هذه الرسالة تفيد بأنك غير مسجل في :: منتديات ثار الله الإسلامي :: . للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

facebook

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
النحال نايف سعيد الغامدي | منا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 206 ]       »     دورة : التقنيات الحديثة لعمليا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 1391 ]       »     دورة : المهارات القيادية والإش... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 1170 ]       »     دورة : تسويق الخدمات المالية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 933 ]       »     دورة : إدارة المستشفيات والمرا... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 986 ]       »     Trendole متجرك الإلكتروني [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 935 ]       »     حدود الاستفزاز المتعمد واستدرا... [ الكاتب : الياسمينا - آخر الردود : الياسمينا - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 1723 ]       »     دورة : مقدمة في هندسة الجودة [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 1077 ]       »     دورة : إدارة الخدمات اللوجستية [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 1353 ]       »     دورة : التسويقات الجردية والأخ... [ الكاتب : فاطمة كريم - آخر الردود : فاطمة كريم - عدد الردود : 0 - عدد المشاهدات : 1413 ]       »    



 
 عدد الضغطات  : 7851  
 عدد الضغطات  : 2944  
 عدد الضغطات  : 4873


الإهداءات



يتم تحميل بيانات الشريط . . . . اذا لم تظهر البيانات رجاء قم بتحديث الصفحة مرة اخرى
 
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 08-21-2010, 03:04 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تحديد محور البحث بين الاعتراضين




تحديد محور البحث بين الاعتراضين

وفي البداية لا بد من التنبيه على أمور :
الأمر الأول :
إن الاعتراض الثاني إنما يفرض ويكون واردا وقابلا للطرح والمناقشة ، فيما إذا التزم بالفراغ عن الاعتراض الأول ، وكان المعترض بالثاني ملتزما بأن الرسول والإمام يعلمان الغيب ، فيكون إقدامهما على موارد الخطر إلقاء للنفس في التهلكة .
وإلا ، فإن لم يقل بأنهما يعلمان الغيب ، فإن الإقدام لا محذور فيه وليس من الالقاء في التهلكة ، لأن غير العالم بالخطر معذور في الإقدام عليه .
فنفس اللجوء إلى الاعتراض الثاني وفرض وروده دليل على ثبوت الالتزام بفكرة العلم بالغيب لدى المعترض ، خصوصا مع عدم المناقشة بالاعتراض الأول ، كما هو المفروض في صيغ الاعتراض الثاني منذ عصور الأئمة عليهم السلام .
وهذا يدل على أن فكرة ( علم الأئمة بالغيب ) مفروضة عند السائلين ، ولا اعتراض لهم عليها ، وإنما أرادوا الخروج من الاعتراض الثاني فقط .
أو على الأقل فرض التسليم به ، والاعتراف به ولو جدلا ، حتى يكون فرض الاعتراض الثاني ممكنا .
وإلا ، لكان اللازم ذكر الاعتراض الأول ، الذي بتماميته ينتفي اعتقاد ( علم الغيب ) وبذلك لا يبقي للاعتراض الثاني مجال .

(14)

الأمر الثاني :
ويظهر من الإجابات المذكورة التي تحاول توجيه مسألة الإقدام على ما ظاهره الخطورة والتهلكة ، هو الموافقة على أصل فكرة علم الأئمة بالغيب ، وعدم إنكار فرضه على السائلين .
ومن المعلوم أن التوجيه إنما يلجأ إليه عندما يكون أصل السؤال مقبولا ، وغير منكر .
وإلا ، فإن الأولى في الجواب هو نفي الأصل وإنكاره وعدم الموافقة على فرض السؤال صحيحا .
وهذا الأمر واضح اشتراطه في المحاورات والمباحثات .
الأمر الثالث :
إن الإمامة إذا ثبتت لأحد ، فلا بد أن تتوافر فيه شروطها الأساسية ، ومن شروطها عند الشيعة الإمامية : العصمة ، وهي تعني الامتناع عن الذنوب والمعاصي بالاختيار ، ومنها العلم بالأحكام الشرعية تفصيلا .
فمن صحت إمامته ، واستجمع شرائطها ، لم يتصور في حقه أن يقدم على محرم كإلقاء النفس في التهلكة ، المنهي عنه في الآية .
وحينئذ لا بد أن يكون ما يصدر منه مشروعا .
فلا يمكن الاستناد إلى ( حرمة الالقاء في التهلكة ) لنفي علم الغيب عنه ، لأن البحث عن علمه بالغيب إنما يكون بعد قبول إمامته ، وهي تنفي عنه الإقدام على الحرام .
وهذا يعني أن ما يقدم عليه هو حلال مشروع ، سواء علم الغيب أم لم يعلمه !
فلا يمكن نفي علمه بالغيب ، بفرض حرمة الالقاء في التهلكة عليه .

(15)

ومن هنا توصلنا إلى أن الاعتراض الثاني ـ وهو ( أداء الالتزام بعلم الأئمة للغيب إلى إلقائهم بأيديهم إلى التهلكة ) ـ اعتراض ـ لا يصدر ممن يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، ويلتزم بشرائط الإمامة الحقة المسلمة الثبوت في كتب الكلام والإمامة .
وما يوجد من صور الاعتراض في تراثنا العلمي إنما هو افتراض بغرض دفع شبه المخالفين ، ورد اعتراضاتهم .
الأمر الرابع :
إن بعض أدعياء العقل ونقده ، قد انبرى للتطفل على الكتب والكتابة ، وعلى التراث ومصادره القديمة ، بادعاء الإعادة لقراءتها ، فعرض هذا البحث بشكل مشوه ينم عن جهل بأوليات المعرفة الإسلامية ، وقصور في فهم أبسط نصوصه ، وعرض مشبوه لها لإقدامه على بتر المتون ، واقتصاره على الجمل والعبارات التي توحي بغرضه على حد زعمه ، مع ارتباك في العرض واضطراب في البحث واستخدام لأسلوب القذف والسب !
وليس كل هذا ولا بعضه من شأن طالب للعلم ، فضلا عمن يدعي العقل ونقده ، والمعرفة وإعادتها !
ومن الخبط الجمع بين الالتزام بالاعتراضين في عرض واحد ، وبصورة متزامنة ، فإن من غير المعقول أن يحاول أحد أن ينفي عن الأئمة علم الغيب زاعما منافاة ذلك للعقل ويحاول الاستدلال بالآيات الكريمة التي ذكرنا بعضها في صدر هذا البحث .
غافلا عن دلالة هذه الآيات على اختصاص علم الغيب بذات الله تعالى ، مسلمة عند جميع المسلمين ، شيعة وأهل سنة ، ولم يختلف في ذلك اثنان ، وليس موضع بحث وجدل حتى يحتاج إلى إثبات ونقاش ، ولم يدع أحد أن غير الله تعالى يمكنه بصورة مستقلة العلم بالغيب .

(16)

وإنما يقول الشيعة بأن الله تعالى أوحى إلى نبيه من أنباء الغيب ، وقد أخبر عن ذلك في قوله تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك . . . ) الآية (44) من سورة آل عمران (3) وهي مدنية .
وقد استثنى الرسول ممن لا يظهر على الغيب ، فقال تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول . . . ) الآيتان (25 و 26) من سورة الجن (72) وهما مكيتان .
فبالإمكان إذن صدور الغيب الإلهي إلى غير الله تعالى ، لكن بإذنه تعالى وبوحيه وإلهامه .
وقد ثبت بطرق مستفيضة أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عليا وأهل البيت عليهم السلام بذلك ، وقد توارثه الأئمة عليهم السلام ، فهو مخزون عندهم .
وقد عنون الشيخ المفيد رحمه الله لباب في ( أوائل المقالات ) نصه : ( القول في علم الأئمة عليهم السلام بالضمائر والكائنات ، وإطلاق القول عليهم بعلم الغيب ، وكون ذلك لهم في الصفات ) قال فيه :
وأقول : إن الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ، ويعرفون ما يكون قبل كونه .
وليس ذلك بواجب في صفاتهم ، ولا شرطا في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به ، وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم .
وليس ذلك بواجب عقلا ، ولكنه وجب لهم من جهة السماع .
فإما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب ! فهو منكر بين الفساد ، لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلا لله عز وجل .
وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن

(17)

انتمى إليهم من الغلاة (1) .
وقد أثبت الشيخ المفيد الروايات المنقولة بالسمع والدالة على علم الأئمة عليهم السلام بالمغيبات ـ والتي هي دلائل على إمامتهم واستحقاقهم للتقديم ـ في كتاب ( الإرشاد ) في أحوال كل إمام ، فليراجع .
فنسبة القول بأن الأئمة يعلمون الغيب ، بالإطلاق إلى الشيعة ، ومن دون تفسير وتوضيح بأنه بتعليم الرسول الآخذ له من الوحي ، أو بالإلهام والإيحاء والقذف في القلب ، والنظر بنور الله ، كما جاء في الخبر عن المؤمن أنه ينظر بنوره تعالى ، فهي نسبة ظالمة باطلة يقصد بها تشويه سمعة هذه الطائفة المؤمنة التي أجمعت على اختصاص علم الغيب بالله تعالى ، تبعا لدلالة الآيات الكريمة ، والتزمت بما دلت عليه الآيات الأخرى من إيصال ذلك العلم إلى الرسول ، وما دلت عليه الآثار والأخبار من وصول ذلك العلم إلى الأئمة .
فلم يكن في تلك النسبة الظالمة إلا التقول على الشيعة ، مضافا إلى كشفها عن الجهل بأفكار الطائفة وعقائدها ومبادئها .
فكيف يحق لمثل هذا المغرض المتقول أن يتدخل في إعادة قراءة التراث الشيعي ؟ !
ومع أنه التزم بنفي علم الغيب عن الرسول والأئمة :
فهو يحاول أن يورد الاعتراض الثاني أيضا ـ في عرض الاعتراض الأول ـ بأن في أفعال الرسول والأئمة ما هو من الالقاء في التهلكة ، وفي ما أصابهم على أثر إقدامهم كثير من السوء الذي وقعوا فيه .
وحاول جمع ما يدل على ذلك مما أصاب الرسول وأهل البيت طول حياتهم ، مؤكدا على أن ذلك هو من ( السوء ) ومن ( الهلكة ) .
مع أنه بعد إصراره على نفي علم الغيب عنهم لم يكن عملهم إقداما
____________
(1) أوائل المقالات : 67 ، وسيأتي نقل رأي المفيد في مسألة الالقاء في التهلكة تفصيلا .
(18)

على الهلكة ، فيجب أن لا يحاسبوا على الإقدام عليها ، أو ينهوا عن الالقاء فيها ، لأن الجاهل بالشيء لا يحاسب عليه ، ولا يكلف بالاجتناب عنه ودفعه .
الأمر الخامس :
أن تسمية الفعل الذي يقدم عليه الفاعل المختار سوء أو هلكة إنما يتبع المفسدة الموجودة في ذلك الفعل ، فإذا خلا الفعل في نظر فاعله عن المفسدة ، أو ترتبت عليها مصلحة أقوى وأهم في نظره من المفسدة ، لم يسم سوء ولا هلكة .
فليس لهذه العناوين واقعا ثابتا حتى يقال : إن ما أقدم عليه الأئمة هو سوء وهلكة ، بل هي أمور نسبية تتبع الأهداف والأغراض والنيات ، بل يراعي في تسميتها الأهم ، فرب نفع في وقت هو ضرر في آخر ، ورب ضرر لشخص هو نفع لآخر .
قال تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) الآية (216) من سورة البقرة (2) .
وقال تعالى : ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) الآية (19) من سورة النساء (4) .
هذا في المنظور الدنيوي المادي ، وأما في المنظار الإلهي والمثالي ، وعالم المعنويات ، فالأمر أوضح من أن يذكر أو يكرر .
فهؤلاء الأبطال الذين يقتحمون الأهوال ، ويسجلون البطولات في سبيل أداء واجباتهم الدينية والعقيدية ، أو الوطنية والوجدانية ، أو الشرف إنما يقدمون على ما فيه فخرهم ، مع أنهم يحتضنون ( الموت ) ويعتنقون ( الفناء ) لكنه في نظرهم ( الحياة ) و ( البقاء ) .
كما أن المجتمعات تمجد بأبطالها وتخلد أسماءهم وذكرياتهم ، لكونهم المضحين من أجل الأهداف السامية ، وليس هناك ما يسمي ذلك ( هلاكا ) أو

(19)

( سوء ) إلا الساقط عن الصعود إلى مستوى الادراك ، وفاقد الضمير والوجدان من المنبوذين .
دون الذين استبسلوا في ميادين الجهاد في الحروب والنضالات الدامية ، الساخنة أو الباردة ، ومن أجل إعلاء كلمة الله في الأرض ، أولئك الذين قال عنهم الله أنهم : ( . . . أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) الآيات (169 ـ 171) من سورة آل عمران (3) .
هؤلاء الذين ( قتلوا ) في سبيل الله .
ولا بد أن الشهداء قد قصدوا الشهادة وطلبوها وأرادوها ، إذ لا يسمى من لا يريدها ( شهيدا ) وهيهات أن يعطاها من يفر منها ، مهما كان مظلوما ، وكان قتله بغير حق .
إن المسلم إذا اقتحم ميدانا بهدف إحقاق الحق أو إبطال الباطل ثم أصابه ما لا يتحمل إلا في سبيل الله ، أو أدركه القتل ، وهو قاصد للتضحية ، فإن ذلك ليس سوء ولا شرا ، بل هو خير وبر ، بل هو فوق كل بر ، وليس فوقه بر ، كما نطق به الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن فوق كل بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله ) .
فلا يدخل مثل هذا في ( التهلكة ) التي نهى الله عنها في الآية ، بل هو من ( الاحسان ) الذي أمر الله به في ذلك تلك الآية فقال تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) الآية (195) من سورة البقرة (2) .
والشهادة هي إحدى الحسنيين ـ النصر أو الشهادة ـ في قوله تعالى : ( قل هل تربصون بن إلا إحدى الحسنيين . . . ) الآية (52) من سورة التوبة (9) .
وإذا لم يصح إطلاق ( السوء ) على ما أصاب النبي والإمام ، من البلاء ،

في سبيل الله ، وعلى طريق الرسالة والإمامة ، ومن أجل إعلاء كلمة الله ، والدفاع عن الحق ، ودحر الباطل ، فليس الاستدلال بقوله تعالى : ( قل لا أملك لنفي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن إنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) الآية (188) من سورة الأعراف (7) وهي مكية .
ليس الاستدلال بهذه الآية على نفي علم الغيب عن الرسول ، وإثبات أن السوء يمسه فهو لا يعلم به ، استدلالا صحيحا .
لفرض أن ما أصاب الرسول ـ وكذا الأئمة ـ في مجال الدعوة والرسالة الإسلامية وأداء المهام الدينية ، لا يعبر عنه بالسوء ، كما أوضحناه .
وأما معنى الآية المراد منها :
فيما أن ( لو ) حرف امتناع لامتناع ، فهي تدل على أن امتناع كونه عالما ، بالغيب أدى إلى امتناع استكثاره من الخير ، وامتناع أن لم يمسه السوء ، وذلك قبل اتصال الوحي به .
فغاية ما يدل عليه ظاهر الآية أنه كان بالإمكان أن يمسه السوء ، ولم تدل الآية على أنه فعلا ـ وبعد نزول الوحي ، وفي المستقبل ـ لم يعلم الغيب ، ولم يستكثر من الخير ، وسوف يمسه السوء .
فظاهر الآية أن الامتناعين كانا في الماضي ، لكون الأفعال مستعملة بصيغة الماضي ، وهي : ( كنت ) ( واستكثرت ) و ( ما مسني ) .
فهو تعبير عن إمكان ذلك في الماضي لعدم علمه بالغيب سابقا ، لا على وقوع ذلك ، ولا على عدم علمه به مستقبلا أو امتناع حصول الغيب له في المستقبل وبعد اتصاله بالوحي ، فلا ينافي ذلك أن يكون في المستقبل ( يعلم بالغيب ) ـ من خلال الوحي طبعا ـ وأنه ( يستكثر من الخير ) وأنه ( لا يمسه السوء ) .

(21)

كما دلت آيات أخرى على حصول الأفعال له :
فقال تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك . . . ) الآية (44) من سورة آل عمران (3) .
وقال تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر ) الآية (1) من سورة الكوثر ( 108 ) .
وقال تعالى : ( ذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء . . . ) الآية (24) من سورة يوسف (12) .
مع أن ذيل الآية ـ المستدل بها ـ وهو قوله تعالى : ( . . . إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) يدل على المراد من صدرها :
فإن مهمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منحصرة بالإنذار والتبشير ، وإنما خصصهما ( لقوم مؤمنين ) لاعترافهم وقناعتهم بالنبوة وإيمانهم بأنباء الغيب الذي يأتي به وينذر به ويبشر به .
بينما غير المؤمنين ، لا يقتنعون بهذا الغيب ، فماذا يريد النبي نفيه من الغيب في صدر الآية ؟ !
إنه ينفي عن نفسه العلم بالغيب الذي طلبوا معرفته منه بالاستقلال وبلا وحي ، معرفة ذاتية لدنية ، فإنهم كانوا يطالبونه بالإخبار عن علم الساعة ، كأسئلة امتحانية يريدون إبكات النبي وإفحامه بها كما صرحت بذلك الآية السابقة على هذه والمرقمة ( 187 ) من سورة الأعراف ، فكان النفي وأراد على ( علم الغيب بالساعة ) ومن غير الوحي ، ولا من خلال الرسالة ، ومن دون أن تتعلق مشيئة الله أن يعلمه نبيه .
وإلا ، فنفس النبوة والإنذار والتبشير ، هي من الغيب الذي جاء به ، ومدح المؤمنين بأنهم ( يؤمنون بالغيب ) .
فلو دل دليل على عدم إخبار نبيه به ، مما اختص الله علمه بنفسه ، كأمر الروح ، وعلم الساعة ، وما نص ـ من الأمور ـ على أن علمها عند الله ، فهو من العلم المكنون الخاص بالله تعالى .

(22)

وأما أمور ـ مثل علم النبي بموته ـ مما قامت الآثار والأخبار على أن النبي والأئمة كانوا على علم بها ، من خلال الوحي وإخباره ، وجبرئيل ونزوله ، والكتب السماوية وأنبائها .
فليس في الالتزام بذلك تحديا لاختصاص علم الغيب بالله جل ذكره ، وليس ذلك منافيا لكتاب أو سنة ، أو أصل ثابت ، أو فرع ملتزم به .
الأمر السادس :
ومن جميع ما ذكرنا ظهر عدم صحة الاستدلال على نفي علم الغيب عن الرسول والإمام بمحدودية وجودهما الذي هو من الممكنات ، وعدم أزليتها ، وعدم أبديتها ، مع أن الغيب لا حدود له ، والمحدود لا يستوعب غير المحدود ـ بحكم العقل ـ ولذلك اختص ( علم الغيب ) بالله تعالى الذي لا يحد .
وذلك لأن محدودية النبي والإمام أمر لا ريب فيه ، ولا شبهة تعتريه ، وكذلك اختصاص علم الغيب بالله أمر قد أثبتناه ، ولم ينكره أحد من المسلمين ، كما ذكرناه .
لكن المدعى أن الله تعالى أكرمهم وخصهم بأنباء من الغيب ووهبهم علمها ، فبإذنه علموا ذلك ، وأصبح لهم ( شهودا ) وإن كان لغيرهم ( غيبا ) محجوبا .
وإنما اختصهم الله بذلك ، لقربهم منه بالعمل الصالح ، والنية الصادقة ، وإحراز الإخلاص والتقوى ، والجد في البذل والفداء .
ولم يعطوا ذلك بالجبر والإكراه ، بل من جهة امتلاكهم للسمات المؤهلة للوصول إلى الدرجات ، واستحقاق المقامات التي أثبتتها لهم الفتنة والابتلاء والامتحان والمعاناة الطويلة التي قاسوها في مختلف مراحل وجودهم في الحياة .
إن أمر الاستبعاد والاستهوال لعلم الأئمة بالغيب الشامل للماضي

(23)

والحاضر والمستقبل ، سوف يهون إذا عرف ليس بالاستقلال ، بل بواسطة الوحي الإلهي المنزل على قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن خلال الالهام لآله الأطهار .
وقد استفاضت الأحاديث والأخبار والآثار الدالة على كثير من ذلك ، حتى عدت من ( دلائل النبوة ) ومعاجز الرسالة ، وقد جمعتها كتب بهذا العنوان ، وتناقلتها الرواة وملئت بها الصحف .
فإذا اتفقت عليه عقول السامعين لتلك الأخبار ، وشاهدتها عيون الشاهدين لتلك الأحداث ، واستيقنتها قلوب المؤمنين بالغيب وبالرسالة المحمدية .
فماذا على ذلك من جحود عقل خامد ؟ !
وإذا بلغت الروايات الدالة على ( إنباء السماء بأنباء كربلاء ) حد التواتر ، وذاعت وانتشرت ، حتى رواها الشيعة وأهل ألسنة ، وأثبتها المؤلفون في كتب ( دلائل النبوة ) كأبي نعيم والبيهقي ، حتى عد من أعظم معاجز النبوة ، وأهم ما يصدقها .
فماذا عليها من عقل واحد أن ينكرها ، ولا يصدق بها ؟ !
هذا ما نقوله في الجواب عن الاعتراض الأول .
وحاصله ثبوت علم الغيب للنبي والإمام من خلال الوحي والإلهام ، وهو الذي التزم به جمهور علماء الإمامية ، ولم نجد فيه مخالفا قط ، إلا ظاهر من التزم بإثبات العلم بالإجمال ببعض الأمور دون التفصيل ، وسيأتي نقل كلامه ، ومناقشته .
ومن هنا فإن المحور الذي سنتحدث عنه إنما هو حول الاعتراض الثاني ، وسنستعرض صيغه عبر القرون ، ونذكر أشكال الإجابة عنه


 

رد مع اقتباس
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 02:25 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010
منتديات دعوة الاسلامية