عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2010, 04:23 AM   #2
الشيخ حسن العبد الله
مشرف


الصورة الرمزية الشيخ حسن العبد الله
الشيخ حسن العبد الله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 232
 تاريخ التسجيل :  Nov 2010
 أخر زيارة : 03-18-2014 (09:42 PM)
 المشاركات : 352 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



. قال ابن الجوزي في كشف المشكل : هذا الحديث قد أطلت البحث عنه ، وتطلبت مظانه ، وسألت عنه ، فما رأيت أحدا وقع على المقصود به . . . ( 3 ) .
وقال ابن بطال عن المهلب : لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث - يعني ‹ صفحة 12 › بشئ معين ( 1 ) .
اختلاف أهل السنة في الخلفاء الاثني عشر :
لقد كثرت أقوالهم في هذه المسألة ، واختلفت آراؤهم اختلافا عظيما ، وتضاربت تضاربا شديدا ، ومع كثرة تلك الأقوال لا تجد فيها قولا خاليا من الخدش والخلل ، وأهم ما عثرت عليه من أقوالهم في هذه المسألة ثمانية أقوال ، وإليك بيانها ، وبيان ما فيها :

1 - رأي القاضي عياض والحافظ البيهقي : قال القاضي عياض ( 2 ) : لعل المراد بالاثني عشر في هذه الأحاديث وما شابهها أنهم يكونون في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره ، والاجتماع على من يقوم بالخلافة ، وقد وجد فيمن اجتمع عليه الناس ، إلى أن اضطرب أمر بني أمية ، ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد ، فاتصلت بينهم إلى أن قامت الدولة العباسية ، فاستأصلوا أمرهم ( 3 ) .
قال ابن حجر العسقلاني : كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث وأرجحه ، لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة : كلهم يجتمع عليه الناس ، وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته ، ‹ صفحة 13 › والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين ، فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ، ولم ينتظم للحسين أمر ، بل قتل قبل ذلك ، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام ، وتخلل بين سليمان ويزيد : عمر بن عبد العزيز ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام ، فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك . . . ( 1 ) .
وهذا هو قول البيهقي ( 2 ) أيضا في دلائل النبوة ، حيث قال بعد أن ساق بعضا من الأحاديث السابقة : وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية ، ثم ظهر ملك العباسية . . . ( 3 ) .
ثم قال : والمراد بإقامة الدين - والله أعلم - إقامة معالمه وإن كان بعضهم ‹ صفحة 14 › يتعاطى بعد ذلك ما لا يحل ( 1 ) .
أقول : 1 - يرد هذا القول وسائر أقوالهم ما رواه القوم عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : الخلافة ثلاثون سنة ، ثم تكون بعد ذلك ملكا ( 2 ) .
ولأجل هذا صرحوا بأن الخلافة عندهم منحصرة في أربعة :
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
استنادا إلى هذا الحديث ، أو خمسة بضميمة عمر بن عبد العزيز ( 3 ) ، فكيف صار غير هؤلاء خلفاء مع أن الحديث نص على أن ما بعد ثلاثين سنة لا تكون خلافة ، بل يكون ملك .
وفي سنن الترمذي : قال سعيد : فقلت له [ أي لسفينة راوي الحديث ] : ‹ صفحة 15 › إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم .

قال : كذبوا بنو الزرقاء ، بل هم ملوك من شر الملوك .
وفي سنن أبي داود : قلت لسفينة : إن هؤلاء يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة .
قال : كذبت أستاه بني الزرقاء - يعني بني مروان ( 1 ) .
وقال القاضي عياض وغيره في الجمع بين حديث سفينة وحديث الخلفاء الاثني عشر : إنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة ، ولم يقيده في حديث جابر ابن سمرة بذلك ( 2 ) .

وقال الألباني : وهذا جمع قوي ، ويؤيده لفظ أبي داود : ( خلافة النبوة ثلاثون سنة ) ، فلا ينافي مجئ خلفاء آخرين من بعدهم ، لأنهم ليسوا خلفاء النبوة ، فهؤلاء هم المعنيون في الحديث لا غيرهم ، كما هو واضح ( 3 ) .
ويرده : أن خلافة النبوة هذه لم يذكر لها علماء أهل السنة معنى واضحا ، واختلفوا في بيان المراد منها ،
فمنهم من قال بأن خلافة النبوة هي التي لا طلب فيها للملك ولا منازعة فيها لأحد ( 4 ) . فعليه تخرج خلافة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام عن كونها خلافة نبوة ، لمنازعة أهل الجمل وأهل النهروان ومعاوية وأهل الشام له ( 5 ) ،

مع أنهم ذكروا أن خلافته عليه السلام خلافة نبوة . وهذا تهافت واضح .
ومنهم من ذكر أن خلافة النبوة إنما تكون لمن عملوا بالسنة ، فإذا خالفوا ‹ صفحة 16 › السنة وبدلوا السيرة فهم ملوك وإن تسموا بالخلفاء ( 1 ) . و
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 7 › ( 1 ) صحيح البخاري 9 / 101 كتاب الأحكام ، باب 51 ، مسند أحمد بن حنبل 5 / 90 ، 95 . دلائل النبوة 6 / 519 . ‹ هامش ص 8 › ( 1 ) شرح السنة 15 / 31 . ( 2 ) صحيح مسلم 3 / 1452 كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش ، والخلافة في قريش . ( 3 ) صحيح مسلم 3 / 1452 كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش ، والخلافة في قريش . مسند أحمد بن حنبل 5 / 98 ، 101 . سلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 651 ، قال الألباني : وهذا إسناد صحيح على شرطهما . ( 4 ) صحيح مسلم 3 / 1453 كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش ، والخلافة في قريش . مسند أحمد بن حنبل 5 / 90 ، 100 . مسند أبي داود الطيالسي ، ص 105 ، 180 ، مشكاة المصابيح 3 / 1687 وقال التبريزي : متفق عليه . الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 8 / 230 . ‹ هامش ص 9 › ( 1 ) صحيح مسلم 3 / 1453 كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش ، والخلافة في قريش . مسند أحمد بن حنبل 5 / 98 ، 101 . وفي ص 96 قال : عزيزا منيعا ظاهرا على من ناواه ، لا يضره من فارقه أو خالفه . الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 8 / 230 . ( 2 ) صحيح مسلم 3 / 1453 كتاب الإمارة ، باب الناس تبع لقريش ، والخلافة في قريش . مسند أحمد بن حنبل 5 / 86 ، 88 ، 89 . سلسلة الأحاديث الصحيحة 2 / 690 . ( 3 ) سنن الترمذي 4 / 501 قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . مسند أحمد بن حنبل 5 / 92 ، 94 ، 99 ، 108 . ( 4 ) صححها الألباني في صحيح سنن أبي داود 3 / 807 . ( 5 ) سنن أبي داود 4 / 106 كتاب المهدي . وهذا الحديث ذكره البيهقي في دلائل النبوة 6 / 520 والألباني في صحيح الجامع الصغير 2 / 1274 بعين لفظه ، وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ، ص 518 بلفظ متقارب . ‹ هامش ص 10 › ( 1 ) سنن أبي داود 4 / 106 كتاب المهدي . وذكره الخطيب في تاريخ بغداد 2 / 126 ، وأخرجه أحمد في المسند 5 / 98 ، 99 وفيه : ثم لغط القوم وتكلموا . وفي نفس الصفحة : فجعل الناس يقومون ويقعدون . ( 2 ) مسند أحمد 5 / 97 ، 107 إلا أن فيه : لا يزال هذا الأمر صالحا . المستدرك 3 / 618 . مجمع الزوائد 5 / 190 قال الهيثمي : رجال الطبراني رجال الصحيح . ورواه عن جابر في ص 191 وقال : رجاله ثقات . ( 3 ) مسند أحمد بن حنبل 1 / 398 ، مجمع الزوائد 5 / 190 ، المطالب العالية 2 / 197 . مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 6 / 436 . وهذا الحديث حسنه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري 13 / 181 ، وابن حجر الهيتمي في تطهير الجنان واللسان ، ص 313 ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص 8 ، والبوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة 6 / 436 . ( 4 ) مسند أحمد بن حنبل 1 / 398 . حلية الأولياء 4 / 333 . شرح السنة 15 / 30 قال البغوي : هذا حديث صحيح . ‹ هامش ص 11 › ( 1 ) مسند أحمد بن حنبل 5 / 87 ، 88 ، 90 . المستدرك 3 / 617 . ( 2 ) راجع المعجم الكبير للطبراني 2 / 195 وما بعدها ، ح 1791 - 1801 ، 1808 ، 1809 ، 1841 ، 1849 - 1852 ، 1875 ، 1876 ، 1883 ، 1896 ، 1923 ، 1936 ، 1964 ، 2007 ، 2044 ، 2059 - 2063 ، 2067 - 2071 ، 2073 . ( 3 ) كشف المشكل 1 / 449 ، وذكر ابن حجر هذه العبارة في فتح الباري 13 / 181 . ‹ هامش ص 12 › ( 1 ) المصدر السابق 13 / 180 . ( 2 ) قال السيوطي في طبقات الحفاظ ، ص 468 : القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض العلامة عالم المغرب أبو الفضل اليحصبي السبتي الحافظ ، ولد سنة 476 ه‍ ، وأجاز له أبو علي النسائي ، وتفقه وصنف التصانيف التي سارت بها الركبان ك‍ ( الشفا ) و ( طبقات المالكية ) و ( شرح مسلم ) ، و ( المشارق ) في الغريب ، و ( شرح حديث أم زرع . . . وبعد صيته ، وكان إمام أهل الحديث في وقته ، وأعلم الناس بعلومه ، وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم . ولي القضاء سبتة ثم غرناطة ، ومات ليلة الجمعة سنة 544 ه‍ بمراكش . ( 3 ) المصدر السابق 13 / 180 . ‹ هامش ص 13 › ( 1 ) المصدر السابق 13 / 182 . ( 2 ) قال السيوطي في طبقات الحفاظ ، ص 433 : البيهقي الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي صاحب التصانيف ، ولد سنة 384 ه‍ ، ولزم الحاكم وتخرج به ، وأكثر عنه جدا ، وهو من كبار أصحابه ، بل زاد عليه بأنواع العلوم . كتب الحديث وحفظه من صباه ، وبرع وأخذ في الأصول ، وانفرد بالإتقان والضبط والحفظ ، ورحل . . . وعمل كتبا لم يسبق إليها ( كالسنن الكبرى ) ، و ( الصغرى ) ، و ( شعب الإيمان ) ، و ( الأسماء والصفات ) ، و ( دلائل النبوة ) وغير ذلك مما يقارب ألف جزء . مات سنة 458 ه‍ بنيسابور ، ونقل في تابوت إلى بيهق ( بتصرف ) . ( 3 ) دلائل النبوة 6 / 520 . ‹ هامش ص 14 › ( 1 ) المصدر السابق 6 / 521 . ( 2 ) أخرجه أبو داود في سننه 4 / 211 ح 4646 ، 4647 ، والترمذي في سننه 4 / 503 وقال : هذا حديث حسن ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9 / 48 ، والحاكم في المستدرك 3 / 71 ، 145 ، وأحمد في المسند 5 / 220 ، 221 ، والبيهقي في دلائل النبوة 6 / 342 وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3 / 879 ، وسلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 742 ح 459 ، ونقل تصحيحه عن الحاكم والذهبي وابن حبان وابن حجر وابن جرير الطبري وابن تيمية ، ونقل عنه اعتماد الإمام أحمد عليه ، وأنه متفق عليه بين الفقهاء وعلماء السنة . ورد الألباني على من ضعف الحديث كابن خلدون في تاريخه ، وأبي بكر بن العربي في العواصم من القواصم ، ثم قال : فقد تبين بوضوح سلامة الحديث من علة قادحة في سنده ، وأنه صحيح محتج به . ( 3 ) قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص 183 : عمر بن عبد العزيز بن مروان ، الخليفة الصالح أبو حفص ، خامس الخلفاء الراشدين . وقال الذهبي في كتابه العبر 1 / 91 : في رجب [ سنة إحدى ومائة ] توفي الإمام العادل أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز . وأخرج أبو داود في سننه 4 / 207 : عن سفيان الثوري أنه قال : الخلفاء خمسة : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز . ‹ هامش ص 15 › ( 1 ) سنن أبي داود 4 / 210 . وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3 / 879 . ( 2 ) فتح الباري 13 / 180 . ( 3 ) سلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 748 . ( 4 ) هذا القول للطيبي ، نقله في عون المعبود 12 / 388 . ( 5 ) ذهب إلى ذلك ابن أبي العز حيث قال : إن زمان علي لم ينتظم فيه الخلافة ولا الملك . وستأتي كلمته قريبا . وقال الطيبي كما في عون المعبود 12 / 388 : إن الخلافة في زمن عثمان وعلي رضي الله عنهما مشوبة بالملك . ‹ هامش ص 16 › ( 1 ) ذكر ذلك الإمام البغوي في شرح السنة 14 / 75 ، والمناوي في فيض القدير 3 / 509 . ( 2 ) هذا القول للملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 9 / 271 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مسائل خلافية حار فيها أهل السنة - الشيخ علي آل محسن - ص 16 - 22
عليه تكون خلافة النبوة أكثر من ثلاثين سنة ، لاتفاقهم على أن عمر بن عبد العزيز كان يعمل بالسنة ، ولعدهم إياه من الخلفاء الراشدين ، مع أنهم لم يذكروه من ضمن من كانت خلافتهم خلافة نبوة . ومنهم من قال : إن المراد بالخلافة في حديث سفينة هي الخلافة الحقة أو المرضية لله ورسوله ، أو الكاملة ، أو المتصلة ( 2 ) . وعليه فتكون خلافة النبوة هي خلافة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام وابنه الحسن عليه السلام فقط دون غيرهما ، لما سيأتي في الفصل الثاني عند الحديث في خلافة أبي بكر . ولو سلمنا أن خلافة الأربعة كانت مرضية لله ورسوله أو كاملة أو غير ذلك فلا بد أن يضاف إليها عندهم خلافة عمر بن عبد العزيز ، فتكون خلافة النبوة حينئذ أكثر من ثلاثين سنة . والصحيح أن يقال في هذا الحديث على تقدير صحته : إن خلافة النبوة لا يمكن أن يراد بها إلا الخلافة التي كانت بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن استخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأمة فهو خليفة النبي ، وخلافته هي خلافة النبوة ، ومن لم يستخلفه واستخلفه الناس فهو خليفتهم ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلف عليا عليه السلام ، وسيأتي ذكر النصوص الدالة على ذلك في الفصل المذكور إن شاء الله تعالى . وعليه يكون معنى حديث سفينة : إن خلافة النبوة - وهي خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام - تستمر إلى ثلاثين سنة ، ثم يتولى أمور المسلمين الملوك . وعدم تمكن أمير المؤمنين عليه السلام من تولي أمور المسلمين ، أو عدم اتباع الناس له إلا النفر القليل لا يسلب عنه الخلافة بعد حكم الشارع المقدس بها ونصه ‹ صفحة 17 › عليها ، وهذا له نظائر كثيرة في الأصول والفروع لا تخفى ( 1 ) . وأما حديث الخلفاء الاثني عشر فهو بيان لعدد أئمة الهدى وخلفاء الحق وسادة الخلق المنصوبين من الله سبحانه ، الذين لا يضرهم من ناواهم ، ويكون الإسلام بهم عزيزا ، وبذلك يتضح ألا منافاة بين الحديثين بهذين المعنيين . 2 - إن أكثر من ذكرهم لم يجتمع عليه الناس ، فإن عثمان وإن تمت له البيعة واجتماع الناس في أول خلافته ، إلا أن الأمور انتقضت عليه بعد ذلك حتى قتله الناس ، وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يجتمع عليه الناس من أول يوم في خلافته ، وذلك لأن أهل الشام لم يبايعوه ، وهم كثيرون ، وخرج عليه طلحة والزبير وعائشة ، فحاربهم في البصرة ، ثم خرج عليه الخوارج فحاربهم في النهروان . . . وكل ذلك كان في أقل من خمس سنين . قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية : علي رضي الله عنه . . . لم يجتمع الناس في زمانه ، بل كانوا مختلفين ، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك ( 2 ) . فعلى ذلك لا يكون علي عليه السلام من هؤلاء الخلفاء عندهم . وأما يزيد بن معاوية فلم يبايعه الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته حتى قتلوا في كربلاء ، وخرج عليه أهل المدينة ، وأخرجوا منها عامله وسائر بني أمية ، فوقعت بينهم وبينه وقعة الحرة ، وخرج عليه ابن الزبير في مكة واستولى عليها . . . فأي اجتماع حصل له ! ؟ 3 - أن معاوية ومن جاء بعده من ملوك بني أمية وغيرهم لم يجتمع عليهم الناس ، بل كانوا متغلبين على الأمة بالقوة والقهر ، ومن الواضح أن هناك فرقا ‹ صفحة 18 › بينا بين اجتماع الناس على شئ وجمعهم عليه ، فإن الاجتماع مأخوذ في معناه اختيار المجتمعين ، وأما الجمع فمأخوذ فيه عدم الاختيار ، والذي حصل لبني أمية هو الثاني ، والمذكور في الحديث هو الأول ، وهذا واضح معلوم لمن نظر في تاريخ بني أمية وسيرتهم في الناس . وقد روي فيما يدلل ذلك الكثير ، ومنه ما روي عن سعيد بن سويد ، قال : صلى بنا معاوية بالنخيلة - يعني خارج الكوفة - الجمعة في الضحى ، ثم خطبنا فقال : ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك ، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون ( 1 ) . 4 - أن الخلفاء حسبما ذكر في كلامه يكونون ثلاثة عشر لا اثني عشر ، وهم : 1 - أبو بكر . 2 - عمر . 3 - عثمان . 4 - الإمام علي عليه السلام . 5 - معاوية . 6 - يزيد بن معاوية . 7 - عبد الملك . 8 - الوليد . 9 - سليمان . 10 - عمر بن عبد العزيز . 11 - يزيد بن عبد الملك . 12 - هشام بن عبد الملك . 13 - الوليد بن يزيد . قال ابن كثير : إن الخلفاء إلى زمن الوليد بن اليزيد أكثر من اثني عشر على كل تقدير ( 2 ) . 2 - رأي ابن حجر العسقلاني : قال ابن حجر العسقلاني : الأولى أن يحمل قوله : ( يكون بعدي اثنا عشر خليفة ) على حقيقة البعدية ، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر ‹ صفحة 19 › ابن عبد العزيز أربعة عشر نفسا ، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما ، وهما معاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم . إلى أن قال : ولا يقدح في ذلك قوله : ( يجتمع عليه الناس ) ، لأنه يحمل على الأكثر الأغلب ، لأن هذه الصفة لم تفقد إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير مع صحة ولايتهما ، والحكم بأن من خالفهما لم يثبت استحقاقه إلا بعد تسليم الحسن ، وبعد قتل ابن الزبير ، والله أعلم ( 1 ) . أقول : على هذا القول يكون الخلفاء الاثنا عشر هم : 1 - أبو بكر . 2 - عمر . 3 - عثمان . 4 - الإمام علي عليه السلام . 5 - الإمام الحسن عليه السلام . 6 - معاوية . 7 - يزيد بن معاوية . 8 - عبد الله بن الزبير . 9 - عبد الملك . 10 - الوليد . 11 - سليمان . 12 - عمر بن عبد العزيز . وقوله : يجتمع عليه الناس محمول على الأكثر الأغلب ، يرده أن مجئ التأكيد ب‍ كل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : كلهم يجتمع عليه الناس الدال بالنص على العموم يقدح في هذا القول . هذا مع أن الصفة المذكورة - وهي اجتماع الناس - فقدت في غير الحسن عليه السلام وابن الزبير كما مر آنفا . وقوله : إن معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم لم تصح ولايتهما يرده أن يزيد بن معاوية إن كانت ولايته صحيحة كما قال ، فنص يزيد على ابنه من بعده يصحح ولايته بلا ريب ولا شبهة وإن لم تطل مدته . وإن كان التغلب على أمور المسلمين يصحح خلافة معاوية ، فتغلب مروان بعد ذلك مصحح لخلافته . ‹ صفحة 20 › ثم إن جعله طول الولاية دليلا على صحتها واعتبارها لا يمكن التسليم به ، فإنه لم يقل به أحد ، هذا مع أنه اعتبر ولاية الإمام الحسن عليه السلام التي دامت ستة أشهر ، ولم يعتبر ولاية مروان بن الحكم التي دامت نفس المدة . ومن الغريب أنه زعم أن عبد الملك بن مروان لم يثبت استحقاقه للخلافة إلا بعد قيامه على الخليفة الحق عنده آنذاك وهو عبد الله بن الزبير وقتله . والذي يظهر من كلام ابن حجر أنه يرى أن كل أولئك الحكام كانوا متأهلين للخلافة مستحقين لها ، مع أن يزيد بن معاوية مثلا لا يختلف المنصفون في عدم أهليته للخلافة وعدم استحقاقه لها ، لأنه تولى ثلاث سنين : السنة الأولى قتل فيها الحسين عليه السلام ، والسنة الثانية أباح فيها المدينة ، والسنة الثالثة هدم فيها الكعبة . . . فكيف يكون من الخلفاء الذين يكون الإسلام بهم عزيزا منيعا قائما ؟ ! وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى . 3 -


 

رد مع اقتباس