هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات


العودة   :: منتديات ثار الله الإسلامي :: > الاقسام الشيعية التخصصية > مقالات مكتوبة

يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 04-08-2012, 01:25 PM
عقيلة الطالبيين
موالي فعال
عقيلة الطالبيين غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5057 يوم
 أخر زيارة : 08-16-2023 (09:31 AM)
 المشاركات : 451 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي نقدم لکم محاضرة للشهید آیة الله محمد باقر الصدر(ره) حول التغییر والتجدید في النبوة من کتاب أئمة أهل البیت؛ تنوع أدوار ووحدة هدف



في کلام السید محمد باقر الصدر(ره)
التغيير والتجديد في النبوة

نقدم لکم محاضرة للشهید آیة الله محمد باقر الصدر(ره) حول التغییر والتجدید في النبوة من کتاب أئمة أهل البیت؛ تنوع أدوار ووحدة هدف.

بمناسبة أروع ذكرى مرت في حياة الانسان، في يوم هو أشرف يوم في تاريخ الانسان سواء قيمنا الايام بما تشتمل عليه من احداث او بما تتمخض عنه من نتائج، فان هذا اليوم يبقى هو اليوم الاول في تاريخ الانسان، لانه اليوم الذي استطاع فيه الانسان ان يبلغ الذروة، التي رشحته لها عشرات الآلاف من الرسالات والنبوات، فاصبح قاب قوسين أو أدنى، متمثلاً في شخص النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وكذلك اذا لاحظنا ما تمخض عنه هذا اليوم العظيم، يمكننا ان نتصور المقدار العظيم من الطاعات والعبادات والاعمال النبيلة الزاخرة، بكل معاني النبل والاخلاق، التي أوتي بها بعد هذا اليوم.
ويمكننا ان نتصور العروش التي حُطمت والجبابرة الذين قُضي عليهم، وعهود الظلم والطغيان، التي قوضت باسم هذا اليوم.
ويمكننا تصور الشخصيات العظيمة، و البطولات المستميتة في سبيل اقامة العدل على الأرض باسم هذا اليوم.
هذا اليوم هو اليوم الاول في تاريخ البشرية، سواء قيمنا على أساس ما حدث فيه أو على أساس ما نتج عنه، لانه يوم النبوة الخاتمة.
وبمناسبة النبوة الخاتمة، اريد ان اتحدث اليكم عن فكرة التغيير والتجديد في النبوة، فكرة التغيير والتجديد التي عاشتها ظاهرة النبوة في تاريخ الانسان على مر الزمن، حتى وضع لها الحد النهائي، على يد الرسالة الاسلامية الخاتمة.
والتغيير والتجديد في النبوة له اسباب عديدة معقولة يمكن ان يقوم على اساس أي واحد من هذه الاسباب، كما يمكن ان يقوم على اساس اكثر من سبب واحد من هذه الاسباب.
السبب الأول:
وهو فيما اذا كانت هذه النبوة قد استنفدت اغراضها، واستكملت اهدافها، وأنهت شوطها المرسوم لها ففي مثل هذه الحالة، لا بد لها وان تخلي الميدان لنبوة تحمل اهدافاً جديدة، وتحمل شوطاً جديداً لا بد ان تؤديه في خدمة الانسان، وتصعيده الى المستوى المطلوب.
واقصد بكون النبوة تستنفد اغراضها، ان تكون النبوة بالذات، وصفة لمرض طارئ في حياة البشرية.
هناك نقاط من الضعف، تطرأ بين حين وحين، في بعض الازمنة والامكنة، في بعض المجتمعات البشرية.
تطرأ بعض الامراض المعينة من الناحية الفكرية والروحية والاخلاقية وهذه الامراض تستفحل بموجب شروط معينة موضوعية خاصة، وتحتاج هذه الامراض الى نوع من العلاج يترفق المولى سبحانه وتعالى في انزال وحي معين لاجل بيانه.
وبطبيعة الحال سوف تكون الوصفة المقدمة من قبل هذه الرسالة لعلاج هذا المرض، قائمة على اساس هذا الحال الاستثنائي، المنحرف الذي يعيشه انسان عصر هذه النبوة، ومن المنطقي والمعقول ان لاتصح وصفة من هذا القبيل على كل زمان او مكان، فكل انسان منا قد يستعمل وصفة معينة في حالة مرضية، الا ان هذه الوصفة نفسها، لايمكن ان تصبح غذاء اعتيادياً للانسان في كل زمان او مكان.
فحينما تكون النبوة في طبيعة تركيبها قد جاءت لعلاج مرض معين طارئ في حياة الانسان، وتكون في طبيعة رسالتها قد صممت وفق هذه الحاجة فحينما تكون هذه النبوة هكذا، وتدخل شوط عملها وجهادها، وتحارب وتكافح في سبيل استئصال هذا المرض الاستثنائي، بعد هذا تكون النبوة قد
استنفدت اغراضها، لانها جاءت لمعركة جزئية محددة بظروف زمانية ومكانية خاصة، وهذه المعركة انتهت بانقضاء هذه الظروف.
فمثلاً ما يقال عن المسيحية، من انها كانت تتجه الى نزعة روحية مفرطة والتركيز على الجانب الطبيعي بدرجة اكبر بكثير من التركيز على أي جانب من جوانب الحياة المعاشة المحسوسة. يقال عادة: ان بعض التركيز على الجانب الغيبي اللامنظور، التركيز على جعل النفس منقطعة عن كل علائق الدنيا، هذا التركيز الذي قامت على اساسه بعد هذا، فكرة الرهبنة، هذا التركيز، كان علاجاً لمرض عاشه شعب بني اسرائيل، حينما ظهرت المسيحية في ذلك الوقت.
هذا المرض، الانغماس المطلق في الدنيا، وفي علائق الدنيا، هذه الحالة النفسية التي كانت تجعل الانسان اليهودي مشدوداً الى درهمه وديناره، ويومه وغده، هذه الحالة كانت بحاجة الى وصفة، هذه الوصفة تحاول ان تنشل هذا الانسان اليهودي من ضرورات يومه وغده، وتذكره بأمسه وربه، لهذا كان في المسيحية هذا النوع، من الافراط المناسب مع حالة موضعية زمانية معينة في التاريخ الطويل للإنسان.
اما هذا النوع من الافراط حينما يؤخذ كخط عام للإنسان، يعتبر شذوذاً وانحرافاً، لانه دواء للمريض وليس طعاماً للصحيح.
فمن هذه الاسباب التي تجعل التغيير في النبوة امراً معقولاً، هو ان النبوة تستنفد اغراضها وتستوفي اهدافها، باعتبارها رسالة صممت لعلاج حالة طارئة وقد استنفدت اغراض العلاج.
من جملة الاسباب المعقولة لتغيير النبوة هو ان لا يبقى منها تراث يمكن ان يقام على اساسه العمل والبناء...
اذا افترضنا، ان نبَّوة جاءت ومارست دورها في قيادة البشرية وهدايتها ووصلها بربها، وتطهيرها من شوائبها، الا ان هذه النبوة بعد ان مات شخص النبي، تولدت ظروف وانحرافات أكلت كل ذلك التراث الروحي والمفاهيمي الذي خلّفه ذلك النبي الذي قاد تلك المعركة، بقيت النبوة مجرد
رؤى تاريخية وشعار غامض غائم بارد، دون ان يكون معبراً عن أي كيان فكري مفاهيمي، محدد في اذهان القاعدة الشعبية المرتبطة بتلك النبوة، في مثل هذه الحالة، لا يمكن ان تواصل هذه الدفعة الالهية المتمثلة في تلك النبوة عملها، لان الدفعة الالهية لا يمكن ان تواصل عملها بدون مصباح منير وبدون كتاب منير، على ما يصطلح عليه القرآن الكريم، وهذا الكتاب المنير، عبارة عن ذاك التراث الفكري والمفاهيمي الذي يمثل القاعدة للعمل النبوي، ويمثل الاطار للحياة التي يقدمها النبي ويدعو اليها، فاذا ماتت تلك القاعدة وذلك الاطار باضمحلال ذلك التراث، وبقيت النبوة مجرد مسألة تاريخية لا يوجد بالفعل في حياة الناس ما يجسد مفهومها ومنظارها الى الحياة، ففي مثل ذلك، لا بد من دفعة جديدة، لكي يستأنف العمل ويستأنف الشوط في سبيل اعادة البشرية الى ربها، واقامة دعائم العدل والحق والتوحيد على وجه الأرض.
وأيضاً هذا السبب نجده الى درجة كبيرة في المسيحية بالذات. فالمسيحية بعد ان غادر السيد المسيح عليه السلام مسرح الدعوة والعمل، لم يبق من المسيحية شيء حقيقي يمكن ان يقام على اساسه العمل النبوي، الانجيل الذي يحدث عنه القرآن الكريم فقد نهائياً، لان الانجيل الذي يحدث عنه القرآن الكريم كتاب انزل على السيد المسيح (ع)، والاناجيل التي تعيش اليوم وكانت تعيش بالامس هي كتب الفَّها طلاب السيد المسيح (ع) على أفضل التقادير، فالرسالة المتمثلة في الكتاب السماوي قد انطفأت، والحواريون كانوا من حيث القلة والتشتت والاضطراب الذهني، ما يجعلهم غير قادرين على حماية التراث الباقي في أذهانهم من السيد المسيح (ع)، بدليل مراجعة هذه الاناجيل التي كتبوها، فان هذه الاناجيل لا تحمل في الحقيقة وفي مجملها الا سيرة السيد المسيح (ع). مع ابراز الجانب الغيبي والمعاجزي من هذه السيرة.
اذن لم يبق من السيد المسيح (ع) بعد انتهاء دوره على المسرح حصيلة مضيئة يمكن القيام على اساسها على الخط الطويل، العمل النبوي.
لم تبق الا فكرة غائمة غامضة عن انسان بات ليصلح، وقال، وعلّم،
ثم انتهى، اما ماذا قال؟ وكيف انتهى؟ وماذا خلّف؟ وما هي شريعته؟ كل هذا بقي غائماً غامضاً، ولهذا ملئ بالتدريج بأيد بشرية تزعمت بعد هذا، المسيحية، ملئت هذه الفراغات الكبيرة التي تركها السيد المسيح (ع)، خاصة بعد ان اصبحت المسيحية رومانية، ودخلت الامبراطورية الرومانية في الديانة المسيحية رسمياً اولاً وشعبيا ثانياً، في مثل هذه الحالة.
اذن هذه ايضاً من الاسباب المعقولة لتغيير النبوة، وهي ان لا يبقى من ذلك النبي تراث حي يمكن ان يقام على اساسه العمل، وترتكز بموجبه الدعوة الى الله سبحانه وتعالى.
ايضاً من الاسباب التي يمكن ان يقام على اساسها التغيير في النبوة، هو ان تكون الرسالة التي هبطت على النبي، محدودة باعتبار محدودية نفس النبي، وان كان مفهوماً عاماً، الا ان هذا المفهوم العام على ما يقول المناطقة، يصدق على افراده بالتشكيك، هناك على ما تقول الروايات نبي للبشرية، ونبي للقبيلة، وهناك نبوات تختلف من حيث السعة والضيق، باختلاف طبيعة النبي نفسه، باعتبار مستوى كفاءة القيادة الفكرية والعملية في شخص النبي، فحمدودية الكفاءة القيادية في المجالين الفكري والعملي، مما يؤثر في تحديد الرسالة التي يحملها النبي، لان كل انسان على الارض، لا يمكن ان يحمل رسالة يحارب ويدافع عنها حقيقة، الا اذا كان مستوعباً لها استيعاباً كاملاً شاملاً، وهذا الاستيعاب الكامل الشامل، يتطلب من هذا الداعية ان يكون على مستوى هذه الرسالة.
ومن الواضح ان الانبياء كغير الانبياء، يتفاوتون في درجات تلقيهم للمعارف الالهية عن طريق الوحي من قبل اللّه سبحانه وتعالى، ولهذا كانت بعض الرسالات محدودة بحكم محدودية قابلية الانبياء انفسهم، حيث ان هذا النبي ليس مؤهلاً لان يحمل هموم البشرية على الاطلاق وفي كل زمان ومكان، بل هو مهيأ لان يحمل هموم عصره فقط، أو هموم مدينته فقط، أو هموم قبيلته فقط، لأن ذاك الشخص الذي يحمل هموم البشرية على الاطلاق، ويعيش مشاكلها على الاطلاق، ليكتوي بنارها على الاطلاق، ليس الا الدرجة العالية الى اللّه سبحانه وتعالى من الانبياء والاوصياء.
فاذا كانت النبوة محدودة بطبيعة قابليات هذا النبي، كان لا بد في خارج هذه الحدود الزمانية والمكانية، من نبوة اخرى تمارس عملها في سبيل اللّه سبحانه...
واخيراً من جملة الاسباب التي تدعو الى تغيير النبوة، هو تطور البشرية، وتطور نفس الانسان المدعو، لا محدودية الانسان الداعي، كما فيما سبق، وكون الانسان المدعو يتصاعد بالتدريج لا بالطفرة، وينمو على مر الزمن في احضان هذه الرسالات الالهية، فيكتسب من كل رسالة الهية درجة من النمو، تهيئه وتُعدّه، لكي يكون على مستوى الرسالة الجديدة واعبائها الكبيرة، ومسؤولياتها الأوسع نطاقاً.
وفكرة التطور هنا لا بد و أن تحدد إجمالاً ملامحها ومعالمها.
ويمكننا ان نبرز ثلاثة خطوط يتطور على وفقها الانسانية، الا ان عامل التطور في النبوة يرتبط بالتطور، في خطين من هذه الخطوط الثلاثة، ولا يرتبط بالخط الثالث من هذه الخطوط، والخطوط هي: خط وعي التوحيد... خط المسؤولية الاخلاقية للدعوة لحمل اعباء الدعوة... خط السيطرة على الكون والطبيعة...
الخط الأول:
النبوة ترتبط بالواقع بالخطين الاول والثاني من هذه الخطوط الثلاثة، بالوعي التوحيدي عند الانسان، وبخط المسؤولية الاخلاقية لحمل اعباء الدعوة في العالم ولا ترتبط النبوة بالخط الثالث من خطوط التطور وهو مدى السيطرة للإنسان على عالم الطبيعة والكون، ذلك لأن النبوة تستهدف ان تصنع الانسان من داخله، تستهدف ان تصنع للإنسان قاعدة فكرية يقوم على اساسها بناؤه الداخلي ثم يقوم على اساس هذا البناء الخارجي، وهذه القاعدة الاساسية التي يقوم على اساسها البناء الداخلي وبالتالي البناء الخارجي هي: التوحيد.
فكرة التوحيد وربط الانسان بكامل وجوده وجوانب حياته برب واحد أحد.
هذه الفكرة هي القاسم المشترك بين كل النبوات والرسالات التي عاشها الانسان منذ ان خلقه اللّه سبحانه وتعالى على وجه الارض.
الا ان هذه الفكرة فكرة التوحيد ليست ذات درجة حدية، وانما هي بنفسها ذات درجات من العمق والاصالة والتركيز والترسيخ، فهذه الدرجات متفاوتة، كان لا بد بمقتضى الحكمة الالهية ان يهيأ الانسان لها بالتدريج. هذا الانسان الذي غرق بمقتضى تركيبه العضوي والطبيعي في حسه ودنياه، حينما يدعى الى فكرة التوحيد، لا بد من ان ينتزع من عالم حسه ودنياه بالتدريج، لكي ينفتح على فكرة التوحيد التي هي فكرة الغيب.
فالغيب يجب ان يعطى له على مراحل، وعلى درجات، كل درجة تهيئ ذهنه لتلقي التوحيد.
ونحن بامكاننا الالتفات الى فكرة التوحيد المعطاة من التوراة والانجيل، والقرآن الكريم، ان نفهمه مثالا على هذا المعنى، التوراة والانجيل والقرآن، كل هذه الكتب تعطي فكرة التوحيد، وبقولي التوراة والانجيل أقصد التوراة والانجيل الذي يعيش بيننا اليوم، لان التوراة والانجيل الموجودين بين ايدينا اليوم على أي حال، قد يقصدان تصوير الفكرة الدينية في شعب موسى وشعب عيسى في قوم موسى وقوم عيسى، ولا شك في انه ايضاً يحتفظ بجزء من النص الديني الى حد قليل أو كثير، خاصة في التوراة، ولهذا لا يمكن ان نستلهم من الكتابين، في سبيل تقدير وتحديد الروح الدينية العامة لمرحلتين من مراحل الانسان التي عاشها مع النبوة، بطبيعة الحال، هنا نرى فرقاً فارقاً بدرجة، وتطوراً في مفهوم التوحيد المعطى، فبينما التوحيد في الكتاب الاول يقوم على اساس اعطاء إله، وهذا الإِله، لا يستطيع هذا الكتاب ان ينزع عنه الطابع القومي المحدود، فيشد هذا الاله جماعة معينة الى شعب معين، هذا الشعب المعين الذي قدر ان ينزل الرسالة فيه، ان يكون النبي منه، فكانت التوراة باستمرار، تقدم الاله في إطار قومي كأنه اله هؤلاء في مقابل الاصنام، والأوثان التي هي آلهة الشعوب والقبائل، فلم تقل التوراة بكل صريح عميق لهؤلاء ان هناك الهاً واحداً للجميع، و ان هذه الاصنام والاوثان يجب ان ترفضها البشرية، وانما عوضت هؤلاء بالخصوص عن صنم ووثن معين، بإله يعبدونه بدلاً عن هذا الصنم، هذا الشيء الذي يوجد في نفوس هؤلاء القوم تأريخياً الشعور بالاعتزاز، والشعور بالزهو والخيلاء على بقية الشعوب الاخرى، هذا الشعور الذي لم يوجد في شعوب متأخرة نزلت فيها
نبوات التوحيد، على اساس ان الاله الذي اعطي اليهم كان الهاً مشوباً بشيء من المحدودية والطابع الذري، فخيل لهم على مر الزمن، انهم يحتكرون اللّه لأنفسهم، بينما الشعوب والقبائل الاخرى، هي ذات آلهة شتى واصنام شتى، ويشير القرآن الكريم الى فكرة الاحتكار التي كان يعتقدها اليهود بالنسبة الى اللّه تعالى.
في الكتاب الثاني صعدت فكرة اللّه مرتبة، وذلك لان الطابع القومي انتزع عن هذه الفكرة، اصبح الاله المقدم من قبل تلامذة السيد المسيح عليه السلام للعالم، الهاً عالمياً لا فرق فيه بين شعب وشعب، هو اله العالم على الاطلاق، لم يغادر منطقة قريبة من ذهن الانسان المحسوس، لم يجرد تجريداً كاملاً عن عالم الحس، بقي على صلة وثيقة جداً بالانسان الحسي، كأنه ابوه، وبهذا يعبر في الاناجيل كثيراً عن الانسان بانه ابن اللّه. المسيحية الرسمية تفسر هذا الانسان بعيسى بن مريم، وأن عيسى بن مريم هو ابن اللّه، لكني لا أظن ان يقصد به هذا، الاناجيل تعبر عن أي انسان انه ابن الّله لا عن عيسى بن مريم بالخصوص انه ابن اللّه، لانها تعطي فكرة عن اللّه فكرة الاب الواحد للجماعة البشرية، لافكرة الخالق، السيد المطلق المقتدر الوالد الكبير، فكرة اب له ابناء هؤلاء الابناء لهم لغات شتى، ولهم اتجاهات شتى، ولهم مذاهب شتى، ولهذا يجب ان يتآخوا لانهم ابناء أب واحد. بينما الكتاب الثالث يعطي فكرة التوحيد بأنصع واوسع مما يمكن من التنزيه الذي يبقى محتفظاً بقدرته على تحريك الانسان، لانه يجرد هذه الفكرة عن طابع الابوة والعلائق المادية مع الانسان على الاطلاق.
يجرد اللّه عن أي علاقة مادية مع أي انسان حتى مع اشرف انسان على وجه الارض،مع صاحب الرسالة بالذات محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم، يقف النبي محمد (ص) في لغة القرآن بين يدي اللّه، عبداً ذليلاً خاضعاً يتلقى الاوامر، وليس له الا الطاعة والا ان ينفذ حرفياً، مثل هذه الفكرة هي اقصى ما يمكن ان يصل اليه التنزيه والتعميق والتنسيق في فكرة التوحيد، مع الحفاظ على فاعلية الفكرة وعلى محركيتها.
هذا الخط، خط وعي التوحيد وفكرة التوحيد، هذا هو أول الخطوط
التي تتغير مواقف النبوات بموجبها. على اساس ان هذا الخط هو المرتبط بالقاعدة الفكرية الاساسية التي تعمل بموجبها كل النبوات، فمهما صعدت درجة الوعي لهذه القاعدة الاساسية يجب ان يعطي لها الصيغة العميقة المعمقة الاكبر.
الخط الثاني:
هو خط تحمل اعباء المسؤولية الاخلاقية للدعوة، يعني كون الانسان بالغاً الى درجة تؤهله لان يتحمل اعباء دعوة لها ضريبتها وواحباتها وآلامها وهمومها.
مثل هذا التحمل ايضاً له درجات، ولم يستطع الانسان بالطفرة، ان يصل الى درجة اعباء التحمل للرسالة العالمية الواسعة الغير محدودة الزمان والمكان، لم يستطع ان يصل الى هذا بالطفرة، وانما استطاع ان يصل الى ذلك عبر مران طويل، على تحمل المسؤوليات.
البشرية بقيت تتحمل المسؤوليات عبر مران طويل، ونمت خلال مرانها الطويل، حتى استطاعت ان تتحمل مسؤولية رسالة لاحد لها، ممتدة مع الزمان والمكان ، والا فأي مسؤوليات كانت تتحملها امم الانبياء السابقين، الأمم التي تنكشف امامنا اليوم تواريخها هي أمم موسى وعيسى؟.
ونحن بالمقارنة بين موسى وعيسى، والمسؤوليات التي تحملتها الامة الاسلامية حينما نزل الوحي على النبي (ص) بالرسالة الخاتمة، المقارنة ما بين هذا وذاك، يكشف درجة كبيرة في تحمل المسؤوليات، تعبر عن نمو الاستعداد على مر الزمن، وموسى مات وشعب بني اسرائيل في التيه، يعني وجه حياته وجه كل اعماله بكل ما يمكن من جهاد وتضحية، في سبيل اداء رسالته، ولكنه أنهى حياته وشعب بني اسرائيل في التيه، كتب اللّه جل جلاله عليهم التيه اربعين سنة لانهم لم يستجيبوا لمتطلبات الرسالة، لم يستجيبوا ابداً لما تقتضيه رسالة موسى بالنسبة اليهم، حتى خلفهم موسى حيارى ومات.
اين هذا من امة حملت اعباء الرسالة؟.
الخط الثالث:
وهو خط سيطرة الانسان على الكون والطبيعة.
هذا الخط متطور قبل الاسلام وبعد الاسلام، ولن يقف هذا الخط عند مرحلة من المراحل على الاطلاق.
والانسان سوف لن تقف سيطرته باذن اللّه جل جلاله، عند مرحلة من مراحل الاستيلاء على الكون والطبيعة، ان انتهى استيلاؤه على الارض سوف يفكر بالاستيلاء على السماء، في الاستيلاء على كل ابعاد الكون، اذن، فهو في نمو مستمر لا ينقطع ولا توضع له حدود مفترضة من هذه الناحية.
فلو كانت النبوة مرتبطة بهذا الخط ايضاً لتحتم ان تتغير النبوات على مر الزمن، والى يومنا هذا، والى يوم القيامة، ولكن النبوة غير مرتبطة بهذا الخط، لان النبوة لم تجد التيه، لكي تأخذ بالانسان في مجال السيطرة على الكون والطبيعة، وانما جاءت لتصنع هذا الانسان المسيطر على الكون بالدرجة التي هيأته لها هذه الظروف - ظروفه الموضوعية - ان تجعل من هذا الانسان انساناً فاضلاً نبيلاً مدبراً حكيماً، سواء أكانت سيطرته على الطبيعة تهيئه لان ينتقل من بلد الى بلد على رجليه، أو على الحمير، أو في الطائرات أو في الصواريخ.
على جميع هذه التقادير وفي جميع هذه المراحل التي تعبر عن درجات من سيطرة الانسان على الكون والطبيعة في جميع هذه المراحل، النبوة لايختلف دورها وطبيعة رسالتها.
ومن هنا ليس من الحتم ان تتغير النبوة بين الحين والحين، وفقاً للخط الاول والخط الثاني، هذان الخطان اللذان ترتبط بهما التغييرات في النبوة، هذان الخطان لهما حد نهائي يصل اليه الانسان، هذا الحد النهائي هو الحد النهائي الذي وصل اليه الانسان حينما جاء الاسلام.
الاسلام كرسالة شاملة كاملة عامة للحياة. جاءت على ابواب وصول الانسان الى رشده الكامل، من ناحية استعداده لتقبل وعي توحيدي صحيح كامل شامل، ومن ناحية تحمله لمسؤولية اعباء الدعوة.
ونحن باستقراء تاريخنا المنظور، منذ جاء الاسلام الى يومنا هذا، لانجد أي تغير حقيقي في هذين الخطين، لا في مدى اتساع الوعي التوحيدي عند الانسان ولا في اتساع التحملات الاخلاقية في اعباء الدعوة.
في كلا هذين الخطين لا نجد أي تغير حقيقي.
نعم نجد التغيير الواسع جداً في الخط الثالث الذي يعتبر خارجاً عن نطاق عمل النبوة ورسالتها.
والحمد للّه رب العالمين


انتهی/




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 02:01 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية