![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
![]() |
#12 |
مشرف عام
![]() |
![]()
الإجارة على الواجبات :
بحث الفقهاء في صحة الإجارة على الواجبات وعدمها ، ولأجل أن يتضح الموضوع جيدا لا بد من تحديد محل الخلاف بينهم فنقول : إن البحث عن صحة الإجارة على الواجبات يمكن فرضه في موردين : الأول - أن يستأجر الشخص لإتيان واجبات نفسه كأن يستأجره ليصلي أو يصوم أو يحج عن نفسه أو يزيل النجاسة عن المسجد أو يقضي أو يفتي ليسقط الواجب الكفائي عن نفسه . وهذا هو القسم المهم في بحث الإجارة على الواجبات ، لابتلائه بالإشكالات العديدة . الثاني - أن يستأجر الشخص لإتيان واجبات شخص آخر ، كأن يستأجر ليحج عن الغير أو يصلي أو يصوم أو يزيل النجاسة أو غير ذلك . وهذا القسم وإن كان مهما أيضا في حد نفسه ، لكن لم يكن موردا للمناقشة - كثيرا - كالقسم الأول ، بل يندرج تحت عنوان النيابة التي يمكن دفع كثير من الإشكالات بها . أما : القسم الأول - وهو استئجار الشخص لإتيان واجباته : فلا بد من الإشارة إلى أن البحث - هنا - إنما يتم ويصح مع ملاحظة بعض الأمور ، وهي : ‹ صفحة 246 › 1 - ينبغي أن لا يكون الفعل الواجب مطلوبا على نحو المجانية كالأذان والقضاء والإفتاء وأمثال ذلك - كما قيل - فإنه إذا كان كذلك فلا يكون موردا للإجارة ( 1 ) . 2 - ينبغي ألا يكون حقا للغير على المكلفين ك " تجهيز الميت " - على ما قيل - فإن المستفاد من الأدلة - حسبما يقال - هو أن للميت حقا على الأحياء ، وهو تجهيزه بما فيه من التغسيل والتكفين والتدفين ( 2 ) . 3 - يرى بعض الفقهاء أنه يلزم أن يكون العمل المستأجر عليه ذا منفعة عائدة إلى المستأجر بنحو ما ، فلا يصح إجارة الشخص لإتيان الصلاة الواجبة عليه من دون فرض منفعة عائدة إلى المستأجر ( 3 ) . بينما لا يرى السيد الخوئي ذلك ( 4 ) . 4 - إن مورد البحث هو أخذ الأجرة على طبيعي الواجب لا الخصوصية ، فإنه - لا إشكال ظاهرا - في جواز الأجرة عليها ، فلو أخذ الشخص الأجرة ليصلي صلاة صبحه في المسجد فلا بأس به ( 1 ) الآن وبعد أن اتضحت هذه الأمور نرى ما هي الأقوال في المسألة . اختلفت الأقوال في المسألة اختلافا شديدا وعمدتها هي : 1 - عدم الجواز مطلقا : وقد نسب ذلك إلى المشهور ( 2 ) . 2 - التفصيل بين التعبدي فلا يجوز ، والتوصلي فيجوز ، وهو منسوب إلى فخر المحققين ( 3 ) . 3 - التفصيل بين الكفائي التوصلي فيجوز وبين غيره فلا يجوز ، وقد حكاه الشيخ عن فخر المحققين في الإيضاح أيضا ( 4 ) . 4 - التفصيل بين ما يجب على الأجير عينا أو كفاية وجوبا ذاتيا فلا يجوز ، وبين الواجبات الكفائية التوصلية ‹ صفحة 247 › فيجوز كالصناعات الواجبة لانتظام المعاش ، وهذا القول محكي عن صاحب الرياض في رياضه ( المتاجر ) ويبدو من الإمام الخميني اختياره ( 1 ) . 5 - التفصيل بين ما كان الغرض الأهم منه الآخرة فلا يجوز وما كان الغرض الأهم منه الدنيا فيجوز ، فجعل من أمثلة القسم الأول : الفقاهة والأمر بالمعروف وتجهيز الموتى والطبابة وإغاثة المستغيثين ، ومن أمثلة الثاني : الحياكة والصناعة والتجارة . . . ذهب إليه صاحب مفتاح الكرامة ( 2 ) . 6 - عدم الجواز في التعبدي مطلقا ، والتفصيل في التوصلي بين الكفائي فيجوز مطلقا والعيني فيجوز فيما كان وجوبه للضرورة ، ولا يجوز فيما كان لحفظ النظام . وهذا القول منسوب إلى صاحب المصابيح ( 3 ) . 7 - عدم الجواز في العيني التعييني والكفائي التعبدي . والجواز في الكفائي التوصلي والتخييري . والتردد في التخييري التعبدي . وهو مختار الشيخ الأعظم في المكاسب ( 1 ) . 8 - عدم الجواز في الواجبات العبادية إذا كان الفاعل يفعلها عن نفسه ( كصلاة الظهر ) وجواز ذلك في العبادات التي يفعلها لغيره ( كإزالة النجاسة عن المسجد ) بشرط قبولها للنيابة ، وجواز ذلك أيضا في غير العبادات . وهو مختار السيد الحكيم في المستمسك ( 2 ) . 9 - جواز أخذ الأجرة مطلقا ، ذهب إليه السيد الخوئي ( 3 ) . المؤاخذات على القول بالجواز : أهم المؤاخذات على القول بالجواز هي : الأولى - منافاة أخذ الأجرة على العبادات مع توقفها على قصد الأمر ، فإن ‹ صفحة 248 › الواجب العبادي يحتاج إلى قصد القربة في حين أن عقد الإجارة يوجب انقلاب داعي قصد القربة إلى داعي أخذ الأجرة ، وهو مستلزم لفساد العبادة ، فصحة الإجارة - إذن - تستلزم فساد العبادة . وأجيب عن ذلك : 1 - باختصاص هذا التعليل بالواجبات العبادية فلا يشمل التوصلية ، لعدم اشتراط قصد القربة فيها . 2 - اطراد الإشكال في المستحبات العبادية مع أن الكثير منهم يلتزم بصحة الإجارة فيها . 3 - منع المنافاة - عند كثير منهم - إذا كانت الأجرة ملحوظة بنحو الداعي إلى الداعي ( 1 ) . 4 - أن قصد القربة الخالصة المحضة قد لا تحصل إلا في المعصومين عليهم السلام وأما بالنسبة إلى غيرهم فقد يكون لجلب منفعة دنيوية كقضاء حاجة ، أو دفع ضرر دنيوي كدفع البلاء ، أو جلب منفعة أو دفع ضرر أخرويين كطلب الجنة والبعد عن النار ، ومن المعلوم أن ذلك لا يضر بعبادية العبادة ، فمن يصلي طلبا لحاجة دنيوية ( كالمال مثلا ) لا تكون صلاته باطلة ، ولعله إلى هذا أشار بقوله تعالى : ( وادعوه خوفا وطمعا ) ( 1 ) و ( يدعوننا رغبا ورهبا ) ( 2 ) . إذن فالغرض من العبادة - غالبا - هو انتفاع العبد ، ولا يضر ذلك بعبادية العبادة ( 3 ) . الثانية - والمؤاخذة الثانية المهمة هي : أن الفعل الواجب يكون بوجوبه مستحقا لله تعالى وملكا له ، وما كان للغير لا يجوز تمليكه لله تعالى . وقد سجلت هذه المؤاخذة من الشيخ كاشف الغطاء في شرحه على القواعد . ولكن نوقشت : بأن ملكية الله تعالى للواجبات لا تخلو من صور ، وهي : 1 - أن تكون ملكية حقيقية وتكوينية وهي المعبر عنها بالملكية الاشراقية ، وفي هذه الصورة لا تختص الواجبات بذلك ، بل كل ما في الوجود ومنها أفعال الإنسان المتصفة بالأحكام ‹ صفحة 249 › الخمسة ( الواجب والحرام والمباح . . . ) تكون ملكا له ، وهذه الملكية لا تنافي ملكية الإنسان أيضا لأنهما طوليتان ، فملكية الإنسان في طول ملكية الله . 2 - أو ملكية اعتبارية ، فهي واضحة الفساد ، فليس لله تعالى ملكية اعتبارية للأشياء . 3 - أو بمعنى أن له إلزام المكلف بإتيان الواجبات واستحقاق العقاب على المخالفة ، فهذا لا يمنع من إمكان تمليك العمل الواجب للغير ودعوى المنافاة مصادرة ( 1 ) . القسم الثاني - الاستئجار على إتيان الواجب عن الغير : ولا بد من الالتفات - هنا - إلى نقطة هامة وهي : أن إتيان العبادات الواجبة وجوبا عينيا عن الغير لا يصح فرضه إلا إذا كان الغير ميتا ، أو في بعض صور الحج كمن ثبت الوجوب عليه ولم يحج وهو عاجز فعلا عن السفر ، أو كمن أفسد طوافه ورجع إلى بلاده ، وأمثال ذلك من الموارد المعدودة . وأما غير العبادية ( التوصلية ) سواء كانت كفائية أو عينية فيمكن فرض إتيانهما عن الغير مطلقا ، وذلك مثل الاستئجار للجهاد من قبل الغير ( المستأجر أو غيره ) أو إزالة النجاسة كذلك ، فيمكن فرض الاستئجار فيه عن الحي أيضا . وبعد اتضاح هذه النقطة نقول : إن البحث عن الإجارة لإتيان الواجب عن الغير يدخل في عنوان " النيابة " وسوف يأتي البحث عنه مستوفى إن شاء الله ( راجع : النيابة ) ، ولكن نشير هنا إلى ذلك إجمالا فنقول : 1 - أما بالنسبة إلى الواجبات العبادية فأهم إشكال يتوجه على مسألة النيابة هو مسألة قصد القربة ، فالذين يستشكلون في النيابة يقولون : كيف يجتمع قصد النائب الإتيان بالفعل قربة إلى الله مع قصده لإتيانه بداعي الأجرة ؟ ولذلك قالوا بصحة تبرع الصلاة والصوم وغيرها من العباديات عن الميت ، وعدم صحة الاستئجار عليها ( 1 ) . والحل المعروف للإشكال هو : أن ‹ صفحة 250 › الإجارة إنما تقع على أن يجعل الأجير نفسه نائبا عن المنوب عنه وفي محله ، وهذا العمل لا يحتاج في تحققه إلى قصد القربة ، بل بمجرد أن ينوي الشخص أن يصير نائبا عن الشخص الآخر تتحقق النيابة ، نعم إن متعلق النيابة - وهو الفعل العبادي حسب الفرض - يحتاج إلى قصد القربة فهو بعد فراغه عن جعل نفسه نائبا ولو بداعي الأجرة ينوي إتيان الفعل بداعي القربة ، ولا منافاة بينهما ( 1 ) . وبتوجيه آخر : إن عمل النيابة يمكن أن يقع مع قصد القربة - امتثالا للأوامر الواردة في النيابة عن الأموات بل الأحياء في بعض الأحيان - كما يمكن أن يقع من دون ذلك إما غفلة عن تلك الأوامر ، أو لعدم الاعتناء بها ، فيصبح الشخص نائبا عن غيره مع عدم قصد القربة في أصل النيابة . ومن جهة أخرى قد تجب النيابة بسبب الإجارة ، أي إن هذا الأمر التبرعي قد يجب بسبب الإجارة ، وعندئذ لا يخرج النائب عن عهدته إلا بامتثال متعلق الإجارة وهو إتيان الأمر العبادي بقصد القربة ، ولا منافاة بين ذلك وبين أخذ الأجرة ( 1 ) . وهناك تقريبات وتوجيهات أخر لسنا بصدد التعرض لها فعلا . 2 - وأما بالنسبة إلى الواجبات التوصلية ، فنقول : إن الواجب التوصلي تارة يكون عينيا وتارة كفائيا . فإذا كان توصليا عينيا فلا إشكال ظاهرا في أخذ الأجرة عليه ، كما إذا وجب إزالة النجاسة عن الثوب مقدمة للصلاة فيجوز استئجار شخص آخر لذلك . ويشهد لذلك السيرة المتصلة بزمن المعصومين عليهم السلام . وأما إذا كان الواجب توصليا كفائيا ، فإما أن يجب ذلك على الأجير أيضا أو لا ؟ فإذا فرضنا عدم وجوبه كفاية على الأجير فلا إشكال في استئجاره عليه أيضا كما إذا وجب الجهاد على القادرين - الواجدين للشرائط كالمركوب والعتاد وأمثال ذلك - كفاية ، فكان الواجد راغبا عن الذهاب فاستأجر من لا عتاد ولا مركب له ، ودفع له ما يحتاج إليه ، فلا ‹ صفحة 251 › إشكال ظاهرا في صحة الاستئجار في هذه الصورة أيضا ( 1 ) . وأما إذا كان واجبا على المستأجر والأجير - معا - كفاية ، فإن كان المستأجر استأجره لإتيان الواجب من قبل نفس الأجير فيدخل في القسم الأول ، وإن استأجره لإتيان الواجب من قبله أي المستأجر ، فيأتي فيه البحث ، وذلك كمن استأجر شخصا آخر لإزالة النجاسة عن المسجد في حين أنه كان واجبا كفائيا بالنسبة إليهما معا ، أو كمن استؤجر للأمر بالمعروف من قبل المستأجر في حين أنه كان واجبا على الأجير أيضا . والظاهر أنه لا إشكال في هذه الصورة إلا الإشكال المتقدم في القسم الأول وهو : أن الواجب بوجوبه يكون ملكا لله تعالى ، وما كان كذلك فلا يمكن تمليكه للغير ، وقد تقدم الجواب عنه فراجع . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 246 › ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 461 . ( 2 ) المكاسب : 63 ، القضاء للمحقق الرشتي 1 : 86 . ( 3 ) المكاسب : 61 . ( 4 ) مصباح الفقاهة 1 : 461 . ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 468 . ( 2 ) الجواهر 22 : 116 ، والمكاسب : 61 ( الخامس مما يحرم التكسب به ) ، والمستمسك 6 : 227 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 459 ، والمكاسب : 63 . ( 4 ) نفس المصدر . ‹ هامش ص 247 › ( 1 ) الرياض 1 : 505 ، تحرير الوسيلة : المكاسب المحرمة ، المسألة : 18 ، والإجارة ، المسألة : 34 . ( 2 ) مفتاح الكرامة 4 : 92 ، 7 : 196 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 460 . ( 1 ) المكاسب : 62 - 64 ، مصباح الفقاهة 1 : 460 . ( 2 ) المستمسك 6 : 229 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 460 . ‹ هامش ص 248 › ( 1 ) المستمسك 6 : 228 . ( 1 ) الأعراف : 56 . ( 2 ) الأنبياء : 90 . ( 3 ) مصباح الفقاهة 1 : 463 . ‹ هامش ص 249 › ( 1 ) مستند العروة ( الإجارة ) : 375 ومصباح الفقاهة 1 : 471 والمكاسب : 62 والمستمسك 6 : 228 . ( 1 ) القضاء ( للمحقق الرشتي ) 1 : 73 و 80 . ‹ هامش ص 250 › ( 1 ) المكاسب : 65 ، القضاء 1 : 80 . ( 1 ) مصباح الفقاهة 1 : 475 نقلا عن المحقق النائيني . ‹ هامش ص 251 › ( 1 ) راجع الجواهر 21 : 31 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |