هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 01-28-2011, 12:29 AM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5057 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري.



المرحلة الأولى
مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري.
(ولا تَلْبِسوا الحقَّ بالباطلِ)(1).
إنّ أول ما يجب مراعاته والالتزام به لمن يريد أن يكتب عن المذهب الاثني عشري من غير أتباع هذا المذهب، ـ حتى يتجنب جريمة التشويه لحقائق وخصائص هذا المذهب ـ هو أن يبدأ قبل الكتابة عن الاثني عشرية بملاحظة هذه المرحلة، ففي هذه المرحلة ا لهامة والضرورية سوف ندرك أنّه يوجد جفوة أصيلة ومفارقة عميقة بين (حقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه) وبين (مشخصات الغلو)، بين الحقائق والخصائص الإسلامية العظيمة عند الاثني عشرية وتلك الصفات ا لهجينة والمبتذلة للفرق المغالية المنحرفة، بين العقيدة الإ لهية الإسلامية عند الاثني عشرية وتلك الأساطير البشرية المجوسية.
في هذه المرحلة الأولى ا لهامة سوف نتعرّف على النتائج الخطيرة التي نشأت من مشكلة الخلط بين (الفكر الإسلامي الاثني عشري) و(الفكر المغالي)، وكان لهذا الخلط الأثر الكبير على اتباع الوهابية؛ حيث نسبوا للاثني عشرية أموراً غريبةً غرابةً تامةً عنها وعن حقائقها وخصائصها.

____________
(1) سورة البقرة: من الآية 42.
الصفحة 28 ولعله مما يحتم الالتزام بهذا المنهج السليم ـ الذي طرحناه في هذا الكتاب ـ وجود هذه المرحلة ا لهامة التي لا بد لنا من إدراكها. وعدم إدراك أتباع الوهابية لهذه المرحلة هو الذي جعلهم ينسبون كل ما سمعوه من مخلفات المجوسية واليهودية والنصرانية إلى المذهب الاثني عشري، وكان لعدم ادراكهم لهذه المرحلة الأثر في أن يَعرِضوا حقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه عرضاً مشوهاً مضطرباً.
وإنّني على يقين بأنّ (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) لن تدرك كما هي في صفائها ونقائها إلاّ عند الالتفات إلى هذه المرحلة الأُولى ا لهامة والأساسية.
ونحن في هذا الكتاب أطلقنا عليها (مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري)؛ لأنّه لا بد لنا قبل أنْ نشرع في دراسة (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) أن نميّز بين ما هو من صميم الاثني عشرية، وما هو من صميم الغلو؛ فعدم التمييز بينهما جعل أتباع الوهابية ينسبون للاثني عشرية الاساطير والخرافات المتعلّقة بالفرق المغالية المنحرفة. وفي هذه المرحلة سوف نفصل الأُمور التي نُسبت إلى الاثني عشرية، وهي في حقيقة الأمر من نصيب فرق الغلاة، ومن ثَمّ فهي (مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية). ولمّا كانت (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) مستمدّة من القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة؛ فلا بد أن تتباين وتنفصل عن المقالات الإلحادية والوثنية المستمدّة من المجوسية واليهودية والمسيحية.
وإنَّه لن يتم تصحيح دراسات الوهابية عن حقائق الاثني عشرية وخصائصها إلاّ في اليوم الذي يتحررون من مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة.
وفي هذه المرحلة قمنا في البداية بتوضيح وتبيين (مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة عند أتباع الوهابية)، وبعد أن انتهينا من تبيينها وتوضيحها </span>الصفحة 29 قمنا بدراسة علمية للأسباب والعوامل التي كانت وراء ايجاد هذه المشكلة عند اتباع الوهابية.
ولا بد هنا أن ننبّه إلى أنّ قدماء أهل السنّة قد تحرروا من هذه المشكلة، كما تحرر منها ـ أيضاً ـ المتأخرون والمعاصرون من أهل السنّة، ومن ثَمّ نجدهم دافعوا عن المذهب الاثني عشري وهاجموا الذين ما زالوا يخلطون بينه وبين فِرَق الغلاة(1).
وقبل استكمال الحديث عن هذه المرحلة لا بد من التحدّث عن حقيقة حتمية في هذا المنهج الذي رسمناه وهي:
إنّ هذا المنهج ينقسم إلى ثلاث مراحل ـ كما أشرنا إلى ذلك ـ، ولقد سارت هذه المراحل الثلاث بطريقة خاصة وترتيب معين؛ لا بد من الالتزام بتلك الطريقة وهذا الترتيب دون أدنى تغيير أو تحوير.
وأنا على يقين وجزم بأنّ عدم الالتزام بذلك سوف يفقد هذا المنهج مقوّماته الاساسية وهدفه ا لهام، وهو تصحيح دراسات الوهابية عن المذهب الاثني عشري، وتبيين الفرق بين منهج أهل السنّة وبين منهج الوهابية في دراسة هذا المذهب.
ونحن على يقين بأنّه لن تخلص كتابات أتباع الوهابية عن المذهب الاثني عشري من التشويه والانحراف والمسخ إلاّ حين تلتزم بهذا المنهج.
وحين نلقي صورة مجملة لأسباب نجاح قدماء أهل السنّة ومتأخريهم ومعاصريهم بالقياس إلى الوهابية، في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها؛ سوف يتبين لنا أنّ العامل الأوّل في نجاحهم هو أنّهم لم يقعوا في مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة.

* * * *

____________
(1) سوف نذكر أقوال علماء أهل السنّة في خطورة مشكلة الخلط بين المذهب الاثني عشري وبين فرق الغلاة عند الوهابية في هذه المرحلة.
الصفحة 30 إنّ هذه المرحلة ـ أي مرحلة المعرفة الانتسابية كما قلنا ـ هي مرحلة هامة وضرورية؛ لأنّه من خلال تصحيح خطأ الوهابية في هذه المرحلة سوف يتم تصحيح أخطاء أتباع الوهابية في تفسير حقائق الاثني وخصائصها (وهما المرحلتان الأولى والثانية)، وبالتالي تكون دراساتهم قائمة على منهج واقعي ونظام علمي، ولأنّ أهل السنّة المعاصرين صاروا على منهج قدمائهم فهم يدركون خطورة الخطأ في معرفة هذه المرحلة، ومن هنا فسّروا حقائق الاثني عشرية وخصائصها بصورة مباينة لتفسير الوهابية، وأعلنوا رفضهم لتفسير أتباع الوهابية لتلك الحقائق وهذه الخصائص، وقرروا موازين علمية يجب أن يرجع إليها أتباع الوهابية قبل الشروع بتفسير (حقائق الاثني عشرية وخصائصها)، ومن ثَمَّ لم يكن بدٌ من دراسة هذه المرحلة ا لهامة كي لا يتأثر أحدٌ من عوامِّ أهل السنّة بمنهج الوهابية.
ولا يمكن لأتباع الوهابية أن يدركوا (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) إلاّ عند التأمّل الكامل في خطورة الخطأ في هذه المرحلة.
ومن ثَمَّ فنحن لا نبغي من القارئ الكريم مجرد القراءة السطحية الساذجة لهذه المرحلة، القراءة التي لا تغوص في المعاني والافكار؛ إنّما نحن نبتغي من القارئ القراءة المتأمّلة العميقة التي تدرك ا لهدف من كتابة هذه المرحلة.. نبتغي استجاشة ضمير أتباع الوهابية لقراءة هذه المرحلة؛ لأنّه تولّد من الخطأ في هذه المرحلة كل الاخطاء التي ارتكبوها في تفسير (حقائق الاثني عشرية وخصائصها). نبتغي من كتابة هذه المرحلة ا لهامة أن يعود أتباع الوهابية إلى المنهج السليم والصحيح في دراسة (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) الذي نهجه قدماء أهل السنّة ومتأخريهم. وهذا المنهج الصحيح هو الذي يريده الله وتفرضه الأمانة الدينية.
</span>الصفحة 31 ولا يخفى على القارئ أنّني في كتابي (الصلة بين الاثني عشرية وفرق الغلاة) والذي خلطت فيه بين الاثني عشرية وفِرق الغلاة، وبالتالي كفرّت الاثني عشرية؛ إنّما كان نتيجة حتمية لعدم إدراكي لهذه المرحلة، لأنني اعتمدت على كتابات الوهابية لا على كتابات أهل السنّة. ومن ثَمَّ فنحن سوف نجعل هذه المرحلة في رأس هرم المذهب الاثني عشري الذي سنرسمه في هذا الكتاب.
لقد كنت ـ قبل أن أصحو من غفلتي عن هذه المرحلة ا لهامة والخطيرة ـ أنسبُ للمذهب الاثني عشري التصورات المجوسية والوثنية، وأنسب إليه الأساطير الجاهلية، وأنسب إليه الشطحات الصوفية، وأنسب إليه كل أفكار فِرَق الغلاة وما فيها من لوثةٍ وثنية.. وجمعت كل ذلك في كتابي (الصلة بين الاثني عشرية وفرق الغلاة)؛ كما بيّنت ذلك بصورة مفصلة في كتابي (رحلتي من الوهابية إلى الاثني عشرية).
لقد نسبت في كتابي (الصلة بين الاثني عشرية وفرق الغلاة)(1) كل الأفكار الوثنية المغالية إلى المذهب الاثني عشري، وكنت أحسب أنني مُصيبٌ في كتابته. وبعد أن أدركت هذه المرحلة اكتشفت خطئي، وعلمت أنّ الخطأ في فهم مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية يساوي الخلط بين المذهب الاثني عشري وفرق الغلاة. وبعد أن تمّ تصحيح خطئي في فهم هذه المرحلة (مرحلة المعرفة الانتسابية) أصبحت أميز بين ما نُسب للاثني عشرية ـ وهو ليس منها ـ وبين ما نفي عنها ـ وهو منها ـ، وعندئذٍ أحرقت ذلك الكتاب قبل طباعته بفترة قصيرة.

____________
(1) إن أكبر مشكلة كنتُ أعاني منها حينما كنت وهابياً؛ أنني كنتُ أحسب أنّ كل أنواع الغلو والشرك الموجودة عند غلاة الصوفية توجد بشكل أكبر عند الاثني عشرية، لكنني بعد دراسة طويلة للاثني عشرية وقراءة العشرات من كتبهم التي تتبرأ من الشرك والغلو عند غلاة الصوفية؛ تبين لي الفرق الجوهري بين الاثني عشرية وبين بعض الطرق الصوفية المغالية والجدير بالذكر هنا أنني تناولت موقف الاثني عشرية من الشرك والغلو عند غلاة الصوفية في كتابي (موقف الاثني عشرية من الغلو والغلاة).
الصفحة 32 في ذلك العهد ـ قبل تصحيح فهم هذه المرحلة عندي ـ كنت أحسب أنّ هذه الصفات ـ مثل صفة المجوسية واليهودية والغنّوصية ـ يمكن لنا أن نطلقها على الاثني عشرية، وبعد أن أدركت خطئي في فهم هذه المرحلة استيقنت أنّ تلك الصفات إنّما تنطبق على الفرق المغالية المنحرفة؛ كما كان لإدراك خطئي في فهم هذه المرحلة ارتباطاً وثيقاً بتركي لمنهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية، واقتناعي ـ لا بصورة كلية وكاملة ـ بمنهج قدماء أهل السنّة ومتأخريهم السائرين على نهجهم. وكان لتصحيح خطئي في ادراك هذه المرحلة أثرٌ حاسمٌ في تصحيح وتقويم نظرتي عن الاثني عشرية، وكان له أثرٌ حاسمٌ في استنقاذي من مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة؛ التي جعلتني أنسب للمذهب الاثني عشري ما هو من نصيب الغلو والغلاة.
ولا شك أنّ للبيئة الفكرية التي نشأت فيها صلةً كبيرة في تكوّن هذه المشكلة عندي؛ فقد درست في المعاهد الدينية الوهابية في مدينة صنعاء (عاصمة اليمن) التي كانت تنشر كتباً حول الاثني عشرية، ألفها أُناسٌ لا يدركون خطورة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، ومن ثَمَّ فهم يخلطون بينها وبين فِرَق الغلاة، وينسبون الخرافات والتصورات الوثنية المغالية إليها. واثرّت عليّ تلك الكتب تأثيراً قوياً. وكانت تلك المعاهد تكتفي بتلك الكتب التي كتبت حسب منهج الوهابية، وهو منهج يخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة. ولم تكن تلك المعاهد الوهابية تسمح بنشر الكتب التي كتبها علماء أهل السنّة عن المذهب الاثني عشري؛ التي تعتمد على منهج يخالف منهج الوهابية، ويرى هذا المنهج أنّهم يخلطون بين الاثني عشرية والغلاة وينسبون انحرافات الغلاة إلى الاثني عشرية.
وبعد مرور فترة زمنية تهيأت لي الفرصة لقراءة بعض الكتب التي كتبت حول المذهب الاثني عشرية والتي كتبها كبار أهل السنَّة، وكانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي؛ لأنني وجدتها تختلف عن منهج الوهابية اختلافاً جوهرياً، وتدرك </span>الصفحة 33 خطورة الخطأ في المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري، وتنتقد منهج الوهابية في دراسة المذهب الاثني عشري، وتعتبر أنّه لا يوجد عند الوهابية أدنى تمييز بين الاثني عشرية والغلاة، وترى أنّ القارئ في كل ما كتبه أتباع الوهابية عن الاثني عشرية لا يخرج إلى نتيجة معينة تعرّفه على حقائق هذا المذهب وخصائصه، وفي هذا يقول الكاتب السنّي المعاصر الأُستاذ حامد حنفي(1):
(بعد أن قضيت ردحاً طويلاً من الزمن أدرس فيها عقائد الأئمة الاثني عشر بخاصة وعقائد الشيعة بعامة؛ فما خرجت من هذه الدراسة الطويلة التي قضيتها... بشيء ذي بال)(2).
ويرى كبار أهل السنة أنّ الوهابيين لا يدركون خطورة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية. ومن ثَمَّ كان من الطبيعي أنّهم لا يفصلون بين الاثني عشرية والغلاة، وفي هذا يقول المفكّر الإسلامي السنِّي المصري أنور الجندي ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم (الإسلام وحركة التاريخ):
(ومن الحق أنّ يكون الباحثُ يقظاً في التفرقة بين الشيعة [يعني: الاثني عشرية] والغلاة، هؤلاء الذين هاجمهم أئمة الشيعة أنفسهم وحذروا مما يدسونه)(3).
والعلامة المفكر الإسلامي المصري علي عبد الواحد وافي ـ رحمه الله ـ(4) عالج هذه المشكلة في كتابه القيّم (بين الشيعة وأهل السنَّة) ومما قاله:

____________
(1) رئيس قسم الأدب العربي في جامعة عين شمس.
(2) في سبيل الوحدة الإسلامية للعلامة مرتضى الرضوي: ص 45. مطبوعات مكتبة النجاح بالقاهرة، ط / 2 سنة 1979. وراجع تمام عبارته في (ص 24 ـ 26) من هذا البحث.
(3) عبارة مقتطفة من: ص 421.

(4) قال أحد قادة المنهج الوهابي في دراسة الاثني عشرية وهو (إحسان الهي ظهير) في ترجمة العلامة (علي عبد الواحد وافي): (إنّه علمٌ من أعلام مصر)، ثم يقول: (لقد سمعتُ الكثير من علم الدكتور
=>
الصفحة 34 (إن كثيراً من مؤلفينا قد خلط بين الشيعة الجعفرية وغيرها من فرق الشيعة)(1).
وقد بذل إمام أهل السنّة في العصر الحديث (الشيخ محمد الغزالي) ـ رحمه الله ـ جهوداً عظيمة مثمرة في تصحيح منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية؛ كما بذل جهوداً جبارة في مقاومة المقلِّدين لمنهج الوهابية من أهل السنّة المعاصرين، وبذل جهوداً كبيرة في معالجة المصابين بمشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة، أو بتعبيرٍ أدق: في معالجة المصابين بمشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، وفي هذا يقول:
(ومن هؤلاء الأفاكين [ الذين يخلطون بين الاثني عشرية والغلاة] من روّج أنّ الشيعة أتباع عليّ، وأن السنيين أتباع محمدٍ، وأن الشيعة يرون علياً أحق بالرسالة، أو أنّها أخطأته إلى غيره. وهذا لغوٌ قبيح وتزوير شائن)(2). وهو لا ينطبق إلاّ على الفرق المغالية المنقرضة.
وقد توسع الإمام الغزالي ـ إمام أهل السنة في العصر الحديث ـ في كتابه القيّم (ليس من الإسلام) في نقد منهج المتأخرين من أهل السنّة، المقلدين
____________

<=
علي عبد الواحد وافي، وحدّثني عنه العديد من الأصدقاء حتى دفعني الشوق إلى لقائه، وإذا أنا أطرق باب مصر وأدخلها طالباً للعلم). انظر كتاب إحسان ا لهي ظهير (بين الشيعة وأهل السنة ص 6). ولكن إحسان ا لهي ظهير بعد أن وصف العلامة السنّي علي عبد الواحد وافي بأوصاف عظيمة قال: (إنّه انخدع بالمذهب الاثني عشري)!
ونحن نقول: هل من المعقول أن ينخدع بالمذهب الاثني عشري كبار علماء أهل السنَّة في العصور القديمة والمتأخرة والحديثة؟!
ولماذا لم ينخدعوا بالفرق المغالية الأخرى من غير الاثني عشرية، على فرض أنّ الاثني عشرية من فرق الغلاة كما تحسب الوهابية؟!! وليست القضية محصورة بالعلامة الدكتور علي عبد الواحد وافي.
(1) انظر كتابه: ص 11.
(2) رسالة التقريب: ص 250، العدد 3، السنة الأُولى، شهر شعبان 1414 هـ.
الصفحة 35 للوهابية في دراسة الاثني عشرية، ونقد الذين ما زالوا لا يفرّقون بين الاثني عشرية والغلاة، وفي هذا يقول ـ رحمه الله ـ:
(نسب [(1)بعض الذين يخلطون بين الاثني عشرية وفرق الغلاة] إلى الإمامية ـ افتراء وتنكيلاً ـ نقصان آيات من القرآن)(2).
ويرى بعض مفكري أهل السنَّة أنّ منهج الوهابية يعتبر منهجاً متطرفاً في دراسة الاثني عشرية، ومنهجاً مُخلِّطاً بين الاثني عشرية والغلاة، ومنهجاً منحرفاً في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية. وقد تبنى هذا الرأي المفكر الإسلامي السنّي المصري (محمد البهي)(3) ـ رحمه الله ـ وقال في صدد نقده منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية:
(وسَّعت [الوهابية] شقة الخلاف بين السنّة والشيعة، وأصبحت الفجوة كبيرة في النزاع المذهبي بين السنّة والشيعة منذ القرن الثامن عشر الميلادي، بل أصبحت أشدّ من ذي قبل. وكان لزيادة الفجوة على هذا النحو أثرٌ سلبيٌ للدعوة الوهابية)(4).
ويقول العلامة السنّي (عبد الحليم الجندي) ـ حفظه الله ـ عن الذين يخلطون بين الاثني عشرية والغلاة أنّهم:
(... نسبوا عمل الغلاة إلى الشيعة... فأحدثوا بذلك أثراً كاذباً في فهم الآخرين بدعاوى هم [أي الاثني عشرية] منها براء، مثل: إنّ الإمام هو الله ظهوراً واتحاداً وهو غلو يبلغ الكفر)(5).

____________
(1) التزمت حتى يتم التمييز بين ما أنقله من المصادر وبين تعليقي أن اضع تعليقاتي بين معقوفتين [].
(2) عبارة مقتطفة: من ص 48.
(3) كان من كبار علماء أهل السنَّة في العصر الحديث، ويعد من الذين جمعوا بين الدراسة الأزهرية القديمة والدراسة الحديثة في الجامعات الاوربية، وتميز بسعة ثقافته وقوة منطقه. وهو من الشخصيات التي اعتمد عليها في كتبه الشهيد سيد قطب، واعتمد عليها ـ أيضاً ـ الشيخ محمد الغزالي في بعض كتبه، وقد كان وزيراً للأوقاف المصرية.
(4) في كتابه القيم (الفكر الإسلامي في تطوره)، الفصل الرابع والأخير: ص 140.
(5) الإمام جعفر الصادق، عبد الحليم الجندي: ص 235، ا لهامش رقم 1.
الصفحة 36 وفي الحقيقة أنّ الذي لا يدرك مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية سوف ينسب للاثني عشرية ما ليس له صلة بها، وسوف يكون مثل الذين وصفهم الدكتور طه حسين ـ رحمه الله ـ(1) في كتابه (علي وبنوه) بقوله:
(إنّ خصوم الشيعة نسبوا إليهم ما يعلمون وما لا يعلمون... لا يكتفي خصوم الشيعة من الشيعة بما يسمعون عنهم أو بما يرون من سيرتهم وإنّما يضيفون إليهم أكثر مما قالوا وأكثر مما سمعوا، ثُمّ لا يكتفون بذلك... بل يحملون ذلك كلّه على أصحاب أهل البيت... وخصومهم واقفون لهم بالمرصاد، يحصون عليهم كل ما يقولون ويفعلون، ويضيفون إليهم أكثر مما قالوا ومما فعلوا، ويحملون عليهم الأعاجيب من الأقوال والأفعال... ثم يتقدم الزمان فيزداد الأمر تعقيداً وإشكالاً، ثم تختلط الأُمور بعد أن يبعد عهد الناس بالأحاديث...)(2).
وقد ذكرنا ـ سابقاً ـ أنّ من كبار علماء أهل السنّة الذين أدركوا خطورة مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة؛ العلامة الدكتور علي عبد الواحد وافي(3)، الذي عالج هذه المشكلة في كتابه (بين الشيعة وأهل السنّة)، وقال في الرد على الوهابية الذين يخلقون ضجة مفتعلة بين السنّة والاثني عشرية:
(... الخلاف بيننا وبينهم ـ أي بين السنّة والاثني عشرية ـ مهما بدا في ظاهره كبيراً لا يخرج في أهمِّ أوضاعه عندنا وعندهم من حيز الاجتهاد المسموح به)(4).
ومن كبار مفكري أهل السنّة الذين أدركوا أنّ الخلط بين المذهب الاثني عشري وفرق الغلاة عند أتباع الفرقة الوهابية يعدّ هو السبب في إصرارهم على
____________
(1) أعلن الدكتور طه حسين توبته عمّا كتبه في الطعن الذي وجهه للقرآن الكريم في كتابه (الشعر الجاهلي) أو في كتابه (الأيام)، كان ثمرة هذه التوبة كتابه القيم (مرآة الإسلام). ونحن نرفض الذين ما زالوا يحاكمونه إلى كتبه التي تراجع عنها، يجب أن يحاكم بما انتهى إليه لا بما بدأ به.
(2) عبارة مقتطفة من: ص 35.
(3) انظر: ص 33 ـ 34 من هذا الكتاب.
(4) كتاب (بين الشيعة وأهل السنّة) للعلامة الدكتور عبد الواحد وافي: ص 4.
الصفحة 37 تكفير الاثني عشرية؛ المفكر الإسلامي السني (فهمي هويدي) ـ حفظه الله ـ حيث يقول:
(تعتبر قضية تكفير الشيعة [يعني الاثني عشرية] إحدى الأطروحات الرئيسية في الفكر الوهابي)(1).
كل هذه الأقوال التي نقلناها عن كبار أهل السنّة تعتَبرُ أنّ منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية قد قادهم إلى الخلط والتخليط بين الاثني عشرية والغلاة، ومن ثَمّ وقعوا في انحراف كبير في مرحلة المعرفة الانتسابية لهذا المذهب.
ويرى بعض علماء أهل السنّة أنّ التصور الذي يحمله أتباع الوهابية عن الاثني عشرية مناقض أو مصادم لحقيقتها ولخصائصها، ومُسَاوٍ ومتحدّ مع حقيقة الغلو؛ كما نلمس ذلك في كتابات المفكر الإسلامي السنِّي سالم البهنساوي ـ حفظه الله ـ صاحب (السنّة المفترى عليها). وهو يعدُّ من الذين التفتوا إلى خطورة مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرقة الغلاة عند الوهابية، أو بتعبير أدق وأصح: إلى خطورة خطأ الوهابية في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية. وكتابه يحتوي على دراسة عميقة تدعو إلى ضرورة تصحيح منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية، وتبين خروجهم عن منهج أهل السنّة في دراسة هذا المذهب. كما انتقد كل التهّم التي شاعت في وسط الوهابيين، ومن أهم هذه التهم التهمة القائلة بـ (أنّ للاثني عشرية مصحفاً آخر...)، فهاجم البهنساوي هذه التهمة وقال:
(إنّ المصحف الموجود بين أهل السنّة هو نفسه الموجود في مساجد وبيوت الشيعة)(2).

____________
(1) إيران من الداخل، فهمي هويدي: ص 322، ط / 2، 1408 هـ ـ 1988م، مركز الاهرام للترجمة والنشر.
(2) عبارة مقتطفة: من ص 6.
الصفحة 38 ويرى بعض مفكري أهل السنّة أنّ أتباع الفرقة الوهابية أخذوا تصوراتهم عن الاثني عشرية من مقالات الغلاة، بل أخذ بعضهم تصوراتهم عن الاثني عشرية من مقالات اليهودية والنصرانية والمجوسية ومن مقالات المستشرقين.
وحينما أخذوا معلوماتهم عن الاثني عشرية من تلك المقالات أُصيبوا بمرض الخلط بين المذهب الاثني عشري وبين فرق الغلاة، وأُصيبوا بمشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، ومن هؤلاء الذين يرون هذا الرأي المفكر الإسلامي السنّي (أنور الجندي)، والذي سبق أن ذكرنا عبارة مقتطفة من كلامه حول ذلك(1).
وكان الإمام حسن البنا ـ زعيم الحركة الإسلامية السنّية في العالم ـ من أكثر المتحمسين لتصحيح منهج الوهابيين في دراسة الاثني عشرية، ومن أكثر المحاربين للذين يخلطون بين الاثني عشرية والغلاة أو للذين يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية؛ كما كان الإمام حسن البنا ـ رضوان الله عليه ـ يعجب ـ كثيراً ـ من الذين يخلطون بين الاثني عشرية والغلاة! (مع العلم بأنّ أئمة الشيعة [يعني: أئمة وعلماء الشيعة الاثني عشرية] قد أثروا التأليف الإسلامي ثروة لا تزال المكتبات تعج بها)(2).
وكان الكاتب الإسلامي السنّي الكبير (عبّاس محمود العقاد) ـ رحمه الله ـ من الذين أدركوا دور مشكلة الخلط بين الاثني عشرية، أو دور مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية؛ التي هي وراء كل الأكاذيب المنسوبة للمذهب الاثني عشري. وكان يتمنى ـ لولا أن وافته المنية ـ أن يكتب كتاباً في
____________
(1) انظر: ص 33 من هذا البحث.
(2) عبارة مشهورة للإمام حسن البنا نقلها عنه تلميذه وزعيم الاخوان المسلمين الاستاذ عمر التلمساني المصري في كتابه القيم (ذكريات لا مذكرات): ص 250.
الصفحة 39 الدفاع عن الاثني عشرية، وفي هذا قال الكاتب المشهور المصري (أنيس منصور): إنّه سمع العقاد يقول له:
(إنّه يريد ـ قبل أن يموت ـ أن يؤلف دراسة موضوعية عن المذهب الشيعي، فقد أدخلت عليه أكاذيب(1) أفسدت صورته عند كثير من الناس [الذين لا يميزون بين حقيقة الاثني عشرية وبين تلك الاكاذيب]، ولم يتسع عمره لأن يكتب هذا الكتاب)(2).
وكان المؤرّخ السنِّي (محمد كرد علي) ـ رحمه الله ـ يهاجم الذين يخطئون في المرحلة الأُولى، ويخلطون بين الاثني عشرية والغلاة ولا يميزون بين قادة الاثني عشرية وقادة الغلاة.. ويقول:
(أما ما ذهب إليه بعض الكتاب [الذين يخلطون بين قادة الغلاة وقادة الاثني عشرية] من أنّ مذهب التشيع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء؛ فهو وهم وقلة علم بتحقيق مذهبهم. ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة(3) وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك؛ علم مبلغ هذا القول من الصواب)(4).
والمرشد الروحي ـ السابق ـ للإخوان المسلمين في العالم، الإمام (عمر التلمساني) ـ رحمه الله ـ يعجب من الذين يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، ثُمّ يقولون: بأنّ الاثني عشرية من فرق الغلاة. مع أنّ الواقع يثبت ويؤكد بأنّ (الفقه الشيعي(5) أغنى العالم الإسلامي من حيث التفكير)(6).

____________
(1) وكل هذه الاكاذيب نسبت ظلماً وزوراً إلى المذهب الاثني عشري.
(2) انظر كتاب (لعلك تضحك) للكاتب المصري أنيس منصور: ص 201 الطبعة الثالثة، 1998، مطبعة نهضة مصر ـ القاهرة.
(3) يعني عند الاثني عشرية.
(4) انظر كتاب (خطط الشام): ج 6، ص 251.
(5) يقصد الفقه الاثني عشري.
(6) صرح بذلك لـ (مجلة العالم الإسلامية) المشهورة، العدد 91.




رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:30 AM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 40 أمّا إمام أهل السنّة وفقيههم في العصر الحديث (محمد أبو زهرة) ـ رحمه الله ـ فقد هاله منهج الوهابية الذين يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري، فيخلطون بين الاثني عشرية والغلاة، وانتقد منهج الوهابية في التعامل مع بعض المصطلحات الكلامية عند الاثني عشرية، وقال في تبيين وتوضيح مصطلح (التقية) الذي يعتبر من أهمِّ المصطلحات التي لم تدرك معناها الوهابية، فاثبت إمام أهل السنّة أنّ معنى التقية عند الاثني عشرية قد أُخذ من القرآن الكريم، وفي هذا يقول:

(والتقية [يعني: عند الاثني عشرية] أن يخفي المؤمن بعض ما يعتقد ولا يجهر به؛ خشية الأذى، أو للتمكن من الوصول إلى ما يريد من نصرة لدين الله أو للحق في ذاته. والأصل فيها ـ التقية ـ قوله تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إلاّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإلى اللّهِ الْمَصِيرُ) (1)..)(2).
ويقول الإمام (محمد أبو زهرة) في صدد الرد على الوهابية الذين يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، ثم يخلطون بين مقام الإمام عند الغلاة ومقامه عند الاثني عشرية:
(وإنّ الإمامية [الاثني عشرية] لا يصلون بالإمام إلى مرتبة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم)(3).
وكان إمام أهل السنّة الإمام الأكبر شيخ الأزهر (محمود شلتوت) ـ رحمه الله ـ من أكثر الذين دافعوا عن منهج قدماء أهل السنّة في التعامل مع المذهب الاثني عشري، وبذلوا جهوداً في محاربة المنهج الوهابي في دراسة هذا المذهب؛ لأنّهم
____________
(1) سورة آل عمران: 28.
(2) الإمام الصادق، محمد أبو زهرة: ص 22.
(3) الإمام الصادق، محمد أبو زهرة: ص 151.
الصفحة 41 ما زالوا يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية لهذا المذهب، وبالتالي فهم يخلطون بين الاثني عشرية وفرق الغلاة.
ولقد حاول الإمام شلتوت ـ رحمه الله ـ دعوة الوهابية البريئة إلى الرجوع لمنهج أهل السنّة، كما حاول أن يزيل الضجة التي خلقتها الوهابية بين الاثني عشرية وأهل السنّة، فحاربه الذين ما زالوا مصابين بمشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة من الوهابيين، وحسبوا أنّه يدعو للتقريب بين أهل السنّة وبين فرق الغلاة.
وأراد ـ رحمه الله ـ أن يبين للوهابيين أنّ المقالات التي ينسبوها للاثني عشرية هي مقالات السبئية والخطابية والبيانية الذين كفرهم الاثنا عشرية وأهل السنّة، واعتبر أنّهم نسبوا تلك المقالات القبيحة إلى الاثني عشرية لأنهم يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، ومن ثَمَّ فلا غرابة أن يخلطوا بين حقائق الاثني عشرية ومقالات الغلاة.
وقد اضطر إلى مهاجمة بعض المعاصرين من أهل السنّة الذين تأثروا بالمنهج الوهابي، وبدأوا يشككون في منهج قدماء أهل السنّة في التعامل مع الاثني عشرية؛ لأنّهم كانوا العقبة الكبرى ـ في نظره ـ أمام التقريب بين السنّة والاثني عشرية، قال رحمه الله:
(حارب هذه الفكرة [أي فكرة التقريب بين السنّة والاثني عشرية] ضيقوا الأُفق، كما حاربها صنف آخر من ذوي الاغراض الخاصّة السيئة، ولا تخلوا أية أُمة من هذا الصنف من الناس.. حاربها من يجدون في التفرق ضماناً لبقائهم وعيشهم، وحاربها ذوو النفوس المريضة [من أمثال المصابين بمرض الخلط بين الاثني عشرية والغلاة] وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصّة، هؤلاء وأولئك ممن يؤجرون أقلامهم لسياسات مفرقة، لها أساليبها المباشرة وغير المباشرة في </span>الصفحة 42 مقاومة أية حركة إصلاحية، والوقوف في سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم)(1).
والذين يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية هم الذين لا يميزون بين الاثني عشرية والغلاة، وبالتالي لا يمكن لهم أن يدركوا ـ أيضاً ـ الفرق بين الرافضة والاثني عشرية. وقد واجه المفكّر السنِّي الكبير (أنور الجندي) أتباع الوهابية الذين لا يفرِّقون بين الرافضة وبين الاثني عشرية وقال: (والرافضة غير السنّة والشيعة)(2)؛ لأنّ الرافضة كلمة عامة في كتب الفرق تشمل الكثير من الفرق المغالية التي كفرّها علماء الاثني عشرية قبل أن يكفرّها أهل السنّة.
وهناك مئات الأقوال لكبار علماء أهل السنة التي تحذر من مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية أو من مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة؛ لو ذكرناها كلها لتضاعف حجم الكتاب، وسنذكر الكثير منها في القسم الثاني من هذا الكتاب.
بعد أن ذكرنا أقوال كبار علماء أهل السنّة في خطورة مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، أو خطورة مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة؛ يتضح لنا أنّه ليس هناك مشكلة اخترعها خصوم الإسلام في سبيل ضرب المسلمين وهدم وحدتهم أعظم من مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة. وتأتي الخطورة الكبرى في هذه المشكلة أنها من المشكلات غير البارزة والظاهرة التي يمكن كشفها ومعرفتها لأوّل وهلة، بل هي مشكلة خفية استطاع
____________
(1) مجلة (رسالة الإسلام) المصرية، ونحن نأسف كثيراً اننا وجدنا بعض المسلمين يحاربون فكرة التقريب بين الاثني عشرية والوهابية، مع أنهم يقولون بأن كلا الطائفتين من المسلمين. والغريب من هؤلاء أنهم يزعمون أن الخصومة بين الاثني عشرية وبين الوهابية اشد من الخصومة بين المسلمين وبين اليهود!!! وهذا بهتان عظيم والله المستعان على ما يقولون.
(2) الإسلام وحركة التاريخ، أنور الجندي: ص 28.
الصفحة 43 خصوم الإسلام ـ بطريقة ماكرة تُظهر الخير وتُبطن الشر ـ أن يزرعوها بين المسلمين من أجل تحطيم الوحدة الإسلامية المقدَّسة.
ومن ثَمّ وقع في حبال هذه المشكلة الخبيثة القبيحة بعض عوام أهل السنّة في العصور المتأخرة، الذين انخدعوا بالمنهج الوهابي في دراسة الاثني عشرية، ولم يَكتشف خباياها ومقاصدها الخطيرة إلاّ كبار علماء أهل السنّة المحققين. وبفضل جهود كبار علماء أهل السنّة بدأت هذه المشكلة تنحصر في إطار جماعة قليلة مهددة بالانقراض.
ونحب ـ هنا ـ أنّ ننبه إلى أننا رأينا تلك الوهابية البريئة تقول: بأنّ هنالك مشكلة غلو عند الاثني عشرية. وهم لا يدركون أنّه يوجد عندهم في الحقيقة مشكلة خلط بين الاثني عشرية والغلو، أو مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية. وحقيقة الأمر أنّ هنالك مشكلة خلط عند الوهابية لا مشكلة غلو عند الاثني عشرية. ونرى هؤلاء المصابين بمشكلة الخلط يبحثون عن علل الغلو عند الاثني عشرية، وهم لا يدركون أنه كان الأولى لهم أن يبحثوا عن علل خلطهم بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة، وأنّه ليس هناك مشكلة غلو عند الاثني عشرية، بل هي مشكلة خلط بين فرق الغلاة والاثني عشرية أو مشكلة خطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية.
وقد لاحظت أنّ أتباع الوهابية ـ من حيث لا يعلمون ـ يبحثون ويجهدون أنفسهم في البحث عن علل الغلو عند الاثني عشرية، ويبحثون عن مشكلة الغلو عند الاثني عشرية. أما أهل السنّة المحققون المعاصرون فقد اكتشفوا أنّ أتباع الفرقة الوهابية مصابون بالخلط بين الاثني عشرية والغلاة، بسبب عدم قراءتهم الصحيحة لكتب قدماء أهل السنّة عن الاثني عشرية. ومن ثَمّ اتجه كبار أهل السنّة المعاصرين المحققين إلى دراسة علل الخلط بين الغلاة والاثني عشرية عند الوهابية، وصرّحوا بأنّ الوهابيين يحسبون أنّ هنالك مشكلة غلو عند الاثني </span>الصفحة 44 عشرية، ولا يعرفون أنّ المشكلة فيهم، ولم يدركوا أنّها مشكلة خلط عندهم بين الاثني عشرية والغلاة. وتبين لعلماء أهل السنّة المحققين أنّ الاثني عشرية لم يصابوا ـ أبداً ـ بالغلو، وإنّما أتباع الوهابية التبس عليهم الأمر، فلم يميزوا بين الاثني عشرية والغلاة.

* * * *
ونحن بعد دراسة طويلة لمناهج البحث عن حقائق الاثني عشرية وخصائصها قد حصرناها في مناهج ثلاثة:
1 ـ المنهج الأول: منهج الجماعة الوهابية في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها.
2 ـ المنهج الثاني: منهج قدماء أهل السنّة ومتأخريهم في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها.
3 ـ المنهج الثالث: منهج علماء الاثني عشرية في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها.
ونحن ـ في بداية الأمر ـ كنا نؤمن بمنهج الوهابية في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها، ثم تعرّفنا على منهج قدماء علماء أهل السنّة ومتأخريهم وانتقلنا إليه، ثم اهتدينا إلى منهج علماء الاثني عشرية في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها. وقد لاحظنا أنّ هنالك تناقضاً في تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها؛ بين منهج الوهابية ومنهج قدماء علماء أهل السنّة ومتأخريهم. ولا شك أنّه من المستحيل أن تكون كل تفسيراتهم صحيحة في الوقت الذي ينعدم الاتفاق بينها. ولو قلنا بصحتها مع تعارضها وتباينها للزم أن تكون كلها باطلة ـ بالمعنى المنطقي ـ أي غير صحيحة، ولما استحق أي تفسير يقدّمه علماء الوهابية أو علماء أهل السنّة لحقائق الاثني عشرية وخصائصها أن ينظر إليه بتقدير واحترام.
</span>الصفحة 45 ومن ثَمّ لا بد أن نقول بصحة بعض تفسيرات حقائق الاثني عشرية وخصائصها وبطلان بعضها. وسوف نثبت في البحوث القادمة(1) أنّ تفسير أهل السنّة من القدماء والمتأخرين لحقائق الاثني عشرية وخصائصها كان مصيباً غالباً، وأنّ تفسير الوهابية لحقائق الاثني عشرية وخصائصها كان مخطئاً وبعيداً عن حقيقة الاثني عشرية.
إننا حين نراجع المنهج الوهابي في تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها نجده عاجزاً عن الاهتداء إلى التفسير الصحيح لحقائق الاثني عشرية وخصائصها؛ الذي اهتدى إليه قدماء علماء أهل السنّة ومتأخريهم.
إنّ الاثني عشرية التي تبحث عن حقائقها وخصائصها الوهابية لا تعني أهل السنّة في شيء؛ لأنّ بحث الوهابية عن الاثني عشرية ـ على ذلك المنهج الغريب ـ لن يجعلها تدرك أنّ الاثني عشرية الحقة هي التي صوّرها ورسمها علماء أهل السنّة، وهي التي دلّنا عليها كبار علماء الاثني عشرية.
وقد عجزت الوهابية عن الاهتداء إلى حقيقة الالوهية والنبوة عند الاثني عشرية، وعجزت عن إدراك كل حقائق الاثني عشرية وخصائصها؛ لأنّها حاولت دائماً أن تفسر هذه الحقائق وأن تصورها تحت نفوذ مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، أو مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة، في حين أن الاثني عشرية ليس لها صلة بالغلو.
وبمثل هذا العجز فسرّت الوهابية خصائص الاثني عشرية، وضربت في التيه عندما حاولت دراسة (خصائص الاثني عشرية).
والعجب العُجاب ما يصادفه الإنسان من بعض عوام أهل السنّة؛ أنّك تجدهم يؤمنون بما قاله بعض الوهابية عن حقائق الاثني عشرية وخصائصها، بينما
____________
(1) في القسم الثاني من هذا الكتاب.
الصفحة 46 يسخرون بما قاله كبار قدماء علماء أهل السنّة ومتأخريهم في تلك الحقائق وهذه الخصائص!!
ويعجب الإنسان ـ أيضاً ـ أن الكثير من عوام أهل السنّة لم يبحثوا عن سبب اختلاف الوهابية البريئة وقدماء أهل السنّة؛ في تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها، مع اتحاد الموضوع المبحوث عنه، أي موضوع الاثني عشرية! ومن الغريب أنّ بعض عوام أهل السنّة يغفلون عن الصراع الكبير والخطير بين الوهابية وبين أهل السنّة حول تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها!
ويبدو أنّ هذه المشكلة الخبيثة ـ مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، أو مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة عند الوهابية ـ كانت وما زالت وراء هذا الصراع الشديد بين الوهابية وعلماء أهل السنّة.
وإذا كانت هذه المشكلة سبباً في توسيع مساحة الصراع بين السنّة وبين الاثني عشرية منذ ظهور الوهابية في القرن الثامن عشر؛ فقد أصبحت هذه المشكلة ـ في عصرنا ـ سبباً في توسيع مساحة الصراع بين الوهابية وأهل السنّة. ولا يمكن لنا أن نكشف سرّ اختلاف الوهابية مع أهل السنّة في تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها ما لم ندرك هذه المشكلة.
والذين يخطئون في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، أو يخلطون بين الاثني عشرية وفرق الغلاة هم الذين فسروا حقائق الاثني عشرية وخصائصها بصورة مخالفة لتفسير الذين أصابوا في إدراك مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، وميزوا بين المذهب الاثني عشري وبين فِرَق الغلاة.
ولقد لاحظنا أنّ الكثير من القضايا المُثارة المتنازع عليها بين الاثني عشرية وبين الوهابية أصبحت ـ الآن ـ قضايا مثارة ومتنازع عليها بين الوهابية وكبار أهل السنّة في العصر الحديث.
</span>الصفحة 47 وإنّه من الطبيعي أن تثار تلك القضايا بين الاثني عشرية والوهابية من جهة وبين السنّة والوهابية من جهة أُخرى؛ لأنّ أتباع الوهابية مصابون بمشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية.
وبعبارة أُخرى: مصابون بمشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة.
لقد بيّن أهل السنّة أنّ القضايا التي أثارتها الوهابية البريئة ضد الاثني عشرية إنّما هي من شأن الغلو والغلاة؛ لأن أهل السنّة يدركون الفرق بين الاثني عشرية والغلو. ومن ثَمّ لا يوجد نزاع وصراع بين السنّة والاثني عشرية، بينما يوجد هذا الصراع وذلك النزاع بين أهل السنّة والوهابية الذين يخلطون بين الاثني عشرية وفرق الغلاة.
ومن هنا فهذه المشكلة الخبيثة وسّعت الخلاف بين السنّة والاثني عشرية من خلال تأثير الوهابيين، ثُمّ وسّعت الخلاف بين السنّة والوهابية. وهذا هو الذي يفسرّ لنا سرّ تحذير كبار علماء أهل السنّة وكبار علماء الاثني عشرية من هذه المشكلة، ويفسرّ لنا السبب الذي جعلهم يعدّونها أكبر مشكلة زُرعت من أجل تمزيق الصف بين السنّة والاثني عشرية، وتمزيق الصف بين السنّة والوهابية، لأن اختلاف أهل السنّة مع الوهابية حول الاثني عشرية قد خلق صراعاً شديداً بين الوهابيين وأهل السنّة، ولا يمكن أن يتم التقريب بين الاثني عشرية والوهابية إلا إذا عالجنا هذه المشكلة، كما لا يمكن أن يتم التقريب بين أهل السنّة والوهابية إلا إذا عالجنا هذه المشكلة.
وقد عبّر عن حالة الصراع الشديد والاضطراب المرير بين مفهوم الاثني عشرية عند الوهابية ومفهومه عند أهل السنّة؛ أحدُ الكتاب المكفرّين للاثني عشرية والمؤيدين للمنهج الوهابي في دراستها، صاحب المؤلفات المشهورة ضد الاثني عشرية، وهو الدكتور الشيخ (ناصر القفاري) من كبار الوهابيين المعاصرين، فقال:
(استرعى انتباهي تضخم الخلاف حول الاثني عشرية لدى الكتّاب المعاصرين؛ فمن فريقٍ يرى أنّهم كفرة وأنّ غلوهم تجاوز الحدود الإسلامية، كما في كتابات </span>الصفحة 48 الاستاذ محب الدين الخطيب، وإحسان ا لهي ظهير، وإبراهيم الجبهان وغيرهم. وفريقٍ يرى أنّ الاثني عشرية طائفة معتدلة لم تجنح إلى الغلو الذي وقعت فيه الفرق الباطنية، مثل: كتابات النشار، وسليمان دنيا، ومصطفى الشكعة. وفريق ثالث التبس عليه الأمر حتى ذهبَ يستفتي شيوخ الشيعة الاثني عشرية فيما كتبه عنهم احسان ا لهي ظهير، ومحبّ الدين الخطيب؛ كما تجد ذلك فيما كتبهُ البهنساوي في كتابه (السنّة المفترى عليها)، ومن خلال هذه الاختلافات قد تضيع الحقيقة أو تخفى على الكثير)(1)-(2).
ومن ثَمّ كان تأكيدي على ضرورة معالجة هذه المشكلة، فجعلت رسالة الماجستير الجامعية تحت عنوان (مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة عند الوهابية)، وبينت أنّ هذه المشكلة هي وراء تعدد مناهج دراسة الاثني عشرية.
وإنّني بعد دراسة طويلة للمناهج الثلاثة التي ذكرتها ـ منهج الجماعة الوهابية، ومنهج أهل السنّة، ومنهج الاثني عشرية ـ استيقنت بأنّه لا يصّح أن يستفاد من المنهج الوهابي، لا سيما بعد الاختلاف الشديد بين منهج الوهابية في تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها من جهة، وبين منهج أهل السنّة ومنهج الاثني عشرية في تفسيرها من جهة أخرى..
إنّ دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها ـ حسب المنهج الوهابي ـ تتمُ بطريقة تقتضي أن يُضّحى بالموضوع (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) في سبيل المنهج، وكأنّ الموضوع (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) لا يفرضُ منهجه من داخله، وكأنّ أتباع المذهب الاثني عشري الذي ينتمي إليهم الموضوع (حقائق الاثني عشرية وخصائصها) لا منهج لهم.

____________
(1) أُصول مذهب الشيعة الإمامية لاثني عشرية للشيخ الدكتور ناصر القفاري حفظه الله، مقدمة الكتاب: ج1، ص10 ـ 11.
(2) ستصدر مؤسسة الفكر الاسلامي كتاباً تناولتُ فيه نقد منهج ناصر القفاري في الكتابة عن الاثني عشرية.
الصفحة 49


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:30 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ولا يمكن للمنهج الوهابي في دراسة الاثني عشرية أن يخرج من أزمة الصراع مع أهل السنّة حول تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها؛ إلاّ عند مراجعة منهج الاثني عشرية في تفسير هذه الحقائق والخصائص، ومن ثَمّ نجد أنّ الكاتب الوهابي (ناصر القفاري)(1) ذكر أنّ العلامة السنّي (سالم البهنساوي) بعد أن رأى اختلاف (إحسان ا لهي ظهير) مع العلامة (مصطفى الشكعة) في مفهوم الاثني عشرية؛ لجأ إلى شيوخ الاثني عشرية، وكتب نتيجة حواره مع الاثني عشرية في كتابه (السنة المفترى عليها)، وعرف أنّ الحق مع منهج أهل السنّة. ونجدُ ـ أيضاً ـ المفكر الإسلامي السنّي (الدكتور حامد حنفي داود)(2) يدعو إلى ضرورة نبذ المنهج الوهابي في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها، وإلى ضرورة الرجوع إلى منهج الاثني عشرية في دراستها، وفي هذا يقول:
(يُخطىء كثيراً من يدعي أنّه يستطيع أن يقف على عقائد الشيعة الإمامية وعلومهم وآدابهم مما كتبه عنهم الخصوم، مهما بلغ هؤلاء الخصوم منْ العلم والإحاطة، ومهما أحرزوا من الأمانة العلمية في نقل النصوص والتعليق عليها بأسلوب نزيه بعيد عن التعصب الأعمى. أقول هذا جازماً بعد أن قضيت ردحاً طويلاً من الزمن أدرس فيه عقائد الأئمة الاثني عشر بخاصّة، وعقائد الشيعة بعامة، فما خرجت من هذه الدراسة الطويلة التي قضيتها متصفحاً في كتب المؤرخين والنقاد... بشيء ذي بال، وما زادني إلى هذه الدراسة، وميلي الشديد في الوقوف على دقائقها إلاّ بعداً عنها وخروجاً عليها... ذلك لأنّها دراسة بتراء
____________
(1) نقلنا عبارته في ص 47 ـ 48 من هذا الكتاب.
(2) وهو من كبار مفكري أهل السنّة في العصر الحديث، وكان مشرفاً على الدراسات الإسلامية بجامعة (عليكرة) با لهند.
الصفحة 50 أحلتُ نفسي فيها على كتب الخصوم لهذا المذهب، وهو المذهب الذي يمثل شطر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومن ثمّ اضطررت ـ بحكم ميلي الشديد إلى طلب الحقيقة حيث كانت، والحكمة حيث وجدت، والحكمة ضالة المؤمن ـ أن أدير دفة دراستي العلمية لمذهب الأئمة الاثني عشر إلى الناحية الأُخرى، تلك هي دراسة هذا المذهب في كتب أربابه، وأن أتعرف على عقائد القوم ممّا كتبه شيوخهم والباحثون المحققون من علمائهم وجهابذتهم.
ومن البديهي أنّ رجال المذاهب أشدّ معرفة لمذهبهم من معرفة الخصوم به، مهما بلغ أولئك الخصوم من الفصاحة والبلاغة، أو أُوتوا حظاً من اللسن والإبانة عمّا في النفس، وفضلاً عن ذلك فإنّ الأمانة العلمية التي هي من أوائل أسس المنهج العلمي الحديث، وهو المنهج الذي اخترته وجعلته دستوري في أبحاثي ومؤلفاتي حين أحاول الكشف عن الحقائق المادية والروحية؛ هذه الأمانة المذكورة تقتضي التثبت التام في نقل النصوص والدراسة الفاحصة لها، فكيف لباحث بالغاً ما بلغ من المهارة العلمية والفراسة التامة في إدراك الحقائق أن يتحقق من صحة النصوص المتعلقة بالشيعة والتشيع في غير مصادرهم؟!
إذن، لارتاب في بحثه العلمي على غير أساس متين.. ذلك ما دعاني أن أتوسع في دراسة الشيعة والتشيع في كتب الشيعة أنفسهم، وأن أتعرف عقائد القوم نقلاً عمّا كتبوه بأيديهم ونطقت به ألسنتهم، لا زيادة ولا نقص، حتى لا أقع في الإلتباس [والخلط بين الاثني عشرية والغلاة] الذي وقع فيه غيري من المؤرخين والنقاد حين قصدوا للحكم على الشيعة والتشيع. وإنَّ الباحث الذي يريد أن يدرس مجموعة ما من الحقائق في غير مصادرها ومظانها الأصلية إنّما يسلك شططاً ويفعل عبثاً، ليس هو من العلم ولا من العلم في شيء. ومثل هذا ما وقع فيه العلامة الدكتور (أحمد أمين) حين تعرّض لمذهب الشيعة في كتبه، فقد حاول </span>الصفحة 51 هذا العالم أن يجلّي للمثقفين بعضاً من جوانب ذلك المذهب، فورّط نفسه في كثير من المباحث الشيعية كقوله: (إنّ اليهودية ظهرت في التشيع)، وقوله: (إنّ النار محرمة على الشيعي إلاّ قليلاً)، وقوله: (بتبعيتهم لعبد الله بن سبأ)، وغير هذا من المباحث التي ثبت بطلانها وبراءة الشيعة منها، وتصدّى لها علماؤهم بالنقد والتجريح، وفصّل الحديث فيها العلامة محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه أصل الشيعة وأُصولها)(1).
ولكي يدرك القارئ الخطورة الكبيرة في منهجية الوهابية في بيان (حقائق الاثني عشرية وخصائصها)؛ نذكر مثالاً هاماً يبيّن ويوضّح مشكلة خلط أتباع الوهابية بين الاثني عشرية وفرق الغلاة، فقد نقل الوهابية في كتبهم أن ّ الرافضة ـ ويقصدون الاثني عشرية لأنّهم يخلطون بين الاثني عشرية والرافضة ـ تقول: (إنّ عليّاً في السحاب، فلا نخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي منادٍ من السماء، ـ يريد علياًَ ينادي ـ: اخرجوا مع فلان)!
ومن المعلوم أنّ الذين يزعمون أنّ علياً في السحاب هم الغلاة لا الاثني عشرية.. كما أن الذين يزعمون ان الإمام علياً ينادي من أعلى السحاب: (اخرجوا مع فلان) هم الغلاة لا الاثني عشرية!
ونحن بعد دراسة عميقة في المذهب الاثني عشري عند كبار علمائه، وفي أعظم مدينة علمية للاثني عشرية في العصر الحديث؛ وجدنا الاثني عشرية في كتبهم القديمة والحديثة يتبرؤون ويلعنون من يقول: (إن علياً في السحاب أو إنه ينادي من السحاب)! والثابت عندهم هو عين الثابت عند أهل السنّة، وهو: أنّه عندما يخرج الإمام المهدي ـ الذي أجمع على خروجه أهل السنّة والاثنا عشرية ـ سوف ينادي ملك من السماء باسمه، ويأمر بنصرته. ومن ثمَّ يجب علينا أن لا نعتمد على كتب الوهابية في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها.

____________
(1) كلمة مقتطفة من مقدمة علامة أهل السنّة حامد حنفي داود لكتاب عقائد الإمامية للشيخ محمد رضا المظفر: ص 20 ـ 23. وانظر كتاب في سبيل الوحدة الإسلامية للسيد مرتضى الرضوي: ص 75 ـ 83، مطبوعات النجاح في القاهرة، ط 3، سنة 1400 هـ ـ 1980م.
الصفحة 52 وهكذا؛ تتجلى في هذه المقتطفات الكبيرة وا لهامة مشكلة خطأ الوهابية في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية أو مشكلة خلط الوهابية بين الاثني عشرية والغلاة، وكيف كانت سبباً في اخفاقات المنهج الوهابي في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها على مدار فترة زمنية طويلة، وكانت سبباً في التباين الشديد بين حكم الوهابية وحكم أهل السنّة على هذه الحقائق وتلك الخصائص.
والغرض من توضيح مشكلة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية أو مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة، والتي توسعنا عامدين في عرضها من خلال أقوال كبار مفكري أهل السنة وعلمائهم؛ إنّما يعود للأسباب التالية:
أولاً: خطر هذه المشكلة باعتبارها كانت وما زالت السبب الأول في توسيع الاختلاف بين السنّة والاثني عشرية، بعد أن اندسَّ الوهابيون في صفوف أهل السنّة؛ كما أصبحت هذه المشكلة سبباً في توسيع الاختلاف بين السنّة والوهابية.
ثانياً: خطأ منهج الوهابية في دراسة حقائق الاثني عشرية وخصائصها كان نتيجة حتمية لهذه المشكلة. ولا شك أنّ خطأ منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية كان سبباً لاختلاف أهل السنّة مع الوهابية في تفسير مفهوم الاثني عشرية.
ثالثاً: معرفة هذه المشكلة بينّت لنا أهمية هذه المرحلة، أي مرحلة المعرفة الانتسابية؛ لأنّها قاعدة رئيسية في هذا المنهج الذي رسمناه من أجل تصحيح منهج الوهابية في دراسة حقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه، ومن أجل التقريب بين الاثني عشرية والوهابية، ومن أجل التقريب بين أهل السنة والوهابية كما أسلفنا في أوائل البحث عن هذه المرحلة.
رابعاً: يكتسب البحث عن مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة أهمية كبيرة، لأنّ مشكلة الخلط بين الحقائق والأوهام تمثل أكبر خطر يهدد جميع الديانات والمذاهب الدينية. وإذا كانت الأفكار المادية الإلحادية تمثل أكبر عدو </span>الصفحة 53 خارجي للديانات والمذاهب الدينية، فإنّ مشكلة الخلط بين الحقائق والأوهام تشكّل أكبر عدوٍ داخلي يهدد كيان الديانات والمذاهب الدينية. وإذا كان الفكر المادي يثير الشبهات ضد الديانات والمذاهب الدينية، فإنّ مشكلة الخلط بين الحقائق وبين الأوهام تصر على التفسير الغريب والفهم البعيد لحقائق الأديان والمذاهب الدينية، وتعطي صورة مشوهة لكل المذاهب الدينية، وبالتالي تجعل العقل البشري ينفر من الدين ـ أي دين ـ ويتجه صوب الإلحاد والمذاهب اللادينية.
خامساً: لقد كانت مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وبين فرق الغلاة، عند الوهابية هي السبب الأول الذي جعلهم يقولون بأنّ هنالك صلة بين الاثني عشرية وبين غلاة الصوفية، في حين أن علماء الاثني عشرية يكفرّون الطرق الصوفية المغالية.
كان هذا توضيحاً وتبييناً للمرحلة الأُولى في معرفة المذهب الاثني عشري.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:31 AM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



* * *

ومن المسائل ا لهامة في المرحلة الأولى لمعرفة المذهب الاثني عشري، معرفة أسباب وعوامل خطأ الوهابية في المرحلة الأولى لمعرفة الاثني عشرية، فالخطأ في هذه المرحلة يساوي ايجاد مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة.
وسوف نبحث ـ الآن ـ عن أسباب وعوامل خطأ الوهابية في مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري، أو بتعبير آخر: أسباب وعوامل مشكلة الخلط بين المذهب الاثني عشري وفِرَق الغلاة عند أتباع الوهابية. وهي ترجع إلى قسمين:
القسم الأول: الأسباب والعوامل التي ترجع إلى جهل أتباع الوهابية. وهي ترجع إلى عدة أسباب:
السبب الأُول: الجهل بمعنى الغلو.
السبب الثاني: الجهل بمعنى المذهب الاثني عشري.
السبب الثالث: الجهل بموقف المذهب الاثني عشري من الغلو وفِرَق الغلاة.
</SPAN>الصفحة 54 القسم الثاني: الأسباب والعوامل التي ترجع إلى طبيعة الوهابية. وهذه الأسباب ترجع إلى سببين رئسيين وهما:
السبب الرابع: طريقة التفكير عند الوهابية.
السبب الخامس: الخروج عن منهج أهل السنّة في التعامل مع المذهب الاثني عشري.
وقبل تناول هذه الأسباب بصورة مفصلة(1) نريد أن نبين للقارئ الكريم أننا لا نريد من البحث عن هذه المشكلة مجرّد (المعرفة الباردة)، إنّما نبتغي من القارئ الكريم أن يدرك خطورة هذه المشكلة على الوحدة الإسلامية المقدسة.. نبتغي أنّ تستحيل معرفة القارئ لهذه المشكلة إلى قوةٍ تفصله وتبعده عن الوقوع في حبا لها، ومن ثمَّ آثرنا أن نرسم هذه المشكلة على شكل قنبلة يدوية من أجل تجسيم وتصوير شدّة خطرها على وحدة المسلمين، فهي المشكلة التي وسعت دائرة الخلاف بين السنّة والاثني عشرية من جهة، وبين الاثني عشرية والوهابية من جهة أُخرى، وبين السنّة والوهابية من جهة ثالثة.
وهذه هي صورة المشكلة مع الأسباب الخمسة التي كانت وراء تكوين أو توسيع هذه المشكلة رسمناها بالشكل التالي:

____________
(1) تناولناها بصورة مفصلة في القسم الثاني من هذا الكتاب.
الصفحة 55 </SPAN>الصفحة 56 </SPAN>الصفحة 57 الشكل رقم (2) كما يرى في الصورة يعبّر بوضوح عن خطورة مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة.. فقد رسمنا العقل الوهابي الذي أُصيب بهذه المشكلة على صورة قنبلة يدوية.
وكما ترى في الشكل فإننا رسمنا الأسباب الخمسة المكونة أو الموسعة للمشكلة عند الوهابية بصورة الأسهم التي تقوم بتعبئة القنبلة اليدوية أو العقل الوهابي بالمواد المفجِّرة، وهو تعبير حاسم وصريح عن النتائج الخطيرة التي ستنبثق من هذه المشكلة الخبيثة، فعندما يُستكمل تعبئتها سوف تنفجر فتمزق وحدة الصف بين السنّة والاثني عشرية من جهة، ثُمّ تمزق وحدة الصف بين السنّة والوهابية من جهة أُخرى، ثم تمزق وحدة الصف بين الاثني عشرية والوهابية من جهة ثالثة، وسوف تخلق اختلافاً شديداً بين منهج أهل السنّة في تفسير حقائق الاثني عشرية وخصائصها وبين منهج الوهابية في تفسير هذه الخصائص وتلك الحقائق، وسوف تكون السبب الأول في خطأ أتباع الوهابية في تفسيرهم لحقائق الاثني عشرية وخصائصها.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:31 AM   #5
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



النتائج السلبية لهذه المشكلة:
سوف نكتفي بالإشارة إلى الأخطاء التي طرأت على العقل الوهابي ـ من حيث لا يعلم ـ بعد أن تمكَّنت هذه المشكلة من السيطرة عليه وهي:
1 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة الأولى وهي: (حقيقة الألوهية والنبوة في المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه الخلط بين موقف الاثني عشرية من هذه الحقيقة وموقف الغلاة منها.
2 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة الثانية وهي: (حقيقة الشرائع والأحكام في المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه الخلط بين موقف الاثني عشرية من هذه الحقيقة وموقف الغلاة منها.
3 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة الثالثة وهي: (حقيقة أهداف المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه الخلط بين أهداف الاثني عشرية وأهداف فِرَق الغلاة.
</span>الصفحة 58 4 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة الرابعة وهي: (حقيقة معنى بعض المصطلحات في المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه زيادة محتويات ومضامين جديدة وغريبة عن تلك المصطلحات، وانبثق منه خلط الوهابية بين معاني تلك المصطلحات عند أهل السنّة وبين معانيها عند الاثني عشرية.
5 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة الخامسة وهي: (حقيقة منابع المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه الخلط بين منابع الاثني عشرية ومنابع فِرَق الغلاة.
6 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة السادسة وهي: (حقيقة الإمامة في المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه الخلط بين حقيقة معنى الإمامة عند الاثني عشرية وحقيقة معناها عند فِرَق الغلاة، والخلط ـ أيضاً ـ بين حقيقة معنى الإمامة عند الاثني عشرية وبين معنى الإمامة عند أهل السنّة.
7 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة السابعة وهي: (حقيقة هوية المذهب الاثني عشري)، والذي انبثق منه الخلط بين هوية الاثني عشرية وهوية فِرَق الغلاة.
8 ـ الخطأ في تفسير الحقيقة الثامنة وهي: (حقيقة نشأة المذهب الاثني عشري وعلل هذه النشأة)، والذي انبثق منه الخلط بين نشأة الاثني عشرية ونشأة فِرَق الغلاة من جهة، والخلط بين علل نشأة الاثني عشرية وبين علل نشأة فرق الغلاة من جهة أُخرى.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:31 AM   #6
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



النتيجة النهائية لهذه الأخطاء الثمانية:
لقد تولّدَ من هذه الأخطاء الثمانية قضية خطيرة وهي: الخطأ في تفسير (خصائص المذهب الاثني عشري) وبالتالي أدّى إلى الخلط بين خصائص الاثني عشرية وخصائص فِرَق الغلاة.
وحتى يتضح للقارئ أنّ هذه الأخطاء الثمانية الخطيرة في تفسير حقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه قد انبثقت من انفجار مشكلة الخلط بعد استكمال أسبابها الخمسة؛ قمنا برسم صورة تلك المشكلة الخبيثة وهي في حالة الانفجار الخطير.. ورسمناها بهذا الشكل:
</SPAN>الصفحة 59


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:32 AM   #7
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 60 </SPAN>الصفحة 61

والشكل (3) ـ كما يُرى في الصورة ـ يعبّر بوضوح صريح وحاسم عن الارتباط الوثيق بين الأسباب الخمسة التي كونت المشكلة، وبين هذه الأخطاء الثمانية الخطيرة التي انبثقت من تلك الأسباب.
وعندما نعيد النظر في الشكل رقم (2)، ثم ننظر للمرة الثانية إلى الشكل رقم (3) سوف نرى في الشكل الثاني الأسهم الخمسة، التي تعبّر عن الأسباب الخمسة، وهي تتجه صوب العقل الوهابي لتكوّن هذه المشكلة، أمّا الشكل الثالث فسوف نلاحظ تلك الاسهم تتجه في اتجاه معاكس لاتجاهها في الشكل الثاني، وفي هذه دلالة صريحة بأنّ هذه الاخطاء الثمانية هي آثار ضرورية لتلك الأسباب الخمسة.
وعندما تقارن بين الشكل الثاني والشكل الثالث وتعيد النظر فيهما سوف يتضح لك أنّ الشكل الثالث يرسم انفجاراً شديداً للقنبلة اليدوية التي تم تعبئتها في الشكل الثاني.
وهذا تعبير صريح بأنّ انفجار المشكلة ـ التي نتج عنها الاخطاء الثمانية الخطيرة ـ كان مساوياً من حيث القوة لنسبة المواد الخمسة المفجِّرة، أو الأسباب الخمسة الخبيثة التي كوّنت أو وسّعت تلك المشكلة التي انفجرت داخل العقل الوهابي، ووسّعت دائرة الخلاف بين السنّة والاثني عشرية من جهة، وبين الوهابية والاثني عشرية من جهة أُخرى، وبين السنّة والوهابية من جهة ثالثة.

* * * *
إلى هنا اتضح لنا أنّ هذه الدراسة ترسم المنهج السليم في عرض المذهب الاثني عشري، وتحاول تصحيح منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية؛ كما تحاول طرح منهجٍ جديدٍ في الحوار مع الوهابية، كما تبذل جهداً كبيراً من أجل التقريب بين الاثني عشرية والوهابية ومن أجل التقريب بين أهل السنّة والوهابية واتضح لنا ـ أيضاً ـ أنّ هذه الدراسة للمذهب الاثني عشري تمر بمراحل ثلاث؛ المرحلة الأولى منها درسنا مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وبين فرق الغلاة عند الوهابية، وقلنا: بأنّ هذه المشكلة تمثّل في الحقيقة الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني </SPAN>الصفحة 62 عشرية، وذكرنا أنّ المرحلة الأُولى تُمثل رأس ا لهرم؛ لأنّ الخطأ في هذه المرحلة سوف يؤدّي بشكل حتمي إلى سراية الخطأ إلى المرحلة الثانية، أي مرحلة المعرفة التحليلية للمذهب الاثني عشري، وإلى المرحلة الثالثة، أي مرحلة المعرفة الجذرية للمذهب الاثني عشري. وبالتالي سوف يؤدي الخطأ في المرحلة الأُولى إلى عدم إدراك الحقائق الثمان للمذهب الاثني عشري التي سوف ندرسها في المرحلتين الثانية والثالثة، وإلى عدم إدراك خصائص المذهب الاثني عشري التي سندرسها في قاعدة ا لهرم.
إذن، فكل الأخطاء التي وقعت في أجزاء وطبقات (هرم المذهب الاثني عشري) إنّما كانت منبثقة ومتولِّدة من الخطأ في رأس ا لهرم، أي الخطأ في المرحلة الأولى.
ونحن من أجل بيان وتصوير وتجسيم هذا المنهج الجديد في رسم المذهب الاثني عشري رسمنا (هرم المذهب الاثني عشري) بصورةٍ واضحة، تبين كل خطوات هذه المنهج المرسوم؛ من أجل تصحيح منهج الوهابية في دراسة الاثني عشرية، ومن أجل التقريب بين الاثني عشرية والوهابية، ومن أجل التقريب بين أهل السنّة والوهابية وهذه هي صورة المنهج على شكلٍ هندسي هرمي:
</SPAN>الصفحة 63 </SPAN>الصفحة 64 </SPAN>الصفحة 65 وهرم المذهب الاثني عشري ـ كما يُرى في الصورة ـ يعبّر بوضوح حاسم عن المنهج الذي ذكرناه بلا لبسٍ أو إبهام، ويبين أنّه لا بد لنا قبل البحث عن المرحلة الثانية (مرحلة المعرفة التحليلية للمذهب الاثني عشري) أن نبدأ بالبحث عن المرحلة الأُولى، أيّ مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري، والتي نعالج فيها مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة عند الوهابية، حتى نتجنب الخطأ في فهم حقائق الاثني عشرية وخصائصها.
كما ترى في الشكل ـ أيضاً ـ أنّ المرحلة الأُولى تقع في رأس ا لهرم، تعبيراً عن أهميتها، وتبييناً بأنّ الخطأ فيها سوف يؤدي إلى سقوط خطير وانزلاق كبير من أعلى هرم المذهب الاثني عشري إلى أسفله، ولو لاحظنا مرحلة رأس ا لهرم لاستنقذنا أنفسنا من خطر السقوط. وهذه المرحلة هي وراء كل أخطاء أتباع المنهج الوهابي في دراساتهم عن الاثني عشرية.
وعند إعادة النظر في الشكل ا لهرمي الاثني عشري سوف نرى (مرحلة المعرفة التحليلية لحقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه) تقع في الطبقة الثانية بعد طبقة رأس ا لهرم الاثني عشري، وهو تعبيرٌ حاسم عن درجة ومرتبة هذه المعرفة التي لا ينبغي أن تتقدم أو تتأخر عنها. ونحن نشاهد في الشكل ا لهرمي الاثني عشري الحقائق الاربع التي هي من صميم هذه المرحلة، والتي يجب دراستها وتحليلها في هذه المرحلة.
وعندما نعيد النظر في الشكل ا لهرمي الاثني عشري سوف نجد أنّ موضع (المعرفة الجذرية للمذهب الاثني عشري) في الطبقة الثالثة، وهو تعبير صريح عن درجة ومرتبة هذه المعرفة التي لا ينبغي أن تتقدم أو تتأخر عنها، ونشاهد ـ كذلك ـ الحقائق الأربع ـ من الحقيقة الخامسة إلى الحقيقة الثامنة ـ التي هي من صميم هذه المرحلة، والتي يجب تحليلها ودراستها في هذه المرحلة، ونشاهد في الشكل ا لهرمي الاثني عشري ـ أيضاً ـ أنّ الطبقة الرابعة والأخيرة هي موضع </SPAN>الصفحة 66 وموقع (خصائص الاثني عشرية)، وهو تعبير صريح في أنّ (خصائص الاثني عشرية) لا يمكن أن تدرك ما لم نستوعب المراحل الثلاث السالفة، والحقائق الثمان المرتبطة بالمرحلتين الأخريتين. ولا شك أنّ الشكل ا لهرمي الاثني عشري بطبقاته الأربع يعبّر عن مرتبة ودرجة وأهمية كل مرحلة.
ونحن عندما وضعنا المرحلة الأولى في الطبقة الأولى (رأس ا لهرم الاثني عشري) لأجل تبيين وتوضيح تأثيرها الخطير والكبير على بقية طبقات ا لهرم الاثني عشري، وحين تقع الحقيقة الأولى (حقيقة الألوهية والنبوة في المذهب الاثني عشري) في رأس الطبقة الثانية فإنّه تعبير عن أهميّة هذه الحقيقة، وعن سمّو مرتبتها التي لا يمكن أن ترتقي إليها بقية الحقائق السبع؛ فليس هنالك حقيقة في كتب الاثني عشرية ترتفع إلى مستوى هذه الحقيقة؛ لأنّها تؤكد على الفصل التام بين مقام الألوهية ومقام العبودية، وتجريد كل العباد من خصائص الألوهية. كما تؤكد ـ هذه الحقيقة ـ على ضرورة ختم النبوة بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم، فهي حقيقةٌ هامة وضرورية يَكْفرُ من ينكرها بإجماع علماء المذهب الاثني عشري.
وهنالك تنبيه لا بد من ذكره وهو أنّ حقيقة الإمامة (الحقيقة السادسة) وضعت في الشكل ا لهرمي الاثني عشري في القسم الثاني من الطبقة الثالثة، ولا شك أنّها في هذا الموضع والموقع متأخّرة ـ كثيراً ـ عن الرتبة والدرجة التي تناسب أهميتها وخطورتها، وهكذا؛ (غيبة الإمام الثاني عشر في المذهب الاثني عشري) ـ أيضاً ـ وضعت في أسفل نقطة في الشكل ا لهرمي الاثني عشري (قاعدة ا لهرم)، ولا شك أنّها في هذا الموضع والموقع من ا لهرم جاءت متأخّرة ـ كثيراً ـ عن الرتبة والدرجة التي تناسب أهميتها وخطورتها، وقد جعلناها في نهاية هرم الاثني عشرية؛ لأننا أدركنا ـ من خلال انتقالنا من الوهابية إلى المذهب الاثني عشري ـ أنّ خاصّية غيبة الإمام الثاني عشر في المذهب الاثني عشري هي آخر ما يمكن أن يدركه أتباع المنهج الوهابي.
</SPAN>الصفحة 67 وهكذا؛ وضِعتْ (حقيقة الإمامة في المذهب الاثني عشري) في مرحلة المعرفة الجذرية للمذهب الاثني عشري وجعلتها الحقيقة السادسة في هذا الكتاب؛ لأنني رسمت هذا المنهج من أجل أن يدركه الوهابية. ومن خلال تجربتي السابقة فإنّني لم استوعب وأدرك (حقيقة الإمامة عند الاثني عشرية) إلاّ بعد أن استطعت تجاوز مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة (المرحلة الأولى)، وبعد أن استطعت تجاوز مرحلة المعرفة التحليلية العميقة للحقائق الأربع، وبعد أن استطعت الخروج من مشكلة الخلط ـ عندي ـ بين (منابع الاثني عشرية ومنابع الغلاة)، أي بعد أن أدركت الحقيقة الخامسة. وهكذا؛ شأن (خاصية الغيبة) فقد وضعتها في قاعدة ا لهرم الاثني عشري؛ لأنّها كانت آخر ما آمنت به من الاثني عشرية.
وإنّما ذكرت ذلك حتى لا يظن القارئ الكريم أننّي قصدت التقليل من شأن الإمامة ومن شأن غيبة الإمام الثاني عشر؛ المتفرعة عن حقيقة الإمامة في المذهب الاثني عشري.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:32 AM   #8
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



* * * *
وعندما نعيد النظر في الشكل ا لهرمي الاثني عشري سوف نلاحظ الخطوط الطولية المتصلة والمتحركة من رأس ا لهرم إلى قاعدته ونهايته. وهذه الخطوط المتصلة هي تمثيلٌ واضح وراسخ للاتصال الوثيق بين المراحل الثلاث ـ أي مرحلة المعرفة الانتسابية ومرحلة المعرفة التحليلة ومرحلة المعرفة الجذرية ـ في هذا المنهج، والاتصال الوثيق بين الحقائق الثمان المعروضة في المرحلتين الآخيرتين (مرحلة المعرفة التحليلية ومرحلة المعرفة الجذرية). كما أنّ هذه الخطوط الطولية تعبّر تعبيراً صريحاً عن الانبثاق الذاتي للمرحلة الثانية من المرحلة الأُولى والمرحلة الثالثة من المرحلة الثانية، وتعبّر ـ أيضاً ـ عن انبثاق خصائص الاثني </span>الصفحة 68 عشرية من الحقائق الثمان، كما أنّ هذه الخطوط الطولية قاطعة في الدلالة ـ على ما قلناه سابقاً ـ على ضرورة التدرج في دراسة المراحل الثلاث، وفي دراسة الحقائق الثمان، وفي دراسة الخصائص الثلاث؛ فتلك المواضع والمواقع المعيّنة للمراحل وللحقائق وللخصائص في ا لهرم لها دلالة صريحة في تجسيم وتصوير ضرورة التدرج في هذا المنهج، وفي عرض المراحل الثلاث للمذهب الاثني عشري، وفي عرض الحقائق الثمان المرتبطة بالمرحلتين الأخيرتين، وفي عرض الخصائص الثلاث؛ حتى نستطيع التقريب بين الاثني عشرية والوهابية، وحتى نتجنب ونبتعد عن الأخطاء التي انزلق فيها أتباع المنهج الوهابي في دراسة المذهب الاثني عشري. وقد انزلقوا في تلك الأخطاء بسبب أنّ طريقتهم في دراسة الاثني عشرية لا تستند على نظام فكري واحد ولا على نظام منهجي واحد.
ويشاهد القارئ الترابط المحكم بين طبقات ا لهرم وأجزائه، من قمته إلى قاعدته، وفي هذا دلالة صريحة على أنّه يجب أن ينظر إلى حقائق الاثني عشرية وخصائصها كوحدة متماسكة مترابطة متحدة، وفي إطار منظومة مشتركة، تدب فيها روح واحدة، ومن ثَمَّ فهي (الحقائق والخصائص) تشكل مجموعة واحدة.
وكل حقيقة من حقائق الاثني عشرية وكل خاصّية من خصائصها لا بد أن تنظر في اطار هذه المجموعة المترابطة المتصلة، وحين ننظر إلى حقيقة واحدة من حقائق الاثني عشرية، أو ننظر إلى خاصّية من خصائصها، بالنظرة الجزئية المفردة المعزولة عن بقية الحقائق والخصائص؛ فإنّنا لا يمكن أن نُدِرك عظمة روح هذه الحقيقة التي نظرنا إليها بمفردها، ولن ندرك ما فيها من صفات الجمال والكمال. كما أنّ النظرة التجزيئية الفردية لحقيقة من حقائق الاثني عشرية، أو خاصّية من خصائصها دون النظر إلى بقية حقائقها وخصائصها؛ كانت من الأسباب الرئيسية التي جعلت أتباع المنهج الوهابي ينزلقون في أخطاء كبيرة في الكثير من أحكامهم على حقائق الاثني عشرية وخصائصها.
</span>الصفحة 69 ويلاحظ المشاهد للشكل ا لهرمي الاثني عشري أنّ هنالك تسلسلاً ظاهراً وصريحاً، وهو تعبير حاسم عن أنّ كل حقيقة من الحقائق الثمان للمذهب الاثني عشري تكون مقدمة للحقيقة التي بعدها، وفي نفس الوقت تكون نتيجة للحقيقة التي قبلها، والإيمان بالحقيقة الأُولى يقتضي الإيمان بالحقيقة الثانية.. وهكذا.. وهكذا؛ إلى الحقيقة الثامنة.
ونحن إذا لم نستطع فهم الحقيقة الأُولى فإنه ليس بالامكان فهم بقية الحقائق؛ لما عرفت من أن هناك تسلسلاً رياضياً وعلمياً بينها.
وحينما نعيد النظر في الشكل ا لهرمي الاثني عشري سوف نلاحظ أنّ هنالك خطوطاً عرضية في ا لهرم الاثني عشري. وهو تعبير حاسم عن قاعدة أساسية في هذا المنهج ـ الذي رسمناه من أجل تصحيح منهج الوهابية في دراسة المذهب الاثني عشري ومن أجل التقريب بين الاثني عشرية والوهابية ـ تقول: بأنّه يجب التأمّل والتدقيق والتعمق والدراسة التحليلية والموضوعية لكل مرحلة من المراحل الثلاث للمذهب الاثني عشري، ولكل حقيقة من حقائق هذا المذهب، ولكل خاصّية من خصائصه؛ فقد لمسنا ـ عند مراجعة ودراسة الكتب التي كتبت عن المذهب الاثني عشري حسب المنهج الوهابي ـ أنّ عدم التأمّل والتدقيق، وعدم التحليل الكامل للمراحل والحقائق والخصائص؛ كان وراء كل الأخطاء التي ارتكبوها في حق المذهب الاثني عشري.
ولو أعاد القارئ النظر إلى الشكل ا لهرمي الاثني عشري سوف يرى أننا رسمنا خطوطاً خارجية في السطح الخارجي للهرم، تشمل وتعم كل ا لهرم. وهو تعبير صريح وواضح عن حقيقة هامة في هذا المنهج تقول: بأنّ هنالك تشابكاً وانسجاماً بين المراحل والحقائق والخصائص، بحيث إنّ الخطأ في فهم المرحلة الأُولى ـ التي في رأس ا لهرم ـ يقتضي سريان الخطأ إلى المرحلتين الأخيرتين، والإصابة في فهم أول مرحلة يقتضي الإصابة في فهم المرحلتين الأخيرتين..
</span>الصفحة 70 وهكذا.. وهكذا.. في الحقائق الثمان وفي الخصائص الثلاث أنّه لا يمكن أن نخطئ في (مرحلة المعرفة الانتسابية للمذهب الاثني عشري)، ثُمّ نصيب في (مرحلة المعرفة التحليلية لهذا المذهب) أو (المعرفة الجذرية له)؛ لأنّ العلاقة بين المعارف الثلاث للمذهب الاثني عشري متشابكة..
وإذا أعاد القارئ نظره إلى ا لهرم يرى أنّ قمته تبدأ ضيقة، ثم تتسع شيئاً فشيئاً كلَّما اتجهت نحو القاعدة. وهذا يعبّر عن حقيقة هامة أشرنا إليها وهي أنّه عندما أخطأ أتباع المنهج الوهابي في مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة ـ رأس ا لهرم ـ أخذت أخطاؤهم في فهم حقائق الاثني عشرية تتسع يوماً بعد يوم؛ كما أنه يعبّر عن حقيقة هامة وهي أنه عندما أخطأ أتباع المنهج الوهابي في مشكلة الخلط بين الاثني عشرية والغلاة أخذ اختلافهم مع الاثني عشرية ومع أهل السنّة يتسع يوماً بعد يوم، حتى كادتْ الوهابية أن تنعزل عن الاثني عشريين وعن أهل السنّة.
ولن يستطيع أتباع المنهج الوهابي معرفة حقائق الاثني عشرية وخصائصها إلاّ إذا أدركوا الفرق بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة.

* * * *
والآن حان الوقت للبحث عن أسباب وعوامل خطأ الوهابية في هذه المرحلة الأُولى لمعرفة المذهب الاثني عشري، وقد انبثقت من الخطأ في هذه المرحلة وتولّدت مشكلة الخلط بين المذهب الاثني عشري وفرق الغلاة.

* * * *


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:33 AM   #9
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 71
ما هي أسباب وعوامل تكوين وتوسيع هذه المشكلة؟
قد أشرنا إليها فيما سبق والآن نريد أن نبحث عنها بنفس الترتيب الذي ذكرناه، ولكنا قبل البحث عن هذه العوامل والأسباب سوف نذكر تمهيداً هاماً، ثُمّ نعود إلى دراسة الأسباب الخمسة(1) التي كوّنت تلك المشكلة.
ولعل من الحتميات التي يجب معرفتها قبل دراسة أسباب هذه المشكلة الخطيرة أن ندرك هذه الحقائق ا لهامة:
الحقيقة الأولى: إنّ مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة ـ لدى المنهج الوهابي ـ لم تلِد فجأةً بدون مقدمات وإرهاصات اقتضت ولادتها، بل هي وليدة عوامل وأسباب كثيرة استغرقت فترة زمنية طويلة، وحينما استكمِلت الأسباب وجدت المشكلة. ومن الثابت ـ علمياً ـ أنّ المشكلات التاريخية ليست وليدة لحظة واحدة؛ كما هو شأن بعض الاكتشافات العلمية المفاجئة.
الحقيقة الثانية: إنّ عملية تحديد أسباب ظهور المشكلات التاريخية عملية شديدة الصعوبة، وليست كعملية اكتشاف أسباب الأمراض البسيطة، ومن ثَمّ سوف يلاحظ القارئ أنّ بعض الأسباب التي سوف نذكرها لم تكن سبباً في وجود المشكلة، بل كانت سبباً في توسيعها.
الحقيقة الثالثة: إنّه لا يمكن معرفة أسباب هذه المشكلة الخطيرة إلاّ بعد دراسة تاريخ هذه المشكلة، ومن ثمّ راجعنا كل كتابات الوهابية عن الاثني عشرية، واستكشفنا من خلال دراستها في سنوات عديدة تاريخ المشكلة، ثُمّ تعرّفنا على أسباب المشكلة بعد معرفة تاريخها، وتبين لنا أنّ جذور هذه المشكلة في الفكر الوهابي ترجع إلى زمن ظهور الوهابية في عصر الدولة العثمانية.
لقد كانت الدولة العثمانية تحارب المذهب الاثني عشري محاربةً شديدة؛ بسبب الصراع على السلطة بين الدولة العثمانية التركية وبين الدولة الصفوية
____________
(1) درسنا أكثر هذه الأسباب في كتابنا (رحلتي من الوهابية إلى الاثني عشرية) الذي يعتبر القسم الثاني من هذا الكتاب.
الصفحة 72 الفارسية، ومن ثَمّ نجد الدولة العثمانية التركية تطرح مشروعاً جديداً وغريباً وهو مشروع (تكفير الاثني عشرية واستباحة دمائهم)؛ من أجل ترغيب شعوب الدولة العثمانية في مقاتلة إخوانهم من الاثني عشرية. وتسرّب هذا المشروع إلى القارة ا لهندية، وصدر كتابٌ في ا لهند التزم بالمشروع العثماني ـ الذي تأثر بالمشاريع الاستعمارية التي تسعى إلى محاربة الوحدة الإسلامية ـ، وهو كتاب (التحفة الاثني عشرية)، من تأليف شاه عبد العزيز الدهلوي (ت 1239 هـ)، وبعد ترجمته واختصاره قامت الدولة العثمانية بتوزيعه في وسط أهل السنّة. ووسّع هذا الكتاب دائرة الخلاف بين السنّة والاثني عشرية، وكان له الأثر الكبير على منهج الوهابية في التعامل مع الاثني عشرية، وعلى إيجاد مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة عند الوهابية.
وقد ظهر أثر كتاب (التحفة) على محبِّ الدين الخطيب ـ رحمه الله ـ(1) في كتابه (الخطوط العريضة في دين الإمامية) الذي يعتبر صورة مختصرة عن (التحفة الاثني عشرية).
وظلّت طريقة صاحب (التحفة الاثني عشرية) مؤثرة على أتباع المنهج الوهابي في دراسة الاثني عشرية؛ كما نلمسُ ذلك بصورة صريحة في كتابات إحسان ا لهي ظهير عن الاثني عشرية، والتي ما زال لها التأثير الكبير على كل ما كتبه الوهابيون عن الاثني عشرية.
ولا يخفى على المؤرخين الظروف السياسية التي صدر فيها كتاب (التحفة الاثني عشرية)؛ فقد أجمع مؤرخو الديار ا لهندية ـ التي صدر فيها كتاب التحفة ـ أنّ الكتاب صدر عند انتهاء القرن الثاني عشر ا لهجري، في زمنٍ كان الصراع السياسي بين ملك مملكة (أوده) في لكنهو ـ والذي كان مناصراً للاثني عشرية ـ وبين الملوك المناصرين لأهل السنّة؛ قد بلغ أوجه وذروته.

____________
(1) وهو أحد مؤسسي المنهج الوهابي في دراسة المذهب الاثني عشري.
الصفحة 73 وهكذا؛ نجد في التاريخ أنّه كلّما اشتدّ الصراع السياسي بين الملوك والسلاطين ظهرتْ الكتب الطائفية التي تخدم الملوك لا الشعوب المحكومة المظلومة، ومن ثمَّ نجدُ هذه الكتب الطائفية تُهدى إلى الملوك، وكتاب (التحفة الاثني عشرية) بعد ان اختصره وهذبه محمود شكري الآلوسي ـ رحمه الله ـ أهداه إلى السلطان وقال:
(... وقدمته لأعتاب خليفة الله في أرضه، ونائب رسوله عليه الصلاة والسلام في إحياء سنته وفرضه، الذي راعى رعاياه بجميل رعايته، ودبَّرهم بصائب تدبيره وواسع درايته، وسلك أحسن المسالك في استقامة أمورهم، وصيانة نفوسهم، وحراسة جمهورهم، وخَصَّ من بينهم علماءَ دولته، وصلحاء ملته، بحسن ملاحظته، وفضل محافظته، تمييزاً لهم بالعناية، وتخصيصاً بما يجب من الرعاية، ووضعاً للأُمور في مواضعها، وإصابة مواقعها، ألا وهو أمير المؤمنين، الواجب طاعته على الخلق أجمعين، سلطان البرَّين، وخاقان البحرين، السلطان ابن السلطان، السلطان الغازي عبد الحميد خان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان.
اللهم أيده بنصرك، وانصره لتأييد ذكرك، واطمس شرَّ سُوَيداء قلوب أعدائه وأعدائك، ودقَّ أعناقهم بسيوف قهرك وسطوتك)(1).
إلى أن يقول:
(وغرضي من عرض ذلك الكتاب إلى ساحته الرفيعة الأعتاب أن يذرَّ إكسير نظره عليه، ليحلَّ محلَّ القبول لديه.. فهناك ـ إن شاء الله تعإلى ـ يحصل الأمل، وأحضى بما رجوته من قبول العمل.. وقد رتبته على تسعة أبواب، وإلى الله الزلفى وحسنُ المآب.
الباب الأول: في ذكر فرق الشيعة وبيان أحوا لهم...)(2).
وكان الغرض من نقل هذا الكلام في مدح السلطان تعريف القارئ الكريم بأنّ الكتب الطائفية كانت تخدم السلاطين والملوك، لا المحكومين والشعوب.

____________
(1، 2) مختصر التحفة الاثني عشرية، اختصرها وهذبها السيد محمود شكري الألوسي سنة (1301 هـ) وقدّم لهذا الكتاب محب الدين الخطيب ـ رحمه الله ـ: ص 2 ـ 3. الطبعة التركية.
الصفحة 74 لكننا نأسف ـ كثيراً ـ بأنّ هذا الكتاب ـ الذي صدر في ظروف سياسية خاصة ـ أصبح مؤثراً على الوهابيين في دراسة الاثني عشرية؛ ينهجون منهجه، ويسيرون على منواله، ويغضّون الطرف عن ردود كبار أهل السنّة على محتوياته. وهذا الكتاب وليد السياسة ومَا أتَتْ به السياسة، سوف تذهب به السياسة.
لقد كانت المقتضيات السياسية للدولة العثمانية تستوجب وتحتّم تشويه المذهب الاثني عشري، وخاصّة بعد سقوط بغداد في يد الدولة الإيرانية الاثني عشرية، حينئذ شعرت الدولة العثمانية بخطرٍ جدي يهدّد كيانها، واستيقنت بأنّ أهل السنّة لن يقاتلوا الاثني عشرية إلاّ إذا اقتنعوا بأنّ الاثني عشرية من فرق الغلاة لا من فرق المسلمين. وهكذا؛ ظهرت مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة، مستمدة ـ ابتداءً ـ من الظروف السياسية في عهد الدولة العثمانية. وتوّسعت المشكلة بعد ظهور الوهابية التي استفادت من الكتب التي صدرت في عهد الدولة العثمانية، ولكنها أضافت إليها أموراً كثيرة.
وكل هذه الكتب تحملُ الطابع الإعلامي لا الطابع العلمي التحليلي، ومن المعلوم أنّ الطابع الإعلامي يسعى لتشويه صورة الخصم، ويرفض الحوار العلمي التحليلي مع خصمه.
وبعد أن سقطت الدولة العثمانية نادى علماء أهل السنّة إلى ضرورة إحياء منهج قدماء أهل السنّة في التعامل مع الاثني عشرية، بعد أن اختفى ذلك المنهج في عصر الدولة العثمانية الذي تزامن مع عصر ظهور الوهابية، وأصدر الإمام الأكبر محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر، وكبير علماء أهل السنّة؛ تلك الفتوى التي اعتبرت المذهب الاثني عشري مثل المذاهب الأربعة السنّية، ويجوز للمسلم أن يختار أي مذهب من تلك المذاهب الخمسة الإسلامية.
وهذا الذي ذكرناه في هذه الحقيقة هو جانب مختصر من (تاريخ مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة عند الوهابية)، ولكن على قارئ هذا الكتاب أن يرجع إلى الادلة القوية المفصلة عن تاريخ هذه المشكلة، التي سنذكرها في البحوث القادمة باعتبارها هي الأصل. وهذه الحقيقة لم تجئ هنا إلاّ لمجرد الإشارة السريعة المختصرة.
</span>الصفحة 75 الحقيقة الرابعة: إنّه لا بد من القيام بدراسة تحليلية تسعى إلى تفكيك وتجزئة عناصر (مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرق الغلاة عند الوهابية)، ولا بد من دراسة كل جزءٍ وكل عنصر من أجزاء وعناصر هذه المشكلة بصورة منفردة، ومن ثمّ قمنا بدراسة (الغلو)، وهو العنصر الأول لهذه المشكلة، ثُمّ درسنا (الاثني عشرية)، وهي العنصر الثاني لهذه المشكلة، ثُمّ درسنا (نَوعَ العلاقة بين الاثني عشرية وبين الغلو)، وهي العنصر الثالث لهذه المشكلة؛ لنرى أنّه هل توجد علاقة توافق واتفاق أم أنّ هنالك اختلافاً عميقاً بين الاثني عشرية والغلو؟ وما هو موقف فِرَق الغلاة من الاثني عشرية؟ وما هو موقف الاثني عشرية من فِرَق الغلاة؟
ثُمّ درسنا (الوهابية) وهي العنصر الرابع لهذه المشكلة، فما هو ميزان معرفة الوهابية بالاثني عشرية؟ هل الوهابية تجهل حقيقة الاثني عشرية؟ وما هي طريقة الوهابية في التعامل مع الفرق الإسلامية بصفةٍ عامة؟ وما هي طريقة الوهابية في التعامل مع الاثني عشرية بصفة خاصة؟ وما هو تعريف الغلو عند الوهابية؟ وما هو تعريف الاثني عشرية عند الوهابية؟ وما الفرق بين منهج أهل السنّة في التعامل مع الاثني عشرية وبين منهج الوهابية في التعامل معها؟ ما هي طريقة التفكير عند الوهابية؟ وما هو تأثير طريقة الوهابية في التفكير على طريقتهم في التعامل مع الاثني عشرية؟
إنّه لا يمكن لنا أن ندرك خطأ الوهابية في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية، أو بتعبير أصح: لا يمكن لنا أن ندرك مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة عند الوهابية إلاّ بعد دراسةٍ علمية تحليلية عميقة لهذه العناصر الأربعة: (غلو + الاثنا عشرية + نوع العلاقة بين الغلو وبين الاثني عشرية + الوهابية).
وهذه المشكلة الخطيرة قد مزقت الوحدة الإسلامية المقدّسة التي نعتقد أنّها من أهم أُصول الدين، ونرى أنّ الحفاظ عليها فرض من الفروض العينية التي تجب على كلِّ مسلم، كما نرى أنّ التقريب بين الاثني عشرية والوهابية من أهم الواجبات الإسلامية.
</span>الصفحة 76 الحقيقة الخامسة: بعد قراءة طويلة لكتب الوهابية حول الاثني عشرية، والتي كتبها كتابٌ مصابون بمرض الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة؛ وجدنا أنّ هؤلاء الكتاب ينقسمون إلى ستة أصناف:
الصنف الأول: كتبوا ضد الاثني عشرية من أجل ارضاء بعض الملوك الذين لهم خصومة شديدة مع الدولة الاثني عشرية الإيرانية، ومن ثمَّ نجد كتابتهم تحملُ طابعاً إعلامياً أمنياً وكأنها صدرت من جهازٍ أمني استخباراتي استعماري صليبي، ومن ثَمَّ فهي تمثّل السياسة الخارجية للدولة التي طَبَعتْ هذه الكتب، وليس لها صلة بحقيقة المذهب الاثني عشري. وهؤلاء الصنف من الكتّاب يُطلق عليهم (كتاب الملوك والسلاطين)، وكان لهذا الصنف من الكتاب الحصة الكبرى في توسيع مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة.
الصنف الثاني: وهم السذج البسطاء الذين وقعوا فريسة لمكر (الصنف الأول)، ومن سذاجتهم أنّهم كانوا يحسنون الظن بكتّاب الملوك والسلاطين ويصدقونهم في قو لهم: بـ ((أنّ الاثني عشرية من فرق الغلاة لا مِنْ فِرَق المسلمين))!
وقد كنت من هذا الصنف عندما كتبتُ كتابي (الصلة بين الاثني عشرية وفِرق الغلاة).
الصنف الثالث: كانوا من الكتّاب الذين لا يتصفون بالبساطة والسذاجة، بل تنقصهم الدقة والعمق والدراية. ومثل هذا الصنف يقعون في الخلط والتخليط من حيث لا يعلمون، وتراهم يجعلون من الغلو ما ليس منه، ويثبتون للاثني عشرية ما ليس منها، من دون دليل أو برهان، وتراهم يفهمون بعض حقائق الاثني عشرية وخصائصها فهماً غريباً؛ بسبب عدم التأمّل والدقة عند قراءتها، وتراهم يخلطون بين التوحيد والشرك، فيتهمون المسلمين من أهل السنّة ومن الاثني عشرية بالشرك، وتراهم لا يميزون بين الشرك الأكبر المخرج عن الإسلام </span>الصفحة 77 وبين الشرك الأصغر الذي قد يوجد عند بعض المسلمين مع بقاء إسلامهم، وتراهم لا يميزون بين مراتب الكفر وأنواعه، فهم يخلطون بين الكفر الذي ليس له علاقة بالردّة والخروج عن الإسلام وبين الكفر الذي يعطي مفهوم الردّة والارتداد عن الإسلام، ومن ثَمَّ يتهمون الفرق الإسلامية المخالفة لهم بالردّة والخروج عن الإسلام، ويحكمون على كثيرٍ من المسلمين السنّة والاثني عشرية بالكفر الأكبر، وتراهم يخلطون بين الفلسفة والزندقة، فيتهمون فلاسفة المسلمين بالزندقة، وتراهم لا يميزون بين التصوّف المعتدل والتصوّف المنحرف، فيحكمون على كلِّ الصوفية بالكفر، وتراهم لا يميزون بين مراتب الغلو وأنواعه، فهم يخلطون بين الغلو الذي ليس له علاقة بالردّة والكفر وبين الغلو الذي له علاقة بذلك.
الصنف الرابع: وهم المصابون بالطائفية والحزبية المذهبية والكراهية والخصومة لكل من خالفهم من المذاهب الإسلامية، والكراهية والخصومة تمنعهم من سماع المذهب الآخر المخالف لمذهبهم؛ لأنهم يحكمون على كل مذهب إسلامي يخالفهم بالغلو قبل سماعه وقبل قراءته، فلديهم أحكامٌ مسبقة ضد هذه المذاهب الإسلامية قبل معرفتها.
وهذا الصنف يحسبون أنّ كلّ من خالفهم في فكرةٍ أو رأي يعدّ من الغلاة المنحرفين، ومنْ ثمّ حكموا على الاثني عشرية وعلى جمهور أهل السنّة بأنّهم من فِرَق الغلاة؛ لأنّهم رفضوا بعض أفكارهم وآرائهم الخاصّة.
الصنف الخامس: وهم الذين رأوا أنّ الاثني عشرية قدّموا بعض الإشكالات والتنبيهات للوهابيين، ولم يتحمّلوا هذه التنبيهات وتلك الإشكالات، واعتبروها هجوماً على الفكر الوهابي، وأثناء حماسة الدفاع عن الوهابية ضد تلك الإشكالات ـ التي كان ينبغي أن يجيبوا عنها ـ أنكروا الكثير من المسلمات عند أهل السنّة وعند الاثني عشرية، لأنّ ردة الفعل عند كتاب الوهابية جعلتهم </span>الصفحة 78 يخرجون من الحالة العقلية المنطقية إلى الحالة الانفعالية العاطفية، فواجهوا تلك الإشكالات العلمية باتهامات تولّدت أثناء حماسة الدفاع عن الوهابية، وما كان من الوهابيين إلاّ أنْ جمعوا كل مقالات الغلاة التي ذكرها كُتَّاب الفِرَق من السنّة والاثني عشرية ثُمّ نسبوها للاثني عشرية ولجمهور أهل السنّة. وهكذا؛ ولّدت حركة ردة الفعل الوهابية خلطاً وتخليطاً خطيراً بين الاثني عشرية وفرق الغلاة، بل وبين جمهور أهل السنّة وبين فرق الغلاة.
إنّ الوهابيين استحضروا أمامهم تلك الإشكالات العلمية والقوية التي أوردها الاثنا عشرية وكبار أهل السنة على الفكر الوهابي، وعجزوا عن معالجة تلك الإشكالات، وأدركوا أنّ هنالك نقصاً معيناً في الفكر الوهابي، واستنفذوا كل جهدهم في دفعه إلى أن استغرقوا كل قوةٍ لديهم دون جدوى، حينئذ خلقت ردت الفعل عندهم منهجاً خطيراً يسعى إلى صياغة حقائق المذهب الاثني عشري وخصائصه بصورة مشوهّة؛ لأنّ ا لهدف من تقرير تلك الحقائق والخصائص قد أصبح أسيراً لردّة الفعل، بحيث أصبح الرد على الاثني عشرية هو المحرّك الأول والأخير فيما تبذله الوهابية، وغاب عنهم ـ أثناء الاستغراق في الرد على هذا المذهب ـ أن يعرضوا حقائقه وخصائصه كما هي في ذاتها، وكما هي في كتب الاثني عشرية، وكما هي في كتب أهل السنّة الذين لم يتأثرّوا بالمنهج الوهابي.
الصنف السادس: وهذا أخطر أصناف الوهابية الذين كتبوا ضد الاثني عشرية؛ لأنّ أصحاب هذا الصنف اندسوا في صفوف البسطاء من الوهابيين، وألصقوا أنفسهم بالوهابية ـ والوهابية منهم بريئة ـ، وكتبوا كتباً في الدفاع عنها، وكانوا يسعون إلى تحقيق أهداف خطيرة من خلال الدخول في الجماعة الوهابية. هؤلاء عندما طردهم كبار علماء أهل السنّة، بعد أن اكتشفوا مآربهم الخبيثة المغرضة، وعندما أدركوا أنّهم يسعون بكل وسيلة للحصول على الجاه والشهرة والثروة؛ اضطروا للدخول مع الوهابية؛ من أجل أن يحققوا أغراضهم </span>الصفحة 79 بعد أن فضحهم أهل السنّة. ومن أمثال هذا الصنف (عبد الله علي القصيمي النجدي) الذي سافر من المملكة العربية السعودية إلى مصر، وبعد أن طرده أهل السنّة من مصر واختلف مع علماء الأزهر الشريف، حينئذ كتب كتابه (الثورة الوهابية)، الذي رحّب به علماء الوهابية في العالم ورفضه علماء أهل السنّة، وكتب ـ أيضاً ـ (الصراع بين الإسلام والوثنية)، وأطلق كلمة (الوثنية) على المذهب الاثني عشري، وفرح بسطاء الوهابيين بهذا الكتاب، ثم بعد ذلك أعلن القصيمي الإلحاد وأنكر الأديان السماوية، وهاجم الأنبياء، وأعلن الوهابية البراءة منه ولعنوه، ولكن بعد أن رسم لهم صورة غريبة عن الاثني عشرية، وما زالت هذه الصورة مؤثرة على بعض بسطاء الوهابيين إلى اليوم.
والسادسة: ومما ساعد على توسيع هذه المشكلة الخطيرة عند الوهابية الغموض الشديد الذي اكتنف بعض الكلمات، في القرن الأوّل ا لهجري والفترة الزمنية القريبة منه، بحيث إنّ قدماء أهل السنّة وقدماء الاثني عشرية كانوا يطلقون كلمة (التشيع) على الفرق المنتسبة للتشيع، والتشيع منها براء. ومثل هذه الأجواء هيّأت لخصوم الاثني عشرية أن ينسبوا إليها مقالات تلك الفرق المغالية التي أطلق عليها القدماء كلمة (التشيع)؛ من خلال التلاعب والخلط بين مفهوم ومضمون كلمة (الاثني عشرية) التي تعبر عن مذهب واحد، وبين كلمة (التشيع) التي تعبّر عن فرق ومذاهب كثيرة، كفّر بعضها الاثني عشرية وأهل السنّة.
ولا شك أنّ الكلمات إذا لم تُعرّف تعريفاً دقيقاً فسوف تترك مجالاً للمغرضين الخبثاء، أو المخلّطين البسطاء في التلاعب بمضامينها ومحتوياتها ومعانيها حسب ما يريدون، بعيداً عن الضوابط والمعايير العلمية في تعريف الكلمات.
والسابعة: ومما ساعد على توسيع هذه المشكلة الخبيثة ـ عند أتباع المنهج الوهابي في دراسة المذهب الاثني عشري ـ تواجد بعض رجال الفِرَق المغالية في </span>الصفحة 80 القرون الأُولى في مدينة الكوفة، مع أنّ التاريخ يبيّن بصورة صريحة أنّ رجال الغلاة كانوا محصورين ومعدودين في شرذمةٍ قليلةٍ، كانت منبوذة من قبل أكثرية ساكني الكوفة من أهل السنّة ومن الاثني عشرية، ثم انقرضت تلك الشرذمة من الغلاة، بعد أن رفضهم وحاربهم المسلمون من الاثني عشرية ومن أهل السنّة الذين سكنوا الكوفة في القرون الأُولى.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-28-2011, 12:33 AM   #10
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وسنثبت بالدليل والبرهان أنّه إذا دخلت الاثنا عشرية مدينة ـ أي مدينة ـ، فلا بد أن يغادر ويهاجر الغلو من هذه المدينة. وسنتناول هذا الموضوع عندما نبيّن موقف الاثني عشرية من الغلو والغلاة، وبحثناه ـ أيضاً ـ في كتابنا (موقف الاثني عشرية من الغلو والغلاة).
الثامنة: يجب ملاحظة أنّ الأوضاع السياسية المعادية والمقاطعة والمحاربة لأهل البيت النبوي في العصرين الأموي والعباسي؛ ولّدت مذابحَ كبيرة جرت على أهل بيت النبوة. وإذا كان هذا قد جرى على أهل بيت النبي ـ رغم مقامهم الكبير عند كلّ المسلمين ـ فمن الطبيعي أن يتعرض شيعتهم من الاثني عشرية للظلم بصورة مضاعفة عشرات المرات. وتلك الأوضاع مكنّت خصومهم من أن ينسبوهم إلى فِرق الغلاة. ولا شك أنّ الضعيف والمظلوم والمغلوب لا يتمكن من الدفاع عن نفسه أمام خصمه القوي والظالم والغالب.
والآن حان الوقت لتلخيص المواضيع التي أشرنا إليها حتى تستقر في ذهن القارئ الكريم:
1 ـ الموضوع الأول: توضيح وتبيين المرحلة الأُولى للمذهب الاثني عشري، وأنّ الخطأ في هذه المرحلة سوف يتولد وينبثق عنه مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة.
2 ـ الموضوع الثاني: بعد أن انتهينا من توضيح وتبيين المرحلة الأُولى لمعرفة المذهب الاثني عشري، أشرنا بصورة مختصرة إلى أسباب وعوامل تكوين أو توسيع مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفرق الغلاة عند الوهابية.
</span>الصفحة 81 3 ـ الموضوع الثالث: أشرنا بصورة مختصرة إلى الآثار الخطيرة والنتائج الخبيثة التي نجمت من الخطأ في مرحلة المعرفة الانتسابية للاثني عشرية؛ فبعد أن انبثقت مشكلة الخلط بين الاثني عشرية وفِرَق الغلاة من الخطأ في المرحلة الأُولى؛ تولّدت من هذه المشكلة الخطيرة تلك النتائج والآثار الخبيثة التي سبق أن ذكرناها بصورة مختصرة.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 04:37 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية