هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 08-18-2010, 02:47 AM
علي العاملي
مشرف عام
علي العاملي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 12
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5055 يوم
 أخر زيارة : 02-08-2012 (02:05 PM)
 المشاركات : 131 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي حديث السيدة عائشة في اجتماع النبي (ص) مع الشياطين



الحديث الأول : أخرج الصنعاني , والبخاري , ومسلم , والطبراني وغيرهم بإسنادهم عن عائشة – واللفظ للبخاري – قالت : دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه , ودخل أبو بكر فانتهرني , وقال : مزمارة الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : دعهما , فلما غفل غمزتهما فخرجتا . وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب , فإما يألتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإما قال أتشتهين تنظرين ؟ قلت : نعم , فأقامني وراءه خدي على خده , وهو يقول دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللتُ , قال : حسبك ؟ قلت : نعم , قال : فاذهبي (1).
وفي لفظ آخر للبخاري : أن السودان كانوا يلعبون في المسجد (2), وقد وقع التصريح بذلك أيضاً في الحديث الآتي .
الحديث الثاني : أخرج أحمد بن حنبل , والبخاري , ومسلم , وغيرهم بإسنادهم عن عائشة قالت : رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأم , فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن , الحريصة على اللهو (3).
المصنف للصنعاني ج 11 ح 19736 ص 4 , صحيح البخاري ج 2 ص 2 وج 3 ص 228 , صحيح مسلم ج 3 ص 22 , السنن الكبرى للبيهقي ج 10 ص 218 , المعجم الكببير للطبراني ج 23 ص 180 – 181 , أمالي الأصبهاني ص 55 , صحيح ابن حبان ج 13 ص 187 .
(2)صحيح البخاري ج 4 ص 161 .
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 84 وص 186 , صحيح البخاري ج 6 ص 159 , صحيح مسلم ج 3 ص 22 , سنن النسائي ج 3 ص 195 , مسند ابن راهويه ج 2 ص 273 , السنن الكبرى للنسائي ج 1 ح 1800 ص 553 , غريب الحديث لابن سلام ج 4 ص 331 , صحيح ابن حبان ج 13 ص 186 .

الحديث الثالث : أخرج الترمذي , والنسائي , وابن عساكر بإسنادهم عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فسمعنا لغطاً وصوت صبيان , فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها , فقال يا عائشة : تعالي فانظري فجئت , فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه , فقال لي : أما شبعتِ , أما شبعتِ ؟ قالت : فجعلتُ أقول لا , لأنظر منزلتي عنده , إذ طلع عمر , قالت : فارفض الناس عنها , قالت : فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني لأنظر إلى شياطين الجن والأنس قد فروا من عمر , قالت : فرجعت (1).
أقول : قال الترمذي بعد روايته للحديث الثالث : ((هذا حديث حسن صحيح )). وأما الحديثان الأولان فقد اتفق أصحاب الصحاح على روايتهما وصحتهما , وعليه فلا موجب للتفصيل في بيان وثاقة الرواة , ومع ذلك فنُبيِّن حال رجال إسناد الصنعاني للحديث الأول , وإسناد الترمذي للحديث الثالث .
أما الحديث الأول , فقد رواه عبد الرزاق الصنعاني , عن معمر , عن أيوب , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة , والحديث الثالث رواه الترمذي عن الحسن بن الصباح البراز , عن زيد بن الحباب , عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت , عن يزيد بن رومان , عن عروة , عن عائشة (2).
(1)سنن الترمذي ج 5 ح 3774 ص 284 , السنن الكبرى للنسائي ج 5 ح 8957 ص 309 , تاريخ دمشق ج 44 ح 9507 ص 82 .
(2)تقدم بيان حال الصنعاني في حاشية الحديث الثالث من الطائفة الرابعة , ومعمر في حاشية الحديث الثاني من الطائفة الخامسة , وتقدم بيان حال عروة بن الزبير في حاشية الحديث الأول من الطائفة الأولى , وقد قال المزي : عروة بن الزبير , روى عن خالته عائشة , وروى عنه يزيد بن رومان .(تهذيب الكمال ج 20 رقم 3905 ص 11 – 15 ).
وتقدم هناك بيان حال معمر بن راشد , وقد قال المزي : معمر بن راشد , روى عن أيوب السختياني , وروى عنه عبد الرزاق بن همام .( تهذيب الكمال ج 28 رقم 6104 ص 303- 305 ).
1 – أيوب السختياني من رجال الصحيح .( صحيح البخاري ج 1 ص 175 وج 2 ص 66 و 73 وج 3 ص 78 وج 5 ص 90 صحيح مسلم ج 2 ص 129 و 191 وج 3 ص 104 و 105 وج 4 ص 57 و 58 و 125 و 139 و 152 وج 5 ص 89 و104 ).
قال المزي : أيوب بن أبي تميمة السختياني , روى عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة , وروى عنه معمر بن راشد .( تهذيب الكمال ج 3 رقم 607 ص 457 – 460 ).
وثقه يحيى بن معين , وعلي المديني , وابن خيثمة , والنسائي , والدارقطني , وغيرهم . وقال ابن سعد في طبقاته : وكان أيوب ثقة , ثبتاً في الحديث , جامعاً, عدلاً , ورعاً , كثير العلم , حجة . وقال ابن حبان في المشاهير : أيوب السختياني , وكان من سادات أهل البصرة , وعباد أتباع التابعين وفقهائهم , ممن اشتهر بالفضل , والعلم , والنسك , والصلابة في الستة , والقمع لأهل البدع . وقال شعبة : إن أيوب سيد الفقهاء . وعن أشعث : كان أيوب جهبذ العلماء . وعن أبي حاتم : أنه ثقة لا يسأل عن مثله .( الجرح والتعديل للرازي ج 2 رقم 915 ص 255 – 256 , الطبقات الكبرى ج 7 ص 246 , مشاهير علماء الأمصار رقم 1183 ص 237 , تهذيب الكمال ج 3 ص 461 – 464 , تذكرة الحفاظ ج 1 رقم 117 ص 130 – 132 , سير أعلام النبلاء ج 6 رقم 7 ص 15 – 24 , تهذيب التهذيب ج 1 رقم 733 ص 348 – 349 ).
2 – ابن أبي مليكة , من رجال الصحاح .( صحيح البخاري ج 1 ص 34 و 181 و 186 و 207 وج 2 ص 64 و 118 و 159 , صحيح مسلم ج 2 ص 51 وج 3 ص 42 و 43 و 103 و 143 ).
قال المزي : عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة , روى عن عائشة , روى عنه أيوب السختياني .( تهذيب الكمال ج 15 رقم 3405 ص 256 – 257 ).
وثقه محمد بن سعد , والعجلي , وأبو حاتم , وأبو زرعة , وغيرهم . وقال الذهبي : كان إماماً , فقيهاً , حجة , فصيحاً , مفوَّهاً , متفقاً على ثقته .( معرفة الثقات ج 2 رقم 977 ص 62 , مشاهير علماء الأمصار رقم 597 ص 135 , تهذيب الكمال ج 15 – 258 – 259 , تذكرة الحفاظ ج 1 رقم 94 ص 101 – 102 , تهذيب التهذيب ج 5 رقم 523 ص 268 – 269 ).
3 – الحسن بن الصباح البراز , شيخ البخاري .( صحيح البخاري ج 1 ص 16 و 144 وج 3 ص 200 وج 4 ص 100 و 167 و 168 و ج 6 ص 166 و 241 ).
قال المزي : الحسن بن الصباح بن محمد البراز , روى عن زيد بن الحباب , روى عنه البخاري والترمذي .( تهذيب الكمال ج 6 رقم 1239 ص 191 – 192 ).
وثقه أحمد بن حنبل , وذكره ابن حبان في الثقات . وقال أبو حاتم : صدوق زكان له جلالة عجيبة ببغداد , وكان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويجله . وقال النسائي : صالح . وقال السراج : من خيار الناس . وقال أبو قريش محمد بن جمعة : كان أحد الصالحين . وقال الذهبي : الحافظ , الإمام , عَلَم السنة .( الجرح والتعديل للرازي ج 3 رقم 71 ص 19 , الثقات ج 8 ص 1176 , تاريخ بغداد ج 7 رقم 3845 ص 340 – 342 , تهذيب الكمال ج 6 رقم 1239 ص 191 – 194 , تذكرة الحفاظ ج 2 رقم 489 ص 476 , من له رواية في كتب الستة ج 1 رقم 1038 ص 326 , تهذيب التهذيب ج 2 رقم 518 ص 252 ).
4 – زيد بن الحباب من رجال الصحيح .( صحيح مسلم ج 1 ص 145 و 183 وج 2 ص 164 وج 3 ص 95 و 110 وج 4 ص 34 وج 6 ص 109 و166 ).
قال المزي : زيد بن الحباب , روى عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت , روى عنه الحسن بن الصباح البراز .( تهذيب الكمال ج 10 رقم 2095 ص 40 – 44 ).
وثقه ابن معين , والعجلي , وعلي بن المديني , وعثمان بن أبي شيبة , وأبو جعفر السبتي , والدارقطني , وغيرهم . وقال أبو حاتم : صدوق صالح الحديث , وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الذهبي : الإمام الحافظ , الثقة , الرباني .( الجرح والتعديل للرازي ج 3 رقم 2538 ص 561 – 562 , تاريخ أسماء الثقات رقم 391 ص 92 , الثقات ج 6 ص 314 , تهذيب الكمال ج 10 رقم 2095 ص 40 – 46 , سير أعلام النبلاء ج 9 رقم 126 ص 393 – 395 , تهذيب التهذيب ج 3 رقم 738 ص 347 – 348 ).
5 – خارجة بن عبد الله بن سليمان .
قال المزي : خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت , روى عن يزيد بن رومان , روى عنه زيد بن الحباب .( تهذيب الكمال ج 8 رقم 1591 ص 15 ).
صحح حديثه الترمذي في سننه , وقال ابن معين : ليس به بأس . وقال أبو حاتم : شيخ , حديثه صالح .وذكره ابن حبان في الثقات , وقال في المشاهير : من أجلَّة أهل المدينة , وقال ابن عدي : هو عندي لا بأس به وبرواياته . وقال الأزدي : لا بأس به حديثه مقبول . وقال ابن حجر : صدوق .
أقول : وأما أحمد بن حنبل فلم يُضعِّفه كما ظنه ابن حجر على ما ذكره ذلك في التهذيب , بل قال ابن حنبل : ضعيف الحديث كما نقله الرازي وابن عدي عنه , والضعف في الحديث لا ينافي الوثاقة , إذ يعني أنه ضعيف من حيث روايته عن الضعفاء أو اعتماده المراسيل ونحو ذلك , على أن تضعيف ابن حنبل له لا ينهض بمعارضة توثيق ابن معين وأبي حاتم له , فإنهما معتمداً أبناء العامة دون ابن حنبل , ولا مجال للتفصيل .( سنن الترمذي ج 5 ح 3764 و 3765 ص 280 و 3774 ص 284 , تاريخ ابن معين للدوري ج 1 رقم 1187 ص 186, الجرح والتعديل للرازي ج 3 رقم 1710 ص 374 – 375 , مشاهير علماء الأمصار رقم 1075 ص 218 , الثقات ج 6 ص 273 , الكامل لابن عدي ج 3 ص 50 – 52 , تهذيب الكمال ج 8 رقم 1591 ص 15 , تهذيب التهذيب ج 3 رقم 146 ص 66 – 67 , تقريب التهذيب ج 1 رقم 1616 ص 254 ).
6 – يزيد بن رومان , من رجال الصحيح .( صحيح البخاري ج 2 ص 156 وج 3 ص 129 وج 5 ص 52 وج 7 ص 73 و 181 صحيح مسلم ج 2 ص 214 وج 4 ص 215 وج 8 ص 7 و 218 ).
قال المزي : يزيد بن رومان , روى عن عروة بن الزبير , وروى عنه خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت .( تهذيب الكمال ج 32 رقم 6986 ص 122 – 123 ).
وثقه ابن معين , وابن سعد , والنسائي , والذهبي , وغيرهم , وذكره ابن حبان في الثقات , وقال في المشاهير : من قراء أهل المدينة .( الجرح والتعديل للرازي ج 9 رقم 1098 ص 260 , تاريخ ابن معين للدارمي رقم 881 ص 229 , مشاهير علماء الأمصار رقم 1067 ص 216 , الثقات ج 5 ص 545 , تهذيب الكمال ج 32 رقم 6986 ص 122 – 123 , من له رواية في كتب الستة ج 2 رقم 6300 ص 382 , تهذيب التهذيب ج 11 رقم 526 ص 284 ).

أقول : قد اشتملت هذه الأحاديث على نسبة الباطل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وجوه لا مجال للتفصِّي عنها بأي نحو .
تاوجه الأول :
إنَّ الحديث الأول قد اشتمل على توصيف أبي بكر لِمَا رآه وسمعه ب((مزمارة الشيطان ))و والغريب أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتكلف مؤونة تنبيه أبي بكر إلى أنَّ ذلك ليس مزمار شيطان , وإنما اكتفى بقوله : دعهما .
وهذا يعني أنَّ ذلك كان مزمار شيطان , غايته أنه لوجود عنوان عارض امتنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الزجر والنهي عنه .
ولكن , إن كان ذلك جائزاً في حق عائشة لسبب أو لآخر , فيما هي الضرورة التي حملت سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم على المكوث في مكان فيه مزمار شيطان ؟!
مع أنك تعرف أنَّ المزمار حيث نسبه أبو بكر إلى الشيطان فهذا يعني أنه باطل , فإنه لا علقة بين الشيطان وبين أي شيء آخر إلا إذا كان الشيء باطلاً , وهنا نسأل عائشة , كيف رضي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون في بيته الباطل ؟!
محتَمَلاتٌ في فقرة الحديث :
ثم إنَّ الحديث بالمضمون الذي ذكرته عائشة يدل صريحاً على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان شخصاً ضعيفاً , بحيث لمَّا أن دخل اضطجع على الفراش وحوَّل وجهه , ولكن أبا بكر زجر ابنته عائشة , وليس إلا لأن أبا بكر كان يرى أن ذلك من الأمر الباطل , فكيف لم يفهم أبو بكر جواز ذلك لمجرد سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
فهل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عند أبي بكر شخصاً ضعيفاً لا يقوى على النهي عن المنكر , أو أنه ظن بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان مضطجعاً فهو غير ملتفِت إلى وجود المنكر في بيته ؟!
وبعبارة أخرى : إن أبا بكر لمَّا أن دخل وزجر ابنته , فلا يخلو ذلك إما أنه كان مطَّلِعاً على التفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لِمَا يحدث في بيته , أو أنه كان يظن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم بما يجري في بيته , ولا احتمال ثالث آخر .
فإن كان أبو بكر مطلَّعاً على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان ملتفِتاً ,فكيف يزجر عما لم يزجر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
فغن قلتَ : زَجَرَ ظناً منه أنَّ ذلك محرَّم .
قلتُ : هذا يعني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان متلبِّساً بالمحرَّم , وعليه فيكون أبو بكر أتقى من سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم من جهة , ومن جهة ثانية فإنه يملك الشجاعة على النهي والزجر .
فإن قلتَ : إن أبا بكر ظن بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يشعر بما يجري في بيته .
قلتُ : هذا يفيد أولاً :
أنَّ عائشة لم تكن تتورع عن المحارم بنظر أبيها في بيت زوجها .
إن قلتَ : لمَ لا تُرجِّح أن تكون عائشة جاهلة بالحرمة ؟
قلتُ : إن الزجر عن المنكر لا يكون إلا بعد تعليم وتنبيه فاعل المنكر , فلو أنَّ عائشة كانت تجهل لكان المناسب من أبيها وهو أعلم الصحابة عند عائشة , أن يبادر أولاً إلى تعليمها وإلفات نظرها إلى أن ذلك محرَّم , ولا يحتاج إلى أن ينهرها , إذ يكفي من أبي بكر أن يقول لها : يا بنية إنَّ هذا مزمار شيطان , ولكن عائشة حدثتنا أنه لمَّا أن دخل عليها أبوها قال مستنكراً موبِّخاً : مزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !
ولا شبهة بأنَّ عائشة وهي أعلم زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحسب زعمهم وأورعهنَّ لا تحتاج إلى من يزجرها عن المنكر والباطل , بل تكفيها الإشارة , فلماذا اضطر أبوها إلى الزجر بالكلام الجارح والعبارة ؟!

هل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاهلاً بأوضاع بيته :
ثانياً : إذا كان أبو بكر يظن بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم بما يجري في بيته وهو صلى الله عليه وآله وسلم موجود في البيت , فهذا الاحتمال إن لم يكن أنكى من سابقة فلا يقل خطورةً عنه .
وأي رجل في الدنيا يثبت له الفضل ويصلح لقيادة مجتمعه وهو يجهل بما يجري في بيته , لا سيما مع كونه موجوداً في البيت !!
ونريد أن نُنبِّه إلى أن المقصود من البيت هو الغرفة , وأما البيت في مصطلحنا اليوم فيطلق عليه الدار فلا تغفل.
فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إما كان متلبِّساً بالباطل بحسب ما حدثتنا به عائشة بضميمة إنكار أبي بكر عليها , وإما أنه كان بنظر أبي بكر قاصراً عن الزجر عن المنكر , أو أنه غافل عن وجود المنكر في بيته .
وعلى جميع المحتملات , فإن أبا بكر لم يكن يُحسن الظن بابنته على أقل تقدير , ولم يكن يظن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مطَّلِع على ما يجري في حضرته .


غضب أبي بكر للحق !!
والعجيب أن أبا بكر لم يسكن غضبه , ولم يهدأ روعه , مع أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له ((دعهما )), إذ تُحدِّثنا عائشة أنها استغلت غفلته , فأشارت إليهما بالخروج , قالت عائشة ((فلما غفل , غمزتهما فخرجتا )).
والتأمل بمضمون الحديث يظهر له بوضوح أن الجاريتين انتهتا عن الغناء بعد أن أنكر أبو بكر ذلك عليهما , بل إن عائشة لم تجرأ على أن تأمرهما بالخروج , فتحينت فرصة غفلة أبيها , فغمزتهما فخرجتا .
والحديث يفيد أن عائشة كانت تهاب من أبي بكر الذي لا يستطيع أن يجتمع مع الباطل مهما كان السبب , لذا لم يعترض النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أبي بكر عندما قال ((مزمارة الشيطان )), بل إن أبا بكر لم يقتنع بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له (( دعهما )), إذ لو كان اقتنع لكانت الجاريتان عاودتا الغناء ثانيةً , ولَمَا احتاجت عائشة إلى مراقبة أبيها حتى يغفل لتغمز الجاريتين بالخروج .
وقد يقال : إنَّ أبا بكر اقتنع بجواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم , غايته أن وجود في البيت يفرض نحواً من الاحترام له , لذا رجَّحت عائشة – وكأن النبي وافقها – لزوم تقدير ولزوم مراعاة تنزُّه أبي بكر عن شيء يُشبه الباطل في الصورة !
ثالثاً : إذا كان أبو بكر يظن بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ملتفتاً إلى ما يجري في بيته , فيا ترى كيف يُراد منا أن نؤمن ونثق بما يُخبِرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وحي السماء ؟!
وكيف استطاع أبو بكر مع ذلك الظن أن يكون عنده وثوق بالنبي بأنه نبي ورسول ؟!
وكيف يطلب منا أبو بكر أن نثق بابنته على أنها عالمة ورعة إذا كان هو نفسه يظن فيها عكس ذلك , والحديث هي التي روته لنا !!
سوء ظن أبي بكر بالسيدة عائشة :
رابعاً : إن هذه الحادثة وقعت – كما ستعرف – بعد زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عائشة بعدة سنين , فكيف لم يتفطن أبو بكر إلى ان عائشة هي ربيبته – ربيبة الإيمان - !! وأنها في رعاية زوجها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من زمن بعيد , فكيف يظن أبو بكر بها سوءً ويتهمها ؟!!
ولماذا لم يتفطن أبو بكر إلى أنه في بيت عائشة , وهي كما تقول كانت أحب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وأن التي تسمع الجاريتين المغنيتين هي عائشة التي تكفَّل هو نفسه – أي أبو بكر – بتربيتها على الإيمان , والتقوى , والزهد , والورع , والاحتياط !!!
وكيف يراد منا أن نؤمن بأن أبا بكر كان يعلم بأن ما رآه وسمعه هو مزمار شيطان , وفي المقابل تكون أعلم زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن مضى عليها عدة سنين وهي في بيته جاهلة بذلك !
وهذه الحادثة قد وقعت بعد مدة طويلة من زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعائشة , فكيف تطلبون منا أن نصدِّق هذه الحادثة في حق زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , والمفروض أنها إلى ذلك الحين لم يكن يظن أبوها بها خيراً !!


الوجه الثاني من وجود اشتمال الأحاديث
المتقدمة على نسبة الباطل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
في الحديث الأول أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إما تبرع من نفسه بسؤال عائشة عن أنها هل تشتهي أن تنظر إلى السودان , وإما أنها هي سألته ذلك فأجابها بنعم .
أقول : إن النظر إلى السودان يلعبون بالدرق والحراب لا يستبطن أي نحو من أنحاء الاعتبار والعبرة أو الذكر والعبادة , وأنت تعرف أن المؤمن بعيد عن كل نظرة لا يكون فيها اعتبار , فما الذي حمل سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم على النظر إلى السودان وهم يلعبون !
بل العجيب أن الرواية تصوِّر لنا مدى حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على النظر إلى ما لا فائدة فيه إرضاءً لعائشة !
ثانياً : إننا لا نعرف أي رجحان لعنوان اللعب , فهو على أقل تقدير أمر مرجوح , والمرجوح لا خير فيه , فاعلاً وناظراً .
ثالثاً : أين كان حياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأين كانت غيرته , حتى تقف وراءه عائشة بمرأى الناس ومسمع , وخدها على خد النبي صلى الله عليه وآله وسلم !
قالت السيدة عائشة : ((فأقامني وراءه خدي على خده , وهو يقول دونكم يا بني أرفدة )).
رابعاً : إن الحديث يريد منا أن نعتقد بأن السيدة عائشة كانت حريصة على اللهو واللعب , وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان حريصاً جداً على مداراتها ومراعاتها , فيا ترى بعد أن كان هذا حالها في السنة السابعة للهجرة , وهي سنة قدوم وفد الحبشة إلى المدينة , فكيف كان حالها قبل ذلك , وكيف استطاعت أن تكسب قلب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهي الجارية الصغيرة , اللاهية اللاعبة !
حقاً , إن في السيدة سراً عظيماً , حيث بلغت منزلة لا يدانيها فيها أحد , وهي مع ذلك جارية حديثة السن تلهو وتلعب .
بل السر الأعظم في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !! الذي كان أحب الخلق إليه من النساء تلك الجارية الصغيرة , الحريصة على اللعب واللهو , حيث سيأتي أن عائشة كانت أحب الخلق من النساء إليه بحسب زعم أبنائها بل وزعمها .

الوجه الثالث من وجوه الباطل :
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُشجِّع على الباطل أو على الأمر المرجوح , بل ويحرص على أن لا يفوت زوجته النظر إلى شيء من ذلك .
فقد ورد في الحديث الثالث المتقدم : فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها , فقال يا عائشة : تعالي فانظري فجئت , فوضعت لحيي على منكب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى راسه .
أقول :الزفن : هو الرقص واللعب (1) , والحبشية الراقصة في مفروض الزاوية هي أجنبية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , فكيف يقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إليها وهي ترقص وتلعب !
ثانياً : إن الرقص واللعب بالنحو الذي روته لنا عائشة إن لم يكن أمراً محرَّماً , فلا شبهة أنه يتنافى مع المروءة والدين , فلماذا لم يكن عند نبي عائشة من الدين والمروءة ما يحجزه عن النظر إلى أجنبية ترقص وتلعب ؟!
ولا يكاد ينقضي تعجبي من صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كيف أنه لم يكتفِ هو نفسه بالنظر إلى الرقص واللعب , بل حرص على أن لا يفوت عائشة حبيبته شيءٌ من ذلك , وللأسف فإنهما مع ذلك لم يستترا عن أعين الناس !


غيرة محمد صلى الله عليه وىله وسلم وحياؤه :
يا للغيرة , ألا يستحي نبي عائشة وهو الرجل العربي أن تقف زوجته واضعة لحييها على منكبه , ينظران إلى الراقصة والناس ينظرون إليهما ؟
لا نريد أن نقول بأن هذا الفعل محرَّم ولا يكاد يصدر من غير السفهاء كما هو كذلك , بل نتساءل هل أن سيدنا محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وآله لم يكن ذا غيرة , وحشمة , وحياء , وعفة , كما تصر عائشة على أنه كان كذلك ؟
وأي حياء وأي خُلُق عظيم تدَّعون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم , وهو الذي يدعو زوجته حتى ينظر وإياها إلى امرأة أجنبية ترقص وتلعب , ولا يكتفي بذلك , بل عمدت عائشة إلى تصوير المشهد في كيفية وقوفها هي والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحو يبعث كل ناظر إليهما على الريبة , فيا له من مشهد عاطفي و ...و....... قالت عائشة : ((فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجعلت أنظر إليها )).

ذكاء السيدة عائشة وفطنتها :
ثالثاً : لا يسعنا هنا إلا أن نشكر الله تعالى على أننا عرفنا السر في استحواذ السيدة عائشة على قلب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث سيأتي عنها أنها كانت أحب الخلق من النساء إليه صلى الله عليه وآله وسلم .
أما كيف عرفنا السر ؟ فقد عرفناه لمَّا أن عرفنا شدة ذكائها , ولطيف فطنتها , فالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يسألها : ((أمَا شبعتِ , أمَا شبعتِ ))؟ فتجيبُ : ((لا ,لأنظر منزلتي عنده )).
وهنا يأتي دور تعليم السيدة عائشة لأبناء جلدتها , وكأنها تقول لهن : إذا أردتن أن تختبرن حب أزواجكن لكنَّ , فها أنا قد دللتكنَّ على طريقة ذكية .
ولكننا نقول للسيدة عائشة : إلم يكن بمقدورك أن تختبري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في موارد الحلال , أو البعيدة عن الريبة والشبهة؟!
فلو أنه كان قُدِّر لشخص أن يسأل السيدة عائشة على أن تُبرِز له دليلاً مقنِعاً لا يقبل التأويل على أنها كانت أحب الخلق من النساء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم , لأجابت :
وكيف لا أكونُ أحبَّ الخلق إليه , وقد جعلتُهُ ينظر معي إلى امرأة أجنبية ترقص وتلعب , وكنتُ قد وضعت لحيي على منكبه , وفي مورد آخر وضعتُ خدي على خده , كما مر في الحديث الأول.
سؤال وجواب :
ولو قُدِّر للسائل أن يسأل السيدة عائشة :وكيف يكون هذا الموقفُ دليلاً على أنك أحب الخلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟
لأجابت : ما أغفلك , لقد غفر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه أن ينظر إلى أجنبية وهي ترقص , وتلعب , وتلهو .
وغفر لها بأن رضي في أن أضع خدي على خده , ولحيي على منكبه .
وغفر لها حيث ترك الحياء , والحشمة , والوقار , والغيرة , والمروءة .
والذي دعاه حتى يغفر لنفسه ذلك هو حبُّ لي , فلولا شدَّةُ حبِّه لي , ولولا أنني أحب الخلق من النساء إليه , لَمَا فعل لأجلي ما كان يفعله !!
وأنت يا سائلي تعرف أنه عربي , ومن قريش , ومن بني هاشم !
وتضيف السيدة عائشة قائلة بلسان الحال : وأنت تعرف أن الشخص العاقل لا يتنازل عن أمور خطيرة , ولا يفعل أموراً محظورة , إلا لوجود أمر أهم , وأعظم , وأخطر , فلولا أنَّ رضاي وسروري أعظم عنده من رضا مروءته , وحيائه , وغيرته , ودينه , فكيف رضي أن يفعل ما فعله , ولا شيهة أن تقديمه سروري كما رويتُهُ لك وحدَّثُتك به لا مبرِّر له إلا لأنني أحبُّ الخلق إليه .

دليل مقنع وقوي :
وتضيف السيدة عائشة أيضاً : ولا أظنُّ يا سائلي أنَّ شخصاً يتنازل عما تنازل عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجلي , ومع ذلك يكون هناك من هو أحب إليه مني !
وكيف لي أن أحتمل وجودَ شخصٍ أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مني , والحال أنه لم يبقَ عنده من شيء يتنازل عنه , حتى يمكن لي ان افترض وجود امرأة أخرى يحبها اكثر مني .
واللطيف أن السيدة عائشة تخبرنا أنها كانت تتصرف مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من باب الاختبار له , فهو لا يعلم أنها تختبره لتعرف منزلتها عنده , قالت عائشة : (( فجعلتُ اقول لا , لأنظر منزلتي عنده )).
فهل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من السذاجة على نحو ما وصفته لنا عائشة ؟
وهل يحسن من مؤمنة أن تتصرف مع النبي بالنحو الذي ذكرته لنا عائشة ؟
فما كان أفطنها وأذكاها , وهي كما تزعم كانت لا تزال جارية صغيرة , ألا تتساءل معي أيها القارئ الكريم , كيف كانت تصرفاتها وأخلاقها مع غير سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم , وكيف كانت هي بعد أن كبرت في السن ؟

فرار الشياطين من عمر !!
ثم إن عائشة لم ترَ أنَّ ما ذكرته في بيان فضلها يكفي , بل وجدت نفسها مضطرةً إلى تعريف الناس بابن الخطاب .
قالت السيدة عائشة : (( فجعلتُ أقول لا , لأنظر منزلتي عنده , إذ طلع عمر , قالت : فارفضَّ الناس عنها , قالت :
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني لأنظر إلى شياطين الجن والأنس قد فروا من عمر )).
أقول : والناس لم يكن يعنيهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إليهم , وأنه صلى الله عليه وآله وسلم غيرُ كارهٍ لِمَا يفعلونه , حتى أن الشياطين كانوا يشعرون بالأمن والأمان تلك المدة التي لا نعلم كم كان مداها.
وهكذا بقيت السيدة عائشة تختبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم , والنبي يجري على سجيته – يا غافل إلك الله – إلى أن طلع عمر بن الخطاب الذي يعرفه الناس جيداً بانه لا يهادن الباطل , وأنه لا تأخذه في الحق لومة لائم !!
وما أن عاين الناسُ ابنَ الخطاب حتى فروا هاربين , وتحسَّرت شياطين الجن والأنس لمجيء عمر بن الخطاب , فإنه المهاب ليس عند الناس فقط , بل حتى شياطين الجن يخافونه ويهابونه , وإذا ما حضر عمر فلا يبقى من مجال للشياطين ولا مكان لهم , فهمُّوا هم أيضاً بالفرار والهروب!!


أمانة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم :
والنبي الأمين على الوحي لا يملك عذراً في أن يُخفي ما رآه من فرار وهروب الشياطين , فلذا رأى نفسه مُلزَماً بإظهار مكانة ابن الخطاب , فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن له أن يكتم حقاً لأحد , فكيف لابن الخطاب !!
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إني لأنظر إلى شياطين الجن والأنس قد فروا من عمر )).
ولكن مما يؤسف له أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يتفطن والعياذ بالله تعالى من خطورة ما بيَّنه من فضيلة لابن الخطاب , أو كان متفطناً غير أنه قضاء لأمانته وورعه لا يستطيع إلا أن يصدع بالحق الذي تعتقده عائشة , حتى ولو كان ما يصدع به من الحق يقدح فيه كنبي ورسول , بل يقدح فيه كرجل ذي غيرة وحشمة وشعور , وهو الكامل الطهر الطاهر المطهَّر صلوات الله ربي وسلامه عليه وآله .
وأرجو أن لا يكون بنظر عائشة ان الخطاء والاشتباه قد وقع من المولى تعالى شأنه , فبدلاً من أن يبعث عمر بن الخطاب الذي لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم , بعث محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم !
وكيف لا يصح احتمال وقوع المولى سبحانه وجلت كلمته في الاشتباه , وقد بعث رسوله سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يجتمع مع شياطين الجن والأنس , ولا ندري كم كانت مدة ذلك الاجتماع , بينما عمر بن الخطاب لا أنه هو نفسه لا يجتمع مع الشياطين فقط , بل إن الشياطين لا تطمع هي نفسها بأن تبقى في مكان يوجد فيه ابن الخطاب .
وهنا نسأل السيدة عائشة , لماذا غذن اختار الله تعالى للرسالة شخصاً ضعيفاً ساذجاً , في حين أن المرحلة التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت مرحلة حرجة تحتاج إلى رجل شجاع مقدام مثل عمر بن الخطاب ؟
وأكاد أقطع أن السيدة عائشة والكثيرين من أحياء أبيها كانوا يَرَون يو وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حزنٍ لشياطين الإنس والجن , حيث كانت الشياطين يَرَون فيهِ نعم المعين والمؤازر .
ولقد كان وفاة عمر بن الخطاب يوم العيد الأعظم للشياطين , حيث مات مَن كانوا يهابونه , ويخشونه , ويفرون منه .
ألا تخجلون من أنفسكم ان تنتسبوا إلى نبي وصفتموه بما أثبتموه في صحاحكم وكتبكم ؟!!

عائشة جارية صغيرة :
هذا وأما ما اشتملت عليه الرواية الثانية من أن عائشة كانت جارية صغيرة حديثة السن , فهو شيء قد كذَّبه تاريخهم .
قال ابن حجر في جملة ما ذكره معقِّباً على الحديث الثاني : إن في بعض طرق الحديث أنَّ ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة , وأنَّ قدومهم كان سنة سبع , ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة فكانت بالغة , وكان ذلك بعد الحجاب (1).
أقول : فلو أنه كان عند أحد في بعض ما تقدم منا تنظُّرٌ أو إشكال , فلا أظن أن يبقى عند مسلم أي نحو من التردد بعد اطلاعه على كلام ابن حجر .
وهنا لا يسعنا إلا تكذيب البخاري , وأحمد بن حنبل , ومسلم , وأضرابهم , وكذا تكذيب عروة بن الزبير , ومعمر بن راشد , وابن الحباب , والسختياني , وغيرهم ممن رووا هذه الأحاديث التي افتروها ظلماً وعدواناً على السيدة عائشة , وكأنَّ غرضهم هو الطعن في زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم , مع أنهم يدَّعون حبها !!
ولكننا أيضاً نحتاط في الجزم باجتماعهم متواطئين على التحريف والتزوير على لسانها .
وكيف لعاقل أن يحتمل في مَن هم أحب الناس إليها وبمن هي من أحب الناس إليهم , أن يجتمعوا على التحريف والتزوير على لسانها !
ولا يخفى أننا أعرضنا عن كثير من المناقشات , منها ما تفيده الأحاديث من أن المسجد كان محلاً للعب واللهو , وأن عائشة كانت أطول من النبي صلى الله عليه وآله وسلبم لتتمكن من أن تضع لحييها على منكبه الشريف , اللهم إلا أن يكون النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو الأطول , غايته نسيت عائشة ان تقول لنا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم انحنى إجلالاً واحتراماً لها , وبقي منحنياً تلك المدة حتى قضت عائشة حاجتها ووطرها من مشاهدة (( السيرك )).
(1) فتح الباري ج 9 ص 276 .




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 07:31 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية