وجه المجتمع:
لكل مجتمع مناسبات، يقيمها ويهتم بها، فعلى الجميع أن يبذلوا جهدهم لإظهار مناسباتهم بالشكل الحسن، فهي ستكون مرآة لمجتمعهم، حيث إن السلوك الجمعي لكل مجتمع إذا ما كان منظمًا، ومهتمًا بالذوق والأخلاق الفاضلة فإنه يعطي صورة مشرقة لمجتمعه. ونحن على أعتاب مناسبة عظيمة يحتفي بها الشيعة بشكل كبير وهي ليلة النصف من شعبان، ولهذه الليلة عادات وتقاليد في مراسيم الاحتفاء، وهنا نريد أن نركز على ضرورة الحفاظ على الصورة النقية لهذه المدرسة وهذا المذهب العريق، وهذا يكمن عبر عدة نقاط من أهمها:
أولًا: لا بد من تظافر الجهود حول إقامة هذه المناسبة، والاجتهاد لأن تكون بالشكل الحسن حتى تعكس وجهًا مشرقًا للمذهب والمجتمع. وكل واحد منا يتحمل قسطًا من المسؤولية.
ثانيًا: التعاون في صد العناصر التي تسيء إلى المناسبة بتصرفاتها السلبية، خاصة في هذا الزمن الذي يظهر فيه كل يوم نمط جديد وأساليب مثيرة لها تأثير على سلوك بعض الشباب، فيتصرفون تصرفات مخلة تشوه المناسبة. فلا بد من برامج للحفاظ على المناسبة وقدسيتها وبهجتها، وأن نعطي صورة حسنة للآخرين سيما أن من يرتادها ليس فقط من الشيعة. كما أن أخبارنا تصل إلى الجميع، فعلينا أن نوصل الصوت الحسن لا السيء.
حينما نجد ظاهرة سيئة تنشر في المجتمع وتفسد أجواءه, فعلينا جميعًا التصدي لها ومعالجتها، مثلاً ظاهرة التفحيط في الأحياء السكنية، وهي ظاهرة خطيرة على من يرتكبها وعلى الناس، وقد تحدثنا عنها كثيرًا، ولكن لأنها قد تمارس في هذه المناسبات حيث تواجد الناس فمن الضروري أن نشير إليها، وأن ندعو الجميع للتعاون في عمل برامج ودراسات لمعالجة هذه الظاهر السيئة التي أفقدتنا كثيرًا من شبابنا. في الأسبوع الماضي فجعنا بفقد الأستاذة الفاضلة والكاتبة فوزية المرزوق، وهي خطيبة ومؤلفة وأستاذة في الحوزة، كانت ضمن برنامج ديني يقام في الأحساء وحين خرجت صدمها أحد المفحطين مع بعض من زميلاتها وفارقت إثر ذلك حياتها لتترك مكانًا شاغرًا في الساحة الدينية النسوية. نسأل الله تعالى لها الرحمة والرضوان ولذويها الصبر والسلوان.
ثالثًا: اهتمام العوائل في هذه المناسبات بأبنائها وبناتها.
رابعًا: تجنب مزاحمة العابرين في الشوارع العامة. وعلينا أن نتفهم بأن هذه مناسبة من طبيعتها الازدحام كما يكون الأمر عند تشييع جنازة أو زفاف عريس، فعلينا أن لا ننزعج من هذا الزحام، ولكن من ناحية أخرى على القائمين على برامج الاحتفاء أن يراعوا ظروف الناس. فالأمر يحتاج إلى موازنة.
خامسًا: استقبال الزائرين وخاصة من خارج المنطقة استقبالًا حسنًا لنعطي انطباعًا وصورة حسنة عن المناسبة والمجتمع.
سادسًا: إقامة البرامج المفيدة للأبناء من مسرحيات وأناشيد ومسابقات، فذلك ينمّي فكرهم، ويربطهم بصورة حسنة بمناسبات أهل البيت ويستفيدون أكثر من فكرهم المبارك، ويجوبون الأحياء بأناشيد تربوية هادفة.
سابعًا: توزيع ما يفيد للأطفال وخاصة الكتب والسيديات، فلا ينبغي الاقتصار على الحلوى والعصائر، فمن النافع أن يتم توزيع القصص المفيدة، وكذلك بالنسبة للسيديات التي تحوي مضامين نافعة، وقد بدأت بعض المجاميع ولله الحمد تقوم بهذا الدور ونأمل المزيد.
وأخيرًا أذكّر نفسي وغيري بالاستفادة الروحية في مثل هذه الليلة بالعبادة والتقرب إلى الله عز وجل، علينا أن نجعل للفرح وقتًا وللدعاء والعبادة وقتًا. وقد وردت أعمال كثيرة تستحب في ليلة النصف من شعبان ومنها:
قراءة دعاء كميل، هذا الدعاء العظيم، كما نقل ابن طاووس في الإقبال وغيره قال: قال كميل بن زياد رحمه الله: كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه، فذكر ليلة النصف من شعبان في كلامه فقال: ما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر إلا أجيب له، فلما انصرف طرقته ليلاً، فقال: «ما جاء بك يا كميل؟ قلت: يا أمير المؤمنين دعاء الخضر، فقال: «اجلس يا كميل إذا حفظت هذا الدعاء، فادع به كل ليلة جمعة، أو في الشهر مرة، أو في السنة مرة، أو في عمرك مرة، تُكف وتُنصر وتُرزق ولن تعدم المغفرة، يا كميل أوجب لك طول الصحبة لنا أن نجود لك بما سألت»، ثم قال: اكتب.
وفي رواية: أن كميلَ رأى أمير المؤمنين ساجداً يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان. (اقبال الاعمال 3/331)
وأيضًا من الأعمال المباركة، الغسل، وصلاة جعفر الطيار، وزيارة الإمام الحسين وصلاة الليل وغير ذلك من الأعمال الواردة في كتب الأدعية والزيارة. نسأل الله للجميع التوفيق والاستفادة من بركات هذه الأيام وأن يبلغنا شهر رمضان المبارك وليلة القدر إنه سميع الدعاء قريب مجيب 1.
1. نُشرت هذه الخطبة على الموقع الرسمي لسماحة الشيخ حسن الصفا
|