المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناظرة حرة ( 1 ) بنت حليمة السعدية مع الحجاج بن يوسف الثقفي


الفاروق الاعظم
07-26-2010, 10:49 PM
العنوان:

[ حرة والحجاج ]

مناظرة الثامنة عشرة

مناظرة حرة ( 1 ) بنت حليمة السعدية مع الحجاج بن يوسف الثقفي


لما وردت حرة بنت حليمة السعدية على الحجاج بن يوسف الثقفي ، فمثلت بين يديه . قال لها : أنت حرة بنت حليمة السعدية ؟ قالت له : فراسة من غير مؤمن !

فقال لها : الله جاء بك فقد قيل عنك : إنك تفضلين عليا على أبي بكر وعمر وعثمان .

فقالت : لقد كذب الذي قال : إني أفضله على هؤلاء خاصة . قال : وعلي من غير هؤلاء ؟

قالت : أفضله على آدم ونوع ولوط وإبراهيم وداود وسليمان وعيسى بن مريم - عليهم السلام –

فقال لها : ويلك إنك تفضلينه على الصحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من أولي العزم من الرسل ؟
إن لم تأتيني ببيان ما قالت ، ضربت عنقك .

فقالت : ما أنا مفضلته على هؤلاء الأنبياء ، ولكن الله عز وجل فضله عليهم في القرآن بقوله عز وجل في حق آدم :
( وعصى آدم ربه ‹ صفحة 126 › فغوي ) ( 1 ) ، وقال في حق علي : ( وكان سعيكم مشكورا ) ( 2 ) .

فقال : أحسن ت يا حرة ، فبم تفضلينه على نوح ولوط ؟ فقالت : الله عز وجل فضله عليهما بقوله : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) ( 3 ) وعلي بن أبي طالب كان ملاكه تحت سدرة المنتهى ( 4 ) . زوجته بنت محمد فاطمة الزهراء التي يرضي الله تعالى لرضاها ويسخط لسخطها ( 5 ) .

فقال الحجاج : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على أبي الأنبياء إبراهيم ‹ صفحة 127 › خليل الله ؟

فقالت : الله عز وجل فضله بقوله :
( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) ( 1 ) ومولاي أمير المؤمنين قال قولا لا يختلف فيه أحد من المسلمين : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ( 2 ) ، وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده .

فقال : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على موسى كليم الله ؟

قالت : يقول الله عز وجل : ( فخرج منها خائفا يترقب ) ( 3 ) وعلي بن أبي طالب - عليه السلام - بات على فراش رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يخف حتى أنزل الله تعالى في حقه :
( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) ( 4 ) .

قال الحجاج : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على داود وسليمان - عليهما السلام - ؟

قالت : الله تعالى فضله عليهما بقوله عز وجل : ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) ( 5 ) . ‹ صفحة 128 ›

قال لها : في أي شئ كانت حكومته ؟

قالت : في رجلين رجل كان له كرم والآخر له غنم ، فنفشت الغنم بالكرم فرعته فاحتكما إلى داود - عليه السلام –

فقال : تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه ،

فقال له ولده : لا يا أبة بل يؤخذ من لبنها وصوفها ، قال الله تعالى : ( ففهمناها سليمان ) ( 1 ) .

وإن مولانا أمير المؤمنين عليا - عليه السلام - قال : سلوني عما فوق العرش ، سلوني عما تحت العرش ( 2 ) ، سلوني قبل أن تفقدوني ( 3 ) ، وإنه - عليه السلام - دخل على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم فتح خيبر فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للحاضرين : أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم علي ( 4 ) .

فقال لها : أحسنت فبم تفضلينه على سليمان ؟

فقالت : الله تعالى فضله عليه بقوله تعالى :
( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ) ( 5 ) ومولانا أمير المؤمنين علي - عليه السلام - ‹ صفحة 129 ›

قال : طلقتك يا دنيا ثلاثا لا حاجة لي فيك ( 1 ) ، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) ( 2 ) .

فقال : أحسنت يا حرة فبم تفضلينه على عيسى بن مريم - عليه السلام - ؟

قالت : الله تعالى عز وجل فضله بقوله تعالى :
( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ) ( 2 ) الآية .

فأخر الحكومة إلى يوم القيامة ، وعلي ابن أبي طالب لما ادعوا النصيرية ( 3 ) فيه ما ادعوه ، قتلهم ( 4 ) ولم يؤخر حكومتهم ، فهذه كانت فضائله لم تعد بفضائل غيره . قال : أحسنت يا حرة خرجت من جوابك ، ولولا ذلك لكان ذلك ، ثم أجازها وأعطاها وسرحها سراحا حسنا رحمة الله عليها ( 5 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 125 ›
( 1 ) إحدى المؤمنات المواليات لعلي بن أبي طالب ، عليه السلام ، وإحدى المجاهدات باللسان التي قالت كلمة الحق أمام السلطان راجع : أعلام النساء المؤمنات تأليف محمد الحسون ص 295 تحت رقم : 193 .

‹ هامش ص 126 ›
( 1 ) سورة طه : الآية 121 .
( 2 ) سورة الإنسان : الآية 22 يأتي الحديث عن هذه السورة وأنها نزلت في أهل البيت ، عليهم السلام - فراجع ما أثبتناه من مصادر العامة هناك .
( 3 ) سورة التحريم : الآية 10 .
( 4 ) ومما يروي في تزويج علي - عليه السلام - بفاطمة - عليها السلام - ما روي عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : - أيها الناس هذا الناس علي بن أبي طالب أنتم تزعمون أنني أنا زوجته ابنتي فاطمة ولقد خطبها إلي أشراف قريش فلم أجب ، كل ذلك أتوقع الخبر من السماء حتى جاءني جبرائيل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان فقال : يا محمد ، العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ، وقد جمع الروحانيين والكروبيين في واد يقال له : الأفيج تحت شجرة طوبى وزوج فاطمة عليا وأمرني ، فكنت الخاطب والله تعالى الولي . . الحديث ، راجع ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 299 ، الغدير ج 2 ص 315 .
( 5 ) إشارة إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في حق فاطمة - عليها السلام - " إن الله يغضب لغضبك ويرضي لرضاك " . راجع : المستدرك للحاكم ج 3 ص 154 ، الإصابة ج 4 ص 278 ، كنز العمال ج 12 ص 111 ح 34237 و ح 34238 ، جواهر البحار للبناني ج 1 ص 360 ، فرائد السمطين ج 2 ص 46 ح 378 ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص 351 ح 401 ، أسد الغابة ج 5 ص 521 ، تهذيب التهذيب ج 12 ص 441 ، ذخائر العقبى ص 39 ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 52 ، مجمع الزوائد ج 9 ص 203 ، الصواعق المحرقة ص 190 ح 5 ، فضائل الخمسة ج 3 ص 184 ، الغدير ج 3 20 وص 180 .

‹ هامش ص 127 ›
( 1 ) سورة البقرة : الآية 260 .
( 2 ) المناقب للخوارزمي ص 375 ح 395 ، ينابيع المودة ص 65 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 ص 253 ، إحقاق الحق ج 5 ص 48 و ج 7 ص 605 - 607 و ج 17 ص 461 . ولله در البوصيري إذ يقول في هذا المعنى في همزيته العصماء : ووزير ابن عمه في المعالي * ومن الأهل تسعد الوزراء لم يزده كشف الغطاء يقينا * بل هو الشمس ما عليه غطاء
( 3 ) سورة القصص : الآية 18 .
( 4 ) سورة البقرة : الآية 207 . تقدم الحديث عن هذه الآية وأنها نزلت في أمير المؤمنين ، فراجع ما أثبتناه من مصادر العامة .
( 5 ) سورة ص : الآية 26 .

‹ هامش ص 128 ›
( 1 ) سورة الأنبياء : الآية 79 .
( 2 ) كنز العمال ج 13 ص 165 ح 36502 ، إرشاد القلوب للديلمي ص 377 ، بحار الأنوار ج 10 ص 126 ح 6 ، مشارق أنوار اليقين ص 178 .
( 3 ) نهج البلاغة ( صبحي الصالح ) ص 280 خطبة 189 وص 137 خطبة 93 ، تهذيب التهذيب ج 7 ص 338 كنز العمال ج 13 ص 165 ح 36502 ، حلية الأولياء ج 1 ص 65 ، ينابيع المودة ب 14 في غزارة علمه ( ع ) ص 66 ، التوحيد للصدوق ص 92 ح 6 وص 304 ح 1 ، أمالي الشيخ الصدوق ص 1 ج 280 ، الطرائف للسيد بن طاووس ص 73 ح 90 ، بحار الأنوار ج 10 ص 128 ح 7 و ج 40 ص 153 و ج 41 ص 348 ح 61 ، الغدير للأميني ج 6 ص 193 .
( 4 ) الفضائل لابن شاذان ص 138 ، بحار الأنوار ج 46 ص 136 ح 25 ، عوالم العلوم ج 18 ص 189 ح 1 ، إحقاق الحق ج 5 ص 48 .
( 5 ) سورة ص : الآية 35 .

‹ هامش ص 129 ›
( 1 ) راجع : نهج البلاغة ( صبحي الصالح ) ص 480 الخطبة 77 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 18 ص 224 ، بحار الأنوار ج 40 ص 345 ح 28 ، حلية الأبرار ج 2 ص 212 ح 5 ، خصائص الأئمة ( عليهم السلام ) للشريف الرضي ص 70 .
( 2 ) سورة القصص : الآية 83 .
( 3 ) سورة المائدة : الآية 116 - 117 .
( 4 ) النصيرية : طائفة من الغلاة السبأية وملخص مقالتهم في الأئمة من أهل البيت - عليهم السلام - : أنهم روح اللاهوت ، وقد نقل ابن حزم في الفصل ج 4 ص 142 والشهرستاني في الملل والنحل بهامش الفصل ج 2 ص 22 وغيرهما تفصيل مقالاتهم ، وقال الشهرستاني عنهم : غلبوا في وقتنا هذا على جند الأردن بالشام وعلى مدينة طبرية خاصة ولقد افترى الشهرستاني وابن حزم في عد هذه الطائفة من فرق الشيعة .
( 5 ) انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 8 ص 119 - 120 .
( 6 ) الفضائل لابن شاذان ص 137 ، بحار الأنوار ج 46 ص 134 ج 25 ، رياحين الشريعة ج 4 ص 144 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .