:: منتديات ثار الله الإسلامي ::

:: منتديات ثار الله الإسلامي :: (http://www.tharollah.com/vb/index.php)
-   منتدى شرح منهاج الصالحين (http://www.tharollah.com/vb/forumdisplay.php?f=168)
-   -   شرح منهاج السيستاني باب التقليد (http://www.tharollah.com/vb/showthread.php?t=3782)

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:09 PM

شرح منهاج السيستاني باب التقليد
 
منقول من احد المواقع

شرح منهاج الصالحين - السيد السيستاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على
خير خلقه محمد و آله
الطيبين الطاهرين الغرّ الميامين .


التقليد

مسألة 1 : يجب على كل مكلّف لم يبلغ رتبة الاجتهاد أن يكون في جميع عباداته و معاملاته و سائر أفعاله و تروكه مقلّداً أو محتاطاً ، إلا أن يحصل له العلم بأنه لا يلزم من فعله أو تركه مخالفة لحكم إلزامي ولو مثل حرمة التشريع ، أو يكون الحكم من ضروريات الدين أو المذهب - كما في بعض الواجبات و المحرمات و كثير من المستحبات و المباحات - و يُحرز كونه منها بالعلم الوجداني أو الاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائية كالشياع و إخبار الخبير المطلّع عليها .

***********

(
المكلف ) : كل مسلم عاقل بلغ سن التكليف الشرعي ، وهو من أكمل خمسة عشر سنة هلالية إذا كان ذكراً ، و أكمل تسع سنوات هلالية إذا كان أنثى ، و إذا بلغ هذا السن توجّهت له الخطابات الشرعية ووجب عليه الالتزام بها في جميع مفاصل حياته .

(
رتبة الاجتهاد ) هي رتبة علمية يصل إليها المتخصص في علوم الشريعة حسب المدرسة الاسلامية الصحيحة ( مدرسة الثقلين العظيمة ) ، و يكون فيها ذلك المتخصص مؤهلاً لأن يُحدّد الحكم الشرعي و يبينه استناداً إلى الأدلة التي طرحتها مدرسة الثقلين ( القرآن و العترة المطهرة ) .

(
عباداته عباداته و معاملاته و سائر أفعاله و تروكه ) العبادات هي الواجبات الشرعية التي يتوقف الحكم بصحتها على أن يأتي بها بقصد التقرّب إلى الله تعالى مثل الصلاة و الصوم والحج

و المعاملات هي أحكام جعلتها الشريعة تأسيساً أو إمضاءً و لم تشترط العمل بها بقصد التقرّب إلى الله تعالى

و الأفعال يقصد بها كل ما طلب الشرع الاتيان به على نحو الوجوب أو الاستحباب بل وحتى المباح و لم يكن من العبادات كتطهير الثياب لما يشترط فيها طهارة الثياب ، و الزيارة للنبي و آله الكرام صلوات الله عليهم أجمعين ، و ما أراد الشرع من الأفعال بحيث يرخي العنان لهم ولا يضيّق عليهم كشرب الماء و فعل سائر المباحات .

و التروك فإنه يقصد منها ما يجب أن يتركه المكلف بسبب تحريم الشريعة له كقطع الرحم و الزنا و ماشابه .

(
مقلّداً ) التقليد يتحقق باتباع رأي المرجع حال العمل بالأحكام التي تقدم الحديث عنها .

(
محتاطاً ) الاحتياط هو أن يقوم المكلّف بالعمل بالحكم الشرعي ، فإن كان ذلك الحكم لا خلاف فيه من حيث الأجزاء و الشروط و التفاصيل فإنه يعمل به كما هو ، وإن اختلف الفقهاء فيه من حيث الأجزاء و الشروط و التفاصيل فإنه يأخذ بالحكم الأشد و الأصعب من تلك الشروط و الأجزاء و التفاصيل ، و قد يقتضي ذلك تكرار العمل .
فمثلاً : إذا اختلف الفقهاء في قراءة سورة الجمعة و المنافقون في صلاة الظهر من يوم الجمعة فإنه يلزم على المحتاط أن يقرأ تلك السورتين ، و إذا رأينا الفقهاء يختلفون في حكم الربا بين الزوج و زوجته فإنه يتطلب على المحتاط أن يترك أخذ الربا من زوجته .

(
إلا أن يحصل له العلم بأنه لا يلزم من فعله أو تركه مخالفة لحكم إلزامي ولو مثل حرمة التشريع )
يشير السيد الماتن إلى أن المحتاط قد يعرف الحكم الشرعي من حيث الأجزاء و الشروط و التفاصيل ولا يوجد به خلاف عند الفقهاء ، إلا أنه يقوم أيضاً بالاحتياط في ذلك الحكم المعلوم ، و ذلك لعلمه بأن الاحتياط لا يترتب عليه مخالفة شرعية ولو كانت تلك المخالفة الشرعية هي التشريع المحرّم .

فلو فرضنا أن القبلة اشتبهت بين أربع جهات و المكلف يتمكّن من تحصيل العلم بالقبلة من غير صعوبة ، إلا أنه أراد العمل بالاحتياط فأتى بالصلاة إلى أربع جهات ، أي كرّرها أربع مرات ، فإن الاتيان بهذه الصلوات الثمان لا يلزم منه التشريع المحرّم ولا أي محذور شرعي آخر .

أو مثلاً : إذا شك المكلف في أن الطلاق هل يجوز أن يكون بالجملة الفعلية كبقية الصيغ بأن يقول : طلّقتك ، أو أنه لا بد أن تكون بالجملة الاسمية بأن يقول : أنت طالق أو زوجتي طالق ، فإنه لا مانع من الجمع بين الصيغتين و يحتاط بالتكرار ، و يحصل له العلم حينئذ بعدم مخالفة هذا التكرار لحكم شرعي ، ولا أنه يستلزم التشريع المحرّم .

(
أو يكون الحكم من ضروريات الدين أو المذهب - كما في بعض الواجبات و المحرمات و كثير من المستحبات و المباحات ) الاحتياط إنما يكون في الأحكام غير الضرورية و التي تحتاج إلى يؤمّن الانسان على نفسه من حصول المخالفة الشرعية فيها ، فهو يأتي بما يحتمل وجوبه و يترك ما يحتمل حرمته ، و فعله و تركه إنما لأجل احتمال أن يعاقبه الله على عدم الفعل أو عدم الترك ، فيقول له عقله اترك أو افعل حتى لا تقع في محذور مخالفة أوامر الله تعالى

و هذا غير متحقق في الأحكام الضرورية القطعية واليقينية ، لأن المكلف حينئذ يجزم بعدم العقاب كما في المستحبات التي يقطع بكونها مستحباً في الشريعة كزيارة الحمزة عليه السلام ، أو يجزم بوجود العقاب كما هو الحال بالنسبة لنفس الصلاة و الصوم ، إذ ترك الصلاة و الصوم موجب قطعاً للعقاب .


(
و يُحرز كونه منها بالعلم الوجداني أو الاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائية كالشياع و إخبار الخبير المطلّع عليها . )

أي يتيقّن المكلف بأن هذا الحكم هو حكم ضروري أو يقيني ثابت في الشريعة كوجوب الصلاة و الصوم و حرمة الزنا و اللواط و استحباب الزواج و هكذا من خلال الآليات المعروفة ، كالعلم الوجداني من خلال النصوص القرآنية ، أو من خلال الأمور التي توجب الاطمئنان بثبوت هذا الحكم الشرعي في الشريعة كالشياع عند المتشرعة و تسالمهم و اتفاقهم جميعاً على ثبوتها كما هو الحال بالنسبة لوجوب الطواف حول الكعبة متياسراً ، أو لإخبار الخبير المطلع على ثبوتها في الشريعة .




الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:11 PM

مسألة 2 : عمل غير المجتهد بلا تقليد و لا احتياط باطل ، بمعنى أنه لا يجوز له الاجتزاء به ما لم يعلم بمطابقته للواقع ، إلا أن يحصل له العلم بموافقته لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً ، او ما هو بحكم العلم بالموافقة كما سيأتي بعض موارده في المسألة الحادية عشرة .

*******************

(
باطل ) المقصود بالبطلان هنا عدم ترتيب الأثر على ذلك العمل المأتي به من قبل غير المجتهد إذا لم يكن قد صدر عن تقليد أو احتياط ، فلو عقد عقد نكاح ، و كانت الصيغة التي حصل بها العقد قد كانت باللغة الفارسية مثلاً ، فإنه لا يصح لذلك الشخص غير المجتهد أن يُرتّب آثار العقد الصحيح الذي يترتّب عليه كون المرأة زوجةً له ، ولو أن غير المجتهد قد اكتفى في تطهير موضع خروج البول بالماء مرة واحدة فقط دون أن يغسله مرتين ، فإنه لا يصح له البناء على ترتّب الطهارة بما حصل منه من الغَسْل مرة واحدة ، و لو أنه باع شيئاً مع الشك في صحة البيع لم يجز له التصرّف في المثمن ( السلعة ) كما ليس له التصرّف في الثمن ، .

(
بمعنى أنه لا يجوز له الاجتزاء به ) فلا يرتّب الأثر على ما قام به من عمل ، و لا يعتبر ما قام به من عمل هو مما يُقرّه الشرع الشريف و يُصحّحه .

(
ما لم يعلم بمطابقته للواقع
) فلا يصح له الاقدام على العمل و ترتيب الأثر عليه في حال عدم العلم بمطابقة عمله للواقع ، و أنّى له أن يحصّل العلم بالواقع -- مثال تحصيل العلم بالواقع : ما لو انطلق في عمله بعد السؤال من الامام المعصوم عليه السلام في هذه المسألة الفرعية - و أكثر الأحكام أحكام فرعية ، وليست بأحكام ضرورية -- وهذا غير متحقق في زماننا - زمن غيبة مولانا القائم صلوات الله عليه و أرواحنا فداه و عجّل الله فرجه الشريف - ، و ما يعتبر من الأحكام الضرورية و القطعية و الواضحة في الشريعة فهو قليل جداً ، فكيف يمكن القول بموافقة العمل للواقع ، و النتيجة أنه لا يصح له ترتيب الأثر في حال الاقدام على أي عمل إذا لم يكن مستنداً إلى تقليد المرجع الذي يكون قوله حجة في حق المكلف أو الإحتياط .


(
إلا أن يحصل له العلم بموافقته لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً ) نعم تستثنى صورة واحدة يصح فيها العمل و بالإمكان ترتيب الأثر الشرعي على ما قام به من عمل ، وهي صورة حصول العلم للمكلف غير المجتهد بأن ما قام به من عمل يتوافق و يتطابق مع فتوى المرجع الذي يجب على غير المجتهد تقليده .
و هل أن صحة العمل و ترتيب الاثر عليه خاص بما إذا كان مقلّداً أو محتاطاً حين العمل ، أم يشمل حتى حالة ما بعد العمل - كما لو عمل ثم سأل و اكتشف أن ما قام به مطابق لرأي ذلك المرجع الذي يجب عليه أن يُقلّده - ؟

و الجواب : إن ظاهر عبارة السيد السيستاني شمولها للحالتين ، إذ يكفي الاستناد إلى قول الحجة على المكلف غير المجتهد ، وهذا لا يفرق فيه بين حالة الاستناد إلى قول الحجة حال العمل أو ما بعده .

(
او ما هو بحكم العلم بالموافقة كما سيأتي بعض موارده في المسألة الحادية عشرة . ) سيأتي من السيد في المسائل الآتية تفصيل الكلام هناك و يقول بنفس ما قلته في الشرح في هذه المسألة من أن الاستناد إلى قول الحجّة ( أي قول المجتهد الذي يجب تقليده ) كافٍ حتى بعد العمل ، حيث قال هناك : ( و أما أعمال السابقة : فإن عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشروط ، فمع مطابقة العمل لفتواه يجتزئ به .... ) و سيأتي مزيد كلام في تصحيح الرجوع للمجتهد بعد حصول العمل من المكلف ، فانتظر و قارن بين المسائل و تأمل ، فإن كلام المرجع دقيق حقيق بالتأمل و التدقيق .

ثم إن الكلام في هذه المسألة يتعلق بما إذا كان عالماً بما يقوم به من فعل من دون أن يكون مستنداً إلى قول المرجع أو محتاطاً ، فإنه نصحح عمله بالاستناد إلى قول ذلك المرجع الذي يجب عليه أن يُقلّده ، إذ كما قلنا يكفي الاستناد إلى قول الحجة على المكلف وهو المرجع ، حتى فيما بعد قيام ذلك المكلف يالعمل .

و أما لو كان يجهل الكيفية على نحو الشبهة الموضوعية ، فسيأتي الكلام عليه في المسألة رقم 11 ، فانتظر .

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:13 PM

اتضح لنا أن من لا يقلّد ولا يحتاط في عمله ، فإنه لا يكتفي بما قام به من عمل بأن يعتبر نفسه قد امتثل ، إذ هذا العمل لا يمكن أن يؤمّن الانسان و يحصّل له الأمن من العقاب الالهي المحتمل ، و ليس المراد و المعنى من كون العمل باطلاً أنه يكون باطلاً واقعاً بحيث لا يصح مطلقاً حتى لو اتضح لاحقاً أن ما قام به من عمل يتوافق مع رأي المجتهد الذي يجب عليه تقليده

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:15 PM

مسألة 3 : يجوز ترك التقليد و العملبالاحتياط ، سواء اقتضى التكرار كما إذا ترددت الصلاة بين القصر و التمام ، أم لاكما إذا احتمل وجوب الإقامة في الصلاة ، لكن تمييز ما يقتضيه الاحتياط التام متعذّرأو متعسّر غالباً على غير المتفقّه ، كما أن هناك موارد يتعذّر فيها الاحتياط ولولكون الاحتياط من جهة معارضاً للإحتياط من جهة أخرى ، ففي مثل ذلك لا بد لغيرالمجتهد من التقليد .

********************

( يجوزترك التقليد و العمل بالاحتياط ) لما في الاحتياط من تحصيل براءة الذمة وامتثال الأمر الواقعي أكثر من التقليد .

وقد مرّ علينافي المسألة رقم 1 معنى الاحتياط ، و أن المقصود به هو الاحتياط في فتاوى الفقهاءبأن يعمل بالاصعب منها بحيث يراعي اصعب المحتملات و أشدّها ، بحيث إذا عملبالاحتمال الأصعب فإنه يتيقن ببراءة ذمته من الواقع المجهول ، وهذا الاحتياط يسميهالسيد السيستاني بالاحتياط المطلق الذي هو عديل التقليد ، و هذا غير الاحتياط الذييكون فيه المجتهد لم يصل إلى جزم بالفتوى فيحتاط في الفتوى احتياطاً وجوبياً أولزومياً ، كأن يحتاط الفقيه بوجوب ستر الوجه على المرأة عن الرجل الأجنبي .


( سواء اقتضى التكرار كما إذاترددت الصلاة بين القصر و التمام ) كما إذا حصل الشك لدى المحتاط في وجوبالقصر أو وجوب التمام في حالة ما إذا قطع المسافة التلفيقية ، إلا أن القطع للمسافةكان بهذه الطريقة : قطع خمسة فراسخ بطريق ، ثم قطع ثلاثة فراسخ بطريق آخر ، أوالعكس ، فإن الفقهاء يختلفون في حكم هذه المسألة بشقيها بين من يقول بوجوب التمام وبين من يقول بوجوب القصر ، و المحتاط في المسائل يلزم عليه حينئذ أن يجمع بين القصرو التمام ، لا أن يكتفي بأحدهما ، لأنه لا يحصل بالاتيان بأحدهما براءة الذمة وامتثال الأمر الواقعي .

( أم لا كماإذا احتمل وجوب الإقامة في الصلاة ) فاحتمال وجوب الاقامة في الصلاة لاتستلزم تعدّد الصلاة كما في الحالة المتقدمة - فلا يأتي بالصلاة مرتين مثلاً مرةبنية الاستحباب و مرة بنية الوجوب - لأن الاقامة أمر خارج عن أجزاء الصلاة التيتبدأ بالتكبير و تنتهي بالتسليم ، و إن كانت الاقامة من مقدمات الصلاة .

( لكن تمييز ما يقتضيه الاحتياطالتام متعذّر أو متعسّر غالباً على غير المتفقّه )
فمن باب المثال لو وقعت نجاسة في ماء قليل ، فإن الحكم هو عدم استعمال هذاالماء في رفع الحدث و الخبث ، فلو أصاب هذا الماء ثوب ذلك الذي اتخذ الاحتياططريقاً بديلاً عن التقليد و لم يكن عنده ثوب آخر غير ذلك لاقاه الماء المتنجس ، فإنالاحتياط يقتضي أن يصلي مرة عارياً و مرة أخرى بذلك الثوب .
و إذا فرضنا في نفس المثال ، أنه لو أراد أن يحتاط بأن يصلي مرة عارياً ومرة بذلك الثوب ، ولكن استلزم تكرار الصلاة مرتين خروج الوقت ، فإن الأمر سيؤول إلىعدم القدرة على الاحتياط ، إذ الاحتياط يكون في حدود الوقت لا أن يأتي مرة بالصلاةفي داخل الوقت و مرة أخرى في خارج الوقت ، و بالتالي فلا بد له من حل هذه المشكلةإما بأن يجتهد في المسألة إذا كان من المجتهدين ، أو بأن يقلّد في المسألة مرجعاً ،و حينئذ تنتفي خاصية الاحتياط وتنتهي فاعليته ، للجوء المكلف إلى بديله وهو التقليد .


( كما أن هناك موارد يتعذّرفيها الاحتياط ولو لكون الاحتياط من جهة معارضاً للإحتياط من جهة أخرى )
و مثال تعذّر الاحتياط لمعارضته باحتياط آخر ، مثال الماءالقليل الذي نشك في تنتجسه بسبب ملاقاة النجاسة و انحصر الماء في ذلك الماء المشكوكالذي لا نعلم هل وقعت فيه النجاسة أم لا ، فإن مقتضى الاحتياط الجمع بين الوضوء والتيمم ، إلا أن هذا الاحتياط خلاف الاحتياط ، لأن ذلك الماء إن كان متنجساً فعلاًفإن الوضوء به يستتبع تنجّس أعضاء الوضوء ، و لا يصح للمكلف أن يصلي و بدنه متنجس .

أو مثال آخر : كما إذا تردّد عدد التسبيحة الواجبة فيالصلاة ( في الركعة الثالثة أو الرابعة لاختلاف الفقهاء في ذلك ) بين قول ( سبحانالله و الحمد و لا إله إلا الله و الله أكبر ) مرة واحدة أو بقولها ثلاث مرات ، فإنالاحتياط يقتضي الاتيان بالثلاث ، ولكنه إذا ضاق الوقت و استلزم العمل بهذاالاحتياط أن يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت ، فإن هذا يكون خلاف الاحتياط الذينريده ، إذ كيف نحتاط و الحال أنه يلزم من هذا الاحتياط خلاف الاحتياط ، إذالاحتياط الذي يلزم منه الوقوع في مخالفة الاحتياط لا معنى له .

و بالتالي فلا بد من اللجوء إلى حل آخر غير الاحتياط، ألا و هو العلم التفصيلي في المسألة إما بالاجتهاد أو التقليد ، وهو خلاف انتهاجطريق الاحتياط ، ولا معنى للإحتياط المخصوص و الذي هو عديل التقليد و الاجتهاد معرجوع الأمر إلى التقليد في النهاية .

*************

و دمتم في رعاية الله تعالى .

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:17 PM

مسألة رقم 4 : يكفي في التقليد تطابق عمل المكلف مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة في حقه مع إحراز مطابقته لها ، ولا يعتبر فيه الاعتماد ، نعم الحكم بعدم جواز العدول - الآتي في المسألة الرابعة عشرة - مختص بمورد التقليد بمعنى العمل اعتماداً على فتوى المجتهد .

****************

( يكفي في التقليد تطابق عمل المكلف مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة في حقه مع إحراز مطابقته لها )
يؤكّد السيد السيستاني على أن التقليد ليس معناه أن يكون العمل قد انطلق من الاستناد إلى قول المرجع ابتداءً ، فلا يشترط عنده أن يكون العمل مسبوقاً بالعلم بحيث يقال عمل المكلف العمل الفلاني عن تقليد ، لأن معنى ذلك - أي سبق التقليد على العمل - هو الالتزام و البناء النفسي و النية المُسبقة على أن يعمل برأي و فتوى المجتهد المرجع ، و هذا الالتزام ليس دخيلاً و لا شيئاً أساسياً في حقيقة التقليد ، بل إن معنى التقليد هو أن يتطابق العمل مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة على المكلف مع التيقن و الاحراز و التأكد من مطابقة العمل لتلك الفتوى ولو كان ذلك الاحراز بعد أن يقوم الانسان بالعمل ، فلو عمل عملاً شرعياً عبادياً مثلاً و قصد به التقرّب إلى الله تعالى مثل :

أن يرمي الحاج جمرة العقبة الكبرى من الجهة التي تقابل مكة المكرمة ، ثم اتضح له فعلاً أن السيد السيستاني يرى جواز رمي العقبة الكبرى من تلك الجهة - وهو فعلاً يرى ذلك لتغيّر رأيه السابق في عدم جواز رميها إلا من الجهة التي تخالف جهة مكة - فإن ذلك كافٍ في الحكم بأنه قد كان عمله عن تقليد .

أو أن يقوم مثلاً بالاتيان بالتسبيحات الأربع ( سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر ) ثلاث مرات في الركعة الثالثة و الرابعة من دون أن يطّلّع على رأي المجتهد ، ثم يتحقق من الأمر فيجد بأن مرجع التقليد يقول بوجوب الاتيان بهذه التسبيحات ثلاث مرات ، فإن ذلك كاف في تحقق التقليد من هذا المكلف .

ملاحظة : ليس معنى هذا الكلام أن المكلف مسموح له أن يأتي بالعمل كيفما كان ، ثم يسأل ، فإن وجد العمل مطابقاً قال الحمد لله ، وإن أتى به مخالفاً أعاده أو قضاه ، بل لا بد له من التفقه في المسائل التي يتعرّض لها في حياته ، إذ الأمور لا تؤخذ بالمصادفة ( بمنطق إن أصاب العمل فهو زين ، وإن لم يُصب فتعالوا يا مشايخ طلعوا لينا حل لهذه المشكلة التي وقعنا فيها ) إذ هذا المنطق اعوج .
و حكم السيد المتقدم بتحقق التقليد ليس معناه ترك التعلم ، وإنما السيد يريد أن يقول بأنه لو ترك التعلم و عمل العمل ثم سأل و اتضح له أن ما عمله مطابق لرأي المرجع و فتواه فإنه يعتبر ذلك تقليداً ، و سيأتي في مسائل لاحقة الحديث عن وجوب التعلم .

( ولا يعتبر فيه الاعتماد ، نعم الحكم بعدم جواز العدول - الآتي في المسألة الرابعة عشرة - مختص بمورد التقليد بمعنى العمل اعتماداً على فتوى المجتهد . )

قد اتضح من خلال الشرح عدم وجوب كون العمل مسبوقاً بالتقليد بمعنى الالتزام و الاعتماد ، حتى يتحقق التقليد ، و ذلك لعدم دخالة ذلك في معنى التقليد ، و إنما المهم أن يتطابق عمل المكلف مع رأي المجتهد سواء سبق العمل العلم أم تأخر عنه ، و طبعاً هذا غير مسالة وجوب التعلم و التفقه ، إذ المسألتان متغايرتان ، فتأمل .

نعم تستثنى من هذا الحكم صورة ذكرها السيد السيستاني في المسألة الرابعة عشرة ، حيث يشترط فيها أن يسبق العلم بفتوى المجتهد العمل ، بمعنى أن يكون ملتزماً و معتمداً على فتواه قبل العمل ولو في مسألة واحدة ، وهذه الصورة هي : ما لو قلّد الفقيه ثم مات ، و قد عدل عنه إلى الحي و عمل بفتوى الحي ، فإنه لا يجوز له العدول إلى تقليد الفقيه الميت الذي قلّده أولاً ، ما دام الفقيه الحي الذي عمل برأيه بعد العدول جامعاً لشرائط الفتوى من الأعلمية و غيرها .

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:19 PM

مسألة 5 : يصح التقليد من الصبي المميز ، فإذا مات المجتهد الذي قلّده قبل بلوغه كان حكمه حكم غيره الآتي في المسألة السابعة ، إلا في وجوب الاحتياط بين القولين قبل البلوغ .

*************

( يصح التقليد من الصبي المميز )

الصبي المميز هو القادر على التمييز بين الأمور الحسنة و القبيحة و لكنه لم يصل إلى سن التكليف الشرعي . وصحة التقليد من الصبي إنما هو على أساس شرعية عباداته - و إن كان غير مُلزم بها شرعاً - ، و أن عباداته ليست من أجل التمرين فقط .

و عليه فتترتب عليه الأحكام المتعلقة بالتقليد كما تترتب على البالغ ، إلا ما استثني .


( فإذا مات المجتهد الذي قلّده قبل بلوغه كان حكمه حكم غيره الآتي في المسألة السابعة )

فلو فرضنا أن الصبي - حال صباه طبعاً - قلّد مجتهداً - مثل السيد الخوئي قدس سره - ثم مات ذلك المجتهد ، لحقه الحكم الذي ذكره السيد السيستاني في المسألة السابعة ، من حيثية البقاء على تقليد ذلك المجتهد أو عدمه ، فإن كان ذلك المجتهد الميت - وهو في مثالنا السيد الخوئي قدس سره - أعلم من المجتهد الحي ، وجب عليه البقاء على تقليد السيد الخوئي ، و إذا كان المجتهد الحي أعلم من المجتهد الميت وجب الرجوع إليه ، وهذا الحكم ( وجوب البقاء على تقليد الميت أو وجوب الرجوع إلى الحي ) إنما يترتب في حال العلم بالاختلاف بين المجتهد الميت و الحي - كما هو الغالب - .

( إلا في وجوب الاحتياط بين القولين قبل البلوغ )

بمعنى أنه في المسائل التي يحصل فيها علم إجمالي منجّز - كما إذا أفتى الفقيه الميت بوجوب التمام و أفتى الفقيه الحي بالقصر - ، فإننا نعلم حينئذ أن التكليف ثابت ( وهو الصلاة ، إذ لا بد أن يصلي المسلم ) و لكن التكليف هل هو بأربع ركعات أو ركعتين ، أي أن التكليف هل هو الاقل أو الأكثر ، فإننا لا نعلم بالتكليف ، وذلك لاختلاف الأقوال بين الفقهاء في المسألة .

فحينئذ إذا لم يثبت أن الفقيه الميت أعلم من الحي حتى يبقى عليه ، ولم يثبت أن الفقيه الحي أعلم حتى يرجع إليه ، و إنما الفقيهان متساويان في العلم أو لم يتضح من هو الأعلم منهما ، فإن المكلف البالغ يتخير بينهما في التقليد في حالة عدم تحقق الأورعية في أحدهما في مقام الافتاء - و المقصود بالأورعية هي أكثرية التثبت و الاحتياط في مقام الافتاء - ففي هذه الحالة يلزم على المكلف أن يحتاط بالجمع بين القصر و التمام في هذه المسألة التي وجد فيها علم إجمالي ثبت في حق المكلف .

و لكن هذا الكلام مختص بالمكلف البالغ ، و أما الصبي فلا يشمله الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام - كما هو المثال - لأن وجوب الصلاة لم يثبت في حقه ، إذ هو غير مكلف بالصلاة ، فكيف يثبت في حقه وجوب الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام ؟ و وجوب الاحتياط لا يكون حينئذ إذا لم تكن الصلاة في الأساس واجبة ، وهل يزيد الفرع على الأصل ؟؟

******************

مسألة 6 : يجوز تقليد من اجتمعت فيه أمور : البلوغ ، و العقل ، و الإيمان ، و الذكورة ، و الاجتهاد ، و العدالة ، و طهارة المولد ، و الضبط بالمقدار المتعارف ، و الحياة على التفصيل الآتي .

***************

(يجوز تقليد من اجتمعت فيه أمور)

القول بالجواز يعني الرخصة ، و ليس معناه ترك التقليد من رأس ، و ذلك لأن أحكام الشريعة التفصيلية لا بد من تطبيقها في حال الابتلاء بها ، و لكن التطبيق لها بالطرق التي ذكرها الشرع نفسه ، و الشرع قد حدّد أن تطبيق الشريعة إنما يكون بأحد الطرق الثلاثة ، وهي أن يكون الانسان مجتهداً في الشريعة بحيث تكون له القدرة على تحديد الحكم الشرعي من خلال مدرسة الثقلين ( القرآن و العترة الطاهرة ) ، أو أن يكون مقلّداً لمن جمع شرائط التقليد الآتية من هؤلاء الذين لهم القدرة على تحديد الحكم الشرعي ، أو أن يكون محتاطاً بالطريقة التي مر شرحها ، و بالتالي يصح تطبيق الشريعة على واحد من هذه الطرق الثلاثة ، و تكون النتيجة : أنه إذا لم تستطع تطبيق الشريعة من خلال الاجتهاد الشرعي ، فيمكن أن تطبقها من خلال الطريقين الآخرين ( التقليد أو الاحتياط ) ، ولا يلزم أحدهما ، وهذا هو أحد ما نفسر به معنى الجواز .
و قد يكون معنى الجواز هنا بمعنى أن الحجة على المكلف هو تقليد من اجتمعت فيه الشروط التالية :

( الإيمان) المقصود به : أن يكون المرجع - الذي يرجع إليه في التقليد - ممن يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام .

(الذكورة) فلا يصح تقليد الأنثى حتى ولو وصلت إلى رتبة الاجتهاد .

(العدالة) فلو توفر شرط الأعلمية في مجتهد ولم يكن عادلاً - أي يترك الواجبات و يرتكب المحرمات - فلا يصح تقليده .

(طهارة المولد) أي أن لا يكون ولد زنا .

(الضبط بالمقدار المتعارف) أي أن لا يكون مصاباً بمرض النسيان و الغفلة ، بحيث يستطيع ضبط الأدلة في مقام الفتوى و عدم الاضطراب فيها ، إذ كيف يكون المجتهد عالماً فقيهاً و من أهل الذكر و هو يعجز في مقام الفتوى و الاستنباط عن معرفة الأدلة و المدارك ؟؟؟


الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:21 PM

مسألة 7 : لايجوز تقليد اميت ابتداءً وإن كان أعلم من الحي ، وإذا قلّد مجتهداً فمات ، فإن لم يعلم - ولو إجمالاً - بمخالفة فتواه لفتوى الحي في المسائل التي هي في معرض ابتلائه جاز له البقاء علىتقليده ، وإن علم بالمخالفة - كما هو الغالب - فإن كان الميت أعلم وجب البقاء علىتقليده ، و مع كون الحي أعلم يجب الرجوع إليه ، و إن تساويا في العلم أو لم تثبتأعلمية أحدهما من الآخر يجري عليه ما سيأتي في المسألة التالية .
و يكفي في البقاء على تقليدالميت - وجوباً أو جوازاً - الالتزام حال حياته بالعمل بفتاواه ، ولا يعتبر فيهتعلمها أو العمل بها قبل وفاته .


*******************

(لايجوز تقليد اميت ابتداءً و إن كان أعلم منالحي)

هذه المسألة مما وقع فيها الخلاف بين الفقهاء ، و السيد السيستاني يرىحرمة التقليد الابتدائي للميت ، فلو كان شخص لم يسبق له التقليد مطلقاً - بأي معنىفسّرنا التقليد - فإنه لا يجوز له مثلاً أن يقلّد السيد الخوئي أو السيد الخمينيقدس سرهما

و قد اختلفالقائلون في حرمة التقليد الابتدائي للمجتهد الميت في الدليل الذي يستدلون به للمنعمن التقليد الابتدائي ، ولا حاجة لسرد الأدلة على ذلك ، لأن المقام هو شرح الفتوىفقط .


(وإذا قلّد مجتهداً فمات ، فإن لم يعلم - ولو إجمالاً - بمخالفة فتواهلفتوى الحي في المسائل التي هي في معرض ابتلائه جاز له البقاء على تقليده)

و إذا سبق من المكلف البالغ العاقل - بل وحتى الصبي كما مرّ شرحه فيالمسألة 5 - التقليد لذلك المجتهد حال حياته - كالسيد الخوئي قدس سره - ثم تُوفيذلك المجتهد و انتقل إلى جوار ربه راضياً مرضيّاً ، فهنا يختلف الحكم عن الفرعالأول من هذه المسألة ( مسألة التقليد الابتدائي ) ، إذ أن الحكم هنا يكون كالآتي :
إن لم يتبيّن للمكلف و لم يتضحله المخالفة في المسائل التي يمكن أن تعترضه في حياته و يُبتلى بها - من قبيل مسائلالصلاة و الطهارة و ماشابه ذلك - بين المجتهد الميت الذي كان يُقلّده و بين المجتهدالحي الذي ربما يمكن أن يكون هو الأعلم من الممجتهد الميت ، فإنه يجوز له البقاءعلى تقليد الميت ( السيد الخوئي في مثالنا ) - و هذا طبعاً فرضٌ قليل الوقوع ولاسيما للمجتمع المتدين الذي يلاحق فتاوى الفقهاء من حيث الجزم أو من حيث الاحتياط .

(وإن علم بالمخالفة - كما هو الغالب - فإن كان الميت أعلم وجب البقاء علىتقليده ، و مع كون الحي أعلم يجب الرجوع إليه)

و بما أن المجتمع المتدينيلاحق فتاوى الفقهاء ، فيعمل بالفتاوى و يعدل في الاحتياطات ، و يحاول أن يتطلبالرخص و المخارج الفقهية ، فإنه يتحقق العلم بالمخالفة بين المجتهد الميت و بينالمجتهد الحي .

فحينئذ يكونحكم من سبق منه تقليد ذلك المجتهد حال حياته ثم انتقل إلى ربّه الرحيم الرؤوف أنيلاحظ توفّر عنصر الأعلمية في المجتهد الميت و المجتهد الحي ، فإن كان الميت أعلم - بحسب الوسائل المعقودة عندهم لمعرفة وتمييز الأعلم من خلالها ولو من مثل الاستصحاب : بأن كان متيقناً من أعلمية المجتهد الميت ، ثم بعد وفاته يشك في انتفائها فإنهيبني على بقاء تلك الحالة السابقة - فإنه يجب عليه بحسب فتوى السيد السيستانيالبقاء على تقليد المجتهد الميت .

و المقصود بالاستصحاب : هو أن تكون هناك حالة قدتيقن الانسان من حكمها ، ثم يشك في تبدل حكم تلك الحالة إلى حكم آخر لتغير بعضالأمور التي توجب الشك ، و الفقهاء يحكمون في هذه الحالة على بقاء حكم تلك الحالةالسابقة و عدم تغير الحكم .
و إن كان المجتهد الحي أعلم - و تحدّد كونه الأعلم بالوسائل التي يعرف بها - فإنه يجب على من سبق منه التقليد للمجتهد الميت أن يرجع للمجتهد الحي .

و إن توصّل المكلف - بحسب الضوابط التي عقدها الفقهاءلمعرفة الأعلمية - إلى تساوي المُجتهدَين الميت و الحي في الأعلمية أو لم يتوصل إلىاثبات أعلمية أحد المُجتهدَين ( الحي و الميت ) فيجري عليه الحكم الآتي في المسألةرقم 8 .

( و يكفي في البقاءعلى تقليد الميت - وجوباً أو جوازاً - الالتزام حال حياته بالعمل بفتاواه ، ولايعتبر فيه تعلمها أو العمل بها قبل وفاته. )

ففي مسألة البقاء على تقليدالميت التي مر شرحها قبل قليل ، لا يشترط في البقاء على تقليد الميت - في حالة ماإذا لم يعلم بالخلاف بين الميت و الحي في المسائل التي يبتلى بها أو في حالة ما إذاثبت له من خلال الوسائل المعتمدة لمعرفة الأعلم أن الميت أعلم من الحي - أن يكون قدعمل بأي فتوى من فتاوى الفقيه الحي ، سواء كان سبق منه العلم بالفتوى قبل العمل أوعمل ثم طابق عمله مع فتوى المجتهد ، إذ يكفي في البقاء أن يكون ممن التزم ونوى أنيعمل بفتوى ذلك المجتهد حال عروض ما يوجب له العمل بالفتوى حتى ولو لم يعرض له شيءمن ذلك .

+++++++++++
مسألة 8 : إذا اختلف المجتهدون فيالفتوى وجب الرجوع إلى الأعلم ( أي الأقدر على استنباط الأحكام بأن يكون أكثر إحاطةبالمدارك و تطبيقاتها بحيث يكون احتمال إصابة الواقع في فتاواه أقوى من احتمالها فيفتاوى غيره ) .
ولو تساووا فيالعلم أو لم يحرز وجود الأعلم بينهم ، فإن كان أحدهم أورع من غيره في الفتوى - أيأكثر تثبّتاً و احتياطاً في الجهات الدخيلة في الأفتاء - تعيّن الرجوع إليه ، و إلاكان المكلف مخيّراً في تطبيق عمله على فتوى أي منهم ، ولا يلزمه الاحتياط بينأقوالهم ، إلا في المسائل التي يحصل له فيها علم إجمالي منجّز أو حجّة اجمالية كذلك -- كما إذا أفتى بعضهم بوجوب القصر و بعض بوجوب التمام فإنه يعلم بوجوب أحدهما عليه، أو أفتى بعضهم بصحة المعاوضة و بعض ببطلانها فإنه يعلم بحرمة التصرف في أحدالعوضين -- فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيها .


**************************

(إذا اختلف المجتهدون في الفتوىوجب الرجوع إلى الأعلم ( أي الأقدر على استنباط الأحكام بأن يكون أكثر إحاطةبالمدارك و تطبيقاتها بحيث يكون احتمال إصابة الواقع في فتاواه أقوى من احتمالها فيفتاوى غيره) .

لا شك أن الفقهاء المجتهدين بحسب اختلاف مبانيهم الأصولية و الرجالية وغيرها يختلفون في مقام الافتاء ، و الاختلاف ليس نادراً ، و من هنا لا بد للمكلف منالرجوع في أخذ الأحكام - إن أراد أن ينتهج نهج التقليد لا الاحتياط - إلى المجتهدالأعلم ، سواء كان في مجال الابتداء بالتقليد أو في مجال البقاء على التقليد كمامرّ شرحه - .
و المقصود بالأعلمهو الأقدر على استنباط الأحكام ...... ، وقد شرح السيد السيستاني في تعليقتهالشريفة على كتاب العروة الوثقى للسيد الطباطبائي قدس سره مقصوده من حقيقة الأعلم ،حيث قال :

( عمدة ما يلاحظفيه الأعلمية أمور ثلاثة :

الأول : العلم بطرق اثبات صدور الرواية ، و الدخيل فيه علم الرجال وعلم الحديث بما له من الشؤون كمعرفة الكتب و معرفة الرواية المدسوسة بالاطلاع علىدواعي الوضع ... و معرفة النسخ المختلفة و تمييز الأصح من غيره و الخلط الواقع بينمتن الحديث و كلام المصنفين و نحو ذلك ...

الثاني : فهم المراد من النص بتشخيص القوانين العامةللمحاورة و خصوص طريقة الأئمة عليهم السلام في بيان الأحكام ، و لعلم الأصول والعلوم الأدبية و الاطلاع على أقوال من عاصرهم من فقهاء العامة دخالة تامة في ذلك .

الثالث : استقامة النظر فيمرحلة تفريع الفروع على الأصول )

فإذا تحققت هذه الأمور في المجتهد كان هو الأعلم الذي يجب الرجوع إليه، لكونه الأقرب لاصابة الواقع المطلوب أكثر من غيره من المجتهدين الآخرين ، وهذاشيء ليس بالعسير اكتشافه من قبل الذين لهم الخبرة في التشخيص الدقيق للإستدلالالفقهي ، ومن يقل بعدم القدرة على ذلك فهو واهم ، على أنه - كما يقول السيد البهشتيرحمه الله - ليس من الأعلمية في شيء ما يُدعى من كثرة التأليف و كثرة التفريعللمسائل ، إذ ذلك بمجرده غير كافٍ في الحكم بالأعلمية ، لا سيما و إن أكثر أو أغلبتلك التفريعات مأخوذة من رسائل من سبق من العلماء ، كما ورد التصريح بذلك في بعضالرسائل العملية .

(ولو تساووا في العلم أو لم يحرز وجود الأعلم بينهم ، فإن كانأحدهم أورع من غيره في الفتوى - أي أكثر تثبّتاً و احتياطاً في الجهات الدخيلة فيالأفتاء - تعيّن الرجوع إليه ، )

يمكن أن نفسر تساويالمجتهدين في العلم بأنه عدم ظهورر تفوّق أحدهم على غيره ، ولم يصل الأمر إلى حديوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى قول المفضول ، و بعبارة أخرى : إنالتفوق لا بد أن يكون بمتسوى ظاهر و معلوم لدى المتخصصين من أهل العلم ، بحيث أنالمتخصصين إذا ذكروا فلاناً وفلاناً من المجتهدين يميزون بينهما على أساس أن الرجوعإلى قول المفضول يوجب حصول الريبة و الشك في حجية قوله و افتاءه ، وهذا غير متحققفي المستويات المتقاربة بين المجتهدين .

أو أنه لم يُحرز و يُتحقق و يُتيقن بوجود الأعلم بينهم ، ففي كلاالحالين ، ننظر و نبحث في هذه المستويات العلمية - من خلال الوسائل التي نكتشف بهاالمستويات العلمية - فإن وجدنا في تلك المستويات المتقاربة علمياً من هو أورع فيمجال الافتاء لا في غيرها من شؤون الحياة ، بحيث يكون أكثر تثبتاً و احتياطاً فيالجهات الدخيلة في الافتاء ، فإنه يتعيّن الرجوع إليه .

(و إلا كان المكلف مخيّراً فيتطبيق عمله على فتوى أي منهم ، ولا يلزمه الاحتياط بين أقوالهم)

فإذا كانتالمستويات العلمية متقاربة ، و لم يتميز أحدهم بتفوق علمي ، ولم يكن أحدهم أورع فيمقام الافتاء ، فإنه يستطيع تقليد أي منهم ويرجع إليه و تبرأ ذمته ، ولا معنىللإحتياط في أقوالهم ، إذ أنه كما يقولون ( قلّدها عالم و اطلع منها سالم ) .


(إلا في المسائل التي يحصل له فيها علم إجمالي منجّز أو حجّة اجماليةكذلك -- كما إذا أفتى بعضهم بوجوب القصر و بعض بوجوب التمام فإنه يعلم بوجوب أحدهماعليه ، أو أفتى بعضهم بصحة المعاوضة و بعض ببطلانها فإنه يعلم بحرمة التصرف في أحدالعوضين -- فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيها .)

فإذا تساوى العلماء فيمابينهم ولم يتضح التفوق فيما بينهم من أحدهم على الآخرين و لم يكن هناك من هو أورعفي ما يتعلق بالاستنباط ، فإنه إذا اختلفوا و حصل العلم الاجمالي المنجز الذي يثبتفي الذمة إما وجوب هذا الشيء أو وجوب ذاك الشيء ، أو حرمة هذا الشيء أو حرمة ذاكالشيء ، فإنه يلزم على من يعلم باختلاف الفتاوى بين المتساوين من الفقهاء و يكونالاختلاف مؤدياً إلى حصول العلم الاجمالي في حقه ، بحيث لا مفر له إلا من التطبيقلكلا حكمي الوجوب ، كما الحال بالنسبة لاختلافهم في وجوب القصر أو التمام في موردالمسافة التلفيقية من حيث بلوغ مجموع الذهاب و الاياب ثمانية فراسخ أو لا بدية أنيبلغ الذهاب أربعة و الاياب أربعة ، فإنه يلزم عليهعلى الأحوطلزوماًأن يجمع بين القصر والتمام .
و عبارة ( لا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط ) في عبارة السيد السيستاني تعني الاحتياط اللزومي لا الفتوى ، أي أن السيد لم يتوصل إلى الجزم بالفتوى . نكمل بفضل الله تعالى و فضل رسوله و آله الكرام صلوات الله عليهم أجمعين .

الاستدراك الأول على المسألة رقم 5 :

قال السيد السيستاني :

(
وإن علم بالمخالفة - كما هو الغالب - فإن كان الميت أعلم وجب البقاء على تقليده ، و مع كون الحي أعلم يجب الرجوع إليه )

قد مر شرح هذه الفقرة مفصلاً ، إلا أن السؤال الذي يعترضنا ، وهو أنه لو كان ذلك المجتهد الذي كان يقلده المكلف قد احتاط في مسألة ما ، مثل ما لو احتاط ذلك المجتهد في وجوب الاخفات في البسملة في الركعة الثالثة و الرابعة عند اختيار قراءة سورة الفاتحة ، و عدل إلى من يقول بجواز الجهر بالبسملة في الحالة المزبورة ، ثم توفي المجتهد الثاني ( المعدول إليه ) فهل يسري حكم هذه المسألة على هذا الفرض أم لا ؟

ظاهر عبارة السيد في المنهاج ، هو الشمول و السريان لهذه الحالة ، فإن كان المعدول إليه هو الأعلم من غيره من الفقهاء ( طبعاً الكلام عن غير المجتهد الأول المعدول عنه ) فإنه يبقى على تقليده .

وقد رايت استفتاءً خطياً صادر من مكتب السيد السيستاني في النجف يقول بلزوم اليقاء على تقليد ذلك الفقيه المعدول إليه ، وفي استفتاء خطي آخر قال بجواز البقاء على تقليد ذلك الفقيه المعدول إليه في حالة الاحتياط التي قال بها الفقيه المعدول عنه ، و إن كان ظاهر عبارة المنهاج عدم التفصيل في ذلك .

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:26 PM

مسألة 9 : إذا علم أن أحد المجتهدين أعلم من الآخر - مع كون كل واحد منهما أعلم من غيرهما ، أو انحصار المجتهد الجامع للشرائط فيهما - فإن لم يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى تخيّر بينهما .
و إن علم بالاختلاف وجب الفحص عن الأعلم .
فإن عجز عن معرفته كان ذلك من اشتباه الحجة باللاحجة في كل مسألة يختلفان فيها في الرأي :
ولا إشكال في وجوب الاحتياط فيها مع اقترانه بالعلم الاجمالي المنجّز .
كما لا محل للاحتياط فيما كان من قبيل دوران الأمر بين المحذورين ونحوه ، حيث يحكم فيه بالتخيير مع تساوي احتمال الأعلمية في حق كليهما ،
و إلا فيتعيّن العمل على وفق فتوى من يكون احتمال أعلميته أقوى من الآخر .

و أما في غير الموردين ، فالصحيح هو التفصيل :
أي وجوب الاحتياط بين قوليهما فيما كان من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة في الأحكام الالزامية ، سواء أكان في مسألة واحدة كما إذا أفتى أحدهما بوجوب الظهر و الآخر بوجوب الجمعة مع احتمال الوجوب التخييري ، أم في مسألتين كما إذا أفتى أحدهما بالحكم الترخيصي في مسألة و الآخر بالحكم الالزامي فيها و انعكس الأمر في مسألة أخرى .

و أما إذا لم يكن كذلك فلا يجب الاحتياط ، كما إذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو إلا في مسألة واحدة ، أو علم به في أزيد منها مع كون المفتي بالحكم الالزامي في الجميع واحداً .

*********************

(
إذا علم أن أحد المجتهدين أعلم من الآخر - مع كون كل واحد منهما أعلم من غيرهما ، أو انحصار المجتهد الجامع للشرائط فيهما - فإن لم يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى تخيّر بينهما . )

إذا علم المكلف مثلاً أن السيّد الخوئي قدس سره أعلم من السيّد الخميني قدس سره أو العكس - مع كون السيّدين قدس سرهما أعلم من غيرهما ، أو لا يوجد مجتهد جامع للشرائط غيرهما - :

فإن لم يعلم المكلف بالاختلاف بينهما في الفتوى فيما يبتلي به من المسائل الشرعية في حياته ، بأن علم باتفاق السيّدين قدس سرهما في فتاويهما التي يحصل الابتلاء بها في الحياة ، أو أنه لم يطلع على الاختلاف فيما بينهما في تلك الفتاوى ، فإن المكلف يمكنه أن يختار من يشاء منهما فيقلّده و يعمل بفتاواه .

(
و إن علم بالاختلاف وجب الفحص عن الأعلم .
)

و في حال علم المكلف بالاختلاف في الفتاوى التي يتعرّض لها في حياته الخاصة و العامة ، فإنه يلزمه الفحص عن الأعلم من السيّدين المباركين ( رحمهما الله تعالى رحمة الأبرار ) ، فإن توضح له بعد الفحص و البحث و اعتماد الوسائل التي يمكن من خلالها اكتشاف أعلمية أحد السيدين الجليلين ، فإن كان الذي اكتشف أعلميته هو السيد الخوئي قلّده ، و إن كان الذي اكتشف أعلميته هو السيد الخميني قلّده .


(
فإن عجز عن معرفته كان ذلك من اشتباه الحجة باللاحجة في كل مسألة يختلفان فيها في الرأي :
)

ولو أن ذلك المكلف بحث و سأل و حاول أن يتعرّف على الأعلم بالنسبة للسيّدين الشريفين ( رضي الله عنهما ) فلم يحصل على نتيجة واضحة في ذلك الشأن ، فإن الأمر حينئذ قد اختلط على المكلف و أصبحت فتاوى كل من السيّدين قدس سرهما - مما قد اختلفا فيه في الفتوى - لا يُعلم أي منهما هي الحجة التي بجب الاعتماد عليها و الأخذ بها و أي منهما هي اللاحجة التي لا يُعتمد عليها ولا يؤخذ بها ، إذ لا شك في وجود الفتاوى الحجة على المكلف من فتاوى أحد السيّدين ، إلا أنه حصل الاشتباه في أن فتاوى السيد الخوئي هي الحجة و فتاوى السيد الخميني تكون غير حجة أو فتاوى السيد الخميني هي الحجة و فتاوى السيد الخوئي غير حجة ، و حينئذ هنا تفصيل :

(
ولا إشكال في وجوب الاحتياط فيها مع اقترانه بالعلم الاجمالي المنجّز .
)

بعد حصول الاشتباه بالأعلمية في حق السيّدين و دخول فتاوى كل منهما تحت قاعدة اشتباه الحجة باللاحجة و اختلاطهما و عدم تميزهما ، فإن اختلفا في الفتاوى التي تكون في معرض ابتلاء المكلف ، بحيث اتفقا على أصل التكليف و وجوده ، إلا أنهما اختلفا في ما هو الشيء الذي فيه التكليف ، و مثال ذلك :
1- إذا قال السيد الخوئي قدس سره ( مثال افتراضي لا حقيقي ) بأنه يلزم تطهير موضع خروج البول بالماء القليل مرتين ، و قال السيد الخميني قدس سره بأنه يلزم التطهير لذلك الموضع مرة واحدة ولا يجب أكثر من ذلك ، فإنه في هذه الحالة يعلم المكلف بوجوب غسل موضع البول - وهو أمر متفق عليه بينهما - إلا أن المكلف علم باختلافهما في المقدار الذي يحصل به طهارة الموضع ، وهو علم إجمالي لا تفصيلي بالنظر إلى الفتويين الصادرتين منهما قدس سرهما ، و على المكلف حينئذ أن يحتاط بغسل موضع البول مرتين ولا يكتفي بالغسل مرة واحدة .

2- إذا قال السيد الخوئي ( مثال افتراضي ) بأنه يلزم في المسح للقدمين في الوضوء أن يكون المسح إلى المفصل ، وقال السيد الخميني بأنه يجب المسح إلى قبة القدم ولا يجب المسح إلى المفصل ، فهنا يعلم المكلف بوجوب المسح ، إلا أن الذي يجهله بسبب اختلاف الفتويين بين السيّدين قدس سرهما هل هو المسح للأكثر ( حتى المفصل ) أو أنه الأقل ( المسح لقبة القدم - ظهر القدم ) ، فحينئذ هو يعلم إجمالاً إما وجوب مسح الأكثر أو مسح الأقل ، فحينئذ يلزمه أن يمسح إلى المفصل لا إلى قبة القدم .

(
كما لا محل للاحتياط فيما كان من قبيل دوران الأمر بين المحذورين ونحوه ، حيث يحكم فيه بالتخيير مع تساوي احتمال الأعلمية في حق كليهما ،
)

المقصود بالمحذورين : هما الأمران اللذان لا يمكن أن يجتمعا من حيث التشريع لتنافيهما في جميع الحيثيات ، فلو افتى السيد الخوئي بأن صلاة الجمعة واجبة في زمن الغيبة و يجب الحضور لها و افتى السيد الخميني بحرمة إقامة صلاة الجمعة و عدم جواز جعلها بديلاً عن الظهر ، فهنا لا يمكن أن يحتاط المكلف في هذه المسألة ، لأن كلاً من الفعل و الترك مخالف للإحتياط ، و عليه لا يمكنه أن يترك الصلاة من رأس ، ولا يمكنه أن يحتاط ، و بالتالي يكون الأمر حينئذ متروكاً لاختيار المكلف و تخييره في الاتيان بصلاة الجمعة أوصلاة الظهر .

هذا كله إذا إذا كان السيّدان قدس سرهما متساويين في احتمال الأعلمية .

(
و إلا فيتعيّن العمل على وفق فتوى من يكون احتمال أعلميته أقوى من الآخر . )

وإذا حصل من خلال الوسائل التي يستكشف بها الأعلمية احتمال أعلمية السيد الخوئي أو السيد الخميني ولم يصل إلى حد اليقين بها ، فإنه لا يحتاج إلى الاحتياط في مسائل العلم الاجمالي ، و يطبّق فتاوى من احتملت أعلميته ، سواء كان هو السيد الخوئي أو السيد الخميني .
نكمل المسألة رقم 9 :


(
و أما في غير الموردين ، فالصحيح هو التفصيل : )

يقصد السيد السيستاني بالموردين ، هي مسائل العلم الاجمالي المنجّز الذي يُثبت على المكلف وجوب الاحتياط بين قولي المجتهدين كما مر شرحه ، و مسائل دوران الأمر بين المحذورين .

و في غير هذين الموردين هناك تفصيل في المسألة ، و مفاد هذا التفصيل هو ما يلي :

فبعد أن عجز عن معرفة من هو الأعلم ، هل هو السيد الخوئي أو السيد الخميني ، ولم يحصل له احتمال أعلمية أحدهما على الآخر ، فكيف يتعامل مع فتاوى هذين المجتهدين التي هي غير مسائل العلم الاجمالي و مسائل دوران الأمر بين المحذورين - المار شرحهما - ؟؟

يقول السيد السيستاني :

(
أي وجوب الاحتياط بين قوليهما فيما كان من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة في الأحكام الالزامية ، سواء أكان في مسألة واحدة كما إذا أفتى أحدهما بوجوب الظهر و الآخر بوجوب الجمعة مع احتمال الوجوب التخييري ، أم في مسألتين كما إذا أفتى أحدهما بالحكم الترخيصي في مسألة و الآخر بالحكم الالزامي فيها و انعكس الأمر في مسألة أخرى . )

فيجب على المكلف في هذه الحالة التي لم يتضح فيها من هو الأعلم بين المجتهدين ( الخوئي و الخميني ) و لم تكن المسألة التي اختلفا فيها من مسائل العلم الاجمالي و لا من مسائل دوران الأمر بين المحذورين ، أن يحتاط بين القولين في الحكم الالزامي ، لأنه لا يعلم حينئذ من هو الذي قوله حجة و من هو الذي قوله غير حجة ، إذ يشتبه الأمر حينئذ على المكلف ، فيالتالي يلزمه أن يحتاط ، وقد ذكر السيد السيستاني مثالين :

الأول : إذا كان قد صدر من كل منهما حكم إلزامي في مسألة واحدة ، كحكم السيد الخميني مثلاً بوجوب صلاة الظهر و حكم السيد الخوئي بوجوب صلاة الجمعة على نحو التخيير لا على نحو التعيين و الالزام - وإلا لو كان حكمه بصلاة الجمعة على المكلف على نحو التعيين أصبح الحكم متعارضاً مع الحكم بوجوب صلاة الجمعة و صار الحكمان من مسائل دوران الأمر بين المحذورين - فجينئذ يلزم على المكلف أن يحتاط بين القولين ، فيصلي في يوم الجمعة صلاة الجمعة ثم يعيدها ظهراً ، كل ذلك من باب الاحتياط ، ولا ضير في الاتيان بالصلاتين بنية الاحتياط حينئذ . ( المثال افتراضي للتوضيح لا اقل ولا أكثر )

الثاني : إذا صدر من أحد السيّدين حكم ترخيصي و من الآخر حكم إلزامي أو العكس ، كما إذا افتى السيد الخوئي ( المثال افتراضي ) بأن الرجل إذا تزوج بفتاة صغيرة لم تبلغ سن التكليف فدخل بها قبل إكمالها سن التاسعة ، فإنها تحرم عليه مؤبداً ، و أفتى السيد الخميني في المسالة : بأنها لا تحرم عليه مؤبداً ، ولكن عليه الانفاق عليها ما دامت حية و إن طلقها ، فمع هذا الاختلاف الافتراضي في المسألة ، فإن حكم المكلف هو الاحتياط ، و كيفية الاحتياط أن يفارقها بالطلاق ، ثم يُجري عليها النفقة ما دامت حيّة - حكم النفقة مدى الحياة - ، بل و يعطيها دية الافضاء و الدخول بها قبل بلوغها .


أو صدر من السيد الخوئي ( المثال افتراضي ) حكم بكراهة الارتماس في نهار الصوم و انه لا يبطل الصوم ، و حكم السيد الخميني بأن الارتماس مبطل ، فالاحتياط يكون بترك الارتماس في نهار الصوم ، لأنه بذلك يقطع بصحة صومه ، بخلاف ما لو ارتمس عمداً فإنه يحتمل بطلانه بحسب الحكم الشرعي الواقعي .


(
وأما إذا لم يكن كذلك فلا يجب الاحتياط ، كما إذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو إلا في مسألة واحدة ، أو علم به في أزيد منها مع كون المفتي بالحكم الالزامي في الجميع واحداً . )

في هذا الفرع الأخير ، يريد أن يقول السيد السيستاني : أنه إذا لم تكن المسألة المختلف فيها بين السيّدين من مسائل العلم الاجمالي ولا من مسائل دوران الأمر بين المحذورين ، ولا من مسائل اشتباه الحجة باللاحجة - كما شرحناه مفصلاً - ، بأن كانت المسألة التي اختلفا فيها هي مسألة واحدة يتيمة وفي بقية المسائل اتفقا على حكمها ، أو أن الخلاف بينهما في أكثر من مسألة ، إلا أن المكلف يلاحظ دائماً أن السيد الخميني هو الذي يفتي بالحكم اللزومي في تلك المسائل ، و أما السيد الخوئي فيفتي دائماً في هذه المسائل بالترخيص و عدم الالزام ، ففي هذه الحالة لا يجب الاحتياط على المكلف مطلقاً .
تفريع على حكمالمسألة السابقة :

لو فرضنا أن السيد الخوئياحتاط في مسألة ما احتياطاً وجوبياً ، كما هو الحال فعلاً في مسألة العقد المنقطععلى البكر ، حيث احتاط احتياطاً وجوبياً بعدم جواز العقد على البكر إلا بإذن الولي ( الأب أو الجد للأب ) إن كان موجوداً ، و أراد المكلف العدول في هذا الاحتياط إلىمرجع آخر يجيز له العقد بدون إذن الولي ، فهنا ماذا يلاحظ المكلف في هذه المسألة؟

الجواب : إن أراد الرجوع إلى فقيه آخر حي ، و كان هذاالفقيه الحي قد ثبت أنه الأعلم بعد السيد الخوئي و يرجع إليه في الاحتياطات ، فإنالأمر سهل .
و أما إن كان هذا الفقيه لم يثبت كونه أعلم منغيره ولم يحتمل ذلك ايضاً ( و مثالنا الافتراضي في ذلك الأمر : أن الفقيه الذي يريدالرجوع إليه مثلاً هو الشيخ محمد أمين زين الدين - الذي يجيز فعلاً العقد على البكربدون إذن الولي ) و كان هناك فقهاء آخرون في نفس رتبته ولم يثبت كونه الأعلم منهم ،و لم يثبت كونهم أعلم منه ، ولا يوجد احتمال أعلميته أو أعلميتهم عليه ، ( من مثلالسيد السيستاني الذي يرى عدم صحة العقد مطلقاً إذا كانت البنت غير مستقلة بجميعشؤونها عن وليها و كان وليها موجوداً يرزق ، أو من مثل السيد سعيد الحكيم الذي يرىصحة العقد على البنت حتى بدون إذن الولي و لكن بشرط عدم الدخول ) فهنا ماذا يفعلالمكلف ؟

فبناءً على رأي السيد الخوئي مثلاً : فإن كانتالفتاة التي يريد العقد عليها غير مستقلة بجميع شؤونها فإنه لا يستطيع الرجوع للشيخزين الدين لكي يعقد عليها و يستفيد من فتواه بجواز العقد مطلقاً ، ، ولا يستطيعالرجوع للسيد الحكيم لكي يعقد عليها بدون إذن الولي حتى بدون الدخول بها ، بل إنهيرجع للسيد السيستاني في المسألة ، و السيد السيستاني يفتي بحرمة العقد إذا لم تكنمستقلة في جميع شؤونها ، و عليه فلا يصح العقد على تلك البنت البكر ، ولا ينفعه انمرجعه الأصلي قائل بالاحتياط و يحق له الرجوع للغير من المراجع الفرعيين كالشيخ زينالدين و السيد سعيد الحكيم ، و ذلك لما لأن السيد الخوئي يرى وجوب العمل بأحوطالأقوال ، وهي هنا فتوى المانع من العقد حينئذ .

وقداتضح من رأي السيد السيستاني أنه في أصل المسألة إذا اختلف المجتهدون في الفتوى ولم يثبت أعلمية أحدهم ولم يكن أحدهم أورع في مقام الفتيا و الاستنباط فإنه يجوزالرجوع إلى اي واحد من هؤلاء المراجع المتساوين ، و ذلك في حال إذا لم تقترنالمسألة الخلافية بعلم إجمالي منجّز ، وقد مر شرح معنى العلم الاجماليتفريع آخرعلى حكم المسألة السابقة :

لو فرضنا أن السيد السيستاني احتاط في مسألة ما احتياطاً وجوبياً ، كما هو الحال فعلاً في مسألة الزواج ممن زنى بها وهي على ذمة زوجها ، حيث احتاط احتياطاً وجوبياً بعدم جواز العقد عليها ، و أراد المكلف العدول في هذا الاحتياط إلى مرجع آخر يجيز له العقد على تلك المرأة ، فهنا ماذا يلاحظ المكلف في هذه المسألة ؟

الجواب : إن أراد الرجوع إلى فقيه آخر حي ، و كان هذا الفقيه الحي قد ثبت أنه الأعلم بعد السيد السيستاني و يرجع إليه في الاحتياطات ، فإن الأمر سهل .
و أما إن كان هذا الفقيه لم يثبت كونه أعلم من غيره ولم يحتمل ذلك ايضاً ( و مثالنا في ذلك الأمر : أن الفقيه الذي يريد الرجوع إليه مثلاً هو الشيخ محمد اسحاق الفياض - الذي يجيز فعلاً العقد على هذه المرأة و إن كان الأحوط استحباباً الترك ) و كان هناك فقهاء آخرون في نفس رتبته ولم يثبت كونه الأعلم منهم ، و لم يثبت كونهم أعلم منه ، ولا يوجد احتمال أعلميته أو أعلميتهم عليه ، ( من مثل السيد الخميني - إذا فرضنا وجوده - الذي يرى عدم صحة العقد مطلقاً و يفتي في ذلك ) فهنا ماذا يفعل المكلف ؟

قداتضح من رأي السيد السيستاني أنه في أصل المسألة إذا اختلف المجتهدون في الفتوى و لم يثبت أعلمية أحدهم ولم يكن أحدهم أورع في مقام الفتيا و الاستنباط فإنه يجوز الرجوع إلى أي واحد من هؤلاء المراجع المتساوين ، و ذلك في حال إذا لم تقترن المسألة الخلافية بعلم إجمالي منجّز ، وقد مر شرح معنى العلم الاجمالي ، و عليه فيجوز للمكلف تقليد الشيخ الفياض في المسألة حتى لو فرضنا أن السيد الخميني - مع فرض وجوده - يفتي بالحرمة .

نعم ليس لمقدي السيد الخوئي في هذا الفرع من المسألة العدول إلى الشيخ الفياض في المسألة و الأخذ بالحكم الترخيصي الذي يقول به إذا كان السيد الخوئي يحتاط احتياطاً وجوبياً في المسألة ، إذ ما دام السيد الخميني - وفرضنا وجوده - يفتي في المسألة ، فإنه يجب على المكلف الأخذ بأحوط الأقوال ، وهو قول السيد الخميني ، فيحرم عليه العقد حينئذ على تلك المرأة .
.

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:27 PM

مسألة 10 : إذا قلّد من ليس أهلاً للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها ، و كذا إذا قلّد غير الأعلم وجب العدول إلى الأعلم مع العلم بالمخالفة بينهما ، و كذا لو قلّد غير الأعلم ثم صار غيره أعلم .

*************

(
إذا قلّد من ليس أهلاً للفتوى )

كما إذا قلّد شخصاً لا تتوفر فيه شروط المرجعية بسبب عدم اطلاعه أو جهله أو تاثره بغير أصحاب الخبرة ، أو لأي سبب آخر من مثل التقليد على أساس كثرة التاليف أو لتناسبه مع المزاج وما شابه ذلك .

(
وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها )

أي يجب عليه في هذه الحالة أن ينتقل بتقليده إلى من تجتمع فيه المواصفات الشرعية .

(
و كذا إذا قلّد غير الأعلم )

إذا كان يقلّد عالماً فاضلاً مجتهداً معتقداً أنه أعلم الفقهاء ، ثم تبيّن له أن هناك مرجعاً آخر هو الأعلم من الناحية الفقيهة ، فإنه يجب عليه الانتقال بتقليده إلى الأعلم .

(
و كذا لو قلّد غير الأعلم ثم صار غيره أعلم . )

أي لو كان شخص يقلّد شخصاً هو الأعلم ، ثم بعد فترة من الزمن صار غير هذا الشخص أعلماً ، فيجب عليه الانتقال إلى تقليد من صار أعلماً .
لو قلّد شخص مرجعاً ( فعلاً أو مشكوك في مرجعيته ) أو قلّد من ليس بمرجع أو بقي على تقليد الميت غفلة ، ثم رجع إلى مرجع مُعتبر جامع للشروط ، فما حكم أعماله السابقة التي عملها قبل رجوعه إلى المجتهد الجامع للشرائط ؟

المسائل رقم 17 و و 11 و 12 و 13 ـ تجيب عن هذا السؤال ، و لنقدّم المسألة رقم 17 أولاً :

*******************

مسألة 17 : إذا قلّد المجتهد و عمل على رأيه ، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي ، فلا إشكال في أنه لا تجب عليه إعادة الأعمال الماضية التي كانت على خلاف رأي الحي فيما إذا لم يكن الخلل فيها موجباً لبطلانها مع الجهل القصوري ، كمن ترك السورة في صلاته اعتماداً على رأي مقلّده ثم قلّد من يقول بوجوبها فإنه لا تجب عليه إعادة ما صلاّها بغير سورة ، بل المختار أنه لا تجب إعادة الأعمال الماضية و يجتزئ بها مطلقاً حتى في غير هذه الصورة .

*****************

(
إذا قلّد المجتهد و عمل على رأيه )

فلو قلّد الشخص السيد الخوئي قدس سره و عمل بفتاواه مما قد تعرّض للإبتلاء به من مسائل شرعية .

(
ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي )

فبعد موت السيد الخوئي عدل عن تقليده إلى تقليد الفقيه الحي كالسيد السيستاني - و كان العدول على أساس ثبوت أعلمية السيد السيستاني من خلال الوسائل المعتمدة لتشخيص الأعلمية -

(
فلا إشكال في أنه لا تجب عليه إعادة الأعمال الماضية التي كانت على خلاف رأي الحي فيما إذا لم يكن الخلل فيها موجباً لبطلانها مع الجهل القصوري ، كمن ترك السورة في صلاته اعتماداً على رأي مقلّده ثم قلّد من يقول بوجوبها فإنه لا تجب عليه إعادة ما صلاّها بغير سورة ، بل المختار أنه لا تجب إعادة الأعمال الماضية و يجتزئ بها مطلقاً حتى في غير هذه الصورة .)

فبعد عدول الشخص من تقليد السيد الخوئي إلى تقليد السيد السيستاني ، فهل يجب على الشخص أن يعيد الأعمال التي قام بها طبقاً لرأي السيد الخوئي و كان السيد السيستاني بقول بخلافها أم لا ؟

الجواب :

لا يجب إعادة الأعمال الماضية إذا كانت تتوافق مع رأي السيّدين .

بل ولا يجب إعادة الأعمال التي أتى بها لحيثية معينة طبقاً لرأي السيد الخوئي و يرى السيد السيستاني عدم صحة تلك الأعمال لو صدرت من شخص لتلك الحيثية ، و كان العمل بهذه الحيثية حسب رأي السيد السيستاني تؤدي إلى بطلان العمل لو كان الشخص يقلّد السيستاني .

فمثلاً لو فرضنا أن رأي السيد السيستاني هو وجوب قراءة السورة بعد الفاتحة ، فإن من كان يقلد السيد السيستاتي لو ترك قراءة السورة عمداً ( حيثية العمد ) فإنه تبطل صلاته ، ولو تركها لجهل تقصيري - إذ كان بإمكانه التعلم و السؤال ولكنه يتكاسل في ذلك - فإنه أيضاً تبطل صلاته ، و أما لو تركها لجهل قصوري فإنه لا تبطل الصلاة لعدم كون السورة من الأركان التي إذا أخل بها المكلف بطلت صلاته و إنما هي جزء واجب فقط .

فهنا لو كان الشخص يقلد السيد الخوئي و كان السيد الخوئي يرى عدم وجوب السورة ( ليس هذا هو رأيه فعلاً ) ، و كان الشخص يترك قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة ، ثم توفي السيد الخوئي ، و رجع الشخص بعد وفاة السيد إلى السيد السيستاني لثبوت أعلميته على السيد الخوئي ، فإنه لا يجب على ذلك المكلف أن يعيد الصلاة التي صلاها بدون قراءة السورة ، لأن تركه قراءة السورة يعتبر بحسب رأي السيد السيستاني تركاً قصورياً ، إذ أنه استند إلى قول مرجع معتبر و إن كان بحسب رأي السيد السيستاني لا يعتبر ذلك الرأي راياً معتبراً ، ولكنه يعتبر العامل بذلك الرأي ( رأي السيد الخوئي ) جاهلاً قصورياً ، و اعتبار ذلك جاهلاً قصورياً بحسب رأي السيد لكون قراءة السورة واجبة و ليس وجوب الاتيان بها ركن ، فيعذر الجاهل فيها و لو كان جهله مستنداً إلى قول المرجع الأول ( السيد الخوئي )

بل و نقول أزيد من هذا ، و أنه لا يجب إعادة الأعمال مطلقاً حتى ولو كان قد ترك المكلف شرطاً أو جزءاً من الأركان يؤدي الاخلال به إلى الاخلال بالعمل ( كالصلاة ) حسب رأي السيد السيستاني ، و إن كان ترك ذلك الجزء أو الشرط حسب رأي السيد الخوئي غير مبطل للعمل ،

فلو فرضنا ( هذا الفرض غير صحيح ) أن السيد الخوئي يرى صحة الوضوء إذا خلط المكلف بلل الأعضاء بعضها ببعض قبل أن يمسح رأسه و رجليه ، و يرى السيد السيستاني أنه لا يجوز خلط بلل الأعضاء بعضها ببعض في الوضوء قبل المسح ، فإنه بعد رجوع المكلف إلى السيد السيستاني لا يجب عليه إعادة الأعمال المترتبة على هذا الوضوء و التي حصلت بعده من صلاة وغيرها ، حتى و لو كان الخلل في الوضوء لا يُعذر فيه المكلف مطلقاً عند السيد السيستاني ، إذ ما دام قد استند إلمكلف إلى مرجع معتبر صحّح له ذلك ، فإنه لو رجع لغيره و كان رأي ذلك الغير ( أي المجتهد الثاني ) يقول ببطلان الوضوء و أن المكلف غير معذور في ذلك مطلقاً حتى مع الجهل القصوري فضلاً عن غيره .

الشيخ حسن العبد الله 06-20-2012 07:28 PM

مسألة رقم 11 :

إذا قلّد مجتهداً ثم شك في أنه كان جامعاً للشروط أم لا وجب عليه الفحص ، فإن تبيّن أنه كان جامعاً للشروط بقي على تقليده ، وإن تبيّن أنه كان فاقداً لها أو لم يتبيّن له شيء عدل عنه إلى غيره .

و أما أعماله السابقة :
فإن عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشروط ، فمع مطابقة العمل لفتواه يجتزئ به ، بل يحكم بالاجتزاء في بعض موارد المخالفة أيضاً ، كما إذا كان تقليده للأول عن جهل قصوري و أخلّ بما لا يضر الاخلال به لعذر ، كالإخلال بغير الأركان من الصلاة ، أو كان تقليده له عن جهل تقصيري و أخل بما لا يضر الإخلال به إلا عن عمد كالجهر و الاخفات في الصلاة .

و أما إن لم يعرف كيفية أعماله السابقة فيمكنه البناء على صحتها إلا في بعض الموارد ، كما إذا كان بانياً على مانعية جزء أو شرط و احتمل الاتيان به غفلة ، بل حتى في هذا المورد إذا لم يترتب على المخالفة أثر غير وجوب القضاء فإنه لا يُحكم بوجوبه .

*****************


(
إذا قلّد مجتهداً ثم شك في أنه كان جامعاً للشروط أم لا وجب عليه الفحص )
إما أن يكون الفحص مباشرة إذا كان المكلف من اهل الخبرة ، او يرجع في فحصه إلى أهل الخبرة .

(
وإن تبيّن أنه كان فاقداً لها أو لم يتبيّن له شيء عدل عنه إلى غيره . )

أي إن عرف أنه غير أهل للتقليد ، أو لم يعرف إن كان أهلاً للتقليد أو غير أهل للتقليد ، فلا يصح له البقاء على تقليده ، لأن من شرائط صحة التقليد أن يعلم بكونه أهلاً للتقليد ، و مع عدم علمه فيكون شرط التقليد غير متحقق ، فعليه الانتقال بتقليده إلى غيره ممن توفر ت فيه الشرائط .

( و أما أعماله السابقة :
فإن عرف كيفيتها
)

فأعماله العبادية وغيرها - إذا كانت قد صدرت منه طبقاً لتقليد ذلك المشكوك في جامعيته للشرائط - إن تذكّر ما عمله و عرف الكيفية التي أتى بها لهذه الأعمال و تفاصيلها .

(
رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشروط ، فمع مطابقة العمل لفتواه يجتزئ به )

بمعنى أنه يأخذ راي المجتهد الذي يجب عليه تقليده و الذي تتوفر فيه شروط المرجعية ، فإن وافقت أعمال المكلف و التي يتذكر تفاصيلها رأي ذلك المرجع برئت ذمته و صارت أعماله السابقة مجزئة ولا يطالب بإعادتها ولا يقال له بأن أعمالك لا يترتب عليها الأثر المطلوب .

(
بل يحكم بالاجتزاء في بعض موارد المخالفة أيضاً ، كما إذا كان تقليده للأول عن جهل قصوري و أخلّ بما لا يضر الاخلال به لعذر ، كالإخلال بغير الأركان من الصلاة ، أو كان تقليده له عن جهل تقصيري و أخل بما لا يضر الإخلال به إلا عن عمد كالجهر و الاخفات في الصلاة . )

بل إننا نصحح أعماله و نقول بترتب الأثر عليها حتى في حال عدم توافقها مع رأي المرجع الجديد الذي يجب عليه تقليده ، إذا كانت المخالفة بين ما عمله سابقاً و بين رأي المرجع الذي يجب عليه تقليده على هذين النحوين :

أ - إذا كان تقليده - الذي حصلت بسببه المخالفة لراي المرجع الجديد - كان عن جهل قصوري ، بأن قلّده بسبب عدم اطلاعه أو جهله أو تاثره بغير أصحاب الخبرة أو لأي سبب آخر ، و قد عمل ذلك المكلف بآراء ذلك المرجع الأول الذي ثبت أنه غير جامع للشرائط ، و كان عمله قد حصل فيه خلل بسبب رجوعه إلى ذلك المرجع الأول ، و لكن ذلك الخلل لم يتحقق في الأركان و إنما في غير الأركان ، كأن ترك قراءة السورة بناءً على راي ذلك المرجع الأول ، فإن ترك السورة لا يضر بالصلاة ما دام تركها كان عن جهل قصوري ، وسببه تقليد ذلك المرجع غير الجامع للشرائط ، فحتى لو فرضنا بأن راي المرجع الجديد الذي يجب تقليده هو وجوب قراءة السورة ، إلا أنه ليست من الاركان ، وبالتالي يصح عمله .

ب - إذا كان تقليده عن جهل تقصيري ، بحيث كان بإمكانه تحصيل العلم و السؤال من أهل الخبرة ، إلا أنه كان يعاند في ذلك ، و قد عمل بآراء ذلك المرجع غير الجامع للشرائط وحصل خلل في الأعمال ، فإنه لا يحكم بصحة أعماله عند تحقق الخلل ، إلا إذا كان الخلل في غير الاركان و قد أخل بها سهواً أو جهلاً بالحكم الشرعي ولم يكن عن عمد ، إذ الاخلال بغير الأركان لا يبطل العمل إلا إذا كان الشخص متعمداً للإخلال به ، فلو جهر في موضع الاخفات أو أخفت في موضع الجهر ، أو ترك جلسة الاستراحة - بناءً على وجوبها - و ماشابه ذلك .

(
و أما إن لم يعرف كيفية أعماله السابقة فيمكنه البناء على صحتها )
بمعنى أنه لم يعرف أو يتذكر تفاصيل ما قام به من أعمال شرعية كي يطابقها مع رأي المرجع الذي يجب عليه تقليده ، لتحديد ما إذا كانت صحيحة أم لا ، ففي هذه الحالة يحكم بالصحة .

(
إلا في بعض الموارد ، كما إذا كان بانياً على مانعية جزء أو شرط و احتمل الاتيان به غفلة
)

بعد أن حكم السيد السيستاني بصحة أعماله السابقة في حال جهله بكيفيتها ، استثنى بعض الموارد ، كما إذا افترضنا أن ذلك المكلف قد ترك الجهر بالفاتحة والسورة اعتماداً على فتوى ذلك المرجع غير الجامع للشرائط الذي يوجب الاخفات حتى في صلاة الظهر من يوم الجمعة ، و لكنه يحتمل فيما مضى من صلواته أنه قد غفل و جهر في قراءته في بعض صلوات الظهر من يوم الجمعة ، و لكنه لا يعلم بحصول ذلك ولا يتذكر أن هذا الشيء قد حصل ، و إنما هو مجرد احتمال ، ولكنه لمّا أن رجع إلى تقليد الجامع للشرائط اكتشف أن هذا المرجع الجديد يفتي بوجوب الجهر في صلاة الظهر من يوم الجمعة بالنسبة لسورة الفاتحة و السورة التي بعدها ، فإنه قد يقال بأن صلاته باطلة ، لأنه قد يحتمل الجهر و يحتمل عدم الجهر ، ومع شكه هذا ( لأن مرجع الاحتمال في الأخير إلى الشك ) فإنه يُحكم بعد تحقّق الجهر منه في الصلاة ، و بما أنه اتضح أن تقليده ليس بصحيح - إذ يقلّد غير الجامع لشروط الفتوى - ، و مع الشك في صحة عمله هذا ، فلا يمكن الحكم بصحة تلك الصلاة من ذلك اليوم ، فإن كان الوقت باقياً أعادها ، و إن خرج الوقت وجب قضاء تلك الصلوات ( صلوات الظهر من يوم الجمعة ) التي يحتمل فيها أنه قد أخفت في قراءتها .

و لكنه يقول :

(
بل حتى في هذا المورد إذا لم يترتب على المخالفة أثر غير وجوب القضاء فإنه لا يُحكم بوجوبه )

فإنه حتى في هذا المورد لا يحكم ببطلان العمل ، إذ اقصى ما يترتب على ذلك العمل المأتي به غفلة - كما هو في مثالنا ( الجهر بالقراءة في صلاة الظهر من يوم الجمعة ) - من أثر هو قضاء الصلاة ، و هذا يمكن القول بعدم وجوبه ، و نقول بصحة العمل ، بناءً على أنه قد فرغ من العمل مع كونه شاكاً في تحقق ذلك و أنه يحتمل الجهر و يحتمل عدم الجهر ، و من فرغ من عمله حينئذ فإنه يُحكم بصحة عمله حتى مع كونه غافلاً و شاكاً في أنه أتى بالعمل صحيحاً أو خاطئاً .

مثال ثان :

بعد أن حكم السيد السيستاني بصحة أعماله السابقة في حال جهله بكيفيتها ، استثنى بعض الموارد ، كما إذا افترضنا أن ذلك المكلف قد كان يعتقد و يبني على أن قراءة سورتي الضحى و ألم نشرح يعد قراناً بين سورتين وهو ممنوع عنده لاعتقاده ذلك طبقاً لفتوى ذلك المرجع الذي قلّده ولكنه يحتمل أن قرن بين السورتين من باب الغفلة عند قراءته لإحدى السورتين ، ولكنه لما أن رجع إلى تقليد الجامع للشرائط اكتشف أن هذا المرجع الجديد يفتي بوجوب الاتيان بكلتا السورتين و عدم الاكتفاء بواحدة ، فإنه يظهر كأن السيد يفتي ببطلان العمل .

و لكن السيد لم يقل ببطلان العمل ، فإنه حتى في هذا المورد لا يحكم ببطلان العمل ، إذ اقصى ما يترتب على ذلك العمل المأتي به غفلة - وهو في مثالنا الاتيان بقراءة السورتين - لو كان تقليده الأول صحيحاً و ترتب الأثر عليه ، لكان الأثر هو قضاء الصلاة ، و هذا يمكن القول بعدم وجوبه ، و نقول بصحة العمل .

مثال ثالث : لو كان يعتقد بأن الجهر بالبسملة للرجل في الصلاة الجهرية في الركعتين الأوليين غير جائز و أنه مانع من صحة الصلاة ، و كان ذلك الاعتقاد ناشئ من تقليد عالم من أبناء العامة ، إذ كان يتصور عدم الفرق في التقليد بين فقهاء العامة و الخاصة - تأثراً بالاعلام و قضية الوحدة الاسلامية - ثم اتضح له عدم صحة تقليد من لم تجتمع فيه الشروط ( و أن من الشروط هو الايمان ) ثم رجع إلى تقليد من تجتمع فيه الشروط ، و هذا المرجع الجديد من علماء المذهب الخاصة ، و رأيهم معروف في مسألة البسملة و وجوب الجهر بالبسملة للرجل في الصلاة الجهرية ، ولا شك أن الجهر بالبسملة جزء من الصلاة ، فحينئذ قد يقال ببطلان صلاته ، إلا أن السيد السيستاني قال بعدم بطلان صلاته حتى في هذا المورد ، لأن أقصى ما يترتب هو قضاء الصلاة ، وهو يمكن التخلص منه ببركة القواعد الشرعية الواردة في المقام من مثل قاعدة لا تعاد الصلاة .

نعم يجب إعادة الأعمال في حال الإخلال بالأركان ، كما لو ترك تكبيرة الاحرام جهلاً أو نسياناً ، و كان مقلّده الأول يقول مثلاً بعدم بطلان الصلاة بترك تكبيرة الاحرام جهلاً بالحكم أو نسياناً لها ، من حيث أنه لا يعتبرها ركناً ، بل هي واجب و جزء تبطل الصلاة بتركه عمداً فقط ، ثم رجع إلى من يقول بركنية تكبيرة الاحرام ، و أن الاخلال بها مطلقاً مبطل للصلاة .

و كذلك فيما لو أخل بالطهارة ، كما إذا ترك الوضوء مع الغسل المستحب بناءً على عدم وجوبه حسب تقليده الأول غير الصحيح ، ثم رجع إلى من يقول بوجوب الوضوء مع الغسل المستحب ، فإنه يجب عليه إعادة كل الصلوات التي أعقبت هذا الغسل ، لأن الطهارة شرط أساسي لا يعذر فيه الجاهل ولا الناسي .


الساعة الآن 02:47 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010

Security team