المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هشام والبرمكي


الصديق الاكبر
07-26-2010, 11:00 PM
العنوان:

[ هشام والبرمكي ]

المناظرة الثالثة والعشرون

مناظرة هشام بن الحكم مع يحيى بن خالد البرمكي ( 1 )

سأل يحيى بن خالد البرمكي بحضرة الرشيد هشام بن الحكم فقال له :
أخبرني يا هشام عن الحق هل يكون في جهتين مختلفتين ؟

قال هشام : لا .

قال يحيى : فأخبرني عن نفسين اختصما في حكم الدين ، وتنازعا واختلفا ، هل يخلو من أن يكونا محقين أو مبطلين أو يكون أحدهما مبطلا والآخر محقا ؟ ؟

قال هشام : لا يخلوان من ذلك ، وليس يجوز أن يكونا محقين على ما قدمت من الجواب .

قال يحيى : فخبرني عن علي والعباس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث ، أيهما كان المحق من المبطل ؟

إذا كنت لا تقول إنهما كانا محقين ولا مبطلين . ‹ صفحة 144 ›

قال هشام : قال فنظرت فإذا أنني قلت : بأن عليا - عليه السلام - كان مبطلا كفرت وخرجت عن مذهبي ، وإن قلت : أن العباس كان مبطلا ضرب الرشيد عنقي ، ووردت علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك ، ولا أعددت لها جوابا ، فذكرت قول أبي عبد الله الصادق - عليه السلام - وهو يقول لي : ( يا هشام لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ) ( 1 ) .

فعلمت أني لا أخذل ، وعن لي الجواب . فقلت له : لم يكن من أحدهما خطأ ، وكانا جميعا محقين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود - عليه السلام - ، حيث يقول الله جل اسمه :
( وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب ) إلى قوله :
( خصمان بغى بعضنا على بعض ) ( 2 ) .

فأي الملكين كان مخطأ وأيهما كان مصيبا ؟

أم تقول إنهما كانا مخطئين ، فجوابك في ذلك جوابي بعينه .

قال يحيى : لست أقول : إن الملكين أخطأ ، بل أقول : إنهما أصابا وذلك أنهما لم يختصما في الحقيقة ، ولا اختلفا في الحكم ، وإنما أظهرا ذلك ، لينبها داود - عليه السلام - على الخطيئة ويعرفاه الحكم ويوقفاه عليه .

قال هشام : كذلك علي والعباس لم يختلفا في الحكم ولا اختصما في الحقيقة ، وإنما أظهرا الاختلاف والخصومة لينبها أبا بكر على غلطه ويوقفاه على خطيئته ، ويدلاه على ظلمه لهما في الميراث ، ولم يكونا في ريب من أمرهما ، وإنما ذلك منهما على ما كان من الملكين . فلم يحر يحيى جوابا ، واستحسن ذلك الرشيد ( 3 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 143 ›
( 1 ) يحيى بن خالد بن برمك : ولد سنة 120 ، وكان عمره حين تأسيس الدولة العباسية 13 سنة ، ولاه المنصور ولاية أذربيجان سنة 158 ، وقد اختاره المهدي العباسي وزيرا وكاتبا ومربيا لابنه هارون الرشيد ، فكان الرشيد يناديه بالأبوة ، ولما ولي الهادي ( أخو هارون الرشيد ) الخلافة أراد أن يحد من سلطانه حتى حبسه ونوى قتله فمات قبل أن يقتله ، وولاه هارون الرشيد الوزارة فأصبح وزيره وصاحب سره وأعطاه خاتمه ، له من الأولاد أربعة وهم : الفضل ، وجعفر ، ومحمد ، وموسى ، حبسه هارون الرشيد في نكبتهم المعروفة ، وذلك بعد أن قتل ابنه جعفرا ، وصادر أملاكهم وأموالهم كلها وتوفي سنة 190 ه‍ . تجد ترجمته في : تاريخ الطبري ج 8 ص 287 ، تاريخ الأمم والملوك محمد الخضري بك ص 119 ، المنجد قسم الأعلام ( آل برمك ) ص 120 .

‹ هامش ص 144 ›
( 1 ) راجع : تنقيح المقال للمامقاني ج 3 ص 294 .
( 2 ) سورة ص الآية 21 و 22 . ( 3 ) الفصول المختارة ج 1 ص 26 ، عيون الأخبار لابن قتيبة ج 2 ص 166 ، العقد الفريد ج 2 ص 251 ، بحار الأنوار ج 10 ص 293 ، ضحى الإسلام ج 3 ص 268 - 269 بتفاوت .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .