عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-21-2010, 06:33 PM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5057 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الشورى عند أمير المؤمنين عليه السلام



[ الرد على الكاتب الكاذب 14 ]

دفع أباطيل الكاتب

- السيد المرتضى المهري –

ص 34 – 37


الشورى عند أمير المؤمنين عليه السلام



يحاول الكاتب ان يثبت ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يؤمن بالشورى كنظام لتعيين القائد وقد تبين بما ذكرناه في فصل الشورى عند أهل البيت عليهم السلام وفصل شعور الامام بالأولوية والأحقية انه عليه السلام كان يرى لنفسه حقا ثابتا بالنص وانه لو كان متمكنا من اخذ حقه بالقوة لحاربهم على ذلك ولو كان يرى ان ذلك حق للناس لم يكن لذلك مبرر وانما كان له الحق في ارشاد الناس وتوجيههم وبيان فضائله لهم ليختاروه ولم يكن له الحق في محاربة من اختاره الناس كما يزعمه ‹ صفحة 35 › دعاة الشورى . ولكن الكاتب يحتج بدخول الامام في الشورى الذي عينها عمر لاختيار أحدهم خليفة واحتجاجه عليه السلام بفضائله ودوره في خدمة الاسلام وعدم إشارته إلى موضوع النص عليه أو تعيينه خليفة من بعد الرسول صلى الله عليه وآله ولو كان حديث الغدير يحمل هذا المعنى لا شار الامام إلى ذلك وحاججهم بما هو أقوى من ذكر الفضائل ص 23 .

والجواب عن ذلك واضح ، فان الإمام ما كان يمكنه هذا الاحتجاج في شورى عينها عمر إذ يستوجب ذلك القدح في خلافته وخلافة من سبقه وهو وان صرح في مواطن عديدة بأنهما غصبا حقه إلا أنه لا يمكنه الاحتجاج في مثل هذه الشورى بذلك فإنه انما دخلها بعد التنازل عن حقه الأول فلا يمكنه الاستناد إليه وهو انما دخل الشورى لئلا يقال ان انتخاب عثمان انما تم من جهة عدم اشتراك علي عليه السلام في الشورى فلو كان لم يدخل في الشورى لاعترض عليه الناس بذلك فأراد أن يقطع عذرهم ويبطل احتجاجهم ليظهر للناس ان انتخاب عثمان انما كان حسب مكيدة لمبتكر الشورى . اذن فدخوله في الشورى لا يدل على قبوله لها ، مع أن هذه الشورى ليست شورى واقعية فلم يشترك فيها المسلمون بأجمعهم ، ولا المهاجرون والأنصار ، بل ولا جميع أهل الحل والعقد ، مع أن كل ذلك تخصيص بلا مبرر ، ثم اختيار هذه المجموعة بما فيهم عبد الرحمن بن عوف مع تمايله إلى صهره عثمان - كما ذكره الإمام علي عليه السلام في الشقشقية - وترجيح المجموعة التي فيها عبد الرحمن بنص الخليفة من دون أي مبرر أو مرجح يكشف لنا المكيدة التي دبرها الخليفة لإزاحة الحق عن أهله ، فهذه لم تكن شورى كيف ما تصورناها بل هي مكيدة سياسية ، ودخول الامام فيها لا يفيد دعاة هذا النظام . واحتجاجه بفضائله دون النص أيضا لا يدل على عدم النص لما ذكرناه من انه لا يمكن الاحتجاج به في تلك المجموعة .

وانما يصح أن يسأل عن وجه عدم استناد الامام إلى النص يوم السقيفة واحتجاجا على الشيخين ، دون يوم الشورى واحتجاجا على مناوئيه ذلك اليوم .

والواقع ان الإمام عليه السلام استند إلى النص يوم السقيفة ولكنه خرج عن داره متأخرا ، وبعد انتهاز الشيخين واتباعهما فرصة اشتغال الإمام عليه السلام بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله ، ومع ذلك فقد كان يخرج الإمام عليه السلام من داره ليلا يأخذ أهل بيته ويمر على أبواب الصحابة ويذكرهم بالنصوص التي صرح بها الرسول صلى الله عليه وآله ، ولكنهم كانوا يعتذرون بسبق بيعتهم لأبي بكر ، كما أن الصحيح الوارد عن طرقنا ان الإمام عليه السلام وأصحابه الذين مر ذكرهم احتجوا على أبي بكر وعمر وحزبهما بالنصوص المذكورة ولكن لم يعيروا لذلك اهتماما واستمروا على نهجهم محتجين بان العرب لا ترضى ان تكون النبوة والخلافة في
‹ صفحة 36 › بيت واحد ، والملاحظ المنصف يحصل له القطع بان الشيخين لم يكتفيا بمنع علي عليه السلام حقه بل حاولا أن لا ينال علي ذلك بعد وفاتهما أيضا ، فتجد انها احتجا عليه بأنه شاب وان مشيخة الصحابة لا يرضون بتأمر شاب عليهم ومع ذلك فلم يرض عمر أن يجعل الخلافة له من بعده ولم يكن الامام آنذاك شابا ، بل حاول بالمكيدة التي ذكرنا شطرا منها في تعيين عناصر الشورى أن يمنعه من الوصول إليه ، ولو لم يقتل عثمان لما آل الأمر إليه عليه السلام بعده أيضا .

هذا وهناك رأي آخر يسلم ان الإمام عليه السلام لم يواجه الحاكمين بنصوص الخلافة ولكنه يرى ان هناك مبررات لهذا السكوت ، ومع انا لا نوافق على ذلك ، بل نعتقد ان الامام وأصحابه وأهل بيته بما فيهم سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها جابهوا الحاكمين بل وسائر الصحابة بتلك النصوص كما مر ذكره ولكنا نذكر هذه الفكرة لأنها تستحق الدراسة والتأمل ومن لم يطمئن بتصريح الامام ، له أن يفسر ذلك بهذا الرأي .

يقول المفكر الاسلامي الكبير سيدنا الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه في كتابه القيم فدك في التاريخ : ونحن نتبين من الصورة المشوشة التي عرفناها عن تلك الظروف والأوضاع ان الاعتراض بتلك النصوص المقدسة والاحتجاج بها في ساعة ارتفع فيها المقياس الزئبقي للأفكار المحمومة والأهواء الملتهبة التي سيطرت على الحزب الحاكم إلى الدرجة العالية كان من التقدير المعقول افتراض النتائج السيئة له لأن أكثر النصوص التي صدرت من رسول الله صلى الله عليه وآله في شأن الخلافة لم يكن قد سمعها الا مواطنوه في المدينة من مهاجرين وأنصار فكانت تلك النصوص اذن الأمانة الغالية عند هذه الطائفة التي لابد أن تصل عن طريقهم إلى سائر الناس في دنيا الاسلام يومئذ والى الأجيال المتعاقبة والعصور المتتالية .

ولو احتج الامام على جماعة أهل المدينة بالكلمات التي سمعوها من رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه وأقام منها دليلا على إمامته وخلافته لكان الصدى الطبيعي لذلك أن يكذب الحزب الحاكم صديق الأمة في دعواه وينكر تلك النصوص التي تمحو من خلافة الشورى لونها الشرعي وتعطل منها معنى الدين .

وقد لا يجد الحق صوتا قويا يرتفع به في قبال ذلك الانكار لأن كثيرا من قريش وفي مقدمتهم الأمويون كانوا طامحين إلى مجد السلطان ونعيم الملك وهم يرون في تقديم الخليفة على أساس من النص النبوي تسجيلا لمذهب الإمامة الإلهية ، ومتى تقررت هذه النظرية في عرف الحكم الاسلامي كان معناها حصر الخلافة في بني هاشم آل محمد الأكرمين وخروج غيرهم من المعركة خاسرا .

وقد نلمح ‹ صفحة 37 › هذا اللون من التفكير في قول عمر لابن عباس معللا اقصاء علي عن الامر : ان قومكم كرهوا ان يجمعوا لكم الخلافة والنبوة ( 1 ) فقد يدلنا هذا على أن اسناد الامر إلى علي في بداية الامر كان معناه في الذهنية العامة حصر الخلافة في الهاشميين وليس لذلك تفسير أولى من أن المفهوم لجمهرة من الناس يومئذ من الخلافة العلوية تقرير شكل ثابت للخلافة يستمد شرعيته من نصوص السماء لا من انتخاب المنتخبين فعلي ان وجد نصيرا من علية قريش يشجعه على مقاومة الحاكمين فإنه لا يجد منهم عضدا في مسألة النص إذا تقدم إلى الناس يحدثهم ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد سجل الخلافة لأهل بيته حين قال :

اني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي الخ . وأما الأنصار فقد سبقوا جميع المسلمين إلى الاستخفاف بتلك النصوص والاستهانة بها إذ حدت بهم الشراهة إلى الحكم إلى عقد مؤتمر في سقيفة بني ساعدة ليصفقوا على يد واحد منهم فلن يجد علي فيهم إذا استدل بالنصوص النبوية جنودا للقضية العادلة وشهودا عليها لأنهم إذا شهدوا على ذلك يسجلون على أنفسهم تناقضا فاضحا في يوم واحد وهذا ما يأبونه على أنفسهم بطبيعة الحال . وليس في مبايعة الأوس لأبي بكر أو قول من قال : لا نبايع الا عليا مناقضة كتلك المناقضة لأن المفهوم البديهي من تشكيل مؤتمر السقيفة ان مسألة الخلافة مسألة انتخاب لا نص فليس إلى التراجع عن هذا الرأي في يوم اعلانه من سبيل .

وأما اعتراف المهاجرين بالأمر فلا حرج فيه لأن الأنصار لم يجتمعوا على رأي واحد في السقيفة وانما كانوا يتذاكرون ويتشاورون ولذا نرى الحباب بن المنذر يحاول بث الحماسة في نفوسهم والاستمالة بهم إلى رأيه بما جلجل به في ذلك الاجتماع من كلام وهو يوضح انهم جمعوا لتأييد فكرة لم يكن يؤمن بها الا بعضهم .

واذن فقد كان الامام يقدر انه سوف يدفع الحزب الحاكم إلى انكار النصوص والاستبسال في هذا الانكار إذا جاهر بها ولا يقف إلى جانبه حينئذ صف ينتصر له في دعواه لان الناس بين من قادهم الهوى السياسي إلى انكار عملي للنص يسد عليهم مجال التراجع بعد ساعات وبين من يرى ان فكرة النص تجعل من الخلافة وقفا على بني هاشم لا ينازعهم فيها منازع . وإذا سجلت الجماعة الحاكمة وأنصارها انكارا للنص واكتفى الباقون بالسكوت في الأقل فمعنى هذا ان النص يفقد قيمته الواقعية وتضيع بذلك مستمسكات الإمامة العلوية كلها ويؤمن العالم الاسلامي الذي كان بعيدا عن مدينة النبي صلى الله عليه وآله على انكار المنكرين لأنه منطق القوة الغالب في ذلك الزمان .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 34 ›

( 1 ) شرح النهج 1 : 131 ، وج 3 : 5 ، البحار 28 : 313 .
( 2 ) راجع البحار 28 : 189 و 208 .

‹ هامش ص 37 ›
( 1 ) راجع تاريخ الكامل ج 3 ص 24 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .




رد مع اقتباس