عرض مشاركة واحدة
قديم 07-23-2010, 12:31 AM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي نظرة فيما استدل به الجمهور من الأخبار في المسح على الخف




نظرة فيما استدل به الجمهور من الأخبار

أما بالنسبة إلى ما رووه عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقد تقدم ما أشرنا إليه سابقا من ‹ صفحة 135 › مراحل التحريف في ذلك الخبر ، فهذه آخر مرحلة من مراحل التحريف فيه ، فبعد أن اكتسب المحرفون المهارة والتجارب من المراحل القبلية ، حرفوها بشكل كامل .
فراجع الخبر بأسانيده كي يتضح لك الأمر . وأما بالنسبة إلى خبر المغيرة بن شعبة ، فلا شك أنه كان قبل نزول المائدة ، لأن القصة كانت في غزوة تبوك ( 1 ) .

وأما بالنسبة إلى خبر سعد ، فسترى إنكار عمار بن ياسر عليه ثم المحاكمة إلى عمر بن الخطاب وحل المشكلة من قبل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في خبر ، وإنكار عبد الله بن عمر عليه ثم المحاكمة إلى الخليفة وحل المسألة من قبل عبد الله بن عباس ( رضي الله عنه ) ، كما في خبر آخر .

وأما بالنسبة إلى خبر بلال ، فلا يبعد أن يكون عدم نزع النبي ( صلى الله عليه وآله ) لخفيه ومسحه على قدميه فيهما ، وبعد بلال منه سببا لتوهم بلال أنه يمسح على خفيه كتوهمه في المسح على العمامة ، كما قال جابر ( رضي الله عنه ) : ( رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حسر العمامة عن رأسه ومسح على ناصيته ، وكان بلال بعيدا منه ، فظن أنه مسح على العمامة حين لم يضعها عن رأسه ) ( 2 ) .

وأما على العموم ، فنقول :

أولا : إن جميع أخبارهم في المسح كان قبل نزول المائدة ، لأنه قد ثبت عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وابن عباس ( رضي الله عنه ) وعائشة وغيرهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما مسح بعد ما أنزلت المائدة ، كما يأتي عن قريب .

وثانيا : لا يبعد أن يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح على خفيه لأجل إزالة الغبار منهما . ويؤيده ما رواه مسلم عن المغيرة بن شعبة ، قال : كنت مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) . . . فتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم مسح على الخفين ( 3 ) .

فإن ظاهر الخبر أن المسح كان بعد إتمام ‹ صفحة 136 › وضوئه الذي توضأه للصلاة .

وثالثا : يمكن أن يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح على قدميه بدون نزع خفيه ، فتوهم هؤلاء أنه يمسح على الخفين .

ويؤيده بعض الأخبار المروية من الطرفين : فمن طريق الشيعة ما رواه الصدوق : ( ولم يعرف للنبي ( صلى الله عليه وآله ) خف إلا خفا أهداه له النجاشي ، وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا ، فمسح النبي ( صلى الله عليه وآله ) على رجليه وعليه خفاه ، فقال الناس : إنه مسح على خفيه ) ( 1 ) .

ومن طريق أهل السنة ما رواه محدثو القوم عن بريدة وابنه عبد الله والمغيرة ابن شعبة أن النجاشي أهدى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خفين ساذجين أسودين ، فلبسهما ومسح عليهما ( 2 ) .

وما روي عن ابن عمر أنه قال : ( إذا لم يكن الخف يغطي جميع القدم فليس هو بخف ، يجوز المسح عليه ، وكان خفاف المهاجرين والأنصار مخرقة مشقوقة ، وكانوا يمسحون عليها ) ( 3 ) . وما رواه البيهقي عن الثوري : ( وكان خفاف المهاجرين والأنصار مخرقة مشقوقة ) ( 4 ) .

هذا ، مع اختلاف الألفاظ في رواياتهم ، ففي رواية المغيرة [ أ ] وحذيفة [ ب ] جاء : ( ومسح على نعليه ) بدل : ( خفيه ) .

وفي لفظ آخر للمغيرة : ( رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يمسح على الجوربين والنعلين ) [ ج ]

وفي ثالث له : ( يمسح على النعلين والقدمين ) [ د ] .

وفي رابع له : ( ومسح قدميه وعلى خفيه ) [ ه‍ ] فهذا ظاهر في أنه مسح على قدميه في النعلين ( 5 ) . ‹ صفحة 137 ›

والأكثر صراحة من جميع ذلك ما رواه أوس بن أبي أوس قال : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) توضأ ومسح بالماء على قدميه ، وكان فيهما خفان ) ( 1 ) .

وأما بالنسبة إلى خبر جرير بن عبد الله البجلي فهو أقوى أدلة القوم حجة في المسح على الخفين كما قال الحافظ العسقلاني ( 2 ) ، وأشهر أخبارهم دليلا على جوازه .

أخرجه جميع أهل السنن والمسانيد في تصنيفاتهم ، ونقله مفسروهم في تفاسيرهم واستدل به فقهاؤهم في تأليفاتهم ، مع الإتيان بقول إبراهيم : ( كان يعجبهم هذا الحديث ، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ) .

فأقول :

إن تعجبهم به كان بلا طائل ، وسرورهم به كان بلا موجب ، لأن جريرا أسلم قبل نزول المائدة بيقين . فقد قال ابن سعد وابن قتيبة وابن حبان والبلاذري وابن الجوزي ونقله الطبري عن الواقدي : إن جريرا قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سنة عشر ، في رمضان ( 3 ) .

قال ابن سعد : ( أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال : قدم جرير بن عبد الله البجلي سنة عشر المدينة ، ومعه قومه مائة وخمسون رجلا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك " .

فطلع جرير على راحلته ومعه قومه ، فأسلموا وبايعوا ) ( 4 ) . ‹ صفحة 138 › قال زيني دحلان : ( وقد شهد جرير حجة الوداع ، فكان إرساله إلى ذي الخلصة بعدها ) ( 1 ) .

قال ابن حجر العسقلاني : ( اختلف الناس في وقت إسلامه ، ففي الطبراني ( الأوسط ) من طريق الحصين بن عمر الأسلمي ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال : لما بعث النبي ( صلى الله عليه وآله ) أتيته فقال : " ما جاء بك " ؟
قلت : جئت لأسلم ، فألقى إلي كساءه وقال : " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه " .

وجزم ابن عبد البر بأنه أسلم قبل وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأربعين يوما .

وهو غلط ، ففي الصحيحين عنه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال له : " استنصت الناس " في حجة الوداع ( 2 ) .

وجزم الواقدي بأنه وفد على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في شهر رمضان سنة عشر ، وأنه بعثه إلى ذي الخلصة بعد ذلك ، وأنه وافى مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) حجة الوداع من عامه .

وفيه عندي نظر ، لأن شريكا حدث عن الشيباني عن الشعبي عن جرير قال : قال لنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " إن أخاكم النجاشي قد مات " الحديث .

أخرجه الطبراني ( 3 ) فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر ، لأن النجاشي مات قبل ذلك ) ( 4 ) . فقد اتضح أن جريرا كان في حجة الوداع مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقينا ، سواء قلنا بإسلامه في سنة عشر ، أو قبل ذلك ، أو في أول البعثة .

واتضح أن إسلامه كان قبل نزول المائدة قطعا ، سواء قلنا بنزولها عندما كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعرفات أو بعد ذلك عند رجوعه إلى المدينة في الطريق أو بعد وصوله إلى المدينة .

القول الثامن : عدم جواز المسح على الخفين مطلقا ، وأنه منسوخ بآية المائدة .

وهو مروي في كتب القوم عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) [ أ ] وابن عباس ( رضي الله عنه ) [ ب ] وعائشة ‹ صفحة 139 › [ ج ] وعبد الله بن عمر [ د ] وأبي هريرة [ ه‍ ] وزيد بن علي [ و ] ويحيى بن عبد الله بن الحسن [ ز ] ومالك [ ح ] وأبي بكر بن داود [ ط ] وبعض الحنابلة [ ي ] ومنسوب إلى الخوارج [ ك ] وهو قول بعض أئمة الزيدية [ ل ] وادعى بعضهم إجماع آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) على ذلك [ م ] .

وروي عن الإمام الحسين بن علي ( عليه السلام ) : " إنا ولد فاطمة رضي الله عنها لا نمسح على الخفين " [ ن ] ( 1 ) .

فقد استدل هؤلاء :

أولا : بكتاب الله : * ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) * فإن الله أمر بطهارة الأرجل ، ولا شك أن الخف ليس برجل .

وثانيا : ببعض أخبار مروية عن الصحابة والتابعين في ذلك . فمنها : ما أخرجه أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وعلي بن عباس والإمام قاسم بن محمد والبيهقي وغيرهم عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أنه قال : " سبق الكتاب الخفين " ثم قال الإمام قاسم بن محمد : وهو في ( أصول الأحكام ) و ( الشفاء ) ( 2 ) .

ومنها : ما رواه علي بن عباس وغيره عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليه الصلاة والسلام أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مسح قبل نزول المائدة ، فلما نزلت آية ‹ صفحة 140 › المائدة لم يمسح بعدها ( 1 ) .



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 134 ›
( 1 ) بداية المجتهد 1 : 19 . ( 2 ) المحلى 2 : 61 . ( 3 ) الجامع لأحكام القرآن 6 : 93 . ( 4 ) سنن أبي داود 1 : 44 / 162 . ( 5 ) صحيح البخاري 1 : 66 / 203 ، صحيح مسلم 1 : 140 / 274 . ( 6 ) سنن النسائي 1 : 82 . ( 7 ) صحيح مسلم 139 / 272 ، 142 / 275 .

‹ هامش ص 135 ›
( 1 ) سنن الدارقطني 1 : 195 وسنن النسائي 1 : 62 . ( 2 ) المبسوط ( السرخسي ) 1 : 101 . ( 3 ) صحيح مسلم 1 : 140 / 77 .

‹ هامش ص 136 ›
( 1 ) من لا يحضره الفقيه 1 : 48 / 10 ، وسائل الشيعة 1 : 461 ، ب 38 ، ح 15 . ( 2 ) سن أبي داود 1 : 42 / 154 ، سنن ابن ماجة 1 : 182 / 549 ، سنن البيهقي 1 : 282 ، 283 ، كشف الغمة 1 : 45 . ( 3 ) كشف الغمة 1 : 45 . ( 4 ) السنن الكبرى 1 : 283 . ( 5 ) [ أ ] أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 350 ، سنن أبي داود 1 : 43 / 159 ، سنن الترمذي 1 : 167 / 99 ، وصححه . [ ب ] سنن البيهقي 1 : 100 وجامع البيان 6 : 134 . [ ج ] ، [ د ] كشف الغمة 1 : 45 . [ ج ] سنن ابن ماجة 1 : 185 / 559 . [ ه‍ ] المعجم الأوسط 6 : 154 / 5315 .

‹ هامش ص 137 ›
( 1 ) كشف الغمة 1 : 37 . ( 2 ) تفسير المراغي 6 : 63 . ( 3 ) الطبقات الكبرى 2 : 110 والمعارف 1 : 292 وتاريخ الصحابة ( ابن حبان ) : 59 وأنساب أشراف 1 : 384 وفي ط بيروت : 492 والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم 3 : 383 وتاريخ الطبري 2 : 408 . ( 4 ) الطبقات الكبرى 2 : 110 .

‹ هامش ص 138 ›

( 1 ) السيرة النبوية 2 : 339 . ( 2 ) صحيح البخاري 1 : 44 / 121 و 5 : 147 / 2405 و 8 : 45 / 6869 و 117 / 9080 وصحيح مسلم 1 : 53 / 65 . ( 3 ) المعجم الكبير 2 : 323 / 2346 - 2348 و 2350 . ( 4 ) الإصابة في تمييز الصحابة 1 : 582 .

‹ هامش ص 139 ›
( 1 ) [ ب ] ، [ ج ] ، [ ه‍ ] ، [ ح ] ، [ ك ] الجامع لأحكام القرآن 6 : 93 ، 100 [ أ ] ، [ ب ] ، [ ج ] ، [ ه‍ ] المصنف ( ابن أبي شيبة ) 1 : 185 ، 186 [ أ ] ، [ ب ] ، [ ج ] ، [ م ] الاعتصام بحبل الله 1 : 214 - 219 [ أ ] ، [ و ] ، [ ن ] مسند الإمام زيد : 74 ، 75 [ ط ] ، [ ك ] ، [ ل ] البحر الزخار 1 : 69 [ ج ] ، [ ه‍ ] ، [ ح ] نيل الأوطار 1 : 177 [ ب ] ، [ ج ] ، [ ه‍ ] فتح القدير ، 1 : 99 [ ب ] ، [ ج ] ، [ ح ] مفاتيح الغيب 6 : 167 [ ك ] ، [ ح ] ، [ ط ] المجموع 1 : 476 [ أ ] ، [ ب ] السنن الكبرى 1 : 272 ، 273 [ ح ] ، [ ب ] بداية المجتهد 1 : 19 [ أ ] ، [ د ] إرشاد الساري 1 : 278 [ ح ] ، [ ك ] فتح الباري 1 : 244 ، رحمة الأمة 1 : 26 ، تحفة الأحوذي 1 : 313 [ ط ] ، [ ك ] حلية العلماء 1 : 159 [ ج ] ، [ ب ] المبسوط 1 : 98 وبدائع الصنائع 1 : 8 [ ز ] مقاتل الطالبيين : 468 [ ي ] الإنصاف 1 : 169 [ ح ] أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 348 ، حاشية الدسوقي 1 : 141 ، وذكر القول في الفتوحات المكية ، 1 : 449 . ( 2 ) مسند الإمام زيد : 75 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 218 ، المصنف ( ابن أبي شيبة ) 1 : 186 ، السنن الكبرى 1 : 272 ، نيل الأوطار 1 : 177 ، لسان الميزان 7 : 120 .

‹ هامش ص 140 ›
( 1 ) مسند الإمام زيد بن علي : 72 ، الاعتصام بحبل الله 1 : 217 .


 

رد مع اقتباس