هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
دورة : التوظيف والتعيين والإست... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 80 ]       »     دورة : مهارات التخطيط المالي و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 63 ]       »     دورة : اساسيات التأمين [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 75 ]       »     دورة : تحليل البيانات والقوائم... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 73 ]       »     دورة : السلامة والصحة المهنية ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 70 ]       »     دورة : آليات الرقابة الحديثة و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 112 ]       »     دورة : تكنولوجيا التميز والإبد... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 97 ]       »     دورة : القيادة عالية الإنجاز و... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : فنون العرض والتقديم وال... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 102 ]       »     دورة : الإدارة الفعالة للمختبر... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 103 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
إضافة رد
#1  
قديم 01-27-2011, 01:01 AM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5057 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي اختصاص الشيعة بالعمل بالقران



مقدّمة المؤلّف
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين لا سيّما بقيّة الله في الارضين.
قال سبحانه وتعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء وَهُدَىً وَرَحْمَةً وبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) 1.
تؤمن شتّى الفرق الاسلاميّة بأنّ القرآن هو الكتاب السماوي والدستور الحاكم على الشريعة، ولهذا ينتهج الجميع من هذا المنطلق سبيل العمل وفق أُسسه وتعاليمه.
وأمّا بالنسبة إلى بحثنا المعنون بـ «اختصاص الشيعة في التمسّك بالقرآن الكريم»، فانه يمتاز من هذه الناحية، إذ تتجلّى فيه أحقيّة الفرقة الناجية والمتمسّكة بالقرآن بين المذاهب الاسلاميّة الاُخرى .
وممّا لا شك فيه أنّنا نجد كلّ مذهب يتمتّع برؤى وعقائد يتفرّد بها ويسير وفقها، مع حُسبانه أنه الحائز للمكانة الرفيعة بين الفرق،
____________
(1) النحل : 89.

الصفحة 12 وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة بقوله تعالى : (كُلُّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(1) .
ومن الواضح أنّ المرء يفرح بما لديه ويطمئن بمذهبه مالم يتضح له بطلان ماهو عليه، ولكن حينما يعي الضمير المتيقظ والعقل السليم فساد مذهبه، وعندما يستبصر المرء ليعتنق مذهباً آخر بعد التعقّل والتأمّل، حينئذ يدرك المرء أنّه كان مخدوعاً بسراب كان يمنعه ويعيقه من التوجه نحو النبع حينما كان يبحث عن منهل يروي تعطّشه، ويدرك أنّه كان يتخبّط في حركته تائهاً حيراناً.
إن القرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)يمتاز بمكانة ومركزيّة رفيعة، ويمتلك شموليّة تامّة، يتمكّن بها أن يحيط بكافة الحقائق ويسعه أن يكون هادياً للبشريّة كافة، إذ تتمكّن كلّ طائفة وأُمّة أن تنتفع منه وأن تحمل منه زاداً لحركتها في الحياة.
وممّا يثير الانتباه في المسلمين أنّهم مع كلّ ما يمتلكون من الثروة الثقافيّة والعلميّة الطائلة التي تلقوها من القرآن والتعاليم الزاهرة والمشرقة لهذا الدين، فإنهم لم يفكروا باستخدامها كما هو
____________
(1) المؤمنون : 53.
الصفحة 13 المطلوب، أو أنهم قلَّ ما انتفعوا منها لتلقي واستيعاب الحقائق والشؤون الضرورية للحياة الدينيّة.
وفي الحقيقة فإنّ المسلمين قلّما استعانوا بكتاب الله عزّ وجلّ وقلَّما نهلوا منهج الحياة من هذا الركن السديد وهذا المنهج الرباني الخالد.
وفي هذا الخضم نجد أعداء الاسلام بعدما اعترتهم الخيبة واليأس من محاربة الدين الاسلامى الحنيف وكتاب الله عزّ وجل، حاولوا تجربة سبل متعدّده واحدة تلو الاُخرى للاطاحة بالاسلام، فالتجؤوا إلى توسيع نطاق الاختراق والاقتحام في أوساط المجتمعات الاسلامية والاندساس فيما بينهم ليشغلوا المسلمين بمختلف الوسائل المتاحة بأُمور وقضايا واهية وغير مثمرة لا جدوى فيها.
لكن علماء المذاهب الاسلامية بادروا على ضوء سعة مستواهم الفكري وممتلكاتهم العلمية وعلى أساس مرتكزاتهم الاعتقادية وتمشّياً مع مبانيهم المذهبية، إلى تأدية مهمّتهم بإعداد أبحاث مختلفة في شتى مجالات العلوم القرآنية وبيان فضائله وإيضاح أحكامه المشرقة التي تعتبر ركناً أساسياً في تشريع الاحكام.

</span>الصفحة 14 وكما يستفاد من آراء ونظريات ذوي الاختصاص في شتّى مجالات الفروع العلميّة، انتقى علماء الدين وكبار الفضلاء ممّا قدّم الاوائل وبيّنوا ما توصلوا إليه بأُطر صالحة وأوعية متناسبة.
وتزامناً مع ازدياد وتعدّد المدارس الكلامية نشأ النزاع والتشاحن حول الايات القرآنية، واندلعت مشاجرات لفظيّة، تبعها التكفير، وأُصدرت أحكام وفتاوى ثقيلة من قبل أحدهم على الاخر، وتخاصم أصحاب الرأي والاجتهاد مع أهل الحديث، وتعرّض مذهب الاعتزال للاشاعرة، ونشأ اشتباك وتصادم فكري عنيف من قبل أهل الحجاز مع مفكري بغداد، وكلاهما مع أهل البصرة، وتصدى هؤلاء الثلاثة لمخالفة مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
وأدّى ذلك لينكب كلّ منهم على مجموعة من الاراء والمعتقدات، يعول عليها ولا يتجاوزها إلى غيرها.
ووقفت الانظمة السياسيّة الحاكمة في القرن الاول والثاني والثالث وقوفاً تاماً إلى جانب هذه التكتلات المتسمة بالطابع العلمي، والتي كانت السبب الاساسي لنشوء معظم المشاجرات والخصومات الكلامية في تلك الفترة، فكانت تحفزهم وتحرضهم على ذلك.
ولا تزال وبعد مضي القرون المتمادية مسألة إيقاد النزاع

</span>الصفحة 15 والخلاف والمشاجرات في أوساط المسلمين عبر إثارة القضايا المبهمة والمشكوكة التي تمهّد الارضيّة لوقوع التفرقة بين الناس والتي تركت آثارها المرّة على المجتمع الاسلامي، كما وأنها سلبت منهم التعايش السلمي والترابط الاخوي الذي دعى إليه حجج الله وسفراء العدالة والصدق في ظل مناهجهم السماوية السامية التي جاؤوا بها إلى البشرية.
وفي خضم هذه الصراعات والاراء المتضاربة والمختلفة التي طرحت في المائة الاخيرة كانت الانظار متوجهة إلى فئتين قد انشغلتا بالمشاجرات العقائدية أكثر من الفئات الاُخرى، والملحوظ أنهما قد تركتا آثاراً متعددة تعبّر عن معتقداتها المذهبيّة.
وممّا لا شك فيه أن الانشغال الذهني بالاُمور والقضايا الهامشيّة يعتبر أفضل فرصة للذين يستهدفون الوصول إلى غاياتهم ومآربهم الخاصة، ليتمكنوا من خلالها أن يحققوا مبتغياتهم بصورة كاملة.
والجدير ذكره في هذا المقام أن الطوائف والفرق المخالفة للمذهب الامامي قد روّجت الافتراءات والتهم الباطلة بأشكال مختلفة وبشتى الوسائل والادعاءات على أتباع هذا المذهب، وأثاروا مسألة الدفاع عن القرآن والذب عنه، بغية الوصول إلى

</span>الصفحة 16 دعم حججهم وماهم عليه، للتظاهر بأنهم هم المتفردون بدعم ونصرة القرآن الكريم.
وبما أن هذه الندوة تستهدف بيان مسألة اختصاص مذهب الامامية وتفرده عن سائر المذاهب الاسلاميّة في التمسك بالقرآن والالتزام بحاكميته، فحريّ أن لا أُطيل عليكم أكثر من هذا، ولندخل معاً في صميم الموضوع.
وقبل أن نشرع بالبحث، تبدو جملة من الايضاحات المختصرة حول الادلة الاربعة في تشريع الاحكام ضروريّة، أشير إليها بصورة مجملة ومختصرة.




رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:03 AM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الادلة الاربعة في التشريع



الصفحة 17
الادلة الاربعة في التشريع
جُعلت قواعد أدلة الاحكام الشرعية أربعة أركان أصلية ( الكتاب، السنة، العقل والاجماع ) وهي التي تُسمّى بالادلّة الاربعة وتُتخذ ركائز تبنى عليها مناهج البحث.
وفي هذا المجال وقع الاختلاف بين المذاهب الاسلامية في تعيين مصداق كلّ من هذه الاُصول الاربعة، فعلى سبيل المثال جُعل القياس مكان العقل بين أوساط أبناء العامة، واعتبر مؤهلاً للعمل به، ونجد المذهب الحنفي يتمتع بمستوى رفيع لتلقيه والاخذ به بصورة لا يحظى بها المذهب الشافعي، ولم يصل إلى ذلك الحدّ.
أما الاُصول الثلاثة الاُخرى، فيتفق المذهب الامامي فيها مع أبناء العامة في اللفظ، وينتهج كلّ منهم في الاخذ بكلّ من هذه الاُصول الثلاثة مذهباً وطريقاً خاصاً ينتهي في بعض الاحيان إلى

</span>الصفحة 18 التباين والافتراق فيما بينهم.
فعلى سبيل المثال : إن الامامية تثق بالاجماع الذي يستكشف منه رأي وقول المعصوم (عليه السلام)، وهذه الصورة مما لا نجدها بين أوساط أبناء العامة بالنسبة إلى الاجماع، وإنما نجدهم يكتفون في ذلك بحديث مجموعة يُعتمد على قولهم.
أما الركائز الاساسية والرئيسيّة الاخرى فهما الكتاب والسنة :

الكتاب :
يعتبر الكتاب السماوي ـ كمصدر أساسي في تشريع الاحكام عند كافة المذاهب الاسلامية ـ بأنه يمتاز بالاسبقية والافضلية الخاصة عند جميع المذاهب، وتليه المصادر الاخرى في مكانة تتأخر عنه، وهذا مما لا يمكننا أن نستبدله بصورة أخرى، إذ السنة أيضاً تستقي حجّيتها من الكتاب، وتستقي حجيتها وفقاً لحكمة الله سبحانه وتعالى، وأيضاً فالانبياء وأوصياؤهم إنما وجبت طاعتهم على ضوء أوامر القرآن الكريم.
إن القرآن الكريم بصفته خاتم الكتب السماوية وأكمل دستور رباني، يعتبر أوّل ركيزة أساسية من الاصول الاربعة، وإن آياته تتمتع بثروة هائلة تستطيع أن تمد مصادر التشريع بالاحكام

</span>الصفحة 19 المرتبطة بشؤون الفرد والجماعة.
وبما أن صدور القرآن الكريم من عند الله سبحانه وتعالى أمر مفروغ منه ومسلّم به، يجد المتمسك بأحكامه المشرقة من هذا المنطلق أن يوليه الثقة والانقياد له، وأن يكون متمسكاً وملتزماً بأوامره ونواهيه.
وحيث أن هذا الكتاب السماوي يعتبر البرنامج الالهي الاخير المُنزل من قبل الله سبحانه وتعالى لهداية البشريّة، فيتحتم أن تستوعب أحكامه كافة الفترات الزمنية اللاحقة للعمل به والانتفاع منه، والبطون المتعددة للقرآن تكفي ليكون له على امتداد العصور والقرون المصاديق البارزة والواضحة على أرض الواقع، واتصاف القرآن بالبطون المتعدّدة جعلت دلالة آياته ظنية، وجعلته مؤهلاً لحمل أوجه ومعاني تلك البطون.
ومن جهة أُخرى أثبتت ضرورة وجود المبيّن والمبلّغ للقرآن هذه الحقيقة بأن الايات القرآنية ليست بذلك المستوى الذي يستوعبها أو يفطن إلى مغزاها الجميع، وعندئذ يبرز بوضوح ضرورة وجود من يرفع الحاجة بتبيينه وتفسيره.
وكما قيل إن مسألة وجوب وضرورة وجود المبيّن للقرآن

</span>الصفحة 20 (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزِّلَ إلَيْهِمْ)(1) تثبت أن استيعاب وتفطّن الايات غير متاح للناس من دون تبيين وإيضاح.
ويتّضح من لزوم تبيين الوحي هذا الامر، بأن الرسول ينبغي أن يحمل على عاتقه مهمة التبيين، إضافة إلى مسألة تبليغ وعرض الايات.
وفي نطاق أوسع فقد أُذن للرسول أن يصرّح ويبيّن مجمل ومتشابه الكتاب، أو يُشير إلى مالم يتطرق إليه القرآن، ومن ثم نجد وضوحاً في التوجيهات والاحكام الدينيّة والشرعية مما لا نجده في الكتاب وحده.
وتواجد مثل هذه الاحكام في السنة توضّح وتبيّن لنا هذه الحقيقة بأنّ مسألة تبيين الايات القرآنية هي الّتي توفر المقتضي لبيان وذكر مثل هذه الاحكام، وذلك لقوله تعالى في سورة الحاقة : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الاَْقَاوِيلَ لاََخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ)(2) ، وهذا يعني أن الرسول لم يكن مأذوناً لبيان أي كلام في مجال التشريع ولم يسمح له أن يشرّع من تلقاء نفسه بما يشاء، وعلى هذا يدل قوله تعالى : (وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ
____________
(1) النحل : 44.
(2) الحاقة : 45 ـ 46.

الصفحة 21 يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى)(1) ، وقوله تعالى : (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ من تِلْقَاءِ نَفْسِي إنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحى)(2) .

السنّة :
عُرف التمسك والالتزام بالسنة ووجوب اتباعها في أوساط المذاهب الاسلاميّة بأنه الاساس والركيزة الثانية في مجال تشريع الاحكام.
ولم يلحظ أي رفض أو إنكار في مجال شرعيته، ولكن الامر الجدير بالمتابعة والدراسة بدقة وحيطة في هذا المجال هو مناقشة مدى الاستقلال بالسنة أو صلتها بالكتاب.
وكما بينّا فيما سبق فإن السنة تلزم بالضرورة ـ ومن دون أيّ انفصال ـ أن تكون مبينة لاحكام القرآن المشرقة، ولا يمكنها الانفصال عن القرآن أبداً.
والملاحظة التي ينبغي الالتفات إليها في مجال تبيين وإيضاح السنة للاحكام القرآنية هي هل يمكن للسنة أن تتعارض أو تتنافى مع الكتاب أم لا ؟
____________
(1) النجم : 3.
(2) يونس : 15.

الصفحة 22 السنة : هي قول وفعل وتقرير المعصوم، ويختص ذلك عند أبناء العامة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهل هذه الاتجاهات والمصادر الثلاثة من الرسول والامام يمكنها ولو بصورة جزئية أن تقع في عرض الكتاب لتعارضه أو تنافيه ؟
وإجابة على هذا الاستفسار وهذه المسألة التي تتشكل منها المباحث الرئيسية في هذا المجال سنناقش هذا الموضوع وندرس هذه القضيّة تحت عنوان «استقلال السنة في التشريع».


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:04 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي استقلال السنة في التشريع



الصفحة 23
استقلال السنة في التشريع
دوّنت في الاونة الاخيرة كتبٌ كثيرة تحت عنوان «التشريع الاسلامي» من قبل شخصيات مختلفة، إذ هي على الاغلب تصدر كرسائل لنيل درجة الدكتوراه، وقد دوّن البعض وتحت عنوان « استقلال السنة في التشريع» أبحاثاً حول الاكتفاء الذاتي للكتاب والسنة، وقد طرحوا وجوهاً ونماذج لاستقلال كلّ منهما، ومن مجموع أبحاث هذه الكتابات نستوحي أن الحاجز والقضية الشائكة الاساسيّة عندهم هي عدم الاذعان لاخبار وأحاديث العرض على الكتاب، إذ نجدهم يتهجمون بعنف وبألفاظ متشددة ولاذعة على هذه المسألة.
وفي الحقيقة فإن قضية عرض الاخبار على الكتاب تعتبر في نظر أبناء العامة رؤية ضالة تسربت إلى التفكير والعقليّة الاسلاميّة عن طريق الزنادقة والروافض والخوارج !!
وكذلك يستشف من أقوال ووجهات نظر كبار العلماء عند أبناء العامة بأن هذا الاسلوب في التفكير عند أوساط أئمتهم وشيوخهم

</span>الصفحة 24 يمتاز بخطورة وحساسية خاصة، إذ نجدهم يواجهون أيّة حركة التفات أو توجه إلى حاكمية القرآن في مقام ردّ أو قبول الاحاديث والاخبار بتكفيرها والردّ عليها، ونجدهم يظهرون الاشمئزاز والتنفّر من ذلك !!
ومن هنا ينبغي أن نلحظ قضية استقلال السنة، والتي أصبحت وسيلة تستخدم في الفترة الاخيرة لمهاجمة مذهب أهل البيت (عليهم السلام)في بيانهم لاحاديث وجوب العرض على الكتاب، أنها كم تتطابق وتنسجم مع الضوابط والاسس العلمية، وماهو الميزان لتلقّي وقبول ذلك عند أبناء العامة ؟
إن هذا الاسلوب والنمط في التفكير والرؤية عند مذهب الامامية وأهل البيت (عليهم السلام) اعتبر مبدءاً مقدّساً ومتقناً، فاتبعوه بتمام القوة وارتأوا ضرورة أن تتطابق السنة مع الكتاب.
وفي الحقيقة فإن مسألة الحفاظ على السنة تستوجب وتحتّم على الانسان المؤمن والمتعبد بالشريعة في كافة الفترات الزمنيّة أن يتعامل مع الاحكام الصادرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما يتناسب مع شأنها ومكانتها، وليتعلمها ويعلّمها للاخرين، وأن يكون متمسكاً بها.
ومما لا شك فيه، فإنه كان من المحتّم في بدء الدعوة

</span>الصفحة 25 الاسلاميّة ـ لضرورة العمل بالسنة ـ أن يتم الحفاظ والمواظبة على الاقوال والسنن المأثورة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن يُحاول جهد الامكان وبأتم الصور المراقبة والمحافظة عليها، ولكن عندما منع الخلفاء التدوين، وذلك لاجل أغراض ووجهات نظر خاصة، لم يمكن الوصول إلى السنة الصحيحة وإلى كافة أقوال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .
فعندها وانطلاقاً لرفع الحاجة وسدّ الافتقار، ومن أجل الوصول إلى ما يرمون إليه، عمدوا إلى أمر يقربهم إلى السنة ويوصلهم إليها، فاختلقوا أمراً لينوب عن ذلك.
ومن هذا المنطلق اعتبروا عمل الصحابي وعمل أهل المدينة في عداد السنة، وذلك لان أفعالهم مستقاة من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن الواضح أن هذا النمط والاسلوب لتلقي السنة لا يسعه أن يكون مبيناً لها على وجه الحقيقة، ومن جهة أخرى فهذا التمسك يتم إذا لم يعتر فعل الصحابة أو أهل المدينة عيب أو نقص.
وحيث أن السياسة العامة للسلطة الحاكمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انتهجت نهجاً وسبيلاً خاصاً، وظهرت أحداث ومجريات غير متوقعة وغير مرتقبة في طريق السنة، عندها لم يبقَ مجالٌ للتمسك بالسنة عبر أفعال هؤلاء.
ومما لا شك فيه فإن أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا سيما علي بن

</span>الصفحة 26 أبي طالب (عليه السلام) هم الاولى والاتقن في استيعاب وفهم ومعرفة القرآن والسنة، وهذا مما اعترف به مخالفوهم، حيث يقول المناوي في فيض القدير : «قد علم الاولون والاخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عن الحجاب، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء»(1) ، فمع هذا الوصف كيف يمكننا القول بأن يكون غيره مقدَّماً عليه في بيان السنة ؟
كما أن التمسك والالتزام بأقوال الصحابة أو أهل المدينة مع كثرة مواطن الضعف الموجودة فيها لن تصل أبداً في المستوى إلى الوثوق والاتكال عليها كما هو الحال في أقوال أهل بيت الرسول صلوات الله عليهم وهم الذين أُذهِب عنهم الرجس وطُهِّروا تطهيراً.
وهذا من مسلّمات قواعد الترجيح في الاخذ بالاخبار والاحاديث والعمل بالسنن من جهة السند والتي تمتلك المستوى الرفيع في وثاقتها والعول عليها.
فبناءً على هذا لا يمكننا الوثوق والاعتماد في تلقّي السنة إلاّ بما جاء عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) الذين وافق الجميع على طهارتهم وعلوّ شأنهم العلمي.
____________
(1) فيض القدير 3 : 46.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:05 AM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي موضع الافتراق في تقسيم الاخبار



الصفحة 27
موضع الافتراق في تقسيم الاخبار
أجد من الضرورة ـ إذ يتمتع بحثنا بأهميّة ومكانة خاصّة ـ أن نتمعّن فيه، وأن نحكم أمره بما يناسب المقام.
فإن الكتاب والسنّة كما اعتبرهما الاماميّة المصدرين الاساسيين من الادلّة الاربعة، واتّخذ أبناء العامّة أيضاً هذين الامرين ركناً لقواعدهم التشريعيّة، واعتبروهما أصلين مستقلّين في مجال التشريع، وذكرنا فيما سبق أن مذهب الاماميّة اشترط وجود ترابط بين الكتاب والسنّة وعرّف السنّة أنها مبيّنة ومفسّرة للكتاب.
وقد قسّم البعض ـ كابن حزم ـ الاخبار فيما ترتبط بالكتاب إلى قسمين، والبعض الاخر إلى ثلاثة(1) ، والفئة الثالثة إلى أربعة أقسام(2) .
____________
(1) راجع كتاب حجية السنة.
(2) راجع كتاب «الفكر الاسلامي».

الصفحة 28 وهؤلاء البعض ممّن قسّم الاخبار إلى ثلاثة أو أربعة أصناف، ذكروا أموراً في السنة ممّا لم تتبيَّن في القرآن، كتحريم نكاح العمة وخالة الزوجة وتحريم أكل لحم الحمر الاهلية وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ورجم المحصن وغير ذلك، إذ ذكر ابن حجر الكثير منها في بلوغ المرام، وذكر الشوكاني ذلك في نيل الاوطار.
كما وأنّ تواجد مثل هذه الاخبار في السنة كان سبباً لظهور القول باستقلال السنة في التشريع وسبباً لنشوء الاراء والاقوال المختلقة، وعند تبنّيهم لهذه الاراء نجدهم لا يشترطون لزوم عدم مخالفة الاخبار للكتاب وترجيح الموافق منها فحسب، بل نجدهم يكفّرون من يقول بذلك، ويتبرّؤون منه.
إنّ قوة الاستدلال والبرهنة عند مذهب الامامية على ضوء الكتاب والسنة، هو الذي نقب هذا البحث وأبداه محققاً ومهذباً، فأحال الامر وأرجعه إلى العلماء الاعلام وأولي الالباب، ليحكموا بأنفسهم ويبينوا مذهباً يمتاز بمستوى رفيع في تمسكه بالكتاب والسنة بين المذاهب الاسلامية عامة، وليبينوا ماهي نسبة الصدق في التمسك بالقرآن والسنة للذين يدعون ذلك ويتظاهرون به.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:06 AM   #5
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رأي أبناء العامة في عرض الخبر على الكتاب



الصفحة 29
رأي أبناء العامة في عرض الخبر على الكتاب
من الامور والملاحظات التي لم يُلتفت إليها في هذا المجال هي عدم التمعّن الشامل في المدلول التطابقي لقوله تعالى : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمُ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(1) ، إذ نجد أنها حُملت فيما يخص استقلال أوامر الرسول ونواهيه بصورة منفصلة ومنقطعة عن كتاب الله عز وجل، وهذا تصوّر باطل أو على أقل تقدير أنه غير تام، لانّ اختصاص هذا الامر في مجال السنة يعتبر تصرفاً يفتقد القرينة على الظهور، وهذا مما لم يُجعل له في المباحث الصناعية المتعلقة بحجية الظواهر ضابطاً يتكفل ببيانه وإيضاحه.
وتوهَّمَ البعض أن فحوى الاية المباركة يتعارض مع الاخبار القائلة بلزوم عرض الخبر على الكتاب، وعلى هذا يمكن للسنة
____________
(1) الحشر : 7.

الصفحة 30 بصفتها الدليل الحاكم أن تقضي على حكم الايات، أو أن تصل إلى حدّ يمكّنها مِن أن تنسخ حكم الايات.
فبناءً على هذا تفتقد هذه الاخبار حيثيتها لوجود المعارض مع الاية التي مرّ ذكرها، ومن الواضح والبديهي جداً أن (ما) في الاية المباركة تقصد بيان مهمّة الرسول وشرح رسالته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن المبادرة إلى تجزئتها عما هو خارج عن الكتاب يخالف ظهور الاية .
وقد جاء في كتاب حجية السنة للدكتور عبد الغني عبد الخالق ( المتوفى سنة 1403 هـ ) مايلي :
«أحاديث العرض على كتاب الله : فكلّها ضعيفة، لا يصحّ التمسّك بها، فمنها ماهو منقطع، ومنها ما بعض رواته غير ثقة أو مجهول، ومنها ما جمع بينهما. وقد بيّن ذلك ابن حزم في الاحكام والسيوطي في مفتاح الجنة نقلاً عن البيهقي تفصيلاً»(1) .
وفي كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الاسلامي لمحمّد بن الحسن الحجوي الفاسي ( المتوفى سنة 1376 هـ ) :
«اعلم أنّ الحقّ عند أهل الحقّ أن السنة مستقلّة في التشريع... وما يروى من طريق ثوبان من الامر بعرض الاحاديث على
____________
(1) حجية السنة : 474، ط بغداد، دار السعداوي.

الصفحة 31 القرآن ، فقال يحيى بن معين : أنه من وضع الزنادقة، وقال الشافعي : ما رواه أحد عمن يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير»(1) .
وقال ابن عبد البر في كتاب جامع العلم :
«عن عبد الرحمن بن مهدي أن الزنادقة وضعوا حديث : ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فان وافق فأنا قلته وإن خالفه فلم أقله. ونحن عرضنا هذا الحديث نفسه على قوله تعالى : (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) وغيرها من الايات الدالة على الاخذ بالسنة، فتبين لنا أن الحديث موضوع، دلّ على نفسه بالبطلان، وقد نقل ابن حزم الاندلسي في كتاب الاحكام في أُصول الاحكام مجموعة مختلفة من هذه الروايات، ثم بادر إلى تضعيفها جميعاً، قال في فصل قوم لا يتّقون الله فيما ينسب إلى النبي : قد ذكر قوم لا يتّقون الله عزّ وجلّ أحاديثاً في بعضها إبطال شرائع الاسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإباحة الكذب عليه»(2) .
ثم بادر ابن حزم لبيان وسرد الاحاديث فضعفها واحدة تلو الاخرى، ثم قال معلّقاً على رواة بعض الاحاديث : «ساقط متهم
____________
(1) أعلام الموقعين 2 / 309، الفكر السامي في تاريخ الفقه الاسلامي 1 / 104.
(2) الاحكام في أصول الاحكام : 2 / 205.

الصفحة 32 بالزندقة».
وقال : «كلّ من يروي هذه الاحاديث فقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)».
وقال أخيراً : «وقال محمّد بن عبد الله بن مسرة : الحديث ثلاثة أقسام : فحديث موافق لما في القرآن فالاخذ به فرض، وحديث زائد على مافي القرآن فهو مضاف إلى مافي القرآن والاخذ به فرض، وحديث مخالف القرآن فهو مطرح».
ثم يقول : «ولا سبيل إلى وجود خبر مخالف لما في القرآن أصلاً، وكل خبر شريعة، فهو إمّا مضاف إلى مافي القرآن ومعطوف عليه لجملته، وإمّا مستثنى منه لجملته، ولا سبيل إلى وجه ثالث»(1) .
فنستوحي من هذه المقولات أن هذه الفئة ترتئي أن الاحاديث المنقولة في العرض على الكتاب لا مصداقية لها ولا صلة بينها وبين الكتاب والسنة، بل هي ترتبط بالزنادقة، ولا تمتلك الصلاحيّة للاستدلال بها والعول عليها.
____________
(1) المصدر السابق 2 / 205.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:06 AM   #6
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رأي الشاطبي ومخالفته للمشهور



الصفحة 33 رأي الشاطبي ومخالفته للمشهور
ومن أبناء العامة نجد الشاطبي في كتاب «الموافقات» كمخالف للقول المشهور وموافق لرأي الاماميّة، ونجده في مقام التعارض قدّم النصّ القرآني على الحديث، وهو إذ جعل السنّة فرعاً للكتاب، ووافق الرأي الذي ينطلق على ضوء الاسس المنطقية، أُعتُبر مخالفاً لمشهور ما عليه أبناء العامة، واعتقد الجميع أنه خالف الطريقة الصحيحة بتبنّيه هذا المعتقد.
يقول الشاطبي : «إن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة، والقطع فيها إنّما يصحّ في الجملة لا في التفصيل، بخلاف الكتاب، فانه مقطوع به في الجملة والتفصيل، والمقطوع به مقدّم على المظنون، فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة»(1) .
فقدم الشاطبي القرآن على السنّة لانّه قطعي الصدور، وجعل
____________
(1) الموافقات 4 / 7.

الصفحة 34 للسنة مكانة خاصة بصفتها مفسرة ومبيّنة لكلام الوحي(1) ، واعتقد بأن القرآن فيه تبيان لكلّ شيء والسنة هي العارفة بذلك والمطلعة عليه وهي التي تتكفّل ببيان وإيضاح ذلك للناس ولم يبيّن للناس شيءٌ سوى الوحي(2) .
وكما قلنا إن جمهور أبناء العامة خالف ما ذهب إليه الشاطبي :
يقول الدكتور عبد الغني : «ومن ذلك كلّه تعلم بطلان ماذهب إليه الشاطبي في الموافقات من أن رتبة السنة التأخر عن الكتاب في الاعتبار، وقد قلّده في ذلك بعض الكتّاب من المتأخرين في هذا الموضوع، وبالتقليد أغفل من أغفل ...»(3) .
وممن خاض في هذه المخاضة، وبادر لنشر أمور مفتعلة ولا أساس لها وحرّض على مذهب الشيعة هو الدكتور السالوس الذي أصدر لحدّ الان مجموعة كتب ضدّ مذهب الاماميّة، وفي إحدى هذه الكتب باسم قصة الهجوم على السنة تعرض لهذه المسألة، وكفّر أتباع مذهب التشيع، وذكر أنهم ينتمون إلى مقولة تقدّم القرآن على الاخبار.
قال : «وأصل هذا الرأي فاسد ـ لزوم عرض الخبر على
____________
(1) المصدر السابق 4 : 7.
(2) المصدر السابق 4 / 10.
(3) حجيّة السنّة : 488 ـ 489.

الصفحة 35 الكتاب ـ أن الزنادقة وطائفة من الرافضة ذهبوا إلى إنكار الاحتجاج بالسنة والاقتصار على القرآن، وهم في ذلك مختلفوا المقاصد...»(1) .
ونقل كلام السيوطي في مفتاح الجنة بهذه الصورة : «إن قائلاً رافضياً زنديقاً أكثر من كلامه أن السنة النبوية والاحاديث المروية لا يحتج بها، وأن الحجة في القرآن خاصة، وأورد على ذلك حديث : ما جاءكم عني من حديث فاعرضُوه على القرآن، فان وجدتم له أصلاً فخذوه وإلاّ فردّوه»(2) .
وهو يريد أن يقول : إن الذين يعتقدون بلزوم عرض الاحاديث على الكتاب، في الحقيقة يعتقدون بالكتاب فقط وأنهم ينكرون السنة !
وبالرغم مما يُرى من نقاط ضعف في هذه المقولة، يبدو أنّه قد نسي أنه إذا كان قول «الاقتصار على القرآن» يوجب الزندقة، فان عمر بن الخطاب ينبغي أن يكون من الزنادقة في هذا المجال(3) ، لانّه يعتبر الرائد الاوّل لهذه المقولة، ويليه الخوارج الذين يعتبرهم
____________
(1) قصة الهجوم على السنة : 33.
(2) المصدر السابق : 32.
(3) صحيح البخاري كتاب العلم رقم 111، وكتاب المغازي رقم 4079، وكتاب المرضى رقم 5237، وكتاب الاعتصام رقم 6818.

.................................................. ....................

الصفحة 36 أبناء العامة من أهل الصدق ويعدّون أحاديثهم من أصحّ الاحاديث(1) ، لانّ الخليفة الثاني هو الذي قال ـ ولاول مرة ـ في حضور الرسول مقولة : «حسبنا كتاب الله»، وكذلك الخوارج في بيان «الحكم لله» وقفوا بوجه حجة الله في تلك الظروف الحرجة والخطيرة.

____________
(1) الكفاية للخطيب : 207، السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي : 205، أصول علم الحديث : 160 ـ 161.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:09 AM   #7
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تبرئة الخوارج !



الصفحة 37 تبرئة الخوارج !
سبّبت نقاط الالتقاء ووجوه الاشتراك عند بعض الفرق أن يتحدوا في قبال مذهب التشيع، وليدافعوا عن الخوارج ويعتبروا المذهب الامامي هو الفرقة المنفردة والمختصة بالتمسك بالقرآن عند ضرورة العرض على الكتاب، كما نجد في كتبهم ـ عند تبرير الخوارج في نقلهم الاحاديث الموجودة في مبحث لزوم العرض على الكتاب : روى عبد الرحمن بن مهدي : «ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فان وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله، وإنما أنا موافق كتاب الله وبه هداني الله»، ثم قال : إن هذا الحديث إنما وضعه الخوارج والزنادقة(1) .
ثم يقولون في مقام تبرير الخوارج : وأما الحديث الذي نسبه عبد الرحمن بن مهدي إلى الخوارج فيرجّح أن الزنادقة وحدهم وضعوه، لا سيما وكل من يحيى بن معين والخطابي في تذكرة
____________
(1) جامع بيان العلم وفضله 2 / 233.

الصفحة 38 الموضوعات ينسبانه للزنادقة(1) ، كما أن محمّد عجاج الخطيب يضعّف نسبة هذين الحديثين للخوارج(2) .
وهذا الظن الحسن بالخوارج هو تتمة للايضاح المنقول عن أبي داود السجستاني إذ يقول «ليس في أصحاب الاهواء أصحّ حديثاً من الخوارج»(3) .
وأيضاً عن ابن تيمية : «والخوارج مع مروقهم من الدين فهم من أصدق الناس، حتى قيل : إن حديثهم من أصح الحديث»(4) .
وجاء في كتاب مسند الفراهيدي من كتب الاباضية إذ هم يُعتبرون من فرق الخوارج، ذكر حديث لزوم عرض الحديث على الكتاب عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ولفظه : «إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فعني، وما خالفه فليس عني»(5) .
ومن هنا يتبيّن محاولة تبرئة الخوارج من هذا الافتراء والادعاء بأنّ الامامية قد تفردوا في اختصاصهم بتقديم الكتاب على السنة وذهبوا إلى عرض الخبر على الكتاب.
____________
(1) السنة ومكانتها في التشريع : 97.
(2) السنة قبل التدوين : 205، أصول علم الحديث : 160.
(3) الكفاية للخطيب : 207.
(4) السنة ومكانتها في التشريع : 205.
(5) مسند الربيع بن حبيب الفراهيدي 1 : 13 رقم 40.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:10 AM   #8
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تمييز الاحاديث الموضوعة



الصفحة 39 تمييز الاحاديث الموضوعة
واستناداً إلى نظرية أبناء العامة في المنع من عرض الخبر على الكتاب ينبغي أن تنقّح الاحاديث وتهمل الموضوعة منها في كتب الحديث بصورة كاملة، وإلاّ فمن الصعوبة أن نحكم بصحّة الاحاديث، وأن نتعامل معها كسنة مع عدم الاذعان بتنقيح الاحاديث الموضوعة التي تشتمل على أربعة عشر ألف(1) أو اثني عشر ألف(2) حديثاً وأن لا نقول بتنقيحها من قبل ذوي الاختصاص .
وكانت الطريقة السائدة عند بعض المحدّثين الكبار من أبناء العامة الملقبين بـ «أمير المؤمنين في الحديث» أنّهم لتحقّق نواياهم ومآربهم الخاصّة عمدوا إلى جعل ووضع الحديث، وكانوا يضعون الحديث.
____________
(1) الكفاية للخطيب البغدادي : 604.
(2) تنزيه الشريعة المرفوعة 1 / 11، أصول علم الحديث : 97.

الصفحة 40 فبناءً على هذا الاساس إذاً لا نمتلك ميزاناً ومقياساً معيّناً لتمييز ومعرفة الاحاديث الصحيحة، ومما لا شك فيه أن ذلك سيؤدي بنا إلى مواجهة عقبات ومشاكل في معالجة هذا الامر !!
على سبيل المثال : نعيم بن حماد المروزي، هذا الراوي الذي أشادوا به ووُصف بالمقامات والدرجات الرفيعة : «كان نعيم بن حماد أعلم الناس بالفرائض وأول من جمع المسند وصنَّفه»(1) ، لكننا نجده مع هذا الوصف في إمامة الحديث، فقد كانت له صفة منبوذة وبغيضة وهي وضع الحديث، وكان يبادر إليها كما قالوا عنه :
كان يضع الحديث في تقوية السنة(2) ، ووضع في الردّ على أبي حنيفة وناقض محمّد بن الحسن ووضع ثلاثة عشر كتاباً في الردّ على الجهميّة(3) ، وقال أبو داود فيه : «عند نعيم بن حمَّاد عشرون حديثاً عن النبي ليس لها أصل»(4) ومما لا يخفى أنه كان يبادر إلى تدريب بعض التلاميذ في هذا المجال كمحمد بن إسماعيل البخاري !!
وكذلك الراوي عن عكرمة أبي عصمة نوح بن أبي مريم الذي
____________
(1) تاريخ بغداد 13 / 306، سير أعلام النبلاء 10 / 599، تهذيب الكمال 29 : 70.
(2) سير أعلام النبلاء 10 / 608.
(3) سير أعلام النبلاء 10 / 599.
(4) تاريخ بغداد 13 / 312، سير أعلام النبلاء 10 / 609.

الصفحة 41 قيل له : «من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة ؟ فقال إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمّد بن إسحاق فوضعت هذه الاحاديث حسبة»(1) .
وهذا يعني أنه أيضاً كان يضع الحديث وكان مصاباً بنفس الداء الذي قد ابتلى به نعيم بن حماد.
فالذين يعتقدون بضرورة تصحيح الاحاديث وقالوا : لا ينبغي عرض الاحاديث على الكتاب، هل فحصوا هذه المجموعة من الاحاديث، وهل تمّ تعيينها وفرزها من قبلهم ؟
وفي إزاء هذه الرؤى والافكار، هل يصحّ أن نتّهم الذين ينادون للمحافظة على السنة وصيانتها ـ إذ جعلوا الكتاب الالهي ضابطاً وملاكاً لمعرفة السنة الصحيحة ـ أنهم زنادقة.
والان إذ تعيّن وتحتّم وجود نماذج كثيرة من الموضوعات في الاحاديث النبوية، فكيف نحكم على هذه الاحاديث وبصورة عامة لاي جهة أو لاي فئة يمكننا أن نسند أو نرد هذه الاخبار ؟
فهل نجرؤ على نسبتها إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ أم نسندها وننسبها إلى الكذّابين والوضّاعين والمرتزقة الذين يعملون لصالح الحكام
____________
(1) موضوعات ابن الجوزي 1/41، التقييد والايضاح 132، تدريب الراوي 1/282.

الصفحة 42 والطغاة والظلمة ؟
فيستوجب حتميّة وجود أخبار القصاصين والوضاعين والزنادقة في كتب الحديث أن ننتهج لتحكيم وتصحيح السنّة النبويّة أسلوب وطريقة التصفية والتنقية في الاحاديث، ليمكننا بذلك تمييز ومعرفة مختلقات أيادي بني أمية وموضوعات القصّاص والزنادقة التي قد انتشرت وتبعثرت في كتب الاخبار الذائعة.
ولا يوجد ولن يوجد سبيل أفضل وأكثر وثوقاً وائتماناً من القرآن في هذا المجال.
وهذا الاصل الحاسم والسديد هو من الاصول المسلَّم بها عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وهو الذي قد عملوا به وساروا عليه، وهو بصفته ضابطاً وقاعدة لمعرفة الاخبار الصحيحة من الاخبار والاحاديث الضعيفة.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:11 AM   #9
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي التعارض بين الكتاب والسنة



الصفحة 43
التعارض بين الكتاب والسنة
كما أشرنا فيما سبق فإنه يستحيل وقوع التعارض بين الكتاب والسنة، إذ لا يسعنا أن نجد تبريراً وتأويلاً منطقياً لذلك، ولكن أراد بعض أبناء العامة أن يتظاهروا بوجود خلاف وتعارض بين البيان والمبيَّن، ليستلزم بعد ذلك ضرورة استقلال السنة في تشريع الاحكام، وليوهموا أن ذلك هو أمر متاح ويمكننا أن نتلقاه ونأخذ به.
ذكر في كتاب مفتاح السنة عن الخولي : «أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)وظيفته البيان، والبيان غير المبيَّن، فالبيان مفصل والمبيَّن مجمل، فكان هناك نوع مخالفة، فمن اتبع المبيَّن فقد اطاع الله ومن اتبع بيان الرسول لكلام الله فقد أطاع الرسول»(1) .
علماً أنه توجد جماعة أُخرى في أوساط أبناء العامة لم يقبلوا هذه الفكرة بهذه الصورة، فقد جاء في كتاب المدخل لدراسة السنة النبوية : «ما كان للبيان أن يناقض المبيَّن، ولا الفرع أن يعارض
____________
(1) مفتاح السنة، محمّد عبد العزيز الخولي : 10.

الصفحة 44 الاصل، فالبيان النبوي يدور أبداً في فلك الكتاب العزيز لا يتخطاه ، ولهذا لا توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكمات القرآن وبياناته الواضحة»(1) .
وأيضاً مسألة لزوم نسخ الكتاب وتخصيصه، وفي بعض الموارد الاخرى تقديم السنة على الكتاب، هي من جملة المسائل التي عرضت وطرحت في ساحة الابحاث العلمية لابناء العامة، والتي نشير إلى نماذج منها :
1 ـ يقولون في إرث الانبياء أن «نحن معاشر الانبياء لا نورث» تتعارض مع قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْن)(2) ، وبما أن النسبة الواقعة بينهما هي العموم والخصوص، فالنتيجة تكون بتقديم الخاص على العام.
وواضح من غير تذكير بأنّ مثل هذه الاكاذيب والافتراءات لا يمكنها أن تعالج المعاريض الاخرى التالية لهذا النص، إذ إجمالاً اطلاق كلمة «الارث» تمنع من هذا التخصيص، ونستوحي من عبارة (وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْء)(3) ، ومن جهة أُخرى أن استدلال الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بهذه الاية في مواجهتها مع أبي
____________
(1) المدخل لدراسة السنة النبوية للقرضاوي : 117.
(2) الفكر السامي للفاسي 1 / 106، والاية في سورة النساء : 11 و 176.
(3) النمل : 16.

الصفحة 45 بكر عند مطالبتها فدك تدل على ما يورثه الانبياء.
وقد بادر بعض الاعلام في هذا المجال، ومنهم فخر الاسلام البزدوي الحنفي في كشف الاسرار «قوله : ( اجماع السلف على الاحتجاج بالعموم ) أي بالعام الذي خصّ منه، فإن فاطمة احتجَّت على أبي بكر في ميراثها من أبيها بعموم قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ في أَوْلاَدِكُم) الاية مع أن الكافر والقاتل وغيرهما خصوا منه، ولم ينكر أحد من الصحابة احتجاجها به مع ظهوره وشهرته، بل عدل أبو بكر في حرمانها إلى الاحتجاج بقوله : نحن معاشر الانبياء لا نورث وما تركناه صدقة»(1) .
ومما لا شك فيه بأنها (عليها السلام) ـ وفق النصوص الصحيحة والمتواترة بين الفريقين ـ «سيّدة نساء أهل الجنة»، ولا يعقل لسيدة نساء أهل الجنة أن تبادر وتستدل في حياتها الدنيوية بأمور لا تصح.
وكلام فخر الاسلام البزدوي يشير إلى هذا الامر : بأن القتل والكفر يعتبران من الاسباب المانعة للارث، ولا ينكر أحد بين المسلمين ذلك على النقيض من مسألة إرث الانبياء إذ تفرّد أبو بكر بذكرها، وقد خالفه كبار الصحابة وفي طليعتهم أهل بيت الرسول
____________
(1) كشف الاسرار عن أصول فخر الاسلام، البزدوي البخاري 1 : 611 و 628.

الصفحة 46 صلوات الله عليهم.
2 ـ ومورد آخر هو قوله تعالى : (فَمَا استَمْتَعْتُم به منهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فريضة)(1) شأن نزولها كما تصرح أوثق المصادر التفسيرية للفريقين، أنها نزلت في نكاح المتعة، ومن هذا المنطلق تعرضت لسخط البعض، فذهب جماعة إلى القول بنسخها، ويقول الفخر الرازي في هذا المجال : «المراد بهذا الاية حكم المتعة، وهي عبارة عن أن يستأجر الرجل المرأة بمهر معلوم لاجل معين فيجامعها»(2) .
وجاء في تفسير أبي حيان : «قال ابن عباس ومجاهد والسدي : إن الاية في نكاح المتعة»(3) .
وفي تفسير أبي السعود : «نزلت في المتعة التي هي النكاح إلى وقت معلوم»(4) .
3 ـ ونموذج آخر رواية مسلم عن أبي هريرة : «خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الاحد، وخلق
____________
(1) النساء : 24.
(2) التفسير الكبير 10 / 50.
(3) تفسير أبي حيان 3 / 218.
(4) تفسير أبي السعود 3 / 251، تفسير القرطبي 5 / 130، تفسير البيضاوي 1 / 259، مختصر تفسير ابن كثير 1 / 357، الدر المنثور 2 / 40، تفسير الخازن 1 / 357، تفسير التسهيل 1 / 137، تفسير الالوسي 5 / 5، تفسير المراغي 5 / 8، تفسير الشوكاني 1 / 414.

الصفحة 47 الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الاربعاء، وبثَّ فيها الدّواب يوم الخميس، وخلق آدم (عليه السلام) بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخَلق من آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل»(1) .
في حين نجد القرآن يشير إلى نقيض مافي هذه الرواية، وقد جاء فيه أن الارض والسماء خلقتا في ستة أيام كما يقول تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ فِي سِتَّةِ أَيَّام)(2) .
4 ـ ومن الموارد الاخرى : «لا وصية لوارث»(3) إذ حكم فيها بنسخ آيات الوصية (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذا حَضَرَ أَحَدُكُمُ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَالاَْقْربِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِين)(4) .
5 ـ وكذلك رواية «البكر بالبكر : جلد مائة وتغريب عام» والاية (فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا مائَةَ جَلْدَة)(5) .
____________
(1) صحيح مسلم : 4 / 2149 برقم 2789.
(2) الاعراف : 53.
(3) الحديث بهذا اللفظ رواه أبو داود 3 / 114، والترمذي 4 / 434، وابن ماجه 2 / 905، كلهم عن أبي امامة الباهلي، وبوّب البخاري في الصحيح بهذا اللّفظ فقال : باب لا وصيّة لوارث، ثمّ ذكر حديث ابن عباس بمعناه 4 / 4 ط اسطنبول، الفكر السامي 1 / 93.
(4) البقرة : 180.
(5) النور : 2.

الصفحة 48 لان حاكم الشرع إذا اكتفى بالجلد وحده فقد خالف السنة ! واذا أراد أن يعمل على ضوء السنة فانه سيخالف الكتاب، وهذه المسألة هي من نماذج اختلاف الواقع بين شتى المذاهب الاسلامية مع الاحناف(1) .
6 ـ وفي مجال آخر مما يملك النطاق الواسع فى التمسك به بين أوساط أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، هو حديث «إن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله عليه» إذ يتعارض مع استدلال عائشة ويخالفه القرآن، ورواية النهي عن البكاء يرويها عبد الله بن عمر عن أبيه.
ففي البخاري : «قال ابن عباس : فلما مات عمر ذكرت لعائشة ما قال عمر : إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت يرحم الله عمر لا والله ! ماحدّث رسول الله إن الله يعذب المؤمن ببكاء أحد، ولكن قال : إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه، وقالت : حسبكم القرآن : (ولاَ تَزِرُوا وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) »(2)-(3) .
وكذلك الايات الواردة في المواريث بالنسبة إلى الذكور والاناث والقول بالتعصيب(4) في تقسيم الفرائض.
____________
(1) اعلام الموقعين 2 / 380 ـ 396.
(2) الانعام : 164.
(3) صحيح البخاري : كتاب الجنائز رقم 1288.
(4) والقول بالتعصيب هو القول بحرمان النساء من الارث فيما زاد على الفريضة وذلك في التركة التي تبقى بعد التقسيم، والقول به يختص بأهل السنة وأهل الجاهلية حيث يخصصون الارث بالرجال دون النساء كما لا يخفى.

الصفحة 49 فجاء في التنزيل : (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالاَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والاَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أوْ كَثُرَ نَصِيباً مفْرُوضاً)(1) .
وكذلك قوله سبحانه وتعالى : (وَأُولُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعض في كِتَابِ الله)(2) .
والايتان المذكورتان تنافيان القول بالتعصيب في روايتهم : «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي لاولى رجل ذكر»، مع أن أصحاب الفرائض في طبقاتهم المقدّرة محفوظة لا يتجاوزون الاخرى، والقول بالتعصيب في «فما بقي لاُولى رجل ذكر» ينافي «أولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله» وتفصيل ذلك في كتب الفقه.
وتحري الدقة والتمعن في هذا الامر وفي الكلمات الاُخرى توصلنا إلى هذه النتيجة، وهي أن فقدان الاُصول الثابتة وعدم امتلاك المباني والاسس المتينة والمستحكمة هو السبب في نشوء هذه الفجوة وهذا الخلل والتنافر في الرؤى ومنهج التفكير، ولا يمكن أيضاً أن نتصور غير ذلك في مثل هذه الحالة.
____________
(1) النساء : 7.
(2) الانفال : 75 والاحزاب : 6.

الصفحة 50 وأيضاً ففي الابحاث المرتبطة بحجية الخبر، وفي تعارض الخبرين يتعلق ويرتبط تصحيح واستقرار التعارض على أصل صدور الخبر، وإذا وقع أحد الاخبار في مخمصة، أو واجه مانعاً أو حاجزاً في مرحلة الصدور، فعندئذ لا يسعنا أن نعتبره طرفاً للمعارضة، وممّا لا شك فيه أن أحد السبل لتمييز ومعرفة صدور الخبر هي موافقته أو عدم مخالفته للقرآن، إذ هذا الامر بصفته أوثق وأتقن سبيل معروف في هذا المجال.
وفي كتب الاصول لابناء العامة، كأصول السرخسي(1) ، وكشف الاسرار(2) ، والتقرير والتحبير(3) ، والتيسر والتحرير(4) ، وإرشاد الفحول(5) أيضاً عرّف التعارض بمعنى تمانع الدليلين، إذ ينفي كلّ من الدليلين موضوع الدليل الاخر، وللاسف لم يلحظ في أي كتاب من هذه الكتب مسألة المخالفة مع الكتاب أو الموافقة معه، وفي جملة من الموارد بادر البعض الى الاستهزاء بالاخبار والاحاديث المرتبطة بهذا الباب واعتبروها مردودة ومرفوضة.
____________
(1) أُصول السرخسي 2 / 242.
(2) كشف الاسرار عن أصول فخر الاسلام البزدوي 4 / 88 ـ 95.
(3) التقرير والتحبير 3 / 269.
(4) التيسير والتحرير 4 / 146.
(5) ارشاد الفحول : 204.


 

رد مع اقتباس
قديم 01-27-2011, 01:12 AM   #10
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي اختصاص الامامية في التمسك بالقرآن



الصفحة 51 اختصاص الامامية في التمسك بالقرآن
يمتاز المذهب الامامي الاثنا عشري في مسألة التمسك بالقرآن بخصوصية فذة قد حرمت منها المذاهب الاسلامية الاُخرى، وهي أن مرجعية القرآن تعتبر الركن الوثيق والاساسي والمسلَّم به والمقدّس عند مذهب الامامية، ومن هذا المنطلق نجدهم بادروا إلى الالتزام والتقيد بها، وفي الواقع إن جعل القرآن كمرجع عند مذهب الامامية لتصديق وتأييد أو تكذيب وتفنيد الاخبار والاحاديث هو من الامور التي شيّدت قواعدها على أسس من البرهان والعقل، وقلّما نجد دليلاً يصل إلى قوّته وسداده ومتانته، وقلّما نجد دليلاً يمتلك هذا المقدار من الاهمية والقيمة.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:51 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية