المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القائلون بالنسخ اتكالا على قول عمر


الشيخ محمد العبدالله
07-22-2010, 03:57 AM
‹ صفحة 157 ›

القسم الثالث :

القائلون بأن المتعة منسوخة بنهي عمر

يقول الرازي في تفسيره :
والذي يجب أن يعتمد عليه في هذا الباب أن نقول : إنا لا ننكر أن المتعة كانت مباحة ، إنما الذي نقوله : إنها صارت منسوخة ، وعلى هذا التقدير فلو كانت هذه الآية دالة على أنها مشروعة لم يكن ذلك قادحا في غرضنا .

وهذا الجواب أيضا عن تمسكهم بقراءة أبي وابن عباس ، فان تلك القراءة بتقدير ثبوتها - لا تدل على أن المتعة كانت مشروعة ، ونحن لا ننازع فيه ، إنما الذي نقوله : أن النسخ طرأ عليه . . . إلى آخر كلامه ( 1 ) .

ملاحظة :

بعد ما رأى الرازي أن حجج المجوزين للمتعة دامغة ، وأن النسخ المدعى بالآيات والروايات لا طريق له فيها لجأ إلى القول بالنسخ بقول عمر ( كما يظهر من كلامه ) ودافع عنه أشد الدفاع ولكن بلا جدوى ، وسنحاول انشاء الله مناقشة تحريم عمر وآراء المدافعين عن رأيه بصورة مفصلة .

كلام الخليفة في تحريم متعة النساء :

يظهر من الروايات أن عمر بن الخطاب تكلم في تحريم المتعة كرارا فكان تارة يغضب وبكل شدة ويتكلم بمنتهى القسوة ، و أخرى يتراخى ، خصوصا عند اعتراض بعض المسلمين ، وعلى الرغم من عدم اطلاعنا بصورة دقيقة على تاريخ أقواله لنتبين على أسرار النهي أكثر ، ولكننا نعلم أن نهيه كان في أواخر أيامه أو بعد النصف الثاني من حكومته ، حيث كان نكاح المتعة فاشيا في المجتمع الإسلامي .

واليك ما روي عن أبي حفص بتحريمها :

1 - قول عمر ( كما في المحاضرات للراغب الإصفهاني ) : إن الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وأني محرمهما عليكم وأعاقب عليهما ( 2 ) . ( راجع ص 153 رقم 6 ) . ‹ صفحة 158 ›

2 - ثلاث كن على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنا محرمهن ومعاقب عليهن ، متعة الحج ومتعة النساء وحي على خير العمل في الأذان ( 1 ) ( راجع ص 154 ) .

3 - عن أبي نضرة عن جابر ( رضي الله عنه ) قال : قلت : إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وأن ابن عباس يأمر به قال : على يدي جرى الحديث ، تمتعنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومع أبي بكر ( رض ) فلما ولي عمر خطب الناس فقال : إن رسول الله هذا الرسول وإن القرآن هذا القرآن وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما : إحداهما متعة النساء ولا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل الا غيبته بالحجارة ، والأخرى : متعة الحج . ( سنن البيهقي 7 / 206 ) فقال : أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام . وأخرج أحمد بن حنبل هذا الحديث باللفظ الثاني لجابر وحذف منه ما حسبه خدمة للمبدأ ولفظه : فلما ولي عمر ( رض ) خطب الناس فقال : ان القرآن هو القرآن وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هو الرسول وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء . وفي لفظ آخر عن جابر : فلما قام عمر قال : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، فأتموا الحج والعمرة كما أمر الله ، وانتهوا - وابتوا - عن نكاح هذه النساء لا أوتى برجل نكح - تزوج امرأة إلى أجل الا رجمته ( 2 ) .

4 - قول الخليفة للرجل الشامي ( ص 148 ) : أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك ، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح . وفي رواية عروة بن الزبير : فخرج عمر ( رض ) يجر رداءه فزعا فقال : هذه المتعة لو كنت تقدمت فيه لرجمته ( راجع ص 149 ) . ‹ صفحة 159 › وفي رواية أخرى عن عروة : فقام ( اي عمر ) يجر صنفة ردائه من الغضب حتى صعد المنبر فقال : إنه بلغني أن ربيعة بن أمية تزوج مولدة من مولدات المدينة بشهادة امرأتين ، وإني لو كنت تقدمت في هذا لرجمت ( 1 ) .

5 - فقال ( اي عمر ) : ما بال رجال يعملون بالمتعة ولا يشهدون عدولا ولم يبينها إلا حددته . وفي عبارة " كنز العمال " عن ابن عساكر وسعيد بن منصور : ولا أجد رجلا من المسلمين متمتعا إلا جلدته مئة جلدة . ( راجع ص 149 ) .

6 - قول عمر لعمران بن سوادة : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحلها في زمان ضرورة ، ثم رجع الناس إلى السعة ، ثم لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها ، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق ( 2 ) . ( وسيأتي حديثه في باب المعترضين على حكم الخليفة ) .

7 - ذكر سبط ابن الجوزي في " مرآة الزمان " : كان عمر " رضوان الله عليه " يقول : والله لا أوتى برجل أباح المتعة إلا رجمته ( 3 ) . أقول : إن أغلب كتب السنة تذكر كلام عمر بن الخطاب بهذه الصورة : متعتان كانتا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ، متعة الحج ومتعة النساء . وفي قول آخر منقول عنه : متعتان كانتا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما ( ص 94 ) .
وبما أن النهي عن المتعتين وقع بلفظ واحد ، ولذلك أرى من اللازم أن أذكر متعة الحج باختصار ليتسنى للمطالع التعرف على أهداف الخليفة ونواياه من تحريمه لهما .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 156 ›
( 1 ) أخرجه الطبري في المستبين وحكاه عن الطبري الشيخ البياض في كتابه الصراط المستقيم نقلا عن الغدير 6 / 213 . ( 2 ) ضحى الإسلام 3 / 258 . ( 3 ) أخرجه الطبري في المستبين وحكاه عن الطبري الشيخ علي البياضي في كتابه الصراط المستقيم نقلا عن الغدير 6 / 213 .

‹ هامش ص 157 ›
( 1 ) تفسير الرازي ج 10 : 53 . ( 2 ) المحاضرات 2 / 94 . ‹ هامش ص 158 › ( 1 ) نقلا عن شرح التجريد للقوشچي في مبحث الإمامة . ( 2 ) صحيح مسلم 1 / 467 ، أحكام القرآن للجصاص 2 / 178 ، سنن البيهقي 5 / 21 ، تفسير الرازي 3 / 26 ، كنز العمال 8 / 293 ، الدر المنثور 1 / 216 نقلا عن الغدير 6 / 210 و 211 .

‹ هامش ص 159 ›
( 1 ) المصنف لعبد الرزاق 7 / 503 ، مسند الشافعي 132 وترجمة ربيعة بن أمية من الإصابة 1 / 514 نقلا عن معالم المدرستين 2 / 259 . ( 2 ) أخرجه الطبري في تاريخه 5 / 32 . ( 3 ) نقلا عن الغدير 6 / 208 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .