![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#4 |
خادم الحسين
![]() |
![]() (24) العامة ومسألة ( علم الغيب ) : إن تفسيرنا لآيات الغيب الواردة في القرآن الكريم ، لم تنفرد به الشيعة الإمامية ، بل التزم به كثير من علماء العامة من أهل السنة : مفسرين ، وفقهاء ، وعلماء كلام ، وغيرهم . وقد ذكر العلامة الحجة المتتبع السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم ، مؤلف ( مقتل الحسين عليه السلام ) (2) أقوالهم بهذا الصدد . ____________ (2) هو العلامة الفاضل ، والمتتبع المحقق ، والزاهد السيد عبد الرزاق بن محمد . ولد من والدين شريفين ، وفي بيت مزدان بالعلماء والصلحاء ، هاجر جد والده ( السيد قاسم ابن حسون ، من مدينة ( الحسكة ) إلى مدينة النجف ، فولد السيد عبد الرزاق سنة 1316 ه فيها . نشأ في مكاتب العلم ، والمدارس الدينية ، وحضر في الدراسات العليا بحوث المجتهدين : الشيخ محمد جواد البلاغي ( ت 1352 ه ) والسيد أبو الحسن الأصفهاني ( ت 1365 ه ) . وساهم مع أستاذه البلاغي في نشر كتبه التي ناضل فيها عن شريعة الإسلام كالرحلة المدرسية ، والهدى إلى دين المصطفى . واختص بالشيخ محمد حسين الأصفهاني ( ت 1361 ه ) في دروس الفلسفة والكلام ، وصحبه طويلا ، وبرغبة من السيد ، نظم الشيخ أرجوزته ( الأنوار القدسية ) في المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام ، التي استأثرت بعواطف السيد ، فكان يلازم تلاوتها ، ونثرها في مواضع من كتبه ، وبالخصوص مقتله . أخرج الكثير من المؤلفات القيمة بقلمه الشريف ، وطبع منها بعض ما يتعلق بالمعصومين عليهم السلام وشخصيات علوية وإسلامية ، وأشهر مؤلفاته ( مقتل الحسين عليه السلام ) الذي يعد من أغنى المقاتل مادة ، وأفضلها جمعا وترتيبا ، وقد حسم السيد المقرم فيه كثيرا مما كان عالقا من البحوث والقضايا التاريخية والنسبية . وكان السيد المقرم عالما ، شريفا ، شديدا الغيرة على الدين والحق ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، يثار غيظا إذا وجد مخالفة أو فسادا أو استهتارا بالموازين والقيم ، وكان مهيبا ، زاهدا . التقيت به مرات عديدة فكان يبعث في روح الهمة والجد ، والتسابق في درجات العلم (25) وإليك ما نقله السيد المقرم بنصه ومصادره : قال ابن حرج الهيثمي ( هو المكي صاحب الصواعق المحرقة ) : لا منافاة بين قوله تعالى : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب ____________ والعمل ، وكان كثير الترحاب بكل الشباب من أهل العلم تمتلئ نظراته بالأمل والتوقع أن نسعى ونستعد لخوض معارك العلم والعقيدة ، وكان يؤكد بكلامه اللطيف ما كان عليه الآباء والأجداد من مقامات عالية في العلم والتحقيق ، والورع والتقوى ، ويستحث اللحوق بهم ، مشفعا ذلك بالدعاء والبركة ، متبعا حديثه بابتسامة ظريفة . وقد كنت حين ألتقيه ، أرجع بنفس مليئة بالعزيمة ، متطلعة إلى العمل ، تواقة إلى العلم . وهكذا كان السيد المقرم يسعى في سبيل الأهداف الكبرى التي واصلها تبعا للأئمة عليهم السلام في النضال ، والتربية والتعليم ، بلسانه ، وقلمه ، وقدمه ، وإقدامه . توفي في النجف الأشرف سنة 1391 ه ، تغمده الله برحمته وأثابه فضله وبره وخيره ، ورفع درجته . وقد ترجم له ولده السيد محمد حسين ، في مقدمة ( مقتل الحسين عليه السلام ) ترجمة ضافية استفدنا منها . ولم أرسم في خطة بحثي هذا ، التعرض لكلمات العامة ، إلا أني لما اطلعت على ما كتبه السيد المقرم في ( مقتل الحسين عليه السلام ) عن هذا البحث ، وهي كتابة ثمينة ومفصلة تقع في الصفحات 44 ـ 66 ، بالعناوين التالية : ( الإقدام على القتل ) و ( آية التهلكة ) و ( علم الحسين بالشهادة ) أودع فيها ما ملخصه : أن علم الأئمة عليهم السلام إنما هو فيض اختصهم الله به لاستحقاقهم ذلك بخلافتهم عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وقيامهم بواجب الدعوة ، فاقتضى أن يكون لهم من العلم ما يؤدون به حق الخلافة عن الرسالة التي كانت متصلة بالوحي تنهل من علمه وتنعم بفيضه . وأثبت علم الحسين عليه السلام بما آل إليه أمر نهضته ، ومن أبدع ما ذكره قوله : ( وإنما لم يصارح بما عنده من العلم لكل من يرغب في إعراضه عن السفر إلى الكوفة لعلمه بأن الحقائق لا تفاض لأي متطلب ، بعد اختلاف الأوعية سعة وضيقا ، وتباين المرامي قربا وبعدا ، فلذلك يجيب عليه السلام كل أحد بما يسعه ظرفه وتتحمله معرفته وعقليته ) مقتل الحسين عليه السلام : ص 66 . وقد نقل السيد المقرم في بحثه بعض الأخبار وكلمات المفيد والعلامة والبحراني ، بشكل مختصر ، واقتصرنا هنا على نقل كلمات العامة بواسطته تكريما له ، وتخليدا لذكره ، وتثمينا لجهده ، وليكون ذكرا منا لفضله وخدماته الجليلة للدين والعلم وأهلهما . (26) إلا الله ) ( الآية (65) من سورة النمل (27) ) . وقوله : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا ) ( الآية (26) من سورة الجن (72) ) . وبين علم الأنبياء والأولياء بجزئيات من الغيب . فإن علمهم إنما هو بإعلام من الله تعالى ، وهذا غير علمه الذي تفرد به تعالى شأنه من صفاته القديمة الأزلية الدائمة الأبدية المنزهة عن التغيير . وهذا العلم الذاتي هو الذي تمدح به ، وأخبر ـ في الآيتين ـ بأنه لا يشاركه أحد فيه . وأما من سواه ، فإنما يعلم بجزئيات الغيب بإعلامه تعالى . وإعلام الله للأنبياء والأولياء ببعض الغيوب ممكن ، لا يستلزم محالا ، بوجه . فإنكار وقوعه عناد . ومن البين أنه لا يؤدي إلى مشاركتهم له تعالى فيما تفرد به من العلم الذي تمدح به واتصف به من الأزل . وعلى هذا مشى النووي في فتاواه (3) . وقال النيسابوري صاحب التفسير : إن امتناع الكرامة من الأولياء : إما لأن الله ليس ( معاذ الله ) أهلا لأن يعطي المؤمن ما يريد ! وإما لأن المؤمن ليس أهلا لذلك ! ! وكل منهما بعيد ، فإن توفيق المؤمن لمعرفته لمن أشرف المواهب ـ منه تعالى ـ لعبده ، فإذا لم يبخل الفياض بالأشرف ، فلأن لا يبخل بالدون أولى (4) . وقال ابن أبي الحديد : إنا لا ننكر أن يكون في نوع من البشر أشخاص ____________ (3) الفتاوى الحديثية : 222 ، بواسطة مقتل الحسين عليه السلام ـ للمقرم ـ : 53 . (4) النور السافر في أعيان القرن العاشر ـ لعبد الله القادر العيدروسي ـ : 85 . (27) يخبرون عن الغيوب ، وكله مستند إلى الباري جل شأنه ، بإقداره ، وتمكينه ، وتهيئة أسبابه (5) . وقال ابن أبي الحديد ـ أيضا ـ : لا منافاة بين قوله تعالى : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) ( الآية (34) من سورة لقمان (31) ) . وبين علمه صلى الله عليه وآله وسلم بفتح مكة ، وما سيكون من قتال الناكثين والقاسطين والمارقين . فإن الآية غاية ما تدل عليه : نفي العلم بما يكون في الغد ، وأما إذا كان بإعلام الله عز وجل ، فلا . فإنه يجوز أن يعلم الله نبيه بما يكون (6) . وفي عنوان ( آية التهلكة ) قال المقرم : وقد أثنى سبحانه تعالى على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ( وذكر بعض آيات القتال في سبيل الله ) . ولم يتباعد عن هذه التعاليم محمد بن الحسن الشيباني ، فينفي البأس عن رجل يحمل على الألف مع النجاة أو النكاية ، ثم قال : ( ولا بأس بمن يفقد النجاة أو النكاية إذا كان إقدامه على الألف مما يرهب العدو ويقلق الجيش ) معللا بأن هذا الإقدام أفضل من النكاية ، لأن فيه منفعة للمسلمين (7) . ويقول ابن العربي المالكي : جوز بعض العلماء أن يحمل الرجل على الجيش العظيم طالبا للشهادة ، ولا يكون هذا من الالقاء بالتهلكة ، لأن الله تعالى يقول : ( من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله . . . ) ( الآية ( 207 ) من سورة البقرة (2) ) . خصوصا إذا أوجب الإقدام تأكد عزم المسلمين حين يرون واحدا منهم ____________ (5) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 1 / 427 طبع أول ـ مصر . (6) المصدر السابق 2 / 362 . (7) أحكام القرآن ـ للجصاص ـ 1 / 309 في آية التهلكة . (28) قابل الألوف (8) . فإذن ، لم يمنع مانع شرعي ، ولا عقلي ، من إمكان علم البشر بالغيب في نظر هؤلاء ، وهذا ما يقوله الشيعة الإمامية في النبي والإمام . والدليل على ( علم النبي والإمام ) بالغيب من طريق الوحي والإلهام ، هو ما أقاموه في الكتب الكلامية على وجوب مثل ذلك العلم ، لهما ، لتصديقهما لمقام الرسالة في الرسول ، والإمامة في الإمام ، وهذان المقامان يقتضيان العلم . فمن أقر للأئمة بالإمامة ، فلا موقع عنده للاعتراض بالإلقاء إلى التهلكة ، كما أوضحنا في الأمور التي قدمناها . وكذلك من نفى عنهم علم الغيب ، لعدم التزامه بالإمامة لهم ، إذ على فرض ذلك لم يصدق في حقهم ( الإقدام ) المحرم . وإثبات علمهم بالغيب ، مع نفي إمامتهم ، قول ثالث لم يقل به أحد . نعم ، يمكن فرض علمهم بالغيب باعتبارهم أولياء لله استحقوا ذلك لمقاماتهم الروحية ، وقرباتهم المعنوية ، وتضحياتهم في سبيل الله ، وإخلاصهم في العبادة والولاية لله ـ بقطع النظر عن مقام الإمامة ـ وحينئذ يتساءل : كيف أقدموا على الموت والقتل ، وهم يعلمون ؟ ! فإن الأجوبة التالية التي نقلناها وأثبتناها في بحثنا تكون مقنعة لمثل من يقدم هذا السؤال ، مع التزامه بهذا الفرض ! ____________ (8) الأحكام ـ لابن العربي ـ 1 / 49 ، في آية التهلكة ، طبع أول سنة 1331 ه . |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |