عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2010, 03:36 AM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تكملة



ثم أهمل استعمال السبئية في المنسوبين إلى قبائل قحطان وخاصة في بلاد العراق موطن اختلاف الأسطورة ، فلا نجد فيه - بعد هذا - من يلقب بالسبائي لانتمائه إلى سبأ بن يشجب بن يعرب ، كما نجد ذلك في اليمن ومصر والأندلس حيث نجد فيها - خلال القرنين الثاني والثالث الهجري - جمعا من رواة الحديث ممن روى عنهم أصحاب الصحاح من يلقب بالسبئي لانتسابهم إلى سبأ ابن يشجب وليس إلى عبد الله بن سبأ اليهودي الذي ألقى الفتنة في البلاد وبين العباد ، على حد زعم سيف .

ثم بعد أن نقل علماء - كالطبري - الأسطورة السبئية عن سيف في كتبهم وانتشرت كتبهم في البلاد ، أهمل استعمال السبئية في المنسوبين إلى قبائل قحطان في كل مكان ونسي هذا المدلول ، ودلت السبئية - في الكتب - على أتباع عبد الله بن سبأ فحسب ، وإن لم يكن لهم - يوما ما - وجود في الخارج .

ثم تطور مدلول كلمة السبئية بعد ذلك وتعدد مؤسسها ، فبينما كانت السبئية في أوائل القرن الثاني تدل - عند مختلقها سيف - على من يؤمن بالوصاية لعلي ، إذا بها في أخريات القرن الثالث تدل ‹ صفحة 359 › على من يعتقد بألوهيته !
وبينما كان عبد الله بن سبأ هو ابن السوداء عند مختلق الأسطورة ، وإذا بهما يصبحان شخصين في أوائل القرن الخامس ، وتعددت - أيضا - أخبارهما .

ونستطيع أن نحدد مداليل تلك الألفاظ في القرن الخامس فما بعد بما يلي :

1 - عبد الله بن وهب السبائي رأس الخوارج ، وهو غير مشهور إلا عند بعض العلماء .

2 - عبد الله بن سبأ والمنعوت بابن السوداء ، وهو عند رواة سيف مؤسس الفرقة السبئية التي تؤمن بالرجعة وبالوصاية لعلي والتي أثارت البلاد على الولاة حتى قتل عثمان ، ثم أنشبوا القتال في حرب الجمل . وقد احتفظ هذان المفهومان بحدودهما في الكتب منذ وجود الأول في عصر الامام واختلاق الثاني من قبل سيف .

3 - عبد الله بن سبأ مؤسس الفرقة السبئية التي تعتقد الألوهية لعلي . وخبر هذا لم يقف عند حد منذ تدوينه في الكتب في أخريات القرن الثالث حتى أوائل القرن التاسع للهجرة . * فهو الذي قال للامام في أول خطبة له بعد بيعته : " أنت خلقت الخلق وأنت بسطت الرزق " . فأبعده من المدينة إلى المدائن ، ثم عرف أحد عشر رجلا من السبئية فأحرقهم بالنار ‹ صفحة 360 › وقبورهم هناك في الصحراء مشهورة . وهو الذي غلا في الامام وزعم أنه إله ودعا قوما من غواة الكوفة ، فأحرق الامام قوما منهم في حفرتين ، فأنشد في ذلك : لترم بي الحوادث حيث شاءت * إذا لم ترم بي في الحفرتين ونفي ابن سبأ إلى المدائن . فلما قتل الامام زعم أن المقتول لم يكن عليا بل كان شيطانا تصور للناس بصورته ، وأن عليا ( ع ) قد صعد إلى السماء كعيسى وسينزل وينتقم من أعدائه .

* وهو الذي ادعى النبوة لنفسه ، وأن أمير المؤمنين هو الله تعالى ، فحبسه الامام واستتابهثلاثة أيام فلم يتب ، فأحرقه بالنار وأنشد فيه " لما رأيت الامر أمرا منكرا . . . " . * وهو الذي جاء به المسيب بن نجمة على الامام متلببا به لتكهنه بالغيب فصحح الامام تكهنه . * وهو الذي قال للامام لما وصى برفع اليدين في الدعاء إلى السماء : " أليس الله بكل مكان ؟ " . * وهو الذي جاء إلى الامام مع جماعته وقال له مشافهة : " أنت الله " فأحرقهم بالنار ، فجعلوا يقولون وهو يرمون بالنار : " الآن صح عندنا أنه الله لأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار " . * وهو الذي كان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة ، وتبرأ منهم ، فجاء به المسيب بن نجبة متلببا به ، فأثنى الامام على أبي بكر وعمر وقال : " لا يفضلني أحد عليهما إلا جلدته حد المفتري " وسيره إلى المدائن . ‹ صفحة 361 ›

* وهو الذي لما بلغه نعي علي وهو بالمدائن قال للذي نعاه : " كذبت يا عدو الله لو جئتنا والله بدماغه في صرة فأقمت على قتله سبعين عدلا ما صدقناك ولعلمنا أنه لم يقتل ولا يموت حتى يملك الأرض " ثم ذهب مع جماعته من يومه إلى باب دار الامام يستأذن عليه استئذان الواثق بحياته ، وأنكر على أهل بيته قولهم بوفاته .

* وهو - أي عبد الله بن سبأ - بنفسه عبد الله بن السوداء وهو - أيضا - غير ابن السوداء بل هما اثنان وأن الأخير كان من يهود الحيرة فأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده ليعتقدوا فيهم عقيدة النصارى في عيسى ، وأراد أن يترأس على أهل الكوفة فذكر لهم أنه مكتوب في التوراة " لكل نبي وصي ، وأن عليا وصي محمد . . . "
فقالوا للامام : إنه من محبيك ، فرفع قدره وأجلسه تحت منبره ، فلما بلغه غلوه وخاف من قتله اختلاف أصحابه عليه نفاه إلى المدائن مع ابن سبأ ، وأنه انتسب إلى الرافضة السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر .

والفرقة السبئية التي أسسها عبدالله بن سبأ الأخير هي التي كانت تقول : أن عليا في السحاب وان الرعد صوته والبرق سوطه . وهم الذين يقولون عند سماع الرعد : " السلام عليك يا أمير المؤمنين " .

وهم الذين يزعمون أن الإمام علي بن أبي طالب هو المهدي . وهم الذين يقولون بالتناسخ وان الأئمة أبعاض من أبعاض الله ‹ صفحة 362 › تعالى . وهم الذين يزعمون أن في علي الجزء الإلهي . وهم الذين يقولون أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي . وهم الذين يزعمون مع الناووسية أن الإمام جعفر بن محمد كان عالما بجميع معالم الدين .

وهم الذين حملوا المختار على ادعاء النبوة . وهم الطيارة الذين يزعمون أن موتهم طيران نفوسهم وأن روح القدس انتقلت من عيسى إلى محمد ، ومنه إلى علي ، ثم إلى الحسن ثم الحسين ، ثم إلى أولاده من الأئمة .

وهم أصحاب عمر بن الحارث الكندي الذي أمر أصحابه بسبع عشرة صلاة في كل يوم وليلة ، في كل صلاة خمس عشرة ركعة ، وقالوا بان عليا توارى عن خلقه سخطا عليهم ، وأنه سيظهر . وهم الخشبية أصحاب المختار ! وهم الممطورة ! وهم . . . وهم . . . . ! رأينا في استعراضنا أخبار السبئية وابن سبأ أن عبد الله السبائي رئيس الخوارج والذي ذكرناه أولا لم ينم خبره ولم يزدد . كما لم ينم ولم يتطور خبر عبد الله بن سبأ ، مؤسس فرقة السبئية ، القائلة بوصاية علي ، والذي ذكرناه ثانيا . بينما ازداد وتطور خبر عبد الله بن سبأ الثالث مؤسس ‹ صفحة 363 › عقيدة الألوهية على مر الزمان وتكاثر ، وكذلك تعدد شخصه ! فما السبب في ذلك ؟ !

نرى أن السبب في ذلك أن الأول كان موجودا حقيقة ودون خبره في الكتب كما وجد .

والثاني دون مختلقه - سيف - خبره في تأليفه كما تخيله وتخيل خبره ، ونقل العلماء أخبارهما كما وجدوها فلم يزدد خبراهما على مر القرون عما دون في أول يوم . بينما أخذ العلماء أخبار الثالث من أفواه الناس علىمر العصور ، فنمت وتطورت على قدر تقول الناس فيها ، ومدى أخذ العلماء عنهم .

ويبدو أن بعضهم قد تبرع لوضع سند لبعض تلك الأخبار المختلفة ، كما وضع الآخرون سندا لقصة النسناس ونظائرها من الأساطير . وإن قيل : كيف أمكن تصحيف عبد الله السبائي إلى عبد الله ابن سبأ ، وكيف خفي تحريف خبره على العلماء مدى العصور ؟ أو بالأحرى كيف خفي عليهم هذا التحريف والدس والاختلاق ؟

فنقول : إن التصحيف والتحريف لم يقتصرا على هذه الأسماء وأخبارها حتى يستبعد ذلك ، بل كثر وشاع حتى ألف في بيانها جماعة من العلماء ، مثل : أبي أحمد العسكري ، المتوفى ( 382 ه‍ ) الذي ألف " شرح ما ‹ صفحة 364 › يقع فيه التصحيف والتحريف " ( ح )

وقال في مقدمته : " شرحت في كتابي هذا الألفاظ المشكلة التي تتشابه في صورة الخط فيقع فيها التصحيف ويدخلها التحريف " . وقال أيضا : " وكنت عملت في شرح ما يشكل ويقع فيه التصحيف كتابا كبيرا جامعا لما يحتاج إليه أصحاب الحديث . . . من أسماء الرواة والصحابة والتابعين ومن بعدهم . . . ثم إني سئلت إفراد ما يحتاج إليه أصحاب الحديث مما يحتاج إليه أهل الأدب فجعلته كتابين . . . " .

ثم بوب فيه لذكر أوهام كبار العلماء أمثال الخليل والجاحظ والسجستاني وذكر ما يصحف في الأنساب ، و . . . الخ .

كما ألف قبله ابن حبيب ، المتوفى ( 245 ه‍ ) في مختلف أسماء القبائل وأنسابها .

وكذلك ابن التركماني ، المتوفى ( 749 ه‍ ) . وألف الآمدي ، المتوفى ( 370 ه‍ ) المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء . والدارقطني المتوفى ( 385 ه‍ ) في أسماء الرواة . وألف في المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والألقاب ابن الفرضي ، المتوفى ( 403 ه‍ ) ، وعبد الغني ، المتوفى ( 409 ه‍ ) وابن الطحان الحضرمي ، المتوفى ( 414 ه‍ ) .
‹ صفحة 365 › وأشهرها وأجمعها الاكمال ، لابن مأكولا ، المتوفى ( 487 ه) ( ط ) . كما ألف في مشتبه النسبة كل من : الماليني ، المتوفى ( 412 ه‍ ) . والزمخشري ، المتوفى ( 548 ه‍ ) . والحازمي ، المتوفى ( 584 ه‍ ) . وابن باطيش ، المتوفى ( 640 ه‍ ) . والفرضي ، المتوفى ( 700 ه‍ ) . والذهبي ، المتوفى ( 748 ه‍ ) ( ي ) . وابن حجر ، المتوفى ( 852 ه‍ ) .

وجاء بعد هؤلاء علماء استدركوا عليهم ما فاتهم من موارد وأخطاء فيما ذكروا ، مثل ما استدرك على عبد الغني كل من : المستغفري ، المتوفى ( 436 ه‍ ) في كتابه ( الزيادات ) . والخطيب ، المتوفى ( 463 ) في كتابه ( المؤتنف ) .

كما أستدرك على الاكمال ابن نقطة المتوفى ( 629 ه‍ ) في كتابه ( المستدرك ) .

وذيل على ابن نقطة كل من : الحافظ منصور ، المتوفى ( 677 ه‍ ) . ‹ صفحة 366 › وابن الصابوني ، المتوفى ( 680 ه‍ ) . ومغلطاي ، المتوفى ( 762 ه‍ ) .

واستدرك على الذهبي ابن ناصر الدين ، المتوفى ( 842 ه‍ ) في كتابه ( الاعلام بما في مشتبه الذهبي من الأوهام ) .

ومع كل ما بذل هؤلاء الاعلام وغيرهم ( ك ) من جهد مشكور في البحث والتحقيق لو أراد باحث أن يستدرك اليوم ما فاتهم لجاء بمؤلف ضخم ! وكم ترك الأول للاخر ؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 364 ›
( ح ) لدينا نسخة منه بتحقيق عبد العزيز أحمد وط . مصطفى الحلبي عام 1383 ه‍ .

‹ هامش ص 365 ›
( ط ) لدينا ستة أجزاء منه ط . حيدر آباد عام 1381 - 1386 ه‍ بلغ إلى حرف العين .
( ي ) لدينا منه نسخة بتحقيق علي محمد البجاوي ، وط . الحلبي عام 1962 ه‍ .

‹ هامش ص 366 ›
( ك ) مثل موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب ولدينا نسخة منه في 3 اجزاء ، ولابن ناصر الدين شرح مشتبه الذهبي ، وكذلك لغيرهم . راجع مقدمة مصحح الاكمال . ط . حيدر آباد .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 

رد مع اقتباس