الخطبة الأولى: ليلة النصف من شعبان والمنزلة العظيمة
جاء في الوسائل (حديث 10183) بسنده عن الإمام الصادق قال: «سئل الباقر: عن فضل ليلة النصف من شعبان؟ فقال: هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله تعالى العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها، فإنها ليلة آلى الله على نفسه أن لا يرد سائلاً له فيها ما لم يسأل معصية».
كما نقل (حديث 10089) بسنده عن بن فضال قال: سألت علي بن موسى الرضا عن ليلة النصف من شعبان؟ فقال:« هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النار، ويغفر فيها الذنوب الكبار» قلت فهل فيها صلاة زيادة على صلاة سائر الليالي؟ فقال:« ليس فيها شيء موّظف، ولكن إن أحببت أن تتطوع فيها بشيء فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب، وأكثر فيها من ذكر الله والاستغفار والدعاء، فإن أبي كان يقول: الدعاء فيها مستجاب».
وجاء (حديث 10192) عن زيد بن علي قال: كان علي بن الحسين يجمعنا جميعاً ليلة النصف من شعبان، ثم يجزئ الليل أجزاء ثلاثة، فيصلي بنا جزءاً، ثم يدعو فنؤمن على دعائه، ثم يستغفر الله ونستغفره، ونسأله الجنة حتى ينفجر الفجر.
ما أحوج الإنسان إلى وقفات روحية، ومحطات معنوية يعود فيها إلى نفسه، وينفتح فيها على خالقه، ويستمد منه العون ويطلب منه الصلاح. وأفضل هذه المحطات تكون في الأزمنة المباركة والتي لها خصوصية عند الله تعالى. فكيف نعرف هذه الأزمنة؟ نحن كبشر لا نملك من المعايير ما يكشف لنا عنها، ولكننا نستطيع أن نعلم بها عن طريق الروايات والنصوص الواردة عن رسول الله وأهل بيته الكرام كتلك الروايات التي تبركنا بتلاوتها مطلع الخطبة والتي تؤكد على زمن خاص له فضله ومكانته عند الله عز وجل وهي ليلة النصف من شعبان. وقد وردت روايات أخرى كثيرة تدل على فضل هذه الليلة ومكانتها، هذه الروايات لم يتفرد فيها مذهب من مذاهب المسلمين دون غيره من المذاهب، بل كل المذاهب الإسلامية تروي روايات تؤكد على مكانة وعظمة هذه الليلة المباركة. فهناك اتفاق على مكانتها عند الشيعة والسنة.
|