التاسعة: الأئمة الإثنا عشر لا يحتاجون الى اختيار ولا بيعة
وهو أمرٌ واضح، فما دام الله تعالى قد اختارهم، فواجب الأمة أن تطيعهم (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم) فهم يستمدون شرعيتهم من رب الأمة، ورب الناس ومالكهم، وهو الحكيم الخبير بما يصلح عباده.. واختياره للناس أفضل من اختيارهم لأنفسهم، وألزم.
فالأئمة الإثنا عشر من هذه الناحية مفروض الطاعة من الله تعالى شبيهاً بالأنبياء عليهم السلام، والنبي لا يكون بالإنتخاب، ولا يحتاج الى أن يبايعه الناس.. بل لو لم يبايعه أحد من الناس، وآذوه وقتلوه.. فإن ذلك لا ينقص من وجوب طاعته شيئاً!
ولو بايعه كل الناس لكان معناه اعترافهم بحق الطاعة الذي جعله الله له، وإعلان التزامهم به، لا أكثر.
فبيعة الناس للأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام إنما هي بيعة اعترافٍ والتزامٍ بحقهم في الإطاعة، وهي تؤكد هذا الحق، ولا تنشئه.
وهذا هو السبب في أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ البيعة على المسلمين في المنعطفات الهامة في حياة الأمة، ليؤكد بذلك عليهم الإلتزام بإطاعته في السراء والضراء، والحرب والسلم، وفيما أحبوه أو كرهوه!
وهذا هو السبب نفسه في أن النبي صلى الله عليه وآله بعد أن بلَّغ الأمة ولاية علي عليه السلام في غدير خم، أمر بأن تنصب له خيمة وأن يهنئه المسلمون بولايته التي أمر الله تعالى بها.. أن يهنئوه تهنئةً، ثم يبايعوه..
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 47
--------------------------------------------------------------------------------
فالإختيار الإلَهي قد تمَّ، وهو يحتاج الى قبولٍ وتهنئةٍ، ولا يحتاج الى مشورتهم ولا الى بيعتهم، لكن لو طلبها النبي صلى الله عليه وآله منهم وجبت عليهم.. ولو طلبها عليٌّ عليه السلام منهم، وجبت عليهم أيضاً.
ولهذا لا تنفع مناقشة المناقشين بأن ما طلبه النبي صلى الله عليه وآله من المسلمين في الغدير كان مجرد التهنئة لعلي عليه السلام بالولاية، ولم يكن البيعة.. لأن صدور الأمر الإلهي بولايته يُفْرِغ البيعة البشرية من القوة الإنشائية، ويحصر قيمتها في الإعتراف والإلتزام بالأمر الإلهي، كلما طلبها منهم النبي صلى الله عليه وآله أو الولي عليه السلام.
والقاعدة الكلية في هذا الموضوع: أن الأمة إنما تملك الولاية على نفسها واختيار حكامها ـ في حدود ماثبت في الشريعة المقدسة ـ في حالة عدم اختيار الله تعالى لأحد.. أما إذا اختار عز وجل إماماً فقد قضي الأمر، ولم يبق معنىً لاختيار الأمة لحاكم آخر، إلا أنها تتفلسف في مقابل ربها عز وجل، وتخالف اختيار مالكها الحكيم سبحانه..
|