هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 12-24-2011, 10:21 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5056 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي وفاة الإمام الحسن الزكي (ع ) 2



وفاة الإمام الحسن الزكي (ع ) 2
- 2010/07/31 -

وفاة الإمام الحسن الزكي – ع - 7 / 2 / 1424 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}
آمنا بالله ، صدق الله العلي العظيم

الآية المباركة تتعرض لمبدأ من أهم المبادئ الإسلامية ألا وهو مبدأ الوحدة الإسلامية ، وانطلاقا من هذه الآية المباركة نتعرض هذه الليلة إلى نقطتين :

1- تحديد معنى الوحدة الإسلامية .
2- تحديد عقبات الوحدة الإسلامية .

النقطة الأولى ( معنى الوحدة الاسلامية ) : الآية المباركة تطرح مبدأ الوحدة الإسلامية بين المذاهب والفرق الإسلامية ، هناك مجموعة من العلماء الغيورين على مصلحة الأمة الإسلامية طرحوا شعار الوحدة انطلاقًا من الآية المباركة ، سواءً كانوا من علماء الإمامية أو من علماء المذاهب الإسلامية الأخرى ، كالإمام شرف الدين والإمام كاشف الغطاء والإمام الخميني .

وغيرهم من علماء المسلمين كالإمام الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر في زمانه والإمام الشيخ سليم البِشري والإمام الشيخ محمد المدني ، وأُسست دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة قبل ثلاثين سنة و أكثر ، وكانت هذه الدار تصدر مجلة دار الإسلام لمدة أربعة عشر عامًا ، هذه المجلة تعكف على تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية المختلفة وتعكف على إشاعة مبدأ الوحدة وترسيخ مفهوم الوحدة بين الطوائف الإسلامية المختلفة .

علماؤنا ، علماء المسملين بصفة عامة عندما ينادون بمدأ الوحدة ، عندما ينادون بمفهوم الوحدة ، ماذا يقصدون بالوحدةالإسلامية بين المذاهب المختلفة ؟، الوحدة لها معنيان :

1- الوحدة السياسية.
2- الوحدة الدينية.

الوحدة السياسية : هي عبارة عن إعداد القوة انطلاقا من قوله تعالى "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ" إعداد القوة من قبل جميع الفرق وجميع المذاهب الإسلامية المختلفة ، إعداد القوة هو عبارة عن الوحدة السياسية عبارة عن مبدأ الوحدة السياسية ، ما معنى اعداد القوة ؟ ، نحن هنا أمام ثلاثة محاور:

1- المحور الفكري .
2- المحور الإجتماعي
3- المحور المادي.

اعداد القوة في كل محور وفي كل موقع من هذه المواقع هو تمثيل وتجسيد لمبدأ الوحدة السياسية .

الأول ، المحور الفكري : أنتم تعلمون أن الفكر الإسلامي في عصرنا الحاضر يتعرض لطعنات في الصميم ،الفكر الإسلامي يتعرض لطعنات وهجمات في صميمه وفي جذوره من قبل الخط العلماني الغربي ، هناك خط علماني غربي يمتد بين صفوف المسلمين تحت شعار الحداثة ، تحت شعار الإصلاح ، تحت شعار الحرية ، تحت أي شعار آخر.

هذا الخط العلماني الغربي يحاول أن يطعن المفاهيم و الفكر الإسلامي في صميمه وفي جذوره من حيث يشعر المسلمون ومن حيث لا يشعرون ، ينادون بمفهوم ( أنسنة النص) ، ينادون بمفهوم ( نسبية الحقيقة ) ، ينادون بمفهوم ( المساواة بين المرأة والرجل في تمام الحقوق ) ، ينادون بمفهوم ( حاكمية الديمقراطية ) .

كل هذه المفاهيم مفاهيم علمانية تمْرر بالشعوب الإسلامية ، تمْرُر للمسلمين من خلال شعارات جذابة ومن خلال شعارات معينة ، يظن المسلمون أنها مفاهيم إسلامية تنسجم مع النصوص وتنسجم مع القواعد الإسلامية العامة وهي في واقعها مفاهيم علمانية غربية يحاولون أن يمرروها بشعارٍ أو بآخر وبشكلٍ أو بآخر.

من هُنا ، يحتاج علماء المسلمين في مختلف مذاهبهم الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي والأباضي والشيعي الإمامي ، إلى توحيد الجهود وبذل الطاقات الفكرية في سبيل رفض هذه المحاولات العلمانية وفي سبيل عرض الفكر الإسلامي بصورته النقية الرائعة وبأدلته وبراهينه الساطعة القاطعة ودحض الشبهات العلمانية أو المادية المطروحة تحت الشعارات المختلفة .

يحتاج علماء المسلمين إلى عقد المؤتمرات الندوات والحورارت على القنوات الفضائية أوعلى مواقع الإنترنت أو على مستوى الكتب والمؤلفات في سبيل حشد الطاقات الفكرية لمواجهة هذا المد العلماني ، هذه هي عبارة عن إعداد القوة الفكرية والوحدة السياسية بين علماء المسلمين.

الثاني ، المحور الاجتماعي : فالوحدة السياسية على المحور الإجتماعي ترتكز على رفع لغة السباب ولغة الشتم ولغة التعريض ، المسلمون هم الذين يتنزهون ويترفعون عن لغة السباب والشتم والتعريض ، تعريض كل فئة بأُخرى بمقدساتها أو برموزها أو بأعيانها أو بمعالم فكرها ، رفع لغة السباب والشتم والتعريض مثالٌ حيٌ وأنموذج حيٌ لإعداد القوة الاجتماعية والوحدة السياسية الإسلامية بين المذاهب الإسلامية جميعًا .

وهذا ما نادى به عليُ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه فهو من دعاة الوحدة الإسلامية عندما يقول لجماعته ومواليه "إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، فلو وصفتم أعمالهم وذكرتم أفعالهم لكان ذلك أصوب في القول وأبلغ في العذر" الإمام أمير المؤمنين يعلّم المسلمين على التنزه عن لغة السُباب والتعريض والشتم والنبذ .

وأيضًا سلاح التكفير ، سلاح التكفير سلاحٌ يفتك بقوة المسلمين ، سلاحٌ يهدم القوة الاجتماعية بين المسلمين ، عدم استخدام سلاح التكفير هو الركيزة الأساسية للوحدة الإجتماعية لإعداد القوة الاجتماعية .

الدكتورحسن فرحاني المالكي في كتابه (قراءة في كتب العقائد - ص144) ينقل عن عبد الله بن الإمام أحمد ابن حنبل أنه قال: " بلغ ببعض المسلمين الجرأة إلى أن كفَّر الإمام أبا حنيفة مع أنه من أئمة المسلمين" ، واعتبر ذلك ظاهرة خطيرة في المجتمع الإسلامي أن يُستخدم سلاح التكفير الذي يهدم أساس القوة الاجتماعية بين المذاهب الإسلامية .

الثالث ،المحور المادي : يحتاج المسلمون إلى قوة مادية أمام أعدائهم ، ومن أهم مظاهر القوة المادية الصندوق الخيري الذي يجمع كل المسلمين .

المسلمون يعيشون ظاهرة البطالة ، ظاهرة الفقر ، ظاهر التخلف ، ظاهرة الإعواز ، ظاهرة انعدام الثروة المادية المناسبة ، المسلمون في جميع بقاع العالم بمختلف مذاهبهم بمختلف فرقهم عندما يريدون أن يكونوا أمةً رشيدة ومجتمعًا رشيدًا ممثلاً لقوله تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } فليؤسِّسوا صندوقًا خيريًا واحدًا يجمعهم جميعًا ، هذا الصندوق الخيري يساهم في فتح الشركات والمؤسسات التجارية التي تقلل من ظاهرة البطالة ، يساهم في القضاء على ظاهرة الفقر ومحاربة التخلف ، يساهم في إنقاذ الشعوب التي تعيش الإعواز كشعوب فلسطين والعراق وغيرهم من الشعوب الإسلامية .

عندما يشكل المسلمون صندوقًا خيريًا باسم مذاهبهم المختلفة وفرقهم المتعددة ، فإن هذا مثالٌ واضحٌ للوحدة السياسية التي تعرضت لها الآية المُباركة {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} .

المعنى الثاني من معاني الوحدة :

الوحدة الدينية : هل يمكن أن يتحد المسلمون وحدة دينية ؟ ، من الممكن أن يتَّحدوا وحدة سياسية وقد شرحنا معنى الوحدة السياسية "إعداد القوة" ، لكن هل من الممكن أن يتَّحد المسلمون وحدة دينية ؟ ، الوحدة الدينية ما معناها ؟

الوحدة الدينية يعني الإعتراف بشرعية المذاهب المختلفة ، إذا كان هناك جمع من المسلمين يقرّون بشرعية بعض المذاهب ، مثلاً المذهب الحنبلي أو المالكي أو الحنفي أو الشافعي إذا كان جمع من المسلمين يقرّون بشرعية هذه المذاهب فإن الوحدة الدينية هي الإقرار بسائر المذاهب ، كما أن الأئمة الأربعة فقهاء يجوز لبعض المسلمين التدين بفتاواهم والتعبد بآراءهم كذلك بقية الفرق والمذاهب الإسلامية لهم فقهاء ولهم أئمة يجوز التعبد بآرائهم وبفتاواهم .

الإقرار بشرعية المذاهب الإسلامية هو الوحدة الدينية ، إذا أراد المسلمون أن يحققوا الوحدة الدينية عليهم أن يعقدوا المؤتمرات التي تجمع أبرز علماء المسلمين ليتناقشوا ويتحاوروا في سبيل إيجاد قاسم مشترك وهو الإعتراف بشرعية المذاهب الإسلامية المختلفة ، ومنها المذهب الإمامي .

المذهب الإمامي لا يطالب الآخرين بأن يعتقدوا بأئمةٍ اثني عشر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، نعم التشيع هو عبارة عن الاعتقاد بأن هناك أئمة اثني عشر نُصَّ عليهم بالإمامة ولكننا لانطالب الآخرين بأن يعتقدوا بعقيدتنا ، إنما نحن نقول لا يمكن أن تقع الوحدة الدينية إلا إذا اعترفنا بشرعية المذاهب ومنها شرعية المذهب الإمامي .

ومعنى شرعية المذهب الإمامي أن تعتبر الأئمة الاثني عشر كسائر فقهاء المسلمين على الأقل ، كما تعترف أن أبا حنيفة ومالك والإمام أحمد بن حنبل والإمام الشافعي فقهاء لهم آراؤهم ولهم فتاواهم فعلى الأقل أن تعترف بأن الأئمة من أهل البيت فقهاء كسائر المسلمين يجوز التعبد بفتاواهم ويجوز التدين بآرائهم فإنهم لا يقلّون علمًا وفقهًا عن غيرهم .

إذن حينئذٍ الوحدة الدينية ترتكز على الاعتراف بالشرعية ، وهذا ما نؤكده انطلاقا من أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وآله ، فقد ذكر الحاكم في مستدركه ( ج3 ، ص 162) عن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال "أن النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق و أهل بيتي أمان لأمتي من الإختلاف" وذكر صاحب ( كنز العمال ) في (ج 11، ص 611) أيضًا عن الرسول صلى الله عليه وآله "من أراد أن يحيا حياتي ويموت مماتي فليتولَّ عليًا وذريته من بعده ، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة".

وذكر ابن حجر في ( الصواعق المحرقة ) حديث الثقلين وأسنده إلى صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد وغيرها من الكتب عن الرسول محمد صلى الله عليه وآله "إني مخلف فيكم الثقلين كتابَ الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي" وقال ابن حجر : "هذا حديث صحيح لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه".

انطلاقا من هذه الأحاديث نرى أن الاعتراف بإمامة أهل البيت بمعنى أنهم فقهاء يجوز التدين بأقوالهم والتعبد بآرائهم منسجم مع الأحاديث النبوية الشريفة الواردة عن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله .

النقطة الثانية (عقبات الوحدة الإسلامية ) : جميع المسلمين امتلكوا الآن وعيًا و امتلكوا الآن نضجًا ، وبدأ جميع المسلمين ينشد الوحدة ويرفع شعار الوحدة ويريد أن يكون مع أخيه المسلم صفًا واحدًا في همومه وأهدافه العليا ، ولكن ما هي العقبات التي يجب إزالتها من أجل سلوك طريق الوحدة والوصول إلى هدف الوحدة ؟

بعض الباحثين ذكر أن أهم عقبة من عقبات الوحدة هي التقية ، الشيعة الإمامية يؤمنون بالتقية والتقية عائق وعقبة كؤود أمام الوصول إلى الوحدة ، لماذا؟ ، لأن التقية لها خطران ، لها أثران سلبيان أذكرهما :

الأثر السلبي الأول : أن التقية تهدم الثقة بين المسلمين ، إذا عرف المسملون أن الشيعة الإمامية ليسوا صريحين معهم ، فسوف تنعدم الثقة بينهم ، سوف لن يثقوا بهم ولا بأقوالهم ولا بأفعالهم ولا بتصريحاتهم لأن جميع أقوالهم وأفعالهم محمولة على التقية وبالتالي فليس هناك ثقة متبادلة بينهم وبين المذاهب الإسلامية الأخرى ، وإذا انعدمت الثقة انعدم مبدأ الوحدة وتبخر مفهوم الوحدة ، وهذا هو الأثر السلبي الأول لمبدأ التقية .

الأثر السلبي الثاني : أن العمل بمبدأ التقية يزرع ازدواجية الشخصية ، الشيعة الإمامية عندما يربون ابناءهم على التقية ويقولون لأبنائهم لا تصرحوا بعقائدكم ، لا تصرحوا بأفكاركم فإنهم يربون أبناءهم على مرضٍ مقيت ألا وهو مرض ازدواجية الشخصية ، يعلمون أبناءهم على أن تكون لهم شخصيتان شخصية ظاهرة وشخصية باطنة ، وازدواجية الشخصية من أمقت الأمراض ومن أشد الأمراض مقتًا ومن أشد الأمراض خطرًا ومن أشد الأمراض فتكًا في الوحدة الإسلامية ، إذن التقية تربية على ازدواجية الشخصية فهي تنخر في جسم الوحدة الإسلامية وفي كِيان الوحدة الإسلامية .

هذه العقبة التي طرحها بعض الباحثين عند حديثه حول الوحدة الإسلاميه ونحن نجيب عن هذه المقالة المطروحة :

نحن عندنا ملاحظات ثلاث :

الملاحظة الأولى : علماؤنا قسموا التقية إلى قسمين :

1- التقية الخوفية . 2- التقية المداراتية .

الأولى (التقية الخوفية) : هي عبارة عن أن تُخفي معتقدًا أو عملاً إذا خفت على نفسك الخطر أو خفت على عِرضك الخطر أو خفت على غيرك من المؤمنين الخطر ، فتخفي معتقدًا من أجل دفع هذا الخطر ، مثلاً الشيعة الإمامية زمان الحجاج بن يوسف الثقفي أو زمان بني أمية ماذا كانوا يفعلون ؟ ، كانوا يتمسكون بالتقية الخوفية لأن ولاء علي بن أبي طالب في تلك الأزمنة سبب كافٍ للقضاء على الحياة ، سبب كافٍ للدمار ، فكانوا يستخدمون التقية أي التقية الخوفية حفظًا لدمائهم ودرءًا للخطر عنهم .

هل التقية الخوفية مشروعة في الإسلام أوليست مشروعة؟ ، نعم التقية الخوفية مشروعة في الإسلام ، وهناك عدة أدلة :

الدليل الأول : قوله تبارك وتعالى { إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}، من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان فهو معذور عند الله سواء كان الإكراه من قِبل كافر أو كان الإكراه من قِبل مسلم ، الآية القرآنية مطلقة كل من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان فهو معذور أمام ربه سواءً جالس أمام كافر أو كان ذلك أمام مسلم .

الدليل الثاني : مارواه الترمذي في سننه ( ج4، ص 622 ) عن النبي محمد صلى الله عليه وآله أنه قال" لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه" ، قيل يا رسول الله وكيف يذل نفسه؟ قال :"أن يعرضها لما لا يطيق" ،تعريض النفس لما لا يطيق لا ينبغي للمؤمن ولا يحق للمؤمن سواء كان ما لا يطيق من الكافر أو كان ما لا يطيق من المسلم الآخر .

اليعقوبي في تاريخه ( ج2، ص 43) ينقل هذه القصة عن الإمام أحمد بن حنبل إمام المذهب الحنبلي ، يقول –اليعقوبي - : { المعتصم العباسي كان يرى أن القرآن مخلوق ، والإمام أحمد بن حنبل لا يرى أن القرآن مخلوق ، سمع المعتصم العباسي وأمر بإحضار أحمد بن حنبل ، وأُحْضر بين يدي المعتصم العباسي وقال له المعتصم العباسي : " أأنت لا تقول بخلق القرآن ؟ " ، قال الإمام أحمد " أنا اقول القرآن كلام الله لا أزيد ولا أنقص" ، (أي لا يريد أن يصرح لا بالخلق ولا بعدم الخلق ).

قال له المعتصم : " لا، لابد أن تقول بخلق القرآن وأمر أن يُجلد خمسًا وعشرين سوطًا" ، فلما همَّ بجلده أشفق عليه الحاضرون وجاؤوا إليه وقالوا : "قل بمقالة أمير المؤمنين وخلِّص نفسك من الجلد والضرب" ، قال : "أقول بمقالة أمير المؤمنين" ، قال المعتصم : " لا يكفيني هذا ، لابد أن تقول بمقالة أمير المؤمنين بخلق القرآن"، لابد من أن يصرح بهذا ، قال : "أقول بمقالة أمير المؤمنين بخلق القرآن " ، فلما صرح بذلك أُعفيَ وأُطلق سراحه وعنانه }.

وهذا الإمام أحد الأئمة المعروفين بين المسلمين يعمل بمبدأ التقية مع أن المُتقى منه مسلم وليس بكافر تبعًا لأحاديث النبي المصطفى وآيات القرآن الكريم ، إذن التقية الخوفية أمرٌ مشروع في الأدلة مختلفة .

الثانية ( التقية المُداراتية) : ماذا تعني التقية المداراتية؟ ، نحن الشيعة الإمامية في العصر الحاضر لا نعمل بالتقية الخوفية لأننا لا نخاف ، الشيعة الإمامية كانوا يعملون بالتقية الخوفية في زمان الأمويين والعباسيين ولكنهم الآن لا يعملون بالتقية الخوفية ، الشيعة الإمامية في الزمان الحاضر يعيشون تحت ظل حكومات عاقلة عادلة رشيدة حكيمة فتحت لهم المجال لممارسة عقائدهم وشعائرهم المختلفة ، فلا يحتاج الشيعة الإمامية في الأزمنة الحاضرة إلى العمل بمبدأ التقية الخوفية أبدًا .

إنما الشيعة الإمامية يدعون إلى التقية المداراتية إلى الآن وإلى غد وإلى يوم القيامة ، نحن ندعوا للتقية المداراتية ليست التقية الخوفية وإنما التقية المداراتية ، ما معنى التقية المداراتية؟

التقية المداراتية لها مظهران يتعرض إليهما سيدنا الخوئي -قدس سره- وهو مرجع الشيعة في زمانه- في كتابه (التنقيح في شرح العروة الوثقى ، ج4، بحث الوضوء) ، يتعرض للتقية المداراتية ويذكر أن التقية المداراتية لها مظهران :

المظهر الأول : التقية المداراتية عبارة عن الصلاة خلف أئمة المذاهب الإسلامية الأخرى ، يجوز للشيعي أن يذهب ويصلي خلف أئمة المذاهب الإسلامية الأخرى ، وإذا صلى خلفهم يجوز له أن يصلي على الزل ولا حاجة إلى أن يهيئ ما يصح السجود عليه ، يصلي خلفهم ويسجد على الزل ولكن بشرط أن يقرأ الفاتحة والسورة لنفسه ولا يعتمد على قراءة الإمام إذا صلى معهم وإن سجد على الزل ، إذا قرأ لنفسه فصلاته صحيحة مجزية ولا يجب عليه الإعادة ، وهذا ما يسمى بالتقية المداراتية .

وقد ذكر سيدنا الخوئي في كتابه استنادًا لصاحب ( الوسائل ، الباب الخامس من أبواب صلاة الجماعة ) روايات معتبرة عن الإمام الصادق -سلام الله عليه- "من صلى معهم بالصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله" ، استنادًا لأمثال هذه الروايات أفتى سيدنا الخوئي "قدس سره" استحباب التقية المداراتية وأن الصلاة خلف أئمة المذاهب الإسلامية بشرط أن يقرأ لنفسه صلاة صحيحة مجزية طبقًا لهذه الروايات الشريفة .

المظهر الثاني : حسن المعاملة مع المسلمين الآخرين ، حسن المعاملة مع أبناء المذاهب الإسلامية الأخرى ، اقرأ الروايات التي تعرض لها سيدنا الخوئي "قدس سره" ، منها صحيحة هشام الكندي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : "إياكم أن تعملوا عملاً نُعيَّر به فإن ولد السوء يُعيَّر والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم إليه زينًا ولا تكونوا عليه شينًا ، صلّوا في عشائرهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، واشهدوا لهم وعليهم ، ولا يسبقنكم إلى شيءٍ من الخير فأنتم أولى به" .

ثم يقول الإمام الصادق عليه السلام في رواية زيد الشحام : "خالطوا الناس بأخلاقكم ، صلوهم ، عودوا مرضاهم ، وصلّوا معهم في مساجدهم ، فإنكم إذا فعلتم ذلك قيل هؤلاء الجعفرية ، رحم الله جعفر ما كان أحسن ما يؤدّب به أصحابه ، وإذا كنتم على خلاف ذلك قالوا أُنظر هؤلاء الجعفرية فعل الله بجعفر ما فعل ما كان أسوء ما يؤدب به أصحابه" .

لاحظوا كيف يؤدبنا أئمتنا ، كيف يربينا أئمتنا ، كيف يعلمنا أئمتنا على مبدأ التقية المداراتية ، صلوهم ، خالطوهم كونوا معهم على حسن الأمانة وحسن الأخلاق عودوا مرضاهم ، اشهدوا جنائزهم ، صلّوا معهم في مساجدهم ، إذا رأوكم كذلك عكستم صورة حسنة نقية عن الأئمة الهداة سلام الله عليهم ، عكستم صورة نقية رائعة عن مذهب أهل البيت ، عكستم صورة نقية رائعة عن علماء هذا المذهب ، فإنكم إذا فعلتم ذلك قيل هؤلاء الجعفرية رحم الله جعفر ما كان أحسن ما يؤدب به أصحابه .

والتقية المداراتية هي تطبيق لما أجمع عليه المسلمون من الرواية عن النبي محمد صلى الله عليه وآله : "إن الله أمرني بالمداراة كما أمرني بأداء الفرائض" ، مدراة الآخرين أُمرتُ بها كما أُمرتُ بأداء الفرائض ...هذه الملاحظة الأولى .


الملاحظة الثانية : إن الشيعة الإمامية عندما تنادي بمبدأ التقية المداراتية وتربي أبنائها على التقية المداراتية فهي لا تربيهم على ازدواجية الشخصية ، أنت مُخطئ ، وإنما تربيهم على احترام الرأي الآخر ، على احترام المذهب الآخر ، احترام الرأي الآخر شيء ... وازدواجية الشخصية شيء آخر ، التقية المداراتية خُلُق عظيم لأنه عبارة عن احترام المذهب الآخر، أذكر لكم أمثلة :

كثيرٌ من فقهائنا ومنهم السيد الأستاذ السيد السيستاني -حفظه الله وحرسه وأدام ظله- يذكرون مسألة عقد الأمان ، ما معنى عقد الأمان؟

يقولون أنك إذا ذهبت إلى أمريكا أو ذهبت إلى أوربا لا يمكنك أن تدخل إلا بـ (فيزا) ، فإذا كنت لا تتمكن من دخول أمريكا إلا بالفيزا ، والفيزا تعتبر عقد أمان ، وعقد الأمان يعني لا تعتدي علينا ولا نعتدي عليك ، هم أذنوا لنا بالدخول لبلادهم بشرط أن لا نعتدي عليهم ولا يعتدوا علينا ، فإذا دخلت بلادهم لا يجوز لك شرعًا بالاعتداء على الأموال ولا على المرافق العامة ولا على الأنفس ولا على الأعراض ولا على أي ذرة من كيانهم أو نظامهم ، فإنك لابد من المسيرة على ضوء عقد الأمان الذي قمت به بينك وبينهم .

المجتمعات الإنسانية المشتركة مثلاً مجتمع لبنان مجتمع يضم طوائف متعددة ، دروز ، مسيحيين ، يهود ، مسلمين ، سنة ، شيعة ، فرق مختلفة يعيشون تحت بلد واحد ، ما الذي يجمعهم ؟! ، يجمعهم عقد الأمان هناك ميثاق اجتماعي وعقد اجتماعي بينهم كل طائفة تحترم الطائفة الأخرى ، كل طائفة تكرم الطائفة الأخرى ، كل طائفة تتداخل مع الطائفة الأخرى في سبيل المصلحة الوطنية المشتركة ، كل طائفة تتعاون مع الطائفة الأخرى في سبيل المصالح العُليا العامة ، يجمعهم شيء اسمه عقد الأمان .

إذا كان علماؤنا وفقهاؤنا ومنهم السيد الأستاذ يأمروننا ويعلموننا على أن نحترم الكفار فكيف بالمسلمين ؟! ، علينا أن نحترم المسملين ، إذن التقية ليست ازدواجية وإنما هي احترام للرأي الآخر .

نحن عندما نقول لأطفالنا وأجيالنا اندمجوا مع المذاهب الإسلامية الأخرى ، اندمجوا معهم ، صلوا معهم ، عاملوهم بالحسنى ، اختلطوا معهم ، أقيموا العلاقات الوثيقة بينكم وبينهم ، نحن لا ندعوهم لازدواجية الشخصية نحن ندعوهم لاحترام الرأي الآخر ، احترام الفكر الآخر ، احترام المذهب الآخر ، فالتقية المداراتية تربية لأبنائنا على احترام الرأي الآخر ، واحترام الرأي الآخر خُلُق وليس مرض ، فالتقية خُلُق وليست مرضًا مقيتًا يهدم الوحدة الإسلامية .

الملاحظة الثالثة : نحن عندما ننادي بمبدأ التقية المداراتية فإننا ننادي بالتضحية في سبيل المصالح العامة وفي سبيل الأهداف العامة ، وأضرب لك أمثلة :

لو صعدت السيارة وكانت عندك مباراة كرة قدم تريد اللحاق عليها وهي تبدأ مثلاً الساعة التاسعة ، فهل يجوز لك قانونًا وشرعًا من أجل مصلحتك الشخصية وهي الوصول إلى المباراة أن تقطع الإشارة وتضحي ببعض الأنفس أو ببعض الأموال ، هل يجوز؟! ، هل يجوز لك من أجل المصلحة الشخصية أن تضحي بالمصالح العامة من أجل أن تصل إلى موقع مباراة كرة القدم وتشترك فيها ؟

طبعًا لا يجوز لك ذلك لا قانونًا ولا شرعًا ، وهذا ماذا يسمى ؟ ، يسمى مبدأ التضحية بالمصالح الخاصة في سبيل المصالح العامة .

أنت عندما تذهب للكورنيش وأردت أن ترتاح مع أطفالك وأن تشوي لحمًا مشويًا –مثلاً- هل يجوز لك أن تشعل النار وتتلف الزرع والعشب الموجود في سبيل أن تأكل شيئًا من اللحم المشوي؟! ، طبعًا لا يجوز لك اتلاف الزرع واتلاف العشب قضاء على المصلحة العامة في سبيل المصلحة الخاصة ، عندنا مبدأ التضحية في سبيل المصالح العامة وهذا هو مبدأ التقية وليس التقية شيء غير هذا ، فلسفة التقية هي هذه وهي عبارة عن التضحية في سبيل المصالح العامة .

أهم المصالح العامة هي مبدأ الوحدة ، عندنا نحن الشيعة الإمامية مبدأ الوحدة الإسلامية مبدأٌ ثمين ، مبدأ عظيم ، مبدأ غالٍ نضحي من أجله بالكثير من الأمور ، فمن أجل هذا المبدأ ندعوا للتقية المداراتية .

التقية المدارتية عبارة عن تقديم المصالح الإسلامية العامة على المصالح الخاصة ، وهذا هو عبارة عما انطلق عليه أمير المؤمنين عليه السلام ، أمير المؤنين عليه السلام كان يرى أنه صاحب حق في الخلافة لأنه منصوص عليه ولكن عليًا عليه السلام سكت عن المطالبة بحقه خمسًا وعشرين سنة عملاً بالتقية ، لماذا ؟! ، أكان عليًا جبانًا؟! ، أم كان إنسانًا يهرب إذا نشبت الحرب وإذا قامت على قدم وساق ؟!

لا وإنما كان علي يقدم المصالح الإسلامية العامة وهو الذي قال : " لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن جورٌ إلا عليَّ خاصَّة" ، عليٌ بن أبي طالب أسَّس مبدأ التقية ، أول من عمِل بالتقية أول من قدَّم المصالح الإسلامية العامة عليُ بن أبي طالب ، لذلك قال الإمام الصادق : "التقية ديني ودين آبائي" يعني خطّنا واضح وهو تقديم المصالح الإسلامية العامة ، تقديم الأهداف الإسلامية العامة .

عندما نُربي أبناءنا على التقية لا نربيهم على ازدواجية الشخصية ولا نربيهم على انعدام الثقة بين المسلمين ، نربيهم على الاهتمام بالمصالح الإسلامية العامة ، نربيهم على احترام الآخرين ، نربيهم على احترام الرأي الآخر، نربيهم على أن يعيشوا على التعددية الدينية في أجواء المجتمع الإسلامي ، هذا هو مبدأ التقية الذي سنّه أمير المؤمنين وسار عليه الإمام الحسن الزكي سلام الله عليه .

من أعظم أبطال التقية الإمام الحسن ، الإمام الحسن فعلاً جسَّد مبدأ التقية بشكلٍ واضح لأنه اهتم بالمصالح الإسلامية العامة ، الإمام الحسن بن علي هو الذي عندما صالح معاويةَ بن أبي سفيان ، أتى بعض الشيعة ناقمين عليه ودخلوا عليه وقالوا : "السلام عليكَ مذلّ المؤمنين" ، وقالوا : "ليتك متَّ يا حسن ولم تبايع معاوية" .

أحيانًا بعض المسلمين يعيش حرارة عاطفية ، كيف نتنازل؟! ، |ونحن لا نتنازل أبد والله نحن لا نتنازل عن هذه الأمور| ، فيعيش غليانًا عاطفيًا قد يؤدي به إلى تلف الأموال وتلف النفوس ، أما الإنسان الواعي ، الإنسان الحكيم ، الإنسان الناضج هو الذي يضحي في سبيل المصالح العامة ، هو الذي يعمل بالتقية المداراتية حقنًا للدماء وحقنًا للأموال وحقنًا للأعراض ، يضحي في سبيل المصالح العامة.

للذلك قال الحسن بن علي : "إن الذي اختلفتُ فيه أنا ومعاوية حقٌ لي تركته لإصلاح أمر الأمة وحقن دمائها" ، وقال : " إني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض فأردت أن يكون للدين ناعِ" ، الإمام الحسن كان يُرسِّخ مبدأ الصلح ومبدأ التقية من خلال كلماته المختلفة ، وصبر على أقسى الآلام صبر على أشد الآلام قسوة وضراوة في سبيل المصالح العامة .

كتب إليه معاوية بن أبي سفيان : "يا أبا محمد أنا خيرٌ منك لأن الناس أجمعت عليّ ولم تجمع عليك" ، فكتب إليه الإمام الحسن عليه السلام : "أما ما ذكرت من أن الناس أجمعوا عليك فالناس بين مكره وبين مطيع ، فأما المكره فهو معذور في كتاب الله وأما المطيع فهو عاصٍ لله وأنا لا أقول أنا خيرٌ منك لأنه لا خير فيك ، فلقد برأني الله من الرذائل كما برأك من الفضائل" .

دخل الإمام الحسن بن علي صلوات الله وسلامه عليه على معاوية وهو نائم على فراشه ولم يحرك ساكنًا استخفافًا واستصغارًا بدخول الإمام الزكي عليه ، فجلس الإمام بين رجليه ثم التفت معاوية له وقال : " يا أبا محمد ألا تعجب من قول عائشة؟! ، تقول أنا لست للخلافة أهلاً" ، قال له : "يا معاوية...وأعجب من ذلك جلوسي بين رجليك" كان معاوية يتعمد إذا دخل الإمام الحسن في مواطن الالتقاء أيام الحج يأمر الخطيب بسبِّ أمير المؤمنين عليٍ عليه السلام ، وكان الإمام الحسن يسمع وهو يذوق ألم المرارة ويذوق ويذوق هذا الألم القاسي وكان يبتلع هذه الآلام ويهضمها ويصبر عليها ، قاسى بأبي وأمي حيًا وميِّتًا .

أما في حياته فقد هجم عليه حتى بعض المخلصين له وقالوا :"السلام عليك يا مذلّ المؤمنين" ، وهجموا عليه في ساباط في منطقة المدائن طعنوه بخنجر في فخذه وقالوا : "أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل"، وقد تحمَّل هذه الآلام كلها ، وكذلك بعد موته صار مظلومًا بأبي هو وأمي لمَّا رُفعت جنازته ، رفع بنو هاشم جنازته أرادوا أن يمرُّوا بها على قبر رسول الله ، ليجددوا عهدًا على قبر رسول الله ، فخرجت وخرج معها رهطٌ من بني مروان فصعدوا على بغالهم وقالوا أيُدفن فلان في المزابل ويدفن الحسن عند جده ؟! ، لا كان ذلك أبدًا ، أرشقوا جنازته بالسهام ، فأقبلت السهام على الجنازة كرشِّ المطر .

وقف الإمام الحسين عليه السلام وقال أنزلوا الجنازة على الأرض ، أنزلوها ، سلَّ أبو الفضل العباس سيفه ومحمد بن الحنفية وقالوا لا نسكت عن مظلمة أخينا ، فقال الحسين " اهدؤوا فقد أوصاني ألاّ أريق في أمره ملئ محجمة دمًا ، اصبروا اصبروا على ما أصابكم " ، ثم قال: "ارفعوا الستر عن الجنازة" ، فرفعوا الستر عن جنازته وإذا ثلاث وسبعون نبلةً خرَّقت جسده مزقَّت لحمه .

الله أكبر ، ما كفاهم حرارة السموم التي قطَّعت أحشائه حتى مزقوا جسده بالسِّهام ، مصيبة الإمام الحسين تشابه مصيبة الإمام الحسن ، بين الأخوين تشابه في المصيبة :

الشبه الأول : أن الإمام الحسن لما دسَّ إليه السم أمر باحضار الطشت ، أحضروا طشتًا بين يديه وصار يقذف أحشاءه في ذلك الطشت ، قطع من الدم يقذفها في ذلك الطشت ، دخلت عليه العقيلة زينب فقال للخدم اخفوا الطشت تحت السرير كي لا تراه العقيلة زينب ، أُخفي الطشت تحت السرير ودخلت السيدة زينب وجلست إلى جانبه وقالت : " أبا محمد... قطعت قلبي من فعل بك هذا؟ ، من سمَّك وأحرق قلوبنا؟" ، قال : " لا عليك ، فعلته جُعيدة اللعينة وسيعاقبها الله في الدنيا قبل الآخرة" ، ثم راحت تتأمل تحت السرير فرأت طشتًا مخفيًّا ، مدت يديها وأخرجت الطشت وإذا الدماء قطعة قطعة ، صرخت "واأخاه واحسناه" ، قال " أخيّة تعزّي بعزاء الله ، لا يوم كيوم أبي عبد الله ، اليوم ترين أحشائي في الطشت مقطعة وغدًا ترين رأس أخي الحسين مفصولاً عن الجسد وقضيب يزيد يلعب على ثناياه وأضراسه ويسخر ويضحك منه " - الله أكبر - .

والشبه الثاني : أن جنازة الحسن رُشّت بالسهام والنبال كرشِّ المطر وأخرج الحسين منه ثلاث وسبعين نبلة ، وأما جنازة الحسين ، فكم نبلة في جسم الحسين ؟!، وكم طعنة في جسم الحسين؟! ، وكم ضربة في جسم الحسين ؟! ، الشمر قطع رأسه ، بجدل قطع خنصره ، والجمَّال قطع كفه ، وسهم المثلث وقع في قلبه ، وخيل الأعوجية داست على صدره ، والقوم سلبوا ثيابه ، ما بقي منه عضوًا سالمًا .



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 12:09 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية