ابن السبيل
لغة :
قال ابن الأثير : " وأما ابن السبيل
فهو المسافر الكثير السفر سمي ابنا لها
لملازمته إياها " ( 1 ) ونقل ابن منظور عن ابن
سيده أن : " ابن السبيل : ابن الطريق ،
وتأويله : الذي قطع عليه الطريق " ونقل
عن ابن بري : أن " ابن السبيل الغريب
الذي أتي به الطريق . . . " ( 2 ) .
اصطلاحا :
القدر المتيقن من ابن السبيل عند
الفقهاء هو المنقطع به - بفتح الطاء - في
الأسفار ويكون محتاجا في الحال وإن كان
له يسار في بلده وموطنه ( 3 ) .
وهناك بعض الموارد اختلفوا في
دخولها في عنوان " ابن السبيل " وعدمه
وهي :
أولا - المسافر الذي قصد عشرة أيام
فما فوق مع عدم قصد الاستيطان ، فالغالب
على أنه يعد من ابن السبيل لو انقطع به
السفر . قال في الجواهر :
" أما المقيم عشرا فصاعدا أو المتردد
ثلاثين يوما أو نحو ذلك مما يوجب التمام
فغير خارج عن صدق ابن السبيل عرفا
وإن انقطع سفره شرعا بالنسبة للقصر
والإتمام والإفطار والصيام ، ضرورة عدم
التنافي بينهما . . . " ( 1 ) . ثم نقل خلاف الشيخ
في المبسوط والعلامة في التذكرة وابن فهد
في المحرر .
وكلام الشيخ ( 2 ) ظاهر في ذلك ، لأنه
حصر ما يستحق بعنوان ابن السبيل في
المجتاز بغير بلده ، وقريب منه كلام
العلامة ( 3 ) ولم يكونا صريحين في ذلك ، نعم
هما ناظران إلى المسألة التالية أكثر .
ثانيا - المنشئ للسفر من بلده :
ذهب أغلب الفقهاء إلى أن عنوان " ابن
‹ صفحة 204 ›
السبيل " لم يصدق على المنشئ للسفر
المحتاج إليه ، ولم يكن له ما يمكنه من ذلك ،
فلا يعطى من سهم ابن السبيل ، نعم قد
يعطى من سهم الفقراء إن كان فقيرا ، أو
من سهم سبيل الله ، ومع ذلك فقد نسب
إلى الإسكافي ويظهر من الشهيدين في
الدروس والروضة : أنه يصدق عليه ابن
السبيل .
قال الأول : " وقيل : منشئ السفر
كذلك وهو حسن مع فقره إلى السفر ولا
مال يبلغه وإن كان له كفاية في
الحضر " ( 1 ) .
وقال الثاني : " ومنشئ السفر مع
حاجته إليه ولا يقدر على مال يبلغه ، ابن
سبيل على الأقوى " ( 2 ) .
وهل المراد ب " منشئ السفر " هو
الذي يريده من دون تلبس به ، أو الذي
تلبس به وإن كان لم يبلغ المسافة بعد ؟
الظاهر من الكلمات هو الأول ، بينما
احتمل صاحب الجواهر أن يكون الشهيد
- الأول - أراد الثاني ، ولذلك استحسن
صدق العنوان عليه .
وقال السيد اليزدي في العروة :
" . . . وأما لو كان في وطنه وأراد إنشاء
السفر المحتاج إليه ولا قدرة له عليه
فليس من ابن السبيل ، نعم لو تلبس
بالسفر على وجه يصدق عليه ذلك يجوز
إعطاؤه من هذا السهم ، وإن لم يتجدد نفاذ
نفقته بل كان أصل ماله قاصرا فلا يعطى
من هذا السهم قبل أن يصدق عليه اسم
ابن السبيل ، نعم لو كان فقيرا يعطى من
سهم الفقراء " ( 1 ) .
ثالثا - الضيف المحتاج إلى الضيافة :
اختلف الفقهاء في أن مثل هذا هل هو فرد
آخر من ابن السبيل مقابل المسافر المنقطع
به ، أوليس لابن السبيل إلا مصداق واحد
وهو المسافر المنقطع به ، والضيف المحتاج
إلى الضيافة فرد منه ، أو أنه ملحق به
حكما ؟
قال صاحب الجواهر - مازجا لكلام
المحقق - : " " وكذا " الكلام في " الضيف "
الذي هو محتاج للضيافة ، فإنه لا يخرج بها
عن كونه ابن سبيل ضرورة تحقق الصدق
عليه . . . وكأن الداعي إلى نص المصنف
‹ صفحة 205 ›
عليه بيان أنه لا يخرج بالضيافة عن كونه
ابن سبيل ، ودفع توهم فرد آخر لابن
السبيل أو أنه يلحق به . . . " ( 1 ) .
ثم نقل عبارات بعض الفقهاء وأولها
عبارة المفيد في المقنعة التي قد يستظهر
منها انحصار ابن السبيل في الضيف ، أو
كونه فردا آخر منه مقابل المنقطع به ، أو
ملحقا به حكما ، أو أنه فرد للمنقطع به .
..................................................
هامش ص 204
( 1 ) الدروس 1 : 242 .
( 2 ) الروضة 2 : 50 .
( 1 ) العروة : أصناف المستحقين للزكاة .
‹ هامش ص 205 ›
( 1 ) الجواهر 15 : 374 .