المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناظرة العباس ( 1 ) بن عبد المطلب ( ره ) مع أبي بكر وعمر


الشيخ محمد العبدالله
07-26-2010, 05:09 PM
[ المناظرات للعباس بن عبد المطلب ]


المناظرة الأولى


مناظرة العباس ( 1 ) بن عبد المطلب ( ره ) مع أبي بكر وعمر

قال البراء بن عازب من حديث له في أمر الخلافة :
فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح ، حتى دخلوا على العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله .

قال :

فتكلم أبو بكر فحمد الله جل وعز وأثنى عليه ثم قال : إن الله بعث لكم محمدا نبيا ، وللمؤمنين وليا ، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم ، حتى اختار له ما عنده ، وترك للناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصلحتهم متفقين لا مختلفين ، فاختاروني عليهم واليا ، ولأمورهم راعيا ، فتوليت ذلك وما أخاف بعون الله وهنا ولا حيرة ولا جبنا ، وما توفيقي إلا بالله ، غير أني لا أنفك من طاعن يبلغني فيقول بخلاف قول العامة ، فيتخذكم لجأ فتكونوا حصنه المنيع ، وخطبه البديع ، فإما دخلتم مع فيما اجتمعوا عليه ، أو صرفتموهم عما مالوا إليه ، فقد ‹ صفحة 62 › جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك ، إذ كنت عم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما .

فقال عمر ( 1 ) :

إي والله ، وأخرى ، يا بني هاشم على رسلكم فإن رسول الله منا ومنكم ، ولم نأتكم لحاجة منا إليكم ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون ، فيتفاقم الخطب بكم فانظروا لأنفسكم وللعامة . فتكلم العباس فقال : إن الله ابتعث محمدا - صلى عليه وآله وسلم - كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا ، فإن كنت برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم ، ما تقدمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تؤامرنا ، ولا نحب لك ذلك إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين ! !

وأما قولك أن تجعل لي في هذا الأمر نصيبا ، فإن كان هذا الأمر لك خاصة ، فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك ، وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم ، وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض ، وأما قولك يا عمر إن رسول الله منا ومنكم ، فإن رسول الله شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها فنحن أولى به منكم ؟ ! وأما قولك إنا نخاف تفاقم الخطب بكم بهذا الذي فعلتموه أوائل ‹ صفحة 63 › ذلك والله المستعان ( 1 ) .

فخرجوا من عنده وأنشأ العباس يقول ( 2 ) : ما كنت أحسب هذا الأمر منحرفا عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكم وأعلم الناس بالآثار والسنن وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن جبريل عون له بالغسل والكفن من فيه ما في جميع الناس كلهم وليس في الناس ما فيه من الحسن من ذا الذي ردكم عنه فنعرفه ها أن بيعتكم من أول الفتن ( 3 )
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 61 ›

( 1 ) هو :
العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، عم رسول الله صلى الله عليه وآله ، يكنى أبا الفضل ، كان شريفا مهيبا عاقلا جميلا ، صبيحا حلو الشمائل ، وله عدة أحاديث يرويها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ووردت في حقه روايات تتضمن إصرار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على إكرامه وعدم هضمه ، أسلم قبل الهجرة وخرج يوم بدر مع المشركين مكرها واستأسر للمسلمين ثم فدى نفسه ، كانت ولادته قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاث سنين وتوفي سنة اثنين وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة .
راجع ترجمته في : سير أعلام النبلاء ج 2 ص 78 ، تاريخ البخاري ج 7 ص 2 ، تهذيب الكمال ج 14 ص 225 ، تنقيح المقال للمامقاني ج 2 ص 126 .

‹ هامش ص 62 ›

( 1 ) فاعترض كلامه عمر وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد ، وإتيان الأمر من أصعب جهاته .
فقال : أي والله ، وأخرى لم نأتكم حاجة إليكم ولكن كرهنا . . . ( الخ ) . هكذا في شرح النهج ج 1 ص 220 .

‹ هامش ص 63 ›

( 1 ) إلى هنا تجد هذه المناظرة في شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 220 .

( 2 ) ذكر هذه الأبيات الجويني في فرائد السمطين ج 2 ص 82 ونسبها إلى العباس بن عبد المطلب ( رض ) .

وذكرها أيضا اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 126 ط دار صادر بيروت ، و ج 2 ص 103 ط الغري النجف ، ونسبها إلى عتبة ابن أبي لهب ، ولم يذكر البيت الخامس .

وذكرها الشيخ المفيد ( ره ) في كتابه الجمل ص 58 ونسبها إلى عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب .

وذكرها أيضا ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 13 ص 232 ، ونسبها إلى أبي سفيان بن حرب بن أمية .

( 3 ) كتاب سليم بن قيس ص 76 منشورات دار الكتاب الإسلامية و ط أخرى ص 27 بتحقيق السيد علاء الدين الموسوي . كتاب سليم بن قيس كتاب مشهور معتمد عليه عند المحدثين والمؤرخين ، قال عنه ابن النديم في الفهرس ص 307 :
أول كتاب ظهر للشيعة كتاب سليم ، وذكر ذلك أيضا في محاسن الرسائل في معرفة الأوائل ، وروى عن سليم غير واحد من أعلام العامة منهم : الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ، والجمويني في فرائد السمطين ، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ، والسيد أبو شهاب الهمداني في مودة القربى وغيرهم .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .