الموضوع: حول التشيع
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-22-2010, 08:13 PM   #7
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي عودة الشيع العربية ولكن بعمائم الاسلام



عودة الشيع العربية ، ولكن بعمائم الإسلام قبيل وفاة النبي الكريم بأشهر ، كان المجتمع الإسلامي مجتمعا " واحدا " في الظاهر . يوالي النبي ، ويعلن التزامه بأحكام الدين ، ولكن بذور مجموعة هائلة من الأخطار والكوارث كانت قد نبتت وترعرعت واشتد ساعدها بعيدا " عن الأنظار وتحت السطح تماما " :

1 - فالمنافقون الذين مردوا على النفاق يجوبون العاصمة ، وقد أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر والحقد على محمد وآله .

2 - وقسم كبير من الأعراب ، من حول المدينة ، منافقون لم تتوقف اتصالاتهم قط مع مردة النفاق في المدينة .

3 - يليهم مرتزقة من الأعراب لا يعرفون من الدين إلا اسمه ولا مطمع لهم إلا الكسب والغنيمة ، وهم على استعداد للتحالف مع من يدفع لهم حتى ولو كان الشيطان نفسه .
ولا تتوقف هذه الفئات عن التلفظ بالشهادتين والقيام بمظاهر الدين ، ولا يعرف الفوارق بينهم وبين غيرهم من المسلمين إلا من عمر الله قلبه بالإيمان . ‹ صفحة 27 ›

4 - وبعد أن جاء نصر الله والفتح ، ودانت بلاد العرب بالولاء والطاعة لقيادة الرسول ، التأم شمل قبيلة قريش وتألق نجمها لأنها عشيرة النبي . وتكاتف مهاجرو هذه العشيرة وطلقاؤها ، وتوطدت أواصر العلاقة من جديد بين شيع البطون ال‍ 23 ، وصار لها موقف موحد من الأمور العامة ، يمكنها أن تجهر به حتى أمام الرسول نفسه . والدليل القاطع على ذلك أنه عندما مرض الرسول مرضه الذي مات منه أراد أن يلخص الموقف لأمته وأن يكتب لها توجيهاته النهائية ، وضرب النبي موعدا " لكتابتها ، وأحست شيع البطون أن هذه التوجيهات تمس مصالحها وتوجهاتها ، وفي الوقت المحدد وما أن قال الرسول : ( قربوا أكتب لكم كتابا " لن تضلوا بعده أبدا " ) حتى قال قائل شيع البطون : ( إن الرسول قد اشتد به الوجع وهو يهجر ، ولا حاجة لنا بكتابه ولا بوصيته لأن القرآن عندنا وهو يكفينا ) ( 1 ) .
وما أن أتم قائل البطون كلامه حتى قالت البطون بصوت واحد : ( القول ما قاله فلان إن النبي يهجر ، ولا حاجة لنا بكتاب النبي لأن القرآن وحده يكفينا ) ، واحتج الحاضرون من غير أبناء البطون ، وتشاد الطرفان واختصما ، وكان واضحا " أن أفراد شيع البطون هم الأكثرية ، فصرف النبي النظر عن كتابة ما أراد ، لأنه لو أصر على الكتابة لأصرت البطون على هجره مع ما يستتبع ذلك من آثار مدمرة على الدين كله ) ( 2 ) .


5 - وقد طورت الشيع القريشية ال‍ 23 المتحالفة مفهوما " جديدا " للقيادة من بعد النبي ، فرأت أنه ليس من الإنصاف أن يكون النبي من بني هاشم وأن ‹ صفحة 28 › يكون الخليفة من بني هاشم وأن ( العدل والصواب والتوفيق ) يكمن في أن تكون النبوة لبني هاشم والخلافة لبطون قريش ال‍ 23 تتداولها في ما بينها . وجاء هذا التطور بعد إعلانات الرسول عن استخلافه لعلي بن أبي طالب ، وإعطاء أهل بيت النبوة دورا " مميزا " في قيادة الأمة من بعد النبي ، بخاصة بعد إعلانه الشهير في غدير خم ، وليسهل على شيع البطون الالتفاف على أوامر النبي وتوجيهاته قالوا : ( إن الرسول بشر يتكلم في الغضب والرضى ) .
ما يعني أنه لا ينبغي أنه يحمل جميع كلام النبي على محمل الجد ، ولا ينبغي أن ينفذ كله ، وحتى تتأكد من تطوير شيع البطون لمفهوم القيادة من بعد النبي وتخصيص النبوة للهاشميين والخلافة للبطون ( 1 ) .

6 - إن شيع بطون قريش ال‍ 23 التي أحيت تحالفها والتي أسلم أفرادها جميعا " ، في ما بعد ، جميعها موتورة ، فما من بطن من البطون إلا وقتل آل محمد وبخاصة علي بن أبي طالب منه قتلى خلال المعارك التي جرت بين الكفر والإيمان ، وفكرة الثأر عميقة الجذور في النفس البشرية ، بعامة وفي نفوس العرب بخاصة ، والتلفظ بالشهادتين غير قادر على اقتلاع هذا الأثر .

7 - والأخطر أن بطون قريش ال‍ 23 تمسكت بنبوة النبي ، ربما لاقتناعها بصدقة ، أو لأنها وجدت في النبوة طريق ملكها وسيادتها على العرب ، وصار من مصلحة الجميع التمسك بهذه النبوة . وانسياقا " مع هذا التوجه ، برأت شيع البطون رسول الله من الدماء التي سفكها أثناء حربه المسلحة مع البطون وحصرتها في آل محمد بعامة وبعلي بن أبي طالب وذريته بخاصة . ‹ صفحة 29 ›

8 - لقد صار مصطلح ( مسلم ) هوية لكل أفراد المجتمع الإسلامي والأخطر أن الجميع تقريبا " صاروا صحابة ، وأحيطوا عمليا " بالهالة نفسها من التقديس والاحترام من دون فرق يذكر بين مهاجر وطليق ومؤمن ومنافق ، وبين من قاتل مع النبي أو قاتل ضده ، فقد أسلم الجميع بالنتيجة ! ! وصحبوا النبي وعفا الله عما مضى .

9 - في هذا المناخ استذكر المجتمع مواقف شخصيات بارزة ، من حول الرسول ، فصار لكل واحد منها شيعة خاصة به ، فنشأت شيعة لأبي بكر وأخرى لعمر ، ثالثة لعثمان ، ورابعة لطلحة . . . الخ . وكل شيعة تنادي بتميز صاحبها ، وتفتحت أشداق المطامع وتهيأ المناخ لعودة الشيع الجاهلية ولكن معممة بعمامة الإسلام .

10 - والأخطر أن شيعة النبي المخلصة التي قامت الدولة على أكتافها أصبحت كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود .
وكان واضحا " أن كفة تحالف شيع البطون هي الراجحة ، وهي المرشحة القوية لقيادة عصر ما بعد النبوة ، فأقبل المنافقون وطلاب الدين والراغبون في السلامة على هذا التحالف .
وتشابكت أيدي الشيع ، فتشكل واقعيا " بدون إعلان ، أكبر تحالف للشيع في التاريخ الإسلامي كله ، وأخذت الشيع تتربص وتنتظر موت الرسول الأعظم لتقتسم الغنيمة ! * * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 27 ›

( 1 ) راجع : تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 62 ، وسر العالمين وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي ، ص 21 .
( 2 ) راجع ، على سبيل المثال : صحيح البخاري ، 7 / 9 ، وصحيح مسلم ، 5 / 75 .
وصحيح مسلم بشرح النووي ، 11 / 95 . ومسند الإمام أحمد ، 4 / 356 .
وكتابنا نظرية عدالة الصحابة ص 287 . وما بعدها لتقف على تفاصيل مواجهة شيع البطون مع النبي نفسه ، ولتتأكد من حجم تأثيرها على الأحداث

‹ هامش ص 28 ›

( 1 ) راجع : سنن الدارمي ، 1 / 125 وسنن أبي داود ، 2 / 126 ، ومسند أحمد ، 2 / 162 و 207 و 216 ، ومستدرك الحاكم ، 1 / 105 و 106 . وجامع بيان العلم لابن عبد البر ، 1 / 185 ، والكامل لابن الأثير 3 / 24 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 107 .



 

رد مع اقتباس