عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2011, 04:40 PM   #3
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



المبحث الرابع: الانسان والقرآن:
ثم انتقلت الآية الكريمة فقالت { وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. فالتوراة دعت الناس لاتباعها والقرآن دعا الناس لاتباعه. والذين سمعوا القرآن صنفان:
الأول: المعاندون. وهذا الصنف من الناس يقول: { اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(7) فهذا صنف معاند وليس له استعداد ليتأثر بالقرآن، أي: أنه لا يريد الحق يقول أحد الكتاب: إنّ الحجاج صعد على المنبر وقال: إني أرى عيونا طامحة، وأعناقاً ممتدة ورؤوساً قد اينعت وحان قطافها وليس لها الا السيف(8).
ثم يتساءل هذا الكاتب فيقول: لماذا يخاف الحجاج من العيون الطامحة والأعناق المشرئبة؟ ولماذا هذا القلب المملوء حقداً ولظى؟
ألا تريد أمة لها عنفوان و إنسانية؟ فهذا لون من البشر نزع منه الوعي والفهم والاستعداد للتلقي والقبول.
الثاني: المسارعون. ويعبّر القرآن الكريم عن هذا الصنف بقوله: { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ}(9)، فعندما نزل القرآن الكريم أخذ أثره في نفوسهم، وانفعلوا بالقرآن واستجابوا له بصورة كاملة فوصفهم بهذه الآية الكريمة.
وقال تعالى فيهم أيضاً: { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(10) فهؤلاء آمنوا بما عند الله عزّ وجل، وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقهم، الله وقد وصل الأمر في واقعة اليرموك حدّ التضحية بالنفس، يقول أبوجهم بن حذيفة: أنبئت أن ابن عمّ لي سقط جريحاً في المعركة وهو في نزعه الأخير فجئت أبحث عنه بين جثث القتلى، وقلت: لآخذ له ماءً فلمّا وصلت إليه وجدته في لحظاته الأخيرة وفي حالة نزع، فقلت له هنيئاً لك الجنة لأنك بذلت دمك في سبيل الله فقال: إني عطشان فلما دنوت منه وأردت أن أسقيه ماء أشار إلى جريح آخر كان إلى جنبه وقال لي: هذا أحوج مني. فذهبت إليه فقال لي: إنّ ذاك الجريح أحوج مني. فذهبت للجريح الثالث فوجدته قد مات، فرجعت إلى‌ الذي قبله فوجدته قد مات أيضاً(11).
هذا هو مجتمع القرآن الكريم؛ مجتمع الإيثار والمحبة والفناء في حبّ الله والتطلّع ليوم لقائه، بعدما أمضى الإنسان كل وقته وهمّه وطاقته وشبابه، طاعةً وحباً وإخلاصاً لله الواحد القهّار. والبقية عندكم يا أهل الخير فتأمّلوا وتدبّروا وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى.
ـــــــــــ
1 . سورة الجمعة: الآية: 5.
2 . سورة الكهف: الآية: 45.
3 . نور الابصار: 73.
4 . سعد السعود: 109.
5 . الكامل في التاريخ: ج 2: 326.
6 . اعيان الشيعة، 7 : 404.
7 . سورة الانفال: الآية 32.
8 . وفيات الاعيان: 2 : 33.
9 . سورة الشورى: الآية: 28.
10 . سورة البقرة: الآية: 3.
11 . نصب المراتب 2 : 372.


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس