج 1، ص 64 والمناقب للخوارزمي: ص 179 وغيرها.
الصفحة 84


"إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله"(1).



ليتضّح لنا جلياً أنّ وقوف بعض الناس صفاً لمواجهة أمير المؤمنين عليه السلام يعتبر تأويلاً لبعض الآيات. والإمام علي عليه السلام نفسه وجيشه أيضاً نوع آخر من تأويل القرآن، وهذا يؤيد ما رووا من "ان ربع القرآن في اعداء الأئمة عليهم السلام" لأنّ العدوّ لأحدهم عدوّ لجميعهم.


الطائفة السادسة: التّحريف بالنقيصة:

توجد في كتب الشيعة روايات دلّت على تحريف القرآن بالنقيصة، وهي أقسام:

فقسم منها يدلّ بصراحة على أنـّه شرح وتفسير للآية كما روى الكليني باسناد رفعه إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قرأ: (وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل)(2) وعقبّها بقوله: "بظلمه وسوء سريرته"(3).

فانه عليه السلام يفسّر كيفية الاهلاك بأنه بسوء سريرته وظلمه لا بعامل آخر.

ومثله ما رواه أيضاً بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قوله تعالى:


____________

1 ـ خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: لاحمد بن شعيب النسائي بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: "كنّا جلوساً ننتظر رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمى بها إلى علي فقال: "ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله" فقال أبو بكر: أنا؟ قال: "لا" قال عمر: أنا؟ قال: "لا". ولكن صاحب النعل": ص 217، الرقم 156.

قال محقق الكتاب: واخرجه ابن أبي شيبه في المصنف (12: 64) وأحمد في المسند (3: 31، 33، 82) والقطيعي في زوائد الفضائل (107) وأبو نعيم في الحلية (1: 67) وابن المؤيد الجويني في فرائد السمطين (1: 159، 160، 161، 280) وابن عساكر (12: 180) و... ثم شرع في وهم ابن الجوزي الذي أدخل هذا الحديث في العلل المتناهية وتعقب الذهبي في تلخيص العلل المتناهية (18 ق.) في خطأ ابن الجوزي وبيان وجه الصحيح... "خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ص 167".

2 ـ سورة البقرة (2): الآية 205.

3 ـ الكافي: ج 8، ص 289، برقم 435.
الصفحة 85

(وإن تَلووا أو تُعرِضوا)قال: وإن تلووا الأمر وتُعرِضوا عمّا اُمرتم به (فإنّ الله كان بما تعملون خبيراً)(1).

وقسم منها قد ورد فيها ألفاظ "التنزيل" و"التأويل" وغيرهما.

كما روى الكليني باسناده إلى محمّد بن خالد عن الإمام الصادق عليه السلام أنـّه قرأ: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ـ بمحمد)قال: هكذا والله نزل بها جبرائيل على محمّد عليهما السلام(2).

وأيضاً ما رواه عن الثمالي عن الإمام الباقر عليه السلام في قوله تعالى: (فأبى أكثرُ الناسِ)(3) قال: بولاية علي ثم تلا (إلاّ كُفوراً) ثم قال عليه السلام: هكذا نزل جبرائيل بهذه الآية(4).

وما رواه بسنده عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال تعالى بشأن علي عليه السلام: (أم من هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الذين يعلمون ـ ان محمّداً رسول الله ـ والذين لايعلمون ـ ان محمّداً رسول الله وانه ساحر كذّاب ـ انما يتذكر اولوا الالباب)ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: هذا تأويل يا عمّار(5)".

فهذه الأحاديث وامثالها لا دلالة فيها على ان هذه الزيادات كانت من القرآن وقد اسقطت بالتحريف بل الصحيح ان تلك الزيادات جاءت بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلام أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد ولا يلزم كلّ ما نزل من الله ان يكون من الوحي القرآني وقد مضى تحقيقه فراجع.


____________

1 ـ نفس المصدر: ج 1، ص 421، الرقم 45 والآية 135 من سورة النساء (4).

2 ـ نفس المصدر: ج 8، ص 183، رقم 208.

3 ـ الإسراء (17): الآية 89.

4 ـ الكافي: ج 1، ص 425، رقم 64.

5 ـ نفس المصدر: ج 8، ص 204 ـ 205 رقم 246 والآية 9 من سورة الزمر (39).
الصفحة 86

وقد حملها السيّد علي بن طاووس (ت 664 هـ.) على التأويل أيضاً قال:


روى الفقيه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب باسناده إلى جابر بن عبد الله الانصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله بمنى ـ وقد ذكر حديثاً طويلاً ـ إلى ان قال: ثم نزل: "فاستمسك بالذي اوحي إليك في امر علي انك على صراط مستقيم وان عليّاً لعلم الساعة وذكر لك ولقومك وسوف تسألون عن علي بن أبي طالب".



ثم قال ابن طاووس:


"كان اللفظ المذكور المنزل في ذلك على النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعضه قرآن وبعضه تأويل"(1).



وقسم منها لبيان أبرز المصاديق وأكملها:

كالرواية التي رواها الكليني باسناد مقطوع، قرأ رجل عند أبي عبد الله عليه السلام: (وقل اعملوا فسيرى اللّهُ عملكم ورسوله والمؤمنون)(2) فقال: "ليس هكذا هي، إنّما هي: والمأمونون، فنحن المأمونون"(3).

فقوله: "ليس هكذا هي" ـ على فرض صدور الرّواية ـ أي لا يذهب وهمك إلى إرادة عموم المؤمنين وإنما هم المؤمنون الكاملون المراد بهم المسؤولون خاصة.

قال المجلسي رحمه الله تعالى ـ في الشرح ـ:


"أي ليس المراد بالمؤمنين هنا ما يقابل الكافر ليشمل كلّ مؤمن، بل المراد بهم الكمّل من المؤمنين وهم المأمونون عن الخطأ المعصومون



____________

1 ـ نقلاً عن مرآة العقول: ج 5، ص 58.

2 ـ التوبة (9): الآية 40.

3 ـ الكافي: ج 1، ص 424 الرقم 62.
الصفحة 87


عن الزلل وهم الأئمة عليهم السلام"(1).



وقسم منها وردت في مقام تحديد الآيات القرآنية:

كما رواه الكليني باسناده عن هشام بن سالم (أو هارون بن مسلم ـ كما في بعض النسخ) عن أبي عبد الله عليه السلام: قال:


"إن القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمّد صلّى الله عليه وآله سبعة عشر ألف آية"(2).



جاءت الرواية في بعض نسخ الكافي سبعة الاف(3) وتكون الرواية حينئد في مقام بيان الكثرة والتقريب لا تحقيق العدد لأنّ عدد آي القرآن بين الستة والسبعة آلاف(4).

وأرى أنـّه لا يمكن إطلاقاً الالتزام بمفاد هذا الحديث ـ القائل بأنّ في القرآن سبعة عشر ألف آية ـ والذي يقتضي وقوع التّحريف في القرآن بالنقيصة، والدليل على ذلك أنّ طريقة الأئمة الطاهرين عليهم السلام مشهودة للجميع، فإنّهم لا يتكلمون عن أمر عظيم ـ وهو تحريف القرآن ـ بشكل مبهم بدون ذكر دليله وبيان

____________

1 ـ مرآة العقول: ج 5، ص 79.

2 ـ الكافي: ج 2، ص 634، رقم 28.

3 ـ من جملة نسخ الكافي نسخة عند المرحوم المحدث الفيض الكاشاني، والتي كتب الوافي بموجبها شرحاً للكافي، فقد أخرج المحدث المذكور ذاك الحديث هكذا: "ان القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم سبعة آلاف آية" الوافي: ج 1، ص 274 وأيضاً رواه في هامش تفسيره المسمى "بتفسير الصافي" عن الكافي بلفظ "سبعة آلاف" الصافي: ج 1، ص 49.

ويرى العلماء الكبار أن نسخ الكافي التي عند الفيض الكاشاني هي أصح وأكثر اتقاناً من غيرها. راجع مقدمة الوافي بقلم العلامة أبي الحسن الشعراني: ج 1، ص 2.

4 ـ وقد جزم العلامة أبو الحسن الشعراني في تعليقه على شرح الكافي للمولى صالح المازندراني بان لفظة "عشر" من زيادة النساخ أو الرواة والأصل هي سبعة آلاف عدداً تقريبياً ينطبق مع الواقع نوعاً ما... انظر: شرح جامع: ج 11، ص 76.
الصفحة 88

أحد مصاديقه في الاقل، وإلاّ لأوقعونا في حيرة كبيرة.

ونحن نتحداكم ان تأتوا برواية من أىّ مصدر من مصادر الشيعة المعتبرة وغير المعتبرة تثبت أنّ القرآن الموجود قد حذفت منه آية بتمامها ـ سوى بضع روايات تسربت من كتب أهل السنة في بعض مصادر الشيعة ـ حتى يكون ذلك مصداقاً لحذف ما يقارب ثلثي القرآن، بل انّ كلّ روايات هذا الباب، كما لاحظنا في الطوائف المختلفة من الرّوايات، إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على حذف كلمات أو حروف من الآية، لا حذف آية أو آيات بتمامها، وتلك الرّوايات أيضاً مع التنبّه إلى أدلّة صيانة القرآن عن التّحريف، والشواهد والقرائن الداخلية والخارجية تعتبر من جنس المصداق، أو بيان سبب النزول أو التأويل أو التنزيل (أي شرح المراد) أو القراءات وغير ذلك.

ثم كيف يمكن الاعتماد على خبر الواحد في اثبات نقص اكثر من عشرة آلاف آية من القرآن الكريم بدون اثبات ولو مصداق واحد من هذا النقص(1)، وعدم وجود مصداق واحد من هذا النقص خير شاهد على أن نحكم بوضع هذا الخبر أو خطأ الراوي. وعلى فرض صحة صدوره وعدم خطأ الراوي فإنّ الإمام الصادق عليه السلام في مقام تحديد كل ما نزل من الله من الوحي القرآني وغير القرآني، وهذا ما احتمله أيضاً الشيخ أبو جعفر الصدوق، إذ قال في رسالة "الاعتقادات":


"اعتقادنا أن القرآن الذي انزله الله تعالى على نبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس وليس بأكثر



____________

1 ـ يمكن القول بأن آيات سورة "الولاية" المزعومة يمكن أن تكون مصداقاً لتلك الآيات المحذوفة، وسيأتي بحث ذلك مفصلاً في المقام الثاني وأنّ هذه السورة لم ترد في أيٍّ من المصادر الشيعية ـ المعتبرة وغير المعتبرة ـ وأول من افترى على الشيعة ونسب ذلك إلى مصادرهم هو الآلوسي صاحب تفسير "روح المعاني".
الصفحة 89


من ذلك... ومن نسب إلينا أنـّا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب... بل نقول انه قد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلى القرآن كان مبلغه مقدار سبعة عشر الف آية وذلك مثل قول جبرائيل للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: ان الله تعالى يقول لك يا محمّد، دارِ خلقي و... ومثل ذلك كثير، كله وحي ليس بقرآن ولو كان قرآناً لكان مقروناً به موصلاً إليه غير مفصول عنه..."(1).



ومن هنا نقول: كان بعض أهل السنّة ابتدع نظرية "نسخ التلاوة" لتوجيه رواياتهم، لأنّ رواياتهم في هذا المجال تتفاوت جوهرياً مع روايات الشيعة، فروايات أهل السنة فيها ـ وبشكل صريح ـ آيات مزعومة، تقول بأنّها كانت آيات قرآنية ولكن نسيت بعد ذلك أو نسخت!! بينما روايات الشيعة ـ وكما رأيت ـ تتحدث فقط عن حذف كلمات وحروف، وعلى فرض صدورها فبعضها قابلة للحمل على التفسير والتأويل والمصداق والخ.

فالحاصل يعتقد المحققون من الإمامية أنـّنا لو تأملنا نصوص تلك الروايات، لتبيّن بشكل جيد أنّ أكثرها وردت في المجالات الآتية: التفسير، ذكر المصداق، بيان سبب النزول، الوحي غير القرآني (الأحاديث القدسية)، القراءات القرآنية الواردة، التحريف المعنوي (لا اللفظي الذي هو محل النزاع) والخ. ولو لم تكن تلك الروايات ـ بعد الفراغ عن صحة سندها ـ صالحة لحملها على المعاني المتقدمة، فهي ساقطة لا محالة، لمخالفتها للنصوص القرآنية الصريحة، والأدلّة الروائية، والأدلّة العقلية، والشواهد التاريخية، التي كلّها تدلّ على سلامة القرآن من التحريف، هذا، وإنّ الاضطراب في نصوص الروايات وعدم تجانسها مع عذوبة كلام الله وفخامته، خير شاهد على كونها غريبة عن الوحي القرآني.


____________

1 ـ الاعتقادات: ص 84.
الصفحة 90

نعم يحتمل أنّ الروايات الساقطة وجيهة في أصل صدورها ولها محامل مقبولة، لكن يحتمل أنّ الراوي قد غيّر فيها سهواً أو عمداً بحيث يجعل حملها على المحامل الصحيحة صعباً; فمثلا حينما قال الإمام نزلت هذه الآية في كذا أي شأن نزولها أو تفسيرها كذا، حذف الراوي كلمة "في" وقال نزلت الآية كذا.

هذا، والمعصومون عليهم السلام قد حدّدوا المعيار ووضعوا الميزان كي نقيس به صحيح الروايات من سقيمها، وهو عرضها على كتاب الله، وطرح ما خالف الكتاب منها; وهذا المعيار منقول لنا بشكل متواتر، الأمر الذي يتفرد به الشيعة، ويجعلهم بحمد الله مستغنين عن أىّ توجيه للرواية المخالفة للكتاب(1)، بخلاف بعض أهل السنة الذين اعتبروا المعيار المتقدم من وضع الزنادقة ـ كما رأيتم ـ، وهو مما يوجب انهم يلجأون إلى النظرية المزعومة "نسخ التلاوة"(2) ليصونوا كتبهم من الصحاح والسنن وغيرهما التي ذكر فيها تلك الروايات، أضف إلى ذلك كلّه أنّ أكثر تلك الروايات بل كثير منها ضعيفة السند، ومن اطّلع على أسانيدها لا يشكّ في عدم حجيتها، لأنّها من جهة الطرق أخبار آحاد، وإن كان بعض العلماء يعبرون عنها بقولهم: "إنّها كثيرة أو متواترة معنى"(3) إلاّ أنـّهم لم يريدوا خصوص روايات التحريف بالمعنى المراد ـ هنا ـ أي التحريف بالنقيصة وتغيير كلمات القرآن ـ بل أرادوا بهذا القول ما يعم الاختلاف في القراءة والتحريف المعنوي ـ المساوق للتفسير بالرأي ـ، والمخالفة في تأليف الآيات من حيث التقديم والتأخير و... وواضح أنّ هذا المعنى من التحريف أعم من المدّعى، وهذه النكتة ستأتي إن شاء الله بتفصيل أكثر مع ذكر القرائن والشواهد.


____________

1 ـ كما لاحظت وستلاحظ فإنّ محققي الإمامية يطرحون أمثال تلك الأحاديث عند عدم امكان حملها على المعاني المتقدمة.

2 ـ وسيأتي البحث حول نظرية "نسخ التلاوة" مفصّلا.

3 ـ كالمجلسي في مرآة العقول: ج 12، ص 526.
الصفحة 91

ومن جهة السند أنّ أكثر تلك الروايات مرسلة أو موضوعة، ورواتها بين ضعفاء وغلاة ومجاهيل، ومع التتبع يتضح أيضاً أنّ أكثر الروايات المرسلة هي نفس الروايات المسندة بإسناد ضعيف لا غير، وهذا يعني قلّة عدد هذه الروايات في الواقع، غاية الأمر أنـّها مكررة مرّة بإسناد ضعيف وأخرى بدونه.

ومن جهة المصادر أنّ أكثر مصادر تلك الروايات غير معتبرة عند الإمامية فبعض تلك المصادر لا يعلم مؤلفها وبعضها مقطوع الإسناد وسنوافيك إن شاء الله في بحثنا القادم حول كتاب فصل الخطاب بالمزيد من التوضيحات حول هذه الروايات، وذلك لأنّ كتاب فصل الخطاب للمحدث النوري في الواقع مجمع كل تلك الأحاديث الواردة في هذا المضمار وقد استلّها من مصادر كثيرة شتّى.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 01:38 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية