عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2010, 05:03 AM   #2
الشيخ حسن العبد الله
مشرف


الصورة الرمزية الشيخ حسن العبد الله
الشيخ حسن العبد الله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 232
 تاريخ التسجيل :  Nov 2010
 أخر زيارة : 03-18-2014 (09:42 PM)
 المشاركات : 352 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وقد نص غير واحد من علماء أهل السنة على أن أول من قال بالعول هو عمر :
قال السيوطي : أول من قال بالعول في الفرائض عمر بن الخطاب ( 3 ) .
وقال أبو هلال العسكري : أول من أعال الفرائض عمر رضي الله عنه ( 4 ) .

والعول في الفرائض : هو زيادة فروض الورثة بحيث لا يتسع لها المال .
مثل : امرأة ماتت ولها زوج وأختان لأبوين : فالزوج له النصف ، والأختان لهما الثلثان ،
ولو جعلنا التركة ستة أسهم ، فالزوج له ثلاثة ، والأختان لهما أربعة ، وهي تساوي سبعة ، فتكون قد عالت على أصل المال . ‹ صفحة 170 ›

وذهب الجمهور تبعا لعمر بن الخطاب إلى أن النقص يرد على الجميع ، فتجعل التركة سبعة أسهم ، ويكون للزوج ثلاثة من سبعة ( ثلاثة أسباع ) التركة ، وللأختين أربعة من سبعة ( أربعة أسباع ) .
وذهب الشيعة الإمامية تبعا لأئمة أهل البيت عليهم السلام إلى تقديم أصحاب السهام المؤكدة الذين لا ينتقلون من فرض إلى فرض ، كالزوجين والأبوين على البنات والأخوات ، فيجعل الباقي لهن .
ففي فرض المسألة يأخذ الزوج ثلاثة من ستة ، والباقي للأختين .
وهذا هو رأي ابن عباس رضي الله عنه ، وقد أوضحه في الحديث المذكور آنفا .
قال الزهري : وأيم الله ، لولا أنه تقدم ابن عباس إمام عدل ، فأمضى أمرا فمضى ، وكان أمرا ورعا ، ما اختلف على ابن عباس اثنان من أهل العلم ( 1 ) .

الطائفة الثامنة :

دلت على أن التثويب بدعة .
منها :

ما أخرجه الترمذي عن مجاهد قال : دخلت مع عبد الله بن عمر مسجدا ، وقد أذن فيه ، ونحن نريد أن نصلي فيه ، فثوب المؤذن ، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد ،
وقال : أخرج بنا من عند هذا المبتدع . ولم يصل ( 2 ) .

ومنها :
ما أخرجه أبو داود في سننه عن مجاهد ، قال : كنت مع ابن عمر ، فثوب رجل في الظهر أو العصر ،

قال : أخرج بنا ، فإن هذه بدعة ( 3 ) . والتثويب :
هو قول : ( الصلاة خير من النوم ) أو غيره في أذان صلاة الفجر أو غيرها . ‹ صفحة 171 ›
وقسم بعضهم التثويب إلى قسمين :
تثويب سنة ،
وتثويب بدعة ،
واختلفوا في البدعة من التثويب ،
فقال أحمد بن حنبل وابن المبارك :
هو قول ( الصلاة خير من النوم ) في أذان الفجر .
وقال إسحاق بن راهويه : هو أن المؤذن إذا استبطأ الناس
قال بين الأذان والإقامة : قد قامت الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح .
قال : وهو التثويب الذي كرهه أهل العلم ، والذي أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم ( 1 ) .
قال الترمذي : والذي فسر ابن المبارك وأحمد : أن التثويب أن يقول المؤذن في أذان الفجر : ( الصلاة خير من النوم ) ، وهو قول صحيح . . .
وهو الذي اختاره أهل العلم ورأوه .
وقال الصنعاني في سبل السلام : شرعية التثويب إنما هي في الأذان الأول للفجر ، لأنه لإيقاظ النائم ،
وأما الأذان الثاني فإنه إعلام بدخول الوقت ودعاء إلى الصلاة ( 2 ) .
وقال الزيلعي في نصب الراية : أحاديث التثويب : وهو مخصوص عندنا بالفجر . . . وفيه حديثان ضعيفان :
أحدهما للترمذي وابن ماجة . . .
عن بلال قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب في شئ من الصلاة إلا في صلاة الفجر . .
والحديث الثاني أخرجه البيهقي . . .
ولكن اختلفوا في التثويب ،
فقال أصحابنا - يعني الحنفية - هو أن يقول بين الأذان والإقامة : حي على الصلاة ، حي على الفلاح مرتين .
وقال الباقون : هو قوله في الأذان : الصلاة خير من النوم ( 3 ) .


وحاصل كلامهم
أن التثويب البدعة هو زيادة قول : ( الصلاة خير من النوم ) في أذان الفجر وفي غيرها من الصلوات ، أو زيادة غيرها بين الأذان ‹ صفحة 172 › والإقامة في عامة الصلوات ، وأما زيادة ( الصلاة خير من النوم ) في الأذان الأول في الفجر فهو سنة عندهم .
ومنه يتضح أن ما يفعله أهل السنة في هذه الأعصار من قول ( الصلاة خير من النوم ) في أذان الفجر فهو بدعة .

هذا إذا صحت الروايات الدالة على أن ( الصلاة خير من النوم ) جزء من الأذان الأول لصلاة الصبح ،
والذي يظهر من بعض الروايات أن عمر بن الخطاب هو أول من وضعها في أذان صلاة الفجر ،

فقد أخرج مالك في الموطأ أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر يؤذنه لصلاة الصبح ، فوجده نائما ،
فقال : الصلاة خير من النوم . فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح ( 1 ) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بلفظ متقارب ( 2 ) .

وأخرج الدارقطني في سننه عن ابن عمر ، عن عمر
أنه قال لمؤذنه : إذا بلغت ( حي على الفلاح ) في الفجر ،
فقل : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ( 3 ) .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار :
قال في البحر :
أحدثه عمر فقال ابنه : هذه بدعة .
وعن علي عليه السلام حين سمعه : لا تزيدوا في الأذان ما ليس منه ( 4 ) .
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
قال : ما ابتدعوا بدعة أحب إلي من التثويب في الصلاة . يعني العشاء والفجر ( 5 ) . ‹ صفحة 173 ›
فعلى ذلك تكون هذه الجملة بدعة في أي أذان قيلت .

ولا يعتد بكلام السرخسي في المبسوط :
أما المتأخرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات ، لأن الناس قد ازداد بهم الغفلة ، وقلما يقومون عند سماع الأذان ، فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام ( 1 ) .
وذلك لأنه إذا كان بدعة كما نص عليه أعلام أهل السنة فلا يختلف الحال فيها في جميع الأزمان والأحوال ، فلا يصح أن يزاد في الأذان أو في غيره من العبادات أية زيادة بأي اعتبار من الاعتبارات . * * * * *

هذا قليل من كثير ، وأمثاله لا يكاد يحصى ، وهو مبثوث في كتبهم ، ولو أردنا أن نستقصي أشباه هذه الطوائف لطال بنا المقام ، وفيما ذكرناه كفاية .

محاولات لتحريف الأحكام لم يكتب لها الدوام :

ودلت أحاديث أخرى صحيحة على أن القوم خالفوا السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن هذه المخالفات لم يكتب لها الدوام ، فاندثرت واضمحلت ، ولم تصبح أحكاما في الدين ، ولم يفت على طبقها أحد المفتين .
وهذه الأحاديث أيضا نقسمها إلى طوائف : الطائفة الأولى :
دلت على أن منهم من صلى بالناس في منى تماما مع ثبوت الصلاة قصرا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
منها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما - واللفظ لمسلم - والنسائي وأبو داود والدارمي في سننهم وغيرهم عن عبد الرحمن بن يزيد

قال : صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات ، فقيل ذلك ‹ صفحة 174 › لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فاسترجع ( 1 ) ، ثم قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وصليت مع أبي بكر رضي الله عنه بمنى ركعتين ، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين ، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان ( 2 ) . ومنها :
ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، والنسائي والدارمي في سننهما ، وأحمد في المسند عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وأبي بكر وعمر ، ومع عثمان صدرا من إمارته ، ثم أتمها ( 3 ) .
وزاد مسلم : فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعا ، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين .

الطائفة الثانية :
دلت على أن بعضهم ابتدع النداء الثالث لصلاة الجمعة ، مع أن ذلك لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
منها :
ما أخرجه البخاري في صحيحه - واللفظ له - ، والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة في سننهم ، وأحمد في المسند عن السائب بن يزيد قال : إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فلما كان في خلافة عثمان ‹ صفحة 175 › رضي الله عنه وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث ، فأذن به على الزوراء ( 1 ) ،

فثبت الأمر على ذلك ( 2 ) .

ومنها :
ما أخرجه البخاري في صحيحه عن السائب بن يزيد قال : إن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر أهل المدينة ، ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد ، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام ، يعني على المنبر ( 3 ) .

الطائفة الثالثة :
دلت على أن بعضهم جعل الخطبة في العيدين قبل الصلاة ، مع أنها كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الصلاة .


منها :
ما أخرجه مسلم في صحيحه ، والترمذي في سننه ، عن طارق بن شهاب ، قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ، فقام إليه رجل

فقال : الصلاة قبل الخطبة .
فقال : قد ترك ما هنالك . . . ( 4
وعند البخاري : فارتفع فخطب قبل الصلاة ، فقلت له : غيرتم والله .
فقال : أبا سعيد ، قد ذهب ما تعلم . فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم . فقال : إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة ، فجعلتها قبل الصلاة ( 5 ) . ‹ صفحة 176 ›

ومنها :

ما أخرجه أبو داود وابن ماجة في سننهما ، وأحمد في المسند وغيرهم عن أبي سعيد الخدري ،
قال : أخرج مروان المنبر في يوم عيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة ،
فقام رجل فقال : يا مروان ، خالفت السنة ، أخرجت المنبر في يوم عيد ، ولم يكن يخرج فيه ، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة . . . ( 1 )
قال الزرقاني : في الصحيحين عن ابن عباس : شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة .
قال : واختلف في أول من غير ذلك ، ففي مسلم عن طارق بن شهاب : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان .
وفي ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن البصري : أول من خطب قبل الصلاة عثمان ، صلى بالناس ثم خطبهم ، أي على العادة ، فرأى الناس لم يدركوا الصلاة . . .
فصار يخطب قبل الصلاة . . .
ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحيانا ، بخلاف مروان فواظب عليه ، فلذا نسب إليه . وقال : وروي عن عمر مثل فعل عثمان . . . وهذا إسناد صحيح . . . وأخرج الشافعي عن عبد الله بن ي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 169 › ( 1 ) صحيح البخاري 1 / 193 مواقيت الصلاة ، ب 33 ( ط مرقمة ) . صحيح مسلم 1 / 572 صلاة المسافرين ، ب 54 . سنن النسائي 1 / 304 - 305 ( ط محققة ) . وعند أبي داود 2 / 25 : ما من يوم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر ركعتين . ( صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 238 ) . سنن الدارمي 1 / 334 . ( 2 ) المستدرك 4 / 340 قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . السنن الكبرى 6 / 253 . أحكام القرآن 2 / 90 . المغني 7 / 27 . المحلى 8 / 279 . ( 3 ) الوسائل في مسامرة الأوائل ، ص 48 . وذكر ذلك في أوليات عمر في تاريخ الخلفاء ، ص 108 . ( 4 ) الأوائل 1 / 256 . ‹ هامش ص 170 › ( 1 ) أحكام القرآن 2 / 90 . السنن الكبرى 6 / 253 . المحلى 8 / 281 . ( 2 ) سنن الترمذي 1 / 381 . ( 3 ) سنن أبي داود 1 / 148 ح 538 . أورده الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 108 ح 504 وقال : حسن . وكذلك في إرواء الغليل 1 / 254 . السنن الكبرى 1 / 424 . ‹ هامش ص 171 › ( 1 ) نقلنا كلا القولين عن سنن الترمذي 1 / 380 . ( 2 ) سبل السلام 1 / 250 . ( 3 ) نصب الراية 1 / 279 . ‹ هامش ص 172 › ( 1 ) الموطأ ، ص 42 ، ح 151 . ( 2 ) المصنف 1 / 189 ح 2159 . ( 3 ) سنن الدارقطني 1 / 243 . ( 4 ) نيل الأوطار 2 / 38 . ( 5 ) المصنف 1 / 190 ح 2170 . وهو حديث صحيح عندهم ، رواه ابن أبي شيبة عن وكيع ، عن سفيان ، عن ابن الأصبهاني ، وهو عبد الرحمن بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وكلهم ثقات عندهم . ‹ هامش ص 173 › ( 1 ) المبسوط 1 / 131 . ‹ هامش ص 174 › ( 1 ) أي قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . ( 2 ) صحيح البخاري 1 / 325 تقصير الصلاة ، ب 2 ( ط مرقمة ) . صحيح مسلم 1 / 483 صلاة المسافرين ، ب 2 . سنن أبي داود 2 / 199 . صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 369 . ( 3 ) صحيح البخاري 1 / 325 تقصير الصلاة ، ب 2 ، 1 / 492 الحج ، ب 84 ( ط مرقمة ) . صحيح مسلم 1 / 482 صلاة المسافرين ، ب 2 . سنن النسائي 3 / 136 . صححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1 / 313 . مسند أحمد بن حنبل 5 / 208 ( ط محققة ) . سنن الدارمي 2 / 55 . ‹ هامش ص 175 › ( 1 ) الزوراء : موضع بالمدينة عند السوق . وفي سنن ابن ماجة 1 / 359 : أنها دار في السوق يقال لها الزوراء . ( 2 ) صحيح البخاري 1 / 272 الجمعة ، ب 25 . سنن الترمذي 2 / 392 قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . سنن النسائي 2 / 111 ( ط محققة ) . سنن أبي داود 1 / 285 . سنن ابن ماجة 1 / 359 . وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1 / 301 ، وصحيح سنن ابن ماجة 1 / 187 ، وصحيح سنن أبي داود 1 / 203 . مسند أحمد بن حنبل 3 / 450 . ( 3 ) صحيح البخاري 1 / 272 الجمعة ، ب 22 ( ط مرقمة ) . ( 4 ) صحيح مسلم 1 / 69 الإيمان ، ب 20 . وفي 2 / 605 صلاة العيدين ، ح 9 . سنن الترمذي 4 / 469 ح 2172 ، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ( 5 ) صحيح البخاري 1 / 287 العيدين ، ب 6 ( ط مرقمة ) . ‹ هامش ص 176 › ( 1 ) سنن أبي داود 1 / 297 . وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 211 . سنن ابن ماجة 1 / 406 ح 1275 . وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1 / 215 ح 1053 . مسند أحمد بن حنبل 3 / 10 ، 20 ، 52 ، 54 ، 92 . ( 2 ) شرح الزرقاني على موطأ مالك 1 / 513 . ( 3 ) نيل الأوطار 3 / 294 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مسائل خلافية حار فيها أهل السنة - الشيخ علي آل محسن - ص 176 - 182
زيد نحو حديث ابن عباس ، وزاد : حتى قدم معاوية ، فقدم الخطبة .
وهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعا لمعاوية ، لأنه كان أمير المدينة من جهته ( 2 ) .
وذكر الشوكاني في نيل الأوطار نحو ذلك ( 3 ) .

أقول :

المتحصل من كل هذه الروايات أن أول من قدم الخطبة يوم العيد ‹ صفحة 177 › هو عمر ، إلا أنه فعل ذلك قليلا ، وكذا صنع عثمان ، ثم صارت سنة جارية في زمن معاوية ، فعلها هو وأمراؤه كمروان في المدينة ، وزياد بالبصرة .

الطائفة الرابعة :

دلت على أن بعضهم ابتدع الأذان لصلاة العيدين ، مع أن ذلك لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب ،
قال : أول من أحدث الأذان في العيدين معاوية ( 1 ) .

قال الشافعي في كتاب الأم : أخبرنا الثقة عن الزهري أنه قال : لم يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لأبي بكر ولا لعمر ولا لعثمان في العيدين ، حتى أحدث ذلك معاوية بالشام ، فأحدثه الحجاج بالمدينة حين أمر عليها .
وقال الزهري : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر في العيدين المؤذن أن يقول : الصلاة جامعة ( 2 ) .
هذا وقد نص بعض أعلام أهل السنة على ذلك : قال ابن حجر في فتح الباري :

واختلف في أول من أحدث الأذان فيها - أي في صلاة العيد -
فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب أنه معاوية .
وروى الشافعي عن الثقة عن الزهري مثله ( 3 ) . وهي عين عبارة الزرقاني في شرح الموطأ ( 4 ) .

وقال القسطلاني : أول من أحدث الأذان فيها معاوية .
رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ( 5 ) . وقال الشوكاني : وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن المسيب ‹ صفحة 178 › قال : أول من أحدث الأذان في العيد معاوية ( 1 ) .


الصلاة لم تسلم من التحريف :
لقد مر بنا بعض ما ابتدع في الصلاة ، كإحداث صلاة التراويح ، والصلاة في منى تماما ، والتثويب في الأذان ، والأذان لصلاة العيدين ، والأذان الثالث يوم الجمعة ، وجعل خطبة العيدين قبل الصلاة وغير ذلك . وأما ما ابتدع في الصلاة نفسها فسيأتي ذكر بعضه قريبا ،
وحسبك ما تجده من الاختلافات الكثيرة بين المذاهب الأربعة وغيرها من مذاهبهم في كل أحكام الصلاة تقريبا : من التكبير إلى التسليم ،
فراجع الكتب المعدة لذلك ككتاب الفقه على المذاهب الأربعة ، وكتاب بداية المجتهد ، وكتاب رحمة الأمة في اختلاف الأئمة وغيرها لتدرك صحة ما قلناه .
وللدلالة على كثرة تلكم الاختلافات انظر الفرق بين الصلاة الصحيحة عند أبي حنيفة والصلاة الصحيحة عند غيره ،
وسنذكرها فيما يأتي من الكلام .


ولا بأس أن ننقل بعض فقرات مما قاله ابن رشد في اختلافهم في الصلاة ، ليتبين للقارئ العزيز صحة ما قلناه :
قال ابن رشد في بيان اختلافهم في أقوال الصلاة فقط دون أفعالها :
اختلف العلماء في التكبير على ثلاثة مذاهب :
فقوم قالوا : إن التكبير كله واجب في الصلاة ،
وقوم قالوا : إنه كله ليس بواجب . وهو شاذ ،
وقوم أوجبوا تكبيرة الإحرام فقط .

وقال مالك : لا يجزئ من لفظ التكبير إلا : الله أكبر .
وقال الشافعي : ( الله أكبر ) و ( الله الأكبر ) اللفظان كلاهما يجزئ .

وقال أبو حنيفة : يجزئ من لفظ التكبير كل لفظ في معناه ، مثل : الله الأعظم والله الأجل .
وذهب قوم إلى أن التوجيه في الصلاة واجب ، وهو أن يقول بعد التكبير : ‹ صفحة 179 › ( وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ) ، وهو مذهب الشافعي ،
وإما أن يسبح ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وإما أن يجمع بينهما ، وهو مذهب أبي يوسف وصاحبه .
وقال مالك : ليس التوجيه بواجب ولا سنة . وقد ذهب قوم إلى استحسان سكتات كثيرة في الصلاة ،
منها حين يكبر ، ومنها حين يفرغ من قراءة أم القرآن ، وإذا فرغ من القراءة قبل الركوع ،

وممن قال بهذا الشافعي وأبو ثور والأوزاعي ،
وأنكر ذلك مالك وأصحابه ، وأبو حنيفة وأصحابه .
واختلفوا في قراءة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في افتتاح القراءة في الصلاة ، فمنع ذلك مالك في الصلاة المكتوبة ، جهرا كانت أو سرا ، لا في استفتاح أم القرآن ولا في غيرها من السور ،
وأجاز ذلك في النافلة .
وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد : يقرؤها مع أم القرآن في كل ركعة سرا .
وقال الشافعي : يقرؤها ، ولا بد في الجهر جهرا ، وفي السر سرا ، وهي عنده آية من فاتحة الكتاب ، وبه قال أحمد وأبو ثور وأبو عبيد .
واختلف قول الشافعي ، هل هي آية من كل سورة ، أم إنما هي آية من سورة النمل فقط ، ومن فاتحة الكتاب ؟
فروي عنه القولان جميعا .
واختلفوا في القراءة الواجبة في الصلاة ، فرأى بعضهم أن الواجب من ذلك أم الكتاب لمن حفظها ، وأن ما عداها ليس فيه توقيت ، ومن هؤلاء من أوجبها في كل ركعة ، ومنهم من أوجبها في أكثر الصلاة ،
ومنهم من أوجبها في نصف الصلاة ،
ومنهم من أوجبها في ركعة من الصلاة . وبالأول قال الشافعي ، وهي أشهر الروايات عن مالك ،
وقد روي عنه أنه من قرأها في ركعتين من الرباعية أجزأته .
وأما من رأى أنها تجزئ في ركعة ، فمنهم الحسن البصري وكثير من فقهاء البصرة . وأما أبو حنيفة فالواجب عنده إنما هو قراءة أي آية اتفقت أن تقرأ ، وحد أصحابه في ذلك ثلاث آيات قصار أو آية طويلة مثل آية الدين .
وهذا في الركعتين الأوليين ، وأما في الأخيرتين فيستحب عنده التسبيح فيهما دون القراءة ، وبه قال الكوفيون ، والجمهور يستحبون القراءة فيها كلها . ‹ صفحة 180 ›
واتفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود . . .
وبه أخذ فقهاء الأمصار ،
وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك ، وهو مذهب البخاري .
واختلفوا هل الركوع والسجود قول محدود يقوله المصلي أم لا ؟
فقال مالك : ليس في ذلك قول محدود .
وذهب الشافعي وأبو حنيفة وأحمد وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم ) ثلاثا ،
وفي السجود : ( سبحان ربي الأعلى ) ثلاثا . وكذلك اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله ، فكره ذلك مالك . . .


وقالت طائفة : يجوز الدعاء في الركوع . . .
وأبو حنيفة لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن ،
ومالك والشافعي يجيزان ذلك .
واختلفوا في التشهد وفي المختار منه ، فذهب مالك وأبو حنيفة وجماعة إلى أن التشهد ليس بواجب ،

وذهبت طائفة إلى وجوبه ،
وبه قال الشافعي وأحمد وداود .
وأما المختار من التشهد
فإن مالكا رحمه الله اختار تشهد عمر رضي الله عنه . . . الذي كان يعلمه الناس على المنبر . . .
واختار أهل الكوفة وأبو حنيفة وغيره تشهد عبد الله بن مسعود . . .
وبه قال أحمد وأكثر أهل الحديث . . . واختار الشافعي وأصحابه تشهد عبد الله بن عباس .

وقد اشترط الشافعي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ،
وقال : إنها فرض . . .
وذهب قوم من أهل الظاهر إلى أنه واجب أن يتعوذ المتشهد من الأربع التي جاءت في الحديث من عذاب القبر ، ومن عذاب جهنم ، ومن فتنة المسيح الدجال ، ومن فتنة المحيا والممات .
واختلفوا في التسليم من الصلاة ، فقال الجمهور بوجوبه ،
وقال أبو حنيفة وأصحابه : ليس بواجب ، والذين أوجبوه منهم من قال الواجب على المنفرد والإمام تسليمة واحدة ،
ومنهم من قال : اثنتان . ‹ صفحة 181 › واختلفوا في القنوت ،
فذهب مالك إلى أن القنوت في صلاة الصبح مستحب .
وذهب الشافعي إلى أنه سنة .
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجوز القنوت في صلاة الصبح ، وأن القنوت إنما موضعه الوتر ،
وقال قوم : بل يقنت في كل صلاة .
وقال قوم : لا قنوت إلا في رمضان .
وقال قوم : بل في النصف الأخير منه .
وقال قوم : بل في النصف الأول منه ( 1 ) . هذا شئ مما ذكره في اختلافاتهم في أقوال الصلاة ، والاختلاف في أفعال الصلاة أكثر ، وما ذكرناه كاف في الدلالة على ما قلناه . ومنه يتضح مدى ما وقع على الصلاة من جور التحريف والتبديل ، حتى ضاعت معالمها ، وتهدمت أركانها ، وتغيرت هيئتها . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

بدع كثيرة ذكروها :

لقد ذكر علماء أهل السنة جملة كثيرة من البدع الأخرى التي أحدثها الخلفاء ، وهي كثيرة جدا وذكرها يخرجنا عن موضوع الكتاب ، وحيث أنا لا نريد البحث فيها ، فإنا نذكر جملة منها ،
وللقارئ العزيز أن يراجع فيها المطولات . منها ( 2 ) :
1 - أول من نقص التكبير معاوية ، كان إذا قال : ( سمع الله لمن حمده ) انحط إلى السجود ، ولم يكبر .

وقيل : زياد . 94 ، 95 ) ( ص 164 2 - أول من ترك قنوت في الصبح معاوية . 97 ) 3 - أول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات : عمر .
24 ) ( ص 113 ) ‹ صفحة 182 ›
ورووا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الجنائز أربعا أو خمسا ، وأول من جمع الناس على أربع فقط هو عمر ( 1 ) .
3 - أول من جهر بالتسليم عمر بن الخطاب ، فأنكرت عليه الأنصار

وقالوا : ما شأنك ؟
قال : أردت أن يكون أذانا . . .
وقوله : ( أذانا ) أي إعلاما بانتهاء الصلاة . 98 ، 99 ) 4



- أول من خفض صوته بالتكبير عثمان . 93 )
5 - أول من أحدث المحراب المجوف عمر بن عبد العزيز حين بنى المسجد النبوي . 92 ) 6 - أول من عمل المقصورة في المسجد معاوية ، لأنه رأى على منبره كلبا ، وقيل : مروان بن الحكم ، لأنه ضرب بسكين وهو يصلي . . .
وقيل : عثمان بن عفان ، خوفا أن يصيبه ما أصاب عمر . 89 ) ( ص 163
7 - أول من أمر المؤذن أن يشعره ويناديه ، فيقول : ( السلام على أمير المؤمنين ، الصلاة يرحمك الله ) معاوية .

قال ابن عبد البر : وقيل : إن المغيرة بن شعبة أول من فعل ذلك .
والأول أصح . 76
8 - أول من خطب جالسا معاوية ، حين كثر شحمه وعظم بطنه .

وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما وأبو بكر وعمر وعثمان ،
وإن أول من جلس على المنبر في الجمعة معاوية بن أبي سفيان . 23 1 ، 124 ) ( ص 164
9 - أول من خطب بمكة على منبر معاوية بن أبي سفيان ، قدم به من الشام سنة حج في خلافته ، وكا

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 176 › ( 1 ) سنن أبي داود 1 / 297 . وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 211 . سنن ابن ماجة 1 / 406 ح 1275 . وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1 / 215 ح 1053 . مسند أحمد بن حنبل 3 / 10 ، 20 ، 52 ، 54 ، 92 . ( 2 ) شرح الزرقاني على موطأ مالك 1 / 513 . ( 3 ) نيل الأوطار 3 / 294 . ‹ هامش ص 177 › ( 1 ) المصنف 1 / 491 . ( 2 ) كتاب الأم 1 / 235 . ( 3 ) فتح الباري 2 / 362 . ( 4 ) شرح الزرقاني على موطأ مالك 1 / 512 . ( 5 ) إرشاد الساري 2 / 211 . ‹ هامش ص 178 › ( 1 ) نيل الأوطار 3 / 295 . ‹ هامش ص 181 › ( 1 ) نقلنا مقتطفات من كلام ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ، ص 121 - 133 . ( 2 ) نقلناه من كتاب ( الوسائل في مسامرة الأوائل ) للسيوطي ، وأدرجنا أرقام الكتاب بعد كل بند ذكرناه . ثم أدرجنا بعدها أرقام صفحات البند نفسه إن وجد من كتاب الأوائل للعسكري ، ط العلمية . ‹ هامش ص 182 › ( 1 ) رواه البيهقي في السنن الكبرى 4 / 37 ، وصححه ابن حجر في فتح الباري 3 / 157 وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص 108 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مسائل خلافية حار فيها أهل السنة - الشيخ علي آل محسن - ص 182 - 190
نت الخلفاء والولاة يخطبون يوم الجمعة على أرجلهم قياما في وجه الكعبة وفي الحجر . 252
10 - أول من فوض إلى الناس إخراج زكاتهم عثمان . ( 189 ) ( ص 125 ‹ صفحة 183 ›
11 - أول من حمى الحمى عثمان . 190 ) ( ص 123
12 - أول من جعل مدين حنطة في زكاة الفطر عدل صاع من تمر : عثمان . 191
13 - أول من جعل العشور : عمر بن الخطاب .
وأخرج ابن أبي شيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليس على المسلم عشور ، إنما على اليهود والنصارى . ( 201 ، 203 14 - أول من قنت في النصف الأخير من رمضان : عمر . ( 210
15 - أول من ركب عند رمي الجمار ذاهبا وراجعا : معاوية بن أبي سفيان ، وكان الناس يمشون . ( 218 ، 253
16 - أول من فرق بين الرجال والنساء في الطواف : خالد القسري والي مكة لعبد الملك بن مروان ، فاستمر ذلك إلى اليوم . 44 2 ، 245 )
17 - أول من أدار الصفوف حول الكعبة : خالد بن عبد الله القسري . وعن عقبة بن الأزرق : كان الناس يقومون قيام شهر رمضان في أعلى المسجد الحرام . . . فلما ولي خالد القسري مكة لعبد الملك بن مروان ، وحضر شهر رمضان أمر خالد القراء أن يتقدموا ويصلوا خلف المقام ، وأدار الصفوف حول الكعبة ، وذلك أن الناس ضاق عليهم أهل المسجد ، فأدارهم حول الكعبة . فقيل له : تقطع الطواف لغير المكتوبة ؟ قال : فأنا آمرهم يطوفون بين كل ترويحتين سبعا .
فأمرهم يفصلون بين كل ترويحتين بطواف سبع . . . 49 2

18 - أول من اتخذ المحامل في زمن الحجاج ، وإنما كانوا يحجون على الرحال . أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وذكره المبرد في الكامل .
وفي ذلك يقول الراجز : أول عبد عمل المحاملا * أخزاه ربي عاجلا وآجلا 269 ، 270 19 - أول من استلحق بنسبه في الإسلام : معاوية ، استلحق زياد بن ‹ صفحة 184 › أبيه . 29 3 ) ( ص 167
20 - أول من سن للصداق أربعمائة درهم : عمر بن عبد العزيز . 33 3
21 - أخرج ابن سعد عن الشعبي : أن أول رأس حمل في الإسلام ، وأول رأس رفع على خشبة رأس الحسين عليه السلام . 29 4 ، 430 22 - أول من سمي ( أمير المؤمنين ) : عمر . 491 ) ( ص 103
23 - أول من عهد بالخلافة : أبو بكر . ( 615 ) ( ص 102
24 - أول من أقطع الأرضين : عثمان . ( 625 ) ( ص 122 25
- أول الملوك : معاوية . 29 6
26 - أول من بايع لولده : معاوية . ( 630 ) ( ص 159
27 - قال مالك : أول من استقضى : معاوية . 684
28 - أول من قضى بشهادة الغلمان : مروان بن الحكم . 697 ) .
29 - أول من أحلف بالطلاق : سنان بن سلمة وكان عاملا على كرمان ، ولاه زياد بن أبيه زمن معاوية . ( 707 ، 708 ) .
30 - أول من جمع الناس في القرآن على حرف واحد : عثمان . أخرجه البخاري ( 716 ) .

لفت نظر :

ربما يظن لأول وهلة أن بعض ما أدرجناه في هذه البدع ليس من البدع ، مثل : أن معاوية هو أول الملوك ، وأول من بايع لابنه . إلا أنه بعد التأمل يتضح أن الأمر كما قلناه ، وذلك لأن الاستيلاء على أمور المسلمين بالقهر والغلبة ، لا بالنص ولا بالشورى ، مما لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يرد في شئ من آيات الكتاب ، أو أحاديث السنة المطهرة ، بل الوارد خلافه ، وكذلك الحال في جعل الخلافة كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء ، فإن بعض الأحاديث وصفت ذلك ‹ صفحة 185 › بالملك العضوض . وكل ما لم يكن مأمورا به ، بل كان منهيا عنه وجعل من الدين فهو بدعة ، وهكذا الحال في غير هذين الأمرين . محرمات عند أهل السنة جوزتها الأحاديث : لو ألقينا نظرة فاحصة على فتاوى علماء أهل السنة ،
وتأملنا الأحاديث الصحيحة التي يروونها في صحاحهم وغيرها ،
لوجدنا أن هناك كما هائلا من الأحكام عندهم تصطدم مع رواياتهم ، وهي كثيرة ،
ونحن سنذكر بعضا منها :
1 - نكاح المتعة : وقد مر الكلام فيها . 2
- الجمع بين الصلاتين لا لعذر : لم يجوزه أحد من أصحاب المذاهب الأربعة : قال ابن رشد في بداية المجتهد : وأما الجمع في الحضر لغير عذر ، فإن مالكا وأكثر الفقهاء لا يجيزونه ، وأجاز ذلك جماعة من أهل الظاهر ، وأشهب من أصحاب مالك ( 1 ) .
وقال الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم : أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة . ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض ، وبه يقول أحمد وإسحاق ، وقال بعض أهل العلم : يجمع بين الصلاتين في المطر ، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق . ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين ( 2 ) .
وجوزه الشيعة الإمامية ، ودلت عليه أخبار رووها في الصحاح وغيرها .
منها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأحمد والطيالسي في مسنديهما ، عن ابن عباس قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا : ‹ صفحة 186 › الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ( 1 ) .
ومنها : ما أخرجه مسلم في صحيحه ، ومالك في الموطأ ، وأبو داود والنسائي في سننهما ، وأحمد في المسند ، وابن خزيمة في صحيحه ، وأبو عوانة في مسنده ، والبيهقي في السنن وغيرهم ، عن ابن عباس قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا ، في غير خوف ولا سفر ( 2 ) .
ومنها : ما أخرجه مسلم في صحيحه ، والترمذي وأبو داود والنسائي في سننهم ، وأحمد في المسند ، وأبو عوانة في مسنده ، والبيهقي في السنن ، وغيرهم عن ابن عباس قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة ، في غير خوف ولا مطر . . .
قال : قلت لابن عباس : لم فعل ذلك ؟
قال : كي لا يحرج أمته ( 3 ) . ‹ صفحة 187 ›
ومنها : ما أخرجه مسلم في صحيحه ، وأحمد في المسند ، وأبو عوانة في مسنده ، عن عبد الله بن شقيق ،
قال : خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم . وجعل الناس يقولون : الصلاة .
قال : فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني : الصلاة الصلاة .
فقال ابن عباس : أتعلمني بالسنة ؟ لا أم لك .
ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء .
قال عبد الله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شئ ، فأتيت أبا هريرة ، فسألته فصدق مقالته ( 1 ) .
وفي رواية أخرى قال : لا أم لك ، أتعلمنا بالصلاة ؟
وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 2 ) .
وقولهم : ( إن هذه الأحاديث محمولة على أن الجمع بين الصلاتين كان لأجل المطر ) . يرده ما ذكر في بعضها ، من أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى سبعا وثمانيا في غير خوف ولا مطر .
وفي بعضها : في غير خوف ولا سفر .
والجمع بينها يقتضي أنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين في غير خوف ولا سفر ولا مطر .
ثم إن التعليل الوارد في أكثر تلك الأحاديث ، وهو قول ابن عباس : ( أراد ألا يحرج أمته )
يدل على أن الجمع لم يكن لعذر من تلك الأعذار ، فإن تفريق الصلوات كثيرا ما يكون فيه حرج نوعي ، وهذا ملاحظ في البلاد التي ‹ صفحة 188 › تتعطل فيها جميع المصالح العامة لأجل إقامة الجماعة بعد دخول وقت الصلاة .
3 - التكبير على الجنائز خمسا :
قال ابن المنذر : ذهب أكثر أهل العلم إلى أن التكبير أربع ، وفيه أقوال أخر ( 1 ) .
أقول : ذهبت الإمامية إلى أن التكبيرات على الجنائز خمس ، ودل على ذلك الأحاديث الصحيحة التي رواها أهل السنة :
منها : ما أخرجه مسلم في صحيحه ، والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي والدارقطني في سننهم ، وأحمد والطيالسي في مسنديهما ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ،
قال : كان زيد يكبر على جنائزنا أربعا ، وإنه كبر على جنازة خمسا .
فسألته فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها ( 2 ) .
4 - وجوب الإفطار للسفر : ذهب أئمة المذاهب الأربعة إلى أن المكلف إذا سافر بالشروط المذكورة في محلها فهو مخير بين الصيام والإفطار ، واختلفوا في أيهما الأفضل ، فذهب أحمد وإسحاق أن الفطر أفضل وإن لم يشق عليه الصوم .
وذهب مالك وسفيان الثوري وابن المبارك إلى أن من وجد قوة فالصيام له أفضل . وذهب الشافعي ‹ صفحة 189 › وأبو حنيفة إلى أن الصيام أفضل إلا إذا حصلت له مشقة فالفطر أفضل ( 1 ) .
وذهب الشيعة الإمامية إلى وجوب الإفطار ، وقد دلت عليه أحاديث رووها في كتبهم : منها :
ما أخرجه مسلم في صحيحه ، والترمذي والنسائي والبيهقي في سننهم ، وابن خزيمة في صحيحه ، والطيالسي في مسنده ، وغيرهم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان ، فصام حتى بلغ كراع الغميم ، فصام الناس . ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ، ثم شرب فقيل له بعد ذلك :
إن بعض الناس قد صام .
فقال : أولئك العصاة ، أولئك العصاة ( 2 ) .
ومنها :
ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي في سننهم ، وأحمد والطيالسي في مسنديهما ، والحاكم في المستدرك ، وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم ،
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : ليس من البر الصيام في السفر ( 3 ) . ‹ صفحة 190 ›
والبر هو الطاعة والعبادة كما نص عليه ابن الأثير وغيره .
قال ابن الأثير : وفي حديث الاعتكاف : البر يردن أي الطاعة والعبادة ، ومنه الحديث : ليس من البر الصيام في السفر ( 1 ) . وعليه لا يكون الصيام في السفر عبادة ولا طاعة ، فيكون غير مشرعا ولا مأمورا به ، فيتعين حينئذ الإفطار .
وقالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك لما رأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه ، فقال : ما هذا ؟
فقالوا : صائم . . .
وهذا يدل على أن الصيام الذي هو ليس ببر إنما هو الصيام الذي تكون معه مشقة ، لا مطلق الصيام في السفر .
وهذا مردود بأن خصوص المورد لا يخصص الوارد ، فإن لفظ ( الصيام ) في الحديث مطلق غير مقيد بحالة حصول المشقة والحرج ، فلا يصح تخصيصه بما حدث في تلك الواقعة . على أن ال

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 182 › ( 1 ) رواه البيهقي في السنن الكبرى 4 / 37 ، وصححه ابن حجر في فتح الباري 3 / 157 وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص 108 . ‹ هامش ص 185 › ( 1 ) بداية المجتهد 1 / 173 . ( 2 ) سنن الترمذي 1 / 357 . ‹ هامش ص 186 › ( 1 ) صحيح البخاري 1 / 182 مواقيت الصلاة ، ب 12 ( ط مرقمة ) ، 1 / 186 ب 18 ، 1 / 348 التهجد ، ب 30 . صحيح مسلم 1 / 491 صلاة المسافرين ، ب 6 . مسند أحمد بن حنبل 3 / 280 ح 1918 ، 3 / 283 ح 1929 ، 4 / 154 ح 2465 ، ص 201 ح 2582 ، 5 / 92 ح 3265 ، ص 134 ح 3397 ( ط شاكر ) . مسند أبي داود الطيالسي ، ص 341 ، 342 ، ح 2164 ، 2629 . ( 2 ) صحيح مسلم 1 / 489 صلاة المسافرين ، ب 6 . الموطأ ، ص 73 ح 327 ، سنن أبي داود 2 / 6 ح 1210 ، 1214 . صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 224 ح 1068 . سنن النسائي 1 / 315 ح 600 . صحح الألباني في صحيح سنن النسائي 1 / 130 ح 585 . مسند أحمد بن حنبل 3 / 292 ح 1953 ، 4 / 191 ح 2557 ( ط شاكر ) ، صحيح ابن خزيمة 2 / 85 ح 971 . مسند أبي عوانة 2 / 353 . السنن الكبرى 3 / 166 ، 167 . ( 3 ) صحيح مسلم 1 / 490 صلاة المسافرين ، ب 6 . سنن الترمذي 1 / 354 ح 187 ، سنن أبي داود 2 / 6 ح 1211 . صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1 / 224 ح 1070 . سنن النسائي 1 / 315 ح 601 . صححه الألباني في صحيح سنن النسائي 1 / 130 ح 586 وفي إرواء الغليل 3 / 34 ح 579 . مسند أحمد بن حنبل 5 / 81 ح 3235 ، ص 113 ح 3323 ( ط شاكر ) . مسند أبي عوانة 2 / 353 . سنن البيهقي 3 / 167 . ‹ هامش ص 187 › ( 1 ) صحيح مسلم 1 / 491 صلاة المسافرين ، ب 6 . مسند أحمد بن حنبل 4 / 70 ح 2269 ( ط شاكر ) . مسند أبي عوانة 2 / 354 . ( 2 ) صحيح مسلم 1 / 492 صلاة المسافرين ، ب 6 . مسند أحمد بن حنبل 5 / 100 ح 3293 ( ط شاكر ) . ‹ هامش ص 188 › ( 1 ) فتح الباري 3 / 157 . ( 2 ) صحيح مسلم 2 / 659 الجنائز ، ب 23 ح 957 . سنن الترمذي 3 / 343 ح 1023 ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . سنن أبي داود 3 / 210 ح 3197 . وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2 / 616 ح 2738 ، وأحكام الجنائز ، ص 112 ، وصحيح سنن النسائي 2 / 427 ح 1873 ، وصحيح سنن ابن ماجة 1 / 252 ح 1222 . سنن النسائي 4 / 375 ح 1981 ( ط محققة ) . سنن ابن ماجة 1 / 482 ح 1505 . السنن الكبرى 4 / 36 . مسند أبي داود الطيالسي ، ص 93 ح 674 . مسند أحمد بن حنبل 4 / 367 ، 370 ، 372 . سنن الدارقطني 2 / 73 . ‹ هامش ص 189 › ( 1 ) راجع أقوالهم في سنن الترمذي 3 / 90 ، الفقه على المذاهب الأربعة 1 / 575 ، بداية المجتهد 1 / 296 . ( 2 ) صحيح مسلم 2 / 785 الصيام ، ب 15 ، ح 1114 . سنن الترمذي 3 / 89 ح 710 قال الترمذي : حديث جابر حديث حسن صحيح . سنن النسائي 4 / 488 ح 2262 ( ط محققة ) . وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2 / 482 ح 2136 . السنن الكبرى 4 / 241 . مسند أبي داود الطيالسي ، ص 232 ح 1667 . صحيح ابن خزيمة 3 / 255 ح 2019 . ( 3 ) صحيح البخاري 2 / 578 الصوم ، ب 36 ، ح 1946 . صحيح مسلم 2 / 786 الصيام ، ب 15 ، ح 1115 . سنن الترمذي 3 / 90 ، ح 710 . سنن النسائي 4 / 485 ، ح 2254 - 2261 . سنن أبي داود 2 / 317 ح 2407 . سنن ابن ماجة 1 / 532 ح 1664 ، 1665 . مسند أحمد بن حنبل 5 / 434 . سنن الدارمي 2 / 9 . مسند أبي داود الطيالسي ، ص 191 ح 1343 ، ص 238 ح 1721 . السنن الكبرى 4 / 242 - 243 . المستدرك 1 / 433 . صحيح ابن حبان 2 / 70 ح 355 ، 8 / 317 ، 320 ، 322 ح 3548 ، 3552 ، 3554 . المعجم الكبير للطبراني 12 / 374 ، 379 ، 446 ، ح 13387 ، 13403 ، 13618 . إرواء الغليل 4 / 58 . المصنف لابن أبي شيبة 2 / 279 ح 8959 ، 8960 . صحيح ابن خزيمة 3 / 253 ، 254 ح 2016 ، 2017 ، 2018 . مسند الحميدي 2 / 539 ح 1289 . ‹ هامش ص 190 › ( 1 ) النهاية في غريب الحديث والأثر 1 / 116 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مسائل خلافية حار فيها أهل السنة - الشيخ علي آل محسن - ص 190 - 193
ى أن الحديث الأول أوضح دلالة من هذا الحديث ،
لأنه صلى الله عليه وآله وسلم وصف كل الصائمين بأنهم عصاة ، مع أنه لم يستعلم أحوالهم فوجدهم قد شق عليهم الصوم ، بل ظاهر الحديث أن صومهم لا مشقة فيه عليهم ، لأنهم لو وجدوا فيه أدنى مشقة وكانوا قد رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفطر لأفطروا معه ، ولكنهم لما وجدوا في أنفسهم طاقة على الصوم بلا حرج عليه صاموا ، وهو واضح لا ‹ صفحة 191 › يحتاج إلى مزيد بيان .
5 - مسح الرجلين في الوضوء :
ذهب الأئمة الأربعة إلى وجوب غسل الرجلين في الوضوء ، وذهبت الشيعة الإمامية تبعا لأئمة أهل البيت عليهم السلام إلى وجوب المسح عليهما .
وهو ما دلت عليه آية الوضوء في الكتاب العزيز ،
في قوله عز من قائل ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ( 1 وفي قراءة ابن عباس والحسن وعكرمة وحمزة وابن كثير : ( وأرجلكم ) بالكسر ( 2 ) ، بعطف الأرجل على الرؤوس في المسح عليها .
وقد دل على ذلك أيضا أحاديث صحيحة عندهم :

منها : ما أخرجه الترمذي في سننه ، وابن أبي شيبة في المصنف عن الربيع قالت : أتاني ابن عباس فسألني عن هذا الحديث - تعني حديثها الذي ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل رجليه ( 3 ) -
فقال ابن عباس : إن الناس أبوا إلا الغسل ، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح ( 4 ) . ومنها : ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأحمد في المسند وغيرهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص ،

قال : تخلف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها ، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ ، فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته :
ويل للأعقاب من النار ‹ صفحة 192 › مرتين أو ثلاثا ( 1 ) .
بتقريب : أن مسح أولئك الصحابة كلهم على أرجلهم دال على ثبوته في الوضوء في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلا فكيف يصح أن يكون كل هؤلاء لا يعلمون أن الواجب هو غسل الأرجل ، ولا سيما أن فيهم أمثال عبد الله بن عمرو بن العاص الذي عدوه من علماء الصحابة .
وقوله : ويل للأعقاب من النار لا يدل على وجوب غسل القدمين كما ذهبوا إليه ، ولعل زجرهم إنما كان بسبب مسحهم على الأعقاب ، لا لعدم استيعاب القدمين بالغسل ، فإن الواجب إنما هو مسح ظاهر القدمين دون باقي الأجزاء ، والمخالفة إنما حصلت في الأعقاب فقط ، ولذلك لحقها الويل ، ولو كان الواجب هو الغسل للحق الويل كل القدم ، لوقوع المخالفة فيها جمعاء ، والله العالم .
ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن عكرمة قال : غسلتان ومسحتان ( 2 ) . ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن الشعبي قال : نزل جبريل بالمسح ( 3 ) .
ومنها : ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن الشعبي
قال : إنما هو المسح على القدمين ، ألا ترى أن ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمم ، وما ‹ صفحة 193 › كان عليه المسح أهمل ، فلم يجعل عليه التيمم ( 1 ) .
ترك السنة الصحيحة لمخالفة الروافض :

مع ثبوت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأحاديث الثابتة عند أهل السنة ، إلا أنهم في بعض الأحكام الشرعية بدا لهم أن يتعمدوا تجنبها من أجل مخالفة الروافض .
قال ابن تيمية : ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم [ أي للشيعة ] ، فإنه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك ،

لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم ، فلا يتميز السني من الرافضي ،
ومصلحة التميز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب . وهذا الذي ذهب إليه يحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب ( 2 ) .

وهي موارد عديدة ،
منها التختم باليمين ،
وتسطيح القبور ،
والصلاة على الآل ،
وغيرها

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 190 › ( 1 ) النهاية في غريب الحديث والأثر 1 / 116 . ‹ هامش ص 191 › ( 1 ) سورة المائدة ، الآية 5 . ( 2 ) أحكام القرآن 2 / 345 . ( 3 ) رواه أبو داود في سننه 1 / 31 ح 126 . ( 4 ) سنن ابن ماجة 1 / 156 ح 458 ، قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1 / 183 : هذا إسناد حسن ، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه . وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 1 / 76 . المصنف لابن أبي شيبة 1 / 27 ح 199 . ‹ هامش ص 192 › ( 1 ) صحيح البخاري 1 / 46 العلم ، ب 3 ح 60 ( ط مرقمة ) ، ص 58 ب 30 ح 96 ، ص 78 الوضوء ، ب 27 ح 163 . صحيح مسلم 1 / 214 الطهارة ، ب 9 ح 241 . مسند أحمد بن حنبل 11 / 166 ح 6976 ، 12 / 50 ح 7103 ( ط شاكر ) . ( 2 ) هذا حديث صحيح ، رواه أبي شيبة في المصنف 1 / 26 ح 180 عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة ، وكلهم ثقات عندهم . ( 3 ) هذا حديث صحيح أيضا ، رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1 / 26 ح 185 عن وكيع عن إسماعيل ، وهو ابن إبراهيم بن علية ، عن الشعبي ، وكلهم ثقات عندهم . ‹ هامش ص 193 › ( 1 ) هذا حديث صحيح أيضا ، رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1 / 26 ح 181 عن وكيع عن ابن علية ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن علية المتقدم ذكره ، عن داود ، وهو ابن أبي هند ، عن الشعبي ، وكلهم ثقات عندهم . ( 2 ) هذا حديث صحيح أيضا ، رواه ابن أبي شيبة في المصنف 1 / 26 ح 181 عن وكيع عن ابن علية ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن علية المتقدم ذكره ، عن داود ، وهو ابن أبي هند ، عن الشعبي ، وكلهم ثقات عندهم . ( 3 ) منهاج السنة 2 / 147 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 
التعديل الأخير تم بواسطة الشيخ حسن العبد الله ; 12-24-2010 الساعة 03:57 PM

رد مع اقتباس